ندوة
الاستيطان اليهودي
وأثره على الشعب الفلسطيني
-
كلمة رئيس الندوة الأستاذ جواد الحمد، مدير عام مركز دراسات الشرق الأوسط
-
كلمة سعادة الأستاذ معن بشور، أمين عام المؤتمر القومي العربي
-
كلمة سعادة الأستاذ فاروق القدومي، رئيس دائرة الشؤون السياسية في منظمة التحرير
الفلسطينية
-
كلمة معالي الدكتور عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية، راعي الندوة
جواد الحمد
مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن
بداية اتقدم بجزيل الشكر والتقدير لمعالي الامين العام لجامعة الدول العربية
الدكتور عمرو موسى على تفضله برعاية هذه الندوة، ونرحب بمندوبه السيد علي خريس، كما
اشكر السيد فاروق القدومي على مشاركته جلسة الافتتاح بكلمة مهمة في هذا الوقت الحرج
مرحبا بمندوبه السيد عمر الشكعة، كما اشكر السيد معن بشور امين عام المؤتمر القومي
العربي وبمندوبه الآنسة رحاب مكحل على مشاركته لنا هذا الافتتاح. ويسرني ان اتقدم
بالشكر لضيوفنا الكرام من مصر ولبنان وفلسطين، والترحيب موصول بزملائنا واصدقائنا
من الأردن على حضورهم ومشاركتهم .
السادة والسيدات الحضور،
يسعدني أن ارحب بكم في صباح هذا اليوم الذي يأتي في ظل ذكرى مذابح صبرا واشتلا التي
خطط لها أرئيل شارون بتعاون العملاء عام 1982، كما يأتي هذا اليوم ولا تزال الآلة
الحربية الإسرائيلية تحرق كل ساعة زهرة من زهرات فلسطين بدخانها وقذائفها، ويأتي
والعالم يقف مشدوها مشلولا عاجزا وفي حيرة شديدة لا يحرك ساكنا لكبح جماح الوحشية
والهمجية والارهاب الإسرائيلي الذي يجتاح الأرض المحتلة فيقتل البشر من الاطفال
الرضع حتى الشيوخ الكهول ويجرف الاراضي ويستولي على الممتلكات ، ويبني جدارا عنصريا
أمنيا في الوقت الذي تطالب فيه الولايات المتحدة دول العالم الأخرى بفتح الحدود
والتخلي عن سيادتها في عالم مفتوح في إطار العولمة، فيومنا هذا يوم تاريخي في فترة
تحول تاريخي إقليمي ودولي . ونحن اليوم إذ نفتتح هذه الندوة المخصصة لبحث موضوع
الاستيطان الذي كان دوما على جدول التحرك السياسي العربي والدولي فيما تحول الى
مشكلة محدودة تفاوضية بين الفلسطينيين والاسرايئلين منذ اوسلو عام 1993.
الأخوة والأخوات،،
لقد تعاقبت الحكومات الاسرائيلية اليمينية منها واليسارية على مصادرة الأراضي
الفلسطينية وبناء المستعمرات والمستوطنات اليهودية فيها بلا توقف، وبميزانيات عالية
من قبل كل الوزرات والإدارات المعنية في الكيان الإسرائيلي، واعتبرته هذه الحكومات
مسالة امنية وحاجة حيوية للكيان الاسرائيلي لا تقبل اليوم حتى التفاوض عليه مبدئيا.
لقد مثلت عمليات الاستيطان اليهودي مظهرا مرافقا وعمليا من مظاهر الاحتلال منذ
العام 1967 ، وحظيت بالإدانات الدولية المتواصلة دون ان تلقي اسرائيل لها بالا،
وتطاول الاستيطان والتهويد حتى على الاماكن المقدسة في القدس والخليل ، حتى شكل
المستوطنون جالية كبيرة تنتشر في مختلف المناطق بين التجمعات السكانية الفلسطينية
وتحتل اهم المواقع الاستراتيجية وتستهلك المياه الجوفية بشراهة على حساب المواطن
الفلسطيني، وشكلوا مجتمعا غريبا كليا عن محيطهم لتتحول هذ المستوطنات الى قلاع
ومعسكرات ومخازن اسلحة ونقاط ارهاب واعتداء وهجوم على الفلسطينيين، ولتشكل تهديدا
دائما للأمن والممتلكات . وهكذا بلغ عدد المستوطنين اكثر من اربعمائة الف مستوطن
يسكنون حوالي 170 مستوطنة او يزيد، موزعة على ثلاث كتل رئيسية في المرتفعات الشرقية
عبر وادي الاردن والمرتفعات الغربية بمحاذاة ما يسمى بالخط الأخضر وفي منطقة القدس
، ناهيك عن مستوطنات قطاع غزة والعديد من المناطق الأخرى.
