تتناول ورقة العمل طبيعة وخلفيات التصورات السياسية والأمنية الإسرائيلية
للمشروع الاستيطاني اليهودي في المناطق الفلسطينية المحتلة، من حيث المشاريع
الإسرائيلية للاستيطان منذ العام 1967 ومن زاوية رؤية المجتمع الإسرائيلي
للمستوطنين والمستوطنات.
تركز الورقة بالأساس على فهم المحركات الأساسية للعملية الاستيطانية في ذهن
سلطة الاحتلال، فتقدم الورقة في استهلالها عجالة حول علاقة الاستيطان بالفكر/
الأيدلوجيا الصهيونية ، بما هي أيديولوجيا إحلال وتوسع ونفي للأخر، تحولت إلى
سياسية رسمية لدولة الاحتلال لها دوافعها ومؤسساتها التي تنفذ سياسة الاستيطان
بهدف السيطرة على الأرض وزعمها بالمستوطنين وتهويدها.
وتشير المقدمة إلى مجاهرة إسرائيل بهذه السياسة العدوانية متحدية بذلك القوانين
الدولية وقرارات الشرعية الدولية والرأي العام العالمي والعربي .…فالاستيطان
بنظر إسرائيل هو استراتيجية سياسية / أمنية، وهو يمثل بذلك جوهر بنية الاحتلال
وأداة تحقيق حلم أيديولوجيا الصهيونية "بأرض إسرائيل الكاملة".
الورقة تناول في الجزء الأول منها المشاريع الاستيطانية اليهودية / الإسرائيلية
من حيث ارتباطها بالسياق التاريخي لتطور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وكذلك
علاقة هذه المشاريع بالحراك السياسي الاجتماعي في دولة إسرائيل،،، مع تركيز
واضح على حقبة "غوش ايمونيم" (سنوات 1976-1983)، لما شكلته من نقلة نوعية في
المشروع الاستيطاني وكونها أسست إلى حد كبير لتوجيه العملية الاستيطانية لاحقا.
وهذه المشاريع
–
كما ترى الورقة، مرتبطة جوهريا بتفاعل العاملين: الصراع والتغير في التركيبة
السياسية- الاجتماعية الإسرائيلية،،، وعليه تقم الورقة عرضا لابرز هذه المشاريع
والتي تبناها وعمل على تنفيذها بالتعاقب أو المشاركة الحزبين الكبيرين في
إسرائيل" العمل" "والليكود"، واهم هذه المشاريع:
1.
مشروع
Alon
ألون / حزب العمل 1967-1976
ويقوم على فكرة استيطان يهدف لتحقيق استراتيجية تضييق مجال الخيارات المتاحة
للتسوية بشان السيادة على الأرض المحتلة،،، وهو مشروع قال عنه ألون من متطلبات
الأمن وكحافز للنضال السياسي.
2.
مشروع غاليلي
Galili
ومشروع فوخمان
Fochman
والأول
قدمه الوزير العمالي بإسرائيل غاليلي سنة 1977 ويهدف إلى إقامة 186 مستوطنه
في أنحاء فلسطين تمتد من سنة 1977-1992 منها 49 مستوطنة في الأرض المحتلة
بعدوان 1967،أما المشروع الثاني ( فوخمان) فلن تتبناه الحكومة الإسرائيلية
العمالية في حينه، وتبناه لاحقا" شارون" من خلال حكومة الليكود، ويسمى مشروع "
العمود الفقري المزدوج".
3.
مشروع غوش امونيم (التحول والاستيطان على أوسع نطاق)
حيث
تقدم الورقة عرضا لصعود حركة غوش ايمونيم وفكرها في خضم عملية تغير انقلابي في
الحياة الاجتماعية- السياسية في إسرائيل ووصل الليكود إلى السلطة سنة 1977، وما
شكله فكر هذه الحركة ومشروعها الاستيطاني من تحول في الممارسة الاستيطانية
لتصبح واسعة النطاق بما لا يقاس الأمر الذي نتج عنه إقامة 120 مستوطنه في سنوات
(1977- 1995)، وقد نجحت غوش ايمونيم في التحول إلى مؤسسة تحمل اسم" يشع" ( مجلس
المستوطنات)، وفي فتح الباب كذلك أمام الاستيطان الأرثوذكسي / الحريدي في
المناطق الفلسطينية المحتلة.
4.
توضح الورقة دوافع الاستيطان الأرثوذكسي/ الحريدي في أراضى 1967،
رغم تناقض
الاستيطان مع الأيديولوجيا المتزمتة للحريديم (الاشكناز والشرقيين)، وكيف اصبح
لهذه الفئة دور في العملية الاستيطانية بداية بالاستيطان التوراتي وعبر إنشاء
علم "تاريخ وآثار" خاصين، وثم في الاستيطان المديني الواسع بكل معنى الكلمة.
