البيان الختامي والتوصيات
عَقد مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن بالتعاون مع مجلة
المجتمع في الكويت مؤتمر "مشاريع التغيير في المنطقة العربية
ومستقبلها" في العاصمة الأردنية عمّان، في الفترة الواقعة
19-21/10/2009م، واستمر مدة ثلاثة أيام عُقدت خلالها اثنتا عشرة جلسة
قُدم فيها خمسة وعشرون بحثاً علمياً، وناقش الباحثون والمشاركون من
مختلف أقطار الوطن العربي وأطيافه السياسية والاجتماعية، المشاريع التي
تعمل على إحداث تغيير بنيوي في المنطقة العربية وتداعياتها على مصالح
الأمة العليا، حيث كشفت الدراسات والمناقشات حجم الأخطار والتحديات
التي تمثلها برامج هذه المشاريع وآلياتها وبرامجها التي تسعى إلى
السيطرة والهيمنة والتأثير على المنطقة العربية.
وناقش المشاركون في المؤتمر الظروف الموضوعية والذاتية
لإمكانية تطور هذه المشاريع أو تراجعها، كما ناقشوا المعطيات الواقعية
الدولية منها والإقليمية التي تشكل البيئة المؤثرة على مستقبل هذه
المشاريع.
وتوصل المؤتمر إلى أن المشروعين الأمريكي والصهيوني المتحالفين
يمثلان مصدر التهديد الأكبر والرئيس لمصالح الأمة ووحدتها، حيث تركز
الحوار والبحث في كيفية مواجهة التحديات الناجمة عنها في جلسات
المؤتمر.
وفيما يتعلق بالمشروع الإيراني في المنطقة العربية، أكدت
الدراسات والمناقشات على أهمية علاقات الجوار والدين والتاريخ التي
تجمع العرب والإيرانيين، وأكدت على أن التدخل الإيراني في العراق
ومنطقة الخليج العربي يثير قلقاً وإشكاليات في تعامل المشروعين العربي
القومي والإسلامي معها في المنطقة.
كما ناقش المؤتمر مشاريع أخرى غير متبلورة في المنطقة العربية،
حيث تبين أن المشروع الأوروبي يمثل امتداداً وإسناداً للمشروعين
الأمريكي والصهيوني في المنطقة، وتوصل المؤتمر إلى أن المشاريع
الصينية، والهندية، والروسية، تتأثر سياساتها تجاه المنطقة العربية
بروابطها المصلحية والاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وتوصل المؤتمر إلى أن ثمة إشكالية في قدرة الأمة العربية على
التعامل مع هذه المشاريع الأربعة بعيداً عن إشكاليات المشروع الأمريكي
وسياساته في المنطقة.
ورحب المؤتمر بالتحولات المهمة في السياسات التركية تجاه الوطن
العربي المنطلقة من علاقات الجوار والتاريخ والدين المشترك، إضافة إلى
المصالح الاقتصادية الواعدة بين الطرفين، غير أن ملامح السياسة التركية
ومشروعها في المنطقة لا زال في طور التشكل.
وعلى الصعيد العربي الداخلي، فقد اهتم المؤتمر بمناقشة واقع كل
من المشروعين الإسلامي والقومي العربي وآفاقهما في المنطقة العربية,
بوصفهما المشروعين المؤهلين لصد الهجمة من أي تهديد خارجي من جهة،
والأقدر على حفظ تماسك الأمة وهويتها الحضارية والثقافية من جهة أخرى.
وخلص المؤتمر إلى أهمية العمل على بلورة رؤية استراتيجية عربية
لمواجهة مشاريع التغيير الخارجية في المنطقة، وحماية مكونات الأمة
الحضارية واستقلالها، وتوصل المؤتمر في نهايته إلى تصور متكامل لهذه
الرؤية يتعامل مع مختلف المشاريع وتحدياتها.
ومن أجل تطوير واقع الأمة على المدى القريب لتحقيق إمكانية
إنجاح هذه الرؤية حتى العام 2015م، أوصى المؤتمر بما يلي:
1.
دعوة كافة المؤسسات الرسمية، والقوى الشعبية العربية بكل توجهاتها إلى
وضع الخطط ومشاريع العمل المشتركة لحماية الأمة وسيادتها وثرواتها،
مستنداً إلى مبادئ الرؤية الاستراتيجية التي توصل إليها المؤتمر.
2.
حث قيادات المشروعين القومي العربي والإسلامي ونخبهما إلى التوصل إلى
مشروع يقوم على القاسم المشترك الأعظم لمواجهة الأخطار الداهمة في
المنطقة العربية.
3.