الزملاء الكرام،،
برغم توقيع اتفاقات للتسوية السياسية مع الاحتلال الاسرائيلي في ظل عملية سلام
دولية، غير ان السرطان الاستيطاني استمر يقطّع التواصل الجغرافي الفلسطيني ليشكل
امرا واقعا يفرضه على طاولة المفاوضات، ولذلك لم يتمكن اتفاق اوسلو من الصمود برغم
كل الاتفاقات التفصيلية ورغم الالتزام الامني الفلسطيني الخطير وعال المستوى وعلى
حساب العلاقات الداخلية الفلسطينية، كما لم تصمد خريطة الطريق ويبدو انها في مرحلة
الافول بسبب هذه الاعمال العدوانية على الاراضي والممتلكات والسكان لصالح نقل الكتل
البشرية اليهودية من دول العالم الى المناطق الفلسطينية في عملية احلالية تؤكد
عمليات التطهير العرقي ، وبجدار يمثل فلسفة العنصرية الصهيونية ، وبارهاب وخروقات
لحقو الانسان تقارب او تزيد على ما اقترفته النازية حتى حسب اكثر المزاعم اليهودية
تطرفا
السادة الضيوف،،،
تشير الدراسات السياسية المختلفة لمشروع الاستيطان اليهودي ان ثمة معارضة
دولية لاجراءات اسرائيل بهذا الشان، وان الولايات المتحدة وبرغم تحالفها مع اسرائيل
فهي لا تزال تعتبر النشاطات الاستيطانية عقبة في وجه السلام، ومع ذلك تصر الحكومات
الاسرائيلية المتعاقبة على رفض ازالة المستوطنات، وتطرح بدلا من ذلك ضمها الى
الكيان الاسرائيلي في أي حل سياسي وخاصة في منطقة القدس، وذلك رغم تزايد العبء
الامني والمادي لهذه المستوطنات على كاهل الميزانية الصهيوني ورفاهية سكان الكيان
الاسلرائيلي ، ويعد هذا الموقف الاسرائيلي في رفض مبدأ ازالة المستوطنات سببا
جوهريا دائما لتفجير الاستقرار والامن حتى في ظل اي اتفاق سلام لا ينهي هذه
المسالة.
لقد لعبت الانتفاضة والمقاومة دورا حيويا في اثارة مشكلة المستوطنين في الشارع
الاسرائيلي كمدخل لعدم الامن والاستقرار وتبذير اموال الميزانية، واشعرت اليهود في
بقية انحاء فلسطين ان امنهم بات مهددا بسبب حفنة من اليهود المتطرفين المشعوذين
المؤمنين بالخرافات والذين يعيشون على دقات نواقيسها، وهم يعيثون فسادا في الضفة
الغربية والقدس وقطاع غزة، وانهم يستهكلون ما يزيد عن 20 % من الميزانية السنوية
للكيان الاسرائيلي في الجوانب المدنية والامنية، وهو ما شجع اصواتا يهودية داخل
الكيان الاسرائيلي لترتفع مؤخرا وتطالب بازالة هذه المستوطنات.
من جهة اخرى يؤمن الخبراء في شئون الاستيطان من العرب والفلسطينيين ان مصادرة
الاراضي الفلسطينية واحلال اليهود فيها بدلا من الفلسطينيين ، يمثل عملية تغيير
تاريخي في الملكية والديموغرافيا، اي التغيير في الارض والسكان، وهما من مقومات
السيادة والدولة والوجود، ويجري ذلك واكثر من خمسة ملايين فلسطيني مشردين في الارض
لا يسمح لهم حتى بالعودة الى ديارهم وبيوتهم ووطنهم ، ولذلك فان ازالة الاستيطان من
الضفة الغربية والقدس وغزة هي مقدمة استراتيجية لدفع المشروع الصهيوني التوسعي
العنصري الى الحائط المسدود، وهي خطوة لا بد منها لقيام الدولة الفلسطينية
المستقلة، ولذلك يفترض ان يكون هذا البرنامج من الاولويات السياسية في المرحلة
القادمة
السادة الخبراء والعلماء والسياسيين والمهتمين،،،
لكل ذلك وقناعة من مركز دراسات الشرق الاوسط بأهمية تناول الموضوع في ظل العنف
والإرهاب الإسرائيلي ولبيان الخطورة التي تمثلها المستوطنات والمستوطنين على مستقبل
الشعب الفلسطيني ومشروع الدولة الفلسطينية من جهة، ولبيان خروق إسرائيل وتجاوزاتها
على الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ، وأنها لا تبالي بإثارة كل عوامل عدم
الاستقرار من جهة ثانية،ولخدمة صانع القرار الفلسطيني والعربي في التعامل مع هذا
الملف، كانت فكرة عقد هذه الندوة .