5.
مشروع دروبلس
وهو الأهم في توجيه
سياسات الليكود الاستيطانية/ الرسمية حتى سنة 1983 يهدف إلى إقامة 70 مستوطنه
في خطة خمسية(1979- 1983) وجلب 120-150 ألف مستوطن للسكن فيها، وذلك بالبناء في
شكل كتل استيطانية مترابطة.
6.
مشروعي شارون للاستيطان
فقد تبنى" شارون"
سنة 1983 عندما كان وزيرا للزراعة مشروع "فوخمان" ( العمود الفقري المزدوج)
وبدا بتنفيذه- ثم تقدم بمشروع خاص للاستيطان باسم مشروع "النجوم السبعة".
7.
مشروع نتنياهو (ألون+)
ويقوم على رؤية
نتنياهو للتسوية مع الفلسطينيين المستند إلى لاءات ثلاث هي لا للدولة
الفلسطينية- لا لإعادة الانتشار- ولا لوقف الاستيطان، وتعتمد خطته على ان تحتفظ
إسرائيل بـ 70% من مساحة الضفة بما عليها من مستوطنات.
8.
خطة الخطوط الحمراء وخارطة الجيش للمصالح الاستراتيجية
وهما خطتان تستندان
إلى نفس المبادئ الأمنية- الاستيطانية، وقد طرحتا في عهد حكومة الليكود بتوجيه
من الثلاثي شارون-مردخاي- شيرانسكي.
9.
مشروع جماعة الطريق الثالث للتسوية
الداعي لضم كل
المستوطنات إلى السيادة الإسرائيلية.
المجتمع
الإسرائيلي والاستيطان
وفيه تعرض الورقة
نقاشا لما يمثله موضوع الاستيطان من نقطة ساخنة على جدول أعمال الحياة
الاجتماعية- السياسية في إسرائيل، من حيث هو موضوع خلافي من الطراز الأول،
ويرتبط بقوة باسئلة مركزية مثارة إسرائيليا حول هوية الدولة والتسوية وسؤال
الديمغرافيا، تعطي الورقة للقارئ نبذة عن آراء وكتابات عدد من قادة الرأي
والمفكرين الإسرائيليين حول الاستيطان إلى جانب موقف المؤسسة الرسمية منه، كذلك
توصيفا لما ألت إليه حرك المستوطنين من قوة على الساحة السياسية/ الاجتماعية
الإسرائيلية.
والى
جانب موقف الحزبين الكبيرين من الاستيطان، وتمايز حزب العمل (تمايز كمي )عن حزب
الليكود( كما توضح الورقة تصنيف رابين للمستوطنات)، تعرض الورقة لمواقف بعض
الأحزاب الإسرائيلية من الاستيطان…
ويتضح أن الاستيطان بادراك غالبية المجتمع الإسرائيلي والأحزاب المعارضة له، هو
واقع مادي يعد من اكثر العقبات صعوبة أمام التسوية، وبأنه أصلا وجد لإعاقة مثل
هذه التسوية.
وفي محاولة لسير
حقيقة المواقف الإسرائيلية في الشارع الإسرائيلي تعرض الورقة لعدد من استطلاعات
الرأي الإسرائيلية على امتداد سنوات 2000-2003 حول الاستيطان ليتبين ان هناك
غالبية إسرائيلية من الجمهور المستطلع تؤيد إخلاء كلي أو جزئي للمستوطنات في
إطار تسوية، مع وجود حالة استقطاب شديد وانقسام في النظرة إلى الاستيطان.
الخاتمة:-
تختم الورقة بتقديم
إحصائية عن عدد المستوطنين في الأرض المحتلة ومساحة المستوطنات، وكيف كانت سنين
أوسلو، سنوات قفزة نوعية في حجم التوسع الاستيطاني. كذلك سنوات تعززت فيها
مكانة المستوطنين سياسيا وبرلمانيا وفي الحياة الإسرائيلية.
وتخلص الورقة إلى
أن الاستيطان ليس حزب او حكومة بالتحديد، بل هو سياسة دولة واستراتيجية ثابتة
في فكر وممارسة الدولة العبرية، ترمي من وراءه لتحقيق أهداف محددة بعيدة المدى
في مقدمتها رسم حدود التسوية النهائية وابتلاع وضم أكثر من 50% من مساحة الأرض
المحتلة ومنع قيام دولة فلسطينية مستقلة، وقد وصلت هذه السياسة إلى دائرة
التهويد المباشر للأرض والترانسفير لسكانها الفلسطينيين.
أعلى الصفحة
|