دعوة الأمة العربية بكل مكوناتها إلى تبني ودعم مشاريع المقاومة ضد
الاحتلال والاستعمار في كل من فلسطين ولبنان والعراق والصومال
والسودان، خاصة بعد أن أثبتت هذه المشاريع قدرتها على هزيمة الاحتلال
الصهيوني، والغزو الأمريكي، والتدخل الصهيوني- الأمريكي في أكثر من بلد
عربي.
4.
الدعوة إلى اعتبار إنهاء المشروع الصهيوني وتحرير فلسطين الأولوية
القصوى لكل أبناء الأمة العربية، بوصف هذا المشروع المدخل الأخطر
لتهديد مصالح الأمة ووجودها، ولأنه يعمل أداة مباشرة للمشروع الغربي
الإمبريالي ضد أمتنا.
5.
حث إيران على استمرار دعمها وتبنيها لقضية فلسطين والمقاومة ضد الكيان
الصهيوني والهيمنة الأمريكية، ومطالبتها بوقف تدخلها في العراق ودول
الخليج العربي الذي يثير الفرقة والخلاف، ولأن ذلك لا يخدم توجهات
التقارب بينها وبين الأمة العربية.
6.
دعوة القيادات العربية الرسمية والشعبية إلى العمل على تشجيع التقارب
بين المصالح العربية والإيرانية على الصعيدين الإقليمي والدولي، بما في
ذلك عدم التجاوب مع الولايات المتحدة وإسرائيل في زج الأمة العربية في
صراع مع إيران ليس للأمة العربية فيه مصلحة.
7.
الدعوة إلى تجنب إثارة الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة العربية
لما لذلك من تداعيات خطيرة على مستقبل العلاقات العربية- الإيرانية.
8.
دعوة القوى السياسية العربية الرسمية والشعبية إلى تأسيس منتدى دائم
للحوار وبناء العلاقات العربية- التركية استجابة للتوجهات التركية
الإيجابية تجاه قضايا الأمة العربية ومصالحها.
9.
دعوة الحكومات العربية إلى استثمار المصالح الاقتصادية الحيوية لقوى
النظام الدولي في المنطقة العربية –وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية-
للتأثير على سياسات تلك القوى تجاه مصالح الأمة العربية العليا.
10.
دعوة الحكومات العربية إلى تشجيع الحريات العامة والمشاركة السياسية
دون إقصاء أو تهميش للقوى السياسية العربية الفاعلة، وعلى الأخص
الإسلامية منها والقومية، وفتح المجال أمام العلماء والنخب المثقفة
للقيام بدورها الطليعي في المجتمعات العربية من أجل وقف استنزاف
الطاقات في صراعات داخلية.
11.
التأكيد على أهمية العمل على تحقيق التضامن العربي على مختلف
المستويات، والدعوة إلى الشروع بتشجيع برامج التكامل الاقتصادي
والسياسي بين الدول العربية وصولاً إلى الحالة الاتحادية العربية،
وتوفير الإمكانات اللازمة لإنجاحها، والنأي بمصالح وعلاقات الشعوب
العربية عن أي خلافات قد تقع بين الحكومات العربية.
ختاما أيها السادة والسيدات ،،،
أتقدم مرة أخرى بالشكر الجزيل لكم جميعا على هذه المشاركة بأنواعها
المختلفة، وأبدأ شكري بالباحثين المشاركين الذين قدموا أوراقاً قيّمة،
وبالمفكرين والقادة الذين أغنوا النقاش في هذا المؤتمر المهم، وكذلك
أقدم شكري لأمين عام جامعة الدول العربية، ورئيس مجلس النواب الأردني،
وأمين عام مؤتمر الأحزاب العربية، الذين شاركونا حفل الافتتاح لهذا
المؤتمر.
كما أشكر بشكل خاص اللجنة التحضيرية واللجنة العلمية وكافة العاملين في
المؤتمر الذين عملوا لفترة طويلة وبجهود كثيفة قبل المؤتمر وخلاله،
وكذلك مجلة المجتمع الكويتية شريكنا في عقد هذا المؤتمر.
كما يسعدني أن أشكر وزارة الخارجية الأردنية على التسهيلات التي قدمتها
للضيوف الكرام من الوطن العربي، والجهات الأردنية التي قامت برعاية
فعاليات هذا المؤتمر حرصا على إنجاحه وإيمانا بأهميته لخدمة مصالح
الأمة وعلى رأسها شركة البوتاس العربية وشركة انسجام للمفروشات ونقابة
المهندسين الأردنيين وجامعة فيلادلفيا الخاصة، وأوجه الشكر الجزيل
والخاص لكل وسائل الإعلام التي تغطي هذا الحدث العربي المهم.
عمان
21/10/2009