وكلي أمل في ان تُظهر الندوة عمق مخاطر الاستيطان على مستقبل
الشعب الفلسطيني وكيانه السياسي على صعيد التواصل الجغرافي والديموغرافي، وعلى صعيد
الأمن والاستقرار، وأن تقدم المقترحات والتوصيات لصانع القرار حول المدى والهامش
الذي يمكن التحرك فيه سياسيا بمثل هذا الموضوع، كما يتوقع أن تتوصل الندوة إلى دق
ناقوس الخطر والإنذار من أن المقاومة قد تستمر وبقوة ما دام الاستيطان قائما، وان
من يسعى لسلام في المنطقة عليه إجبار الجانب الإسرائيلي على تحقيق الانسحاب العسكري
وإزالة المستوطنات.
ختاما ، ثقة بموضوعيتكم
وقدرتكم الفذة على استخلاص النتائج وتقديم الرؤى المستقبلية العملية ، واهتمامكم
الاكيد بدعم نضال الشعب الفلسطيني لتحقيق حقوقه الوطنية بالعودة الى وطنه المحرر،
نتمنى أن تحقق الندوة اهدافها وتتوصل الى ما طمحت اليه، وان تسهم فعلا في صناعة
القرار العربي والفلسطيني ازاء هذا الموضوع الحيوي من مواضيع القضية الفلسطينية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمان - السبت - 20 ايلول / سبتمبر 2003
أعلى الصفحة
أ. معن بشور
أمين عام المؤتمر القومي العربي
كلمة
الأستاذ معن بشور أمين عام المؤتمر القومي العربي في افتتاح ندوة " الاستيطان
اليهودي واثره على مستقبل الشعب الفلسطيني"
التي ينظمها مركز الدراسات الشرق الأوسط في عمان
–
الأردن
20/9/2003
لا
بد من كلمة شكر وتقدير لمركز الدراسات الشرق الأوسط ولمديره العام الصديق جواد
الحمد على هذه الندوة التي يشير عنوانها " الاستيطان اليهودي واثره على مستقبل
الشعب الفلسطيني " إلى ان هذا المركز ما زال يواصل الاهتمام بالهموم الحقيقية،
والأوجاع الفعلية، التي تحس بها امتنا عموما، وشعبنا المناضل في فلسطين على وجه
الخصوص .
وإذا كانت الأوراق المقدمة إلى هذه الندوة، والمحاور التي سيتركز حولها النقاش،
ستتناول بحث هذا الموضوع المهم من زواياه التاريخية، والفلسفية، والاستراتيجية
والقانونية والسياسية والعسكرية والتدقيق في آثار الاستيطان الصهيوني على الشعب
الفلسطيني ، فإنني أتمنى في الوقت ذاته أن يمتد النقاش ليتناول اثر هذا الاستيطان
على الشعب الإسرائيلي على المدى المتوسط والبعيد، بل أثره في إطلاق تحولات نوعية
على الكيان الصهيوني، كما على المشروع الصهيوني بأسره.
ففي
المستوطنات التي اشدد على تسميتها بالمستعمرات، يتقاطع السياسي مع الأيديولوجي، كما
الأمني مع العقائدي، فلا يتضح ما إذا إنشاء هذه المستعمرات قد تم لغرض سياسي أو
أمنى أو انه قد حصل استجابة لنداء عقائدي وديني، وأين تنتهي السياسة في هذه
المستعمرات وأين تبدا الخرافة الدينية ؟ وإذا كان الأمر متصلا فعلا بنداء توراتي
فلماذا جرى تفكيك مستعمرات في سيناء، بل لماذا يبدي حكام تل أبيب، بين الحين
والآخر، ولو للاستهلاك الإعلامي استعداد سياسيا لتفكيك مستعمرات أخرى في الضفة
والقطاع؟
ان
هذا التداخل بين السياسي والعقائدي في قضية الاستيطان، يعود بنا إلى نشاة الاستيطان
نفسه، فاول المستعمرات التي أنشئت في فلسطين إنما شيدت قبيل المؤتمر الصهيوني الأول
عام 1897، أي أن الاستيطان سبق المؤتمر الصهيوني، والحركة الصهيونية، مما يشير إلى
اتصاله بمشروع الاستعمار الأوروبي نفسه الذي أراد إقامة حاجز بشري معاد بين مشرق
الأمة ومغربها، وهو الأمر الذي ينطبق على الحركة الصهيونية، التي رغم كل المظهر
العقائدية والدعاوى الدينية التي تسعى للظهور بها إنما هي في النهاية امتداد إقليمي
لظاهرة استعمارية عالمية ما لبث ان تطور دوره ومهماته من تطور الظاهرة الاستعمارية
القديمة إلى الظاهرة الإمبريالية الجديدة.
فإشكالية الاستيطان هذه تخفي في عمقها جملة إشكاليات أخرى تتصل بجوهر المشروع
الصهيوني بتجلياته العملية.
فالمستعمرات التي أنشئت أساسا لتكون حزاما أمنيا للكيان الصهيوني، والسنة بشرية
عدوانية داخل التجمعات الفلسطينية، تحولت مع الانتفاضة إلى عبء على الأمن القومي،
وباتت تحتاج إلى جيش نظامي لحمايتها بدلا من أن تكون قلاعا متقدمة لحماية هذا
الجيش.
وفي
وقت قامت أكذوبة المستعمرات على ركائز دينية وعقائدية، فان نسبة الهروب الواسعة من
هذه المستعمرات بفضل الانتفاضة والمقاومة جاءت لتكشف حجم هذه الأكذوبة، وتؤكد أن
مرتادي هذه المستعمرات إنما يفعلون ذلك أساسا بسبب امتيازات يحصلون عليها، وغنائم
يحظون بها.
بل
ان هذه الامتيازات أخذت تتحول هي الأخرى إلى عبء اقتصادي ومالي على ميزانية الحكومة
الصهيونية تختلف حولها الأحزاب والكتل، تماما كما باتت عبئا اجتماعيا يعمق مناحي
التفسخ الذي بدا يتعاظم داخل النشيج الاجتماعي الصهيوني.
وإذا كانت هذه المستعمرات تشوبها تاريخيا وجغرافيا في جسد فلسطين الموحدة
والمستقلة، فإنها قد نقلت هذا التشويه من مستوى الجماعة إلى مستوى الفرد، ومن مستوى
الدولة إلى مستوى الإنسان.
أن
الاستيطان بهذا المعنى ليس مجرد اعتداء على حقوق الإنسان الفلسطيني في أرضه
وممتلكاته ودياره، بل هو أيضا اعتداء على الإنسان اليهودي ذاته لانه بإجباره على
اغتصاب ارض لا يملكها، ومنزل يخص إنسان أخرا، إنما إنسانيته ويحوله إلى وحش مسلوب
من كل الخصائص البشرية والى مخلوق خال من كل القيم الإنسانية.
وقد
يستخدم اليوم مثل هذا الإنسان المشوه لذبح الشعب الفلسطيني وارتكاب الجرائم
والمجازر بحقه، لكن التجارب البشرية علمتنا ان مثل هذه المخلوقات سرعان ما ترتد على
مجتمعاتها، فتدك ركائزها من داخلها.
ان
التكوين النفسي والاجتماعي لمثل هؤلاء المستعمرين يحولهم قنبلة موقوتة في مجتمعاتهم
، اذ يشعرون انهم يشكلون الخط الأمامي للدفاع عن هذه المجتمعات، وبالتالي فهم أصحاب
الحق في نيل الحظوة الأكبر فيها، وإلا فهم أدوات التوتر والتفجير بين مواطنيهم.
وبالإضافة إلى العبء الأمني والسياسي والمالي والاجتماعي الذي باتت تشكله
المستعمرات على الكيان الصهيوني، فإنها تشكل كذلك عبئا دبلوماسيا وإعلاميا متزايدا
على صورة هذا الكيان أمام المجتمع الدولي بما في ذلك الدول الشديدة الالتصاق
بالنفوذ الصهيوني.
فاحد ابرز المرشحين الديمقراطيين للرئاسة الأمريكية طالب أخيرا تل أبيب بإزالة معظم
المستوطنات، وحين سارع السيناتور ليبرمان للرد عليه آمل بكسب تأييد الأصوات
اليهودية في معركة الرئاسة جاءت المفاجأة في مقال افتتاحي لصحيفة نيويور تايمز
قالت" أننا نعارض بشدة ما يقوله السيناتور ليبرمان، فإنهاء الاستيطان في الأرض
المحتلة هو أمر جوهري واساسي لبقاء الدولة اليهودية، فعلى إسرائيل أن تبدا بإعداد
خطة للخروج من الضفة الغربية وغزة لا لإفساح المجال لقيام دولة فلسطينية قابلة
للحياة، ومتصلة الأركان فحسب، بل لحماية مستقبل الدولة اليهودية نفسها".
وبهذا المعنى فان التركيز الفلسطيني والعربي على قضية المستعمرات، إعلاميا
وديبلوماسيا وسياسيا، من شانه ان يحول هذا الخنجر الموجه إلى قلب فلسطين باتجاه نحر
العدو نفسه.
وبهذا المعنى أيضا تكتسب ندوتكم اليوم هذه الأبعاد الهامة في معركة التحرير
والاستقلال والعودة والدولة المستقلة التي يخوضها الشعب العربي الفلسطيني.
أيها الاخوة المشاركون
لقد
أردت عبر هذه الأفكار ان نفتح نقاشا من نوع آخر حول أثار هذه الظاهرة الاستعمارية
الخطيرة وهو نقاش لا نريد له إطلاقا ان يقودنا إلى اطمئنان كاذب او استرخاء مضلل
ينتظر انهيار العدو بفعل تناقضاته الداخلية، بقدر ما يسعى إلى استكشاف سبل جديدة،
ووسائل إضافية، تعمق حاجتنا إلى المقامة لا لمواجهة المحتل فقط، بل للتعجيل في
تفجير تناقضاته من الداخل.
فكما تثير المقاومة البطولية المتصاعدة اليوم في العراق جملة من التناقضات في أوساط
إدارة الاحتلال الأمريكي، وفي أوساط المتعاونين معها، فإنني اعتقد ان الانتفاضة
والمقاومة في فلسطين تشكلان اليوم اقصر الطرق واسلمها لا لوضع حد لظاهرة الاستيطان
الاستعماري فحسب، بل لنقل أثارها السلبية إلى داخل المجتمع الصهيوني.
وإذا كانت الصهيونية ليست سوى الاستيطان العنصري بالمفهوم العقائدي السياسي، فان
الاستيطان العنصري هو الصهيونية بتجلياتها الميدانية والعملية، وكلاهما يواجه اليوم
مأزقا مصريا خطيرا، لخصه رئيس الكنيست الصهيوني السابق، وعضو الكنيست الحالي
ابراهام بورغ في مقالة نشرت أخيرا في " الهيرالد تريبيون " حين قال : " يبدو أن
ألفي عام من صراع البقاء لليهود قد أديا إلى قيام دولة المستوطنات التي تدار من شلة
لا أخلاقية من منتهكي القوانين والفاسدين الذي لا يصغون لا لمواطنيهم ولا
لاعدائهم.
إن
دولة تنقصها العدالة لا يمكن ان تعيش، ويوما بعد يوم يزداد عدد الإسرائيليين الذين
يدركون هذا الأمر خصوصا عندما يسألون أولادهم أين يتوقعون ان يعيشوا خلال 25 سنة.
الصادقون من هؤلاء الأولاد يقرون، فيما أهلهم مصابون بالذهول، بأنهم لا يعرفون، ان
العد العكسي للمجتمع الإسرائيلي قد بدأ".
مجددا كل الشكر لمركز الدراسات الشرق الأوسط وللقيمين على هذه الندوة الهامة
وللمشاركين فيها.
أعلى الصفحة
أ.فاروق القدومي
رئيس دائرة الشؤون السياسية في
منظمة التحرير الفلسطينية
المقاومة
الفلسطينية نقيض للوجود الصهيوني.
المقاومة الفلسطينية هي تلبية تاريخية لحماية الشعب الفلسطيني من الغزوة الصهيونية
وهي وجود وطني نقيض للكيان المغتصب الذي يتصف بصفات سطحية وتخذ مبررات مزيفة لوجوده
وشرعيته على الأرض الفلسطينية.
ان
بروز المقاومة الفلسطينية قد عزز الهوية الوطنية والانتماء القومي العربي داخل
إسرائيل واتسع تعاطف شعوب العالم واعترافها بالشعب الفلسطيني وبحقوقه الوطنية
الثابتة.
لم
يقتصر وجود المقاومة الفلسطينية واشتعالها على حماية الأرض والمقدسات الفلسطينية،
بل اتسع ليسهم بشكل ملحوظ في حماية الأمن القومي والتراث العربي.
ان
استمرار شعلة المقاومة الفلسطينية سيعجل في التضامن العربي وإزالة التناقضات بين
الشعوب العربية التي خلفتها الحروب والنزاعات الداخلية والخارجية، وهذا ما يجعل
المكانة السياسية للأمن العربي تقوى وتصبح عنصرا أساسيا في ردع القوى الخارجية
ونفوذها السياسي، ما دام الوجود الصهيوني بأهدافه التوسعية مستمرا، ستبقى المقاومة
الفلسطينية والعربية في المناطق التي تخضع لوجود استيطاني أو استعماري مشتعلة
ويزداد تأثيرها في تحقيق إلا أجاز للأقطار وتخليصها من السطوة الأجنبية وستزداد
الرغبة والاستعداد لدى الشعوب العربية في الدافع نحو التضامن والوحدة.
أن
هذه التصورات تتطابق مع المسار التاريخي التي تبدو مظاهره بالرغم من الأحداث
العصيبة التي مرت بها المنطقة، والخلافات العربية التي أدت إلى نزاعات بينية إذا
أردنا تعريف الاستيطان الصهيوني، لا بد أن نعود إلي الماضي لنرى ما جرى في التاريخ
من هجرات استيطانية استبدا شعبا بشعب آخر، واستولت على أرضه وثرواتها وسامت السكان
الأصليين سوء العذاب، ولا يختلف الاستعمار الاستيطاني الصهيوني عما قام به
المستوطنون في أمريكا والجزائر بشعوب هذه البلدان التي استعمرها.
ان
الاستعمار الاستيطاني يعتبر عن هجرة متواصلة لكتلة بشرية من أماكنها إلى مكان آخر،
حيث تقوم هذه الجماعة البشرية أما بطرد السكان الأصليين أو استبعادهم فيزداد
إنكارهم لحقوق هؤلاء السكان حدة وعنفا إلى حد أعمال القتل فيهم بعد استلاب أرضهم،
وتدمير جميع مظاهر الحياة فيها.
ولا
عجب، فان الاستيطان الصهيوني لا يختلف عن ذلك الوصف للاستعمار الاستيطاني فقد أنكر
الصهاينة تاريخ الفلسطينيين الذي امتد آلاف السنين وهم يعيشون في بلادهم الأصلية"
فلسطين " فقد حاول المهاجرون الصهاينة ان يسجلوا الأرض باسمهم ويبدلوا أسماء المدن
والقرى والمواقع الأثرية فيها بأسماء أخرى ، انهم يحاولون نزع الحقبة الزمنية
الطويلة بما فيها من حضارة وتراث عبر التاريخ بزعمهم ان فلسطين هي إسرائيل او صهيون
وان تاريخ هذه البلاد قد توقف عن سبيهم ورحيلهم عنها في الزمن القديم، وادعوا ان
التاريخ لم يستأنف مساره إلا عندما عادوا إليها في العصر الحديث ويرون أن هذه الأرض
التي يستوطنونها ليس لدولتهم حدود واضحة، آبهين باغتصابهم لحقوق السكان الأصليين و
استلابهم لارضهم التي ورثوها عن آبائهم منذ آلاف السنين.
ان
أسطورة الاستيطان الصهيوني هي أسطورة التوسع في الدرجة الأولى فإسرائيل ليس لها
حدود واضحة، فالعهد القديم يحتوي اكثر من خريطة لارض إسرائيل والمستوطنون الصهاينة
يطلقون على أنفسهم مصطلح الرواد الأوائل.
هم
يعرفون أن الأرض الفلسطينية التي انتقلوا إليها مأهولة بسكانها الأصليين
الفلسطيينين منذ آلاف السنين وقد نزلوا فيها فترة قصيرة من الزمن فوجدوا فيها شعبا
وحضارة ولم يمكثوا فيها إلا سنوات قليلة وجرى نقلهم من خلال سبيهم مرتين، ولكن
الدعاية الصهيونية تحاول تهميش شعبنا وتقليل عدده ووصفه بالمتخلف وادعوا انه يفتقر
إلى المهارات والعلوم والحضارة والفلسطينيين عبارة عن قبائل بدو رحل لا يستقرون في
مكان يهملون ثرواتهم الطبيعية الكامنة في الأرض، وهو شعب بلا تاريخ وكان وجودهم
عرضي في هذه الحياة، وان وجودهم على هذه الأرض العذراء يشكل مشكلة وقد كثر حديثهم
عن فلسطين كأرض مهملة، كل ذلك من اجل تأكيد حق اليهود المطلق في فلسطين وحقهم في
العودة إليها.
حاولت الحركة الصهيونية وضع حل نهائي للكثافة السكانية الفلسطينية، فقامت عن قيام
إسرائيل بعمليات القتل والإبادة كما تم في ( دير ياسين، كفر قاسم ) لقد اختارت
الحركة الصهيونية فلسطين كبقعة لتوطين اليهود فيها بسبب موقعها الاستراتيجي الذي
قررتها لجنة كامبل بنرمان( رئيس وزراء بريطانيا) عام 1907، بعد سنتين من الدراسة،
ففلسطين ليس لديها ثروات طبيعية كالبلدان الأخرى وليس لها رقعة ارض واسعة ولم تكن
في ثراء أوغندا وخصوبتها التي وقع الاختيار عليها في بادئ الأمر لتكون الوطن
اليهودي ثم عدل عنها فموقع فلسكين قرب قناة السويس الهامة، وعلى مفرق المشرق
والمغرب العربي جعلها ضحية مباشرة للاغتصاب الاستعماري الغربي الصهيوني وقد سبق
لنابليون ان قال: " ان من يسيطر في المعركة على تقاطع الأرض يصبح سيد الأرض".
ففلسطين تطل على البحرين المتوسط وعلى قناة السويس وتقع على نقطة الالتقاء بين آسيا
وأفريقيا، ولا شك فان موقعها الممتاز آثار أطماع الغرب، يجعلها قاعدة لخدمة مصالح
الاستعمار ليفرض إرادته وهمينته عليها، ولذا لا ننظر الى الدولة الصهيونية إلا
باعتبارها معسكرا كبيرا يخضع للاعتبارات العسكرية الإستراتيجية وليس لاعتبارات
اقتصادية، بل كقاعدة لتوفير الحماية العسكرية ولنهب الثروات العربية في البلاد
المجاورة ولذلك كان بناء المستوطنات في أماكن يسهل الدفاع عنها كقمم التلال والهضاب
وعلى مشارف الوديان والممرات وليس عجيبا ولا صدفة ان تكون اول مستوطنة يهودية في
فلسطين عام 1986 قد أقيمت على جبل الكرمل المشرف على حيفا، كما أنشئت معظم
المستوطنات في عهد الانتداب البريطاني على مفارق الطرق وعلى المرتفعات المشرفة على
أماكن التجمعات العربية في المدن والقرى، وعلى الطريق بين يافا والقدس ولا عجب أن
قلنا ان العسكريين البريطانيين هم الذين اختاروا مكان المستوطنات الأولى، وقد قال
إيغال ألون.
"
ان المواقع الدقيقة للمباني والمنشآت في كل مستوطنة جديدة كانت تقرر اختيارها هيئة
أركان الهاغاناة تامين الترتيب الأفضل للهجوم والدفاع فكل مستعمرة صممت لتكون قلعة
حصينة قادرة على الدفاع عن نفسها وعن المستعمرات المجاورة لها".
كانت هناك مستوطنات زراعية، إلا أن الزراعة الاستيطانية لا علاقة لها بالاستثمار
الاقتصادي فالموقع ليس خضب التربة، وهو عنصر الاختيار المطلوب لخدمة الأغراض
العسكرية .
ان
العرب يملكون ماهية حضارية أصلية وثروات طبيعية وفيرة، وتاريخ مشرف وهم أمة طموحة،
فلا بد لها ان تتغلب على كل التحديات الخارجية مهما كبرت او امتدت على صفحة الوطن
العربي وسوف ينحصر المد الصهيوني خلال فترة قصيرة من الزمن تبدو ملامح ذلك في عجز
إسرائيل عن وقف الانتفاضة الفلسطينية او إخمادها، والاستنجاد المستمر بالدول التي
أنشأتها.
لقد
انحسر المد الصهيوني واستنفذ الكثير من قوته حتى المستوطنين، وهذا يعني وقف الهجرة
اليهودية وبدء الهجرة العكسية وزوال الجيل الأول وميل الأجيال الشابة للهروب من
الواقع الإسرائيلي والفرار من الجيش واضمحلال البنيان الاقتصادي وضعف الأحزاب
السياسية التي أسهمت في بناء إسرائيل، كل هذه الظواهر تبشرنا بمستقبل واعد، فعلينا
الصمود والمثابرة والصبر لوقف المد الصهيوني.
أعلى الصفحة
السيد جواد الحمد
السادة الحضور ،،،
انه
لمن دواعي سرورنا في أعمال هذه الندوة هذه الندوة الهامة وقبول رعايتها ناقلا للأخ
/ السيد جواد الحمد –
مدير مركز الدراسات الشرق الأوسط- تقدير معالي الأمين العام للسيد/ عمرو موسى منتهزا
هذه لا نقل باسمه وباسمه وباسم جامعة الدول العربية تحية الإعزاز والتقدير للأردن
ملكا وحكومة وشعبا على استضافة أعمال هذه الندوة على ارض المملكة الأردنية
الهاشمية، وكذلك فلا يفوتني ان أتوجه بالشكر إلى السيد جواد الحمد رئيس الندوة
ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط على حسن الإعداد والضيافة لاعمال هذه المؤتمر
الهام.
السادة الحضور ،،،
لقد
مضى ما يزيد عن ثلاثة عقود على قرارات الشرعية الدولية الداعية لسحب القوات
الإسرائيلية من جميع الأراضي العربية المحتلة 1967، كما مضى ما يزيد عن نصف قرن على
قرارات شرعية اخرى، تلزم إسرائيل بإعادة الشعب الفلسطيني إلى وطنه واستعادة حقوقه
المشروعة. ومنذ تلك الحقبة وحتى اليوم تمارس إسرائيل سياسة إجرامية، وتوسعا لا مثيل
له في الأراضي الفلسطينية وذلك من خلال زرع مستعمرات استيطانية في كل اتجاه، بحركة
تؤدي إلى السيطرة على مفاصل الأرض وتخلق وقائع تمنع فيها أي تحقيق لما يصبو إليه
الشعب الفلسطيني المناضل، ان كان ذلك في التوسع العمراني في المدن والقرى أو في
تواصل لكيان فلسطيني سياسي على وحدة ترابية للدولة لمستقبلية طبقا للشرعية الدولية،
وكذلك خلق مشكلة سكانية على تلك الأرض كأمر واقع، قابل للمقايضة من خلال الحقوق
الفلسطينية وانتقاضها بانتهاك فاضح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني
ومواثيق الشرعية الدولية.
وإمعانا في الانتهاك الصريح للشرعية الدولية فان عدد مستوطني الوحدات الاستعمارية
وصل لما يربو على مئتي ألف مستعمر استيطاني إسرائيلي يعيشون في الضفة الغربي، تقوم
على 107% فقط من أراضى الضفة الغربية، إلا ان حكومة الاحتلال الإسرائيلي وضعت تحت
تصرف هؤلاء 42% من مجمل أراضى الضفة الغربية.
أن
إسرائيل اتخذت إجراءات مرفوضة وغير قانونية من اجل نهب ارض ليست لها ووضعها تحت
تصرف الجيش والمستعمرين المستوطنين.
ان
إسرائيل اتخذت إجراءات مرفوضة وغير قانونية من اجل نهب ارض ليست لها ووضعها تحت
تصرف الجيش والمستعمرين المستوطنين.
ان
ممارسات إسرائيل انتهاك للقانون الدولي والمواثيق الدولية مثل اتفاقية جنيف التي
تحكم أفعال قوة الاحتلال في زمن الحرب واتفاقية عام 1949 التي تمنع عمليات
الاستعمار في الأراضي المحتلة.
كما
ان حشد اليهود من مختلف دول العالم في هجرة منظمة باسم الحرية في التنقل والسكن
والإقامة واسكانهم في ارض فلسطين إنما هو منطق لا يستند إلى أي شرعية أو حق أو حرية
إذ ليس من المعقول إن تقوم حرية على حساب حرية الآخرين أو ان تنشا حقوق على انتهاك
الحقوق للآخرين من تضيق وحصار وتشريد.
أيها السادة،،،
ان
إسرائيل تبتدع كل يوم جديد ممارسة جديدة في الاغتصاب والقهر والظلم. فها هو الجدار
الفاصل وها هو مخطط النقاط، وكان قاموس مصطلحاتهم في الانتهاكات ممتد لا ينتهي.
ان
السياسات الإجرامية الإسرائيلية والممارسات التي تقع تحت طائلة جرائم الحرب حتما
خاسرة في نهاية المطاف، أننا لن نقبل بأقل من زوال الاحتلال، وعودة الحقوق وتنفيذ
إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية وعلى رأسها الانسحاب الكامل من الأراضي العربية
المحتلة إلى حدود الرابع من حزيران 1967 وحق العودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه التي
كرسها القرار الدولي رقم 194، وكما أكدتها مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة
بيروت عام 2002.
إن
جامعة الدول العربية كانت ومازالت تعتبر قضية فلسطين هي القضية الأولى التي يجتمع
عليها كل العرب.
ومن
هذا المنطلق يأتي الاهتمام البالغ الذي يوليه السيد الأمين العام وكبار المسؤولين
لكل القضايا المتعلقة بقضية فلسطين والصراع العربي - الإسرائيلي وعلى كافة الأصعدة
الإقليمية والدولية.
إن
مراكز البحث العربية والمنظمات غير الحكومية والدارسين والباحثين مدعوون الآن وبكل
إلحاح إلى بذل كل جهودهم في مساندة ودعم قضية فلسطين بالدراسات والأبحاث والوثائق
حتى نتمكن من مواجهة المواقف الإسرائيلية العدوانية، المدعومة من بعض قوى المجتمع
الدولي لان استقرار في منطقتنا لا يمكن الوصول إليه إلا بإيجاد حل عادل وشامل ودائم
لقضية فلسطين والصراع العربي –
الإسرائيلي وحتى لا تتمكن إسرائيل من فرض سلامها الذي يكرس الهيمنة والتوسع في
المنطقة ويجعل من الدول العربية كافة ضحايا لهذا السلام المزعوم.
أتمنى لأعمال الندوة كل نجاح وتوفيق .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
عودة للصفحة
أعلى الصفحة