د. سـامي سـعيد حبيـب(*)
سيعقد بمشيئة الله تعالى الأربعاء القادم الموافق للخامس من ذي
القعدة 1426هـ برحاب مكة المكرمة مهبط الوحي ومهوى أفئدة
المؤمنين ومركز إشعاع الرسالة السماوية الخاتمة ورمز وحدة
المسلمين مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي لمنظمة المؤتمر
الإسلامي برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد
الله بن عبد العزيز آل سعود الذي كان قد دعى للمؤتمر في موسم
حج العام المنصرم 1425 هـ، ويهدف المؤتمر - كما صرح سمو وزير
الخارجية السعودي - إلى إعادة الثقة للأمة الإسلامية وإعادة
بناء المؤسسات الإسلامية لمواجهة المخاطر ودعم دورها في بناء
الوطن والإنسان المسلم، إضافة إلى بناء البيت الاسلامي بما
يحمي المصالح الاسلامية ويوسعها لتكون أمة واحدة، ويجيء المبحث
الرئيس للمؤتمر بمثابة تعبير عن رؤية راعي المؤتمر في ضرورة
عودة الاسلام الى دوره الريادي في الحضارة الانسانية. تلك لعمر
الله أهداف ورؤى تطرب لها مسامع كل حريص على مصلحة الأمة
المسلمة وتخفق قلوبهم، وتتوجه بالتالي الأفئدة المسلمة صوب مكة
المكرمة متطلعة إلى النتائج العملية التطبيقية التي سيتمخض
عنها المؤتمر عسى أن تكون في طياتها بعض الترياق اللازم لتغيير
واقـع الأمة المتردي والنهوض بها من كبوتها التاريخية وتحقيق
ولو بعض من عزتها المهاضة واستعادة ولو جزء من هيبتها المهدرة،
وليبقى الإسلام من خلالها في ضمير الأمة كما ظل على مدى القرون
المديدة كديـن: سـلام، ورسـالة، وعـزة.. أرفع بين يدي هذا
المؤتمر إلى مقام قادة العالم الإسلامي بعض تطلعات الأمة
المسلمة في مجال وقف العدوان المنصب عليها من قبل الدول
الاستعمارية. و ما نشر حتى الآن عن جدول أعمال المؤتمر من
خلال الصحافة العربية مشجع ولله الحمد، وينم عن جدول أعمال
حافل بالقضايا المهمة والجوهرية التي تصب في تطلعات الأمة،
نقلت صحيفة المدينة الغراء في عددها الصادر يوم الخميس 29 شوال
1426 هـ عن المتحدث الرسمي باسم منظمة المؤتمر الإسلامي السفير
عطا المنان ان سفراء الدول الإسلامية المعتمدين لدى المنظمة
والخبراء أقروا وثيقة وخطة وبرنامج عمل سيعرض على قادة الدول
الاسلامية في قمتهم ليتم تحقيقه بشكل تدريجي ويركز على النواحي
السياسية والاقتصادية والإعلامية واصلاح عمل المنظمة وتمكينها
من أداء الدور المأمول، موضحاً ان النواحي الاقتصادية تركز على
زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول الإسلامية من 13% إلى 20%
وكذا زيادة رأس مال البنك الإسلامي ليتمكن من دعم المشروعات في
الدول الإسلامية وفي النواحي الإعلامية واعداد ميثاق شرف
إعلامي يمكن الإعلام في الدول الإسلامية من الدفاع عن قضاياها
واظهار الصورة الحقيقية لسماحة الإسلام، كما نشرت ''الخليج''
بتاريخ 27 نوفمبر 2005 نقلاً أيضاً عن المتحدث الرسمي باسم
منظمة المؤتمر الإسلامي السفير عطا المنان أن المؤتمر سيناقش
قضايا ''الإرهاب'' و''كراهية الإسلام'' المتولدة عنه، وتطورات
قضية فلسطين، أما صحيفة ''اليوم'' فقد نشرت أنه سيعرض على
المؤتمر رسوم كاريكاتورية مسيئة إلى شخص النبي صلى الله عليه
وسلم، وإذ نثني على أهمية كل المواضيع المدرجة على جدول أعمال
المؤتمر كما تناقلتها الصحافة، نركز بشكل خاص على :
يسوؤنا نحن المسلمين أجمع أن تطال يد التجني والعدوان الحاقدة
شخص نبينا الكريم خاتم وأعظم الأنبياء والمرسلين وخير ولد آدم
وأعظم شخصية شهدها التاريخ قاطبة تحت مسميات حرية الرأي وسواها
من المزاعم الكاذبة التي تحمل في طياتها الحقد الأسود والسم
الزعاف، ونؤمل من قادة العالم الإسلامي أن يتكاتفوا لوقف هذا
العدوان والتطاول ومحاولات تشويه شخص الرسول الكريم صلى الله
عليه وسلم ووسمه، حاشاه، بالإرهاب والدموية في سيل من التهم
والتلفيقات التي يندى لها الجبين وتطيش من هولها العقول،
والذين يحاولون الإساءة لصورة نبينا وحبيبنا المصطفى عليه من
ربي أزكى صلاة وأتم تسليم دون أن تطالهم مساءلة في الغرب
عموماً وفي امريكا على وجه الخصوص كثر منهم ''جيري فالويل''
الذي قال ''أنا اعتقد أن محمداً كان إرهابياً، لقد قرأت ما
يكفي عن المسلمين وغير المسلمين، انه رجل عنف، ورجل حروب.....
في اعتقادي أن المسيح قدم نموذجاً للحب كما فعل موسى، وأنا
اعتقد أن محمداً قدم نموذجاً معاكساً''، و''بات روبرتسون''
القائل ''كل ما عليك هو أن تقرأ ما كتبه محمد في القرآن، إنه
كان يدعو قومه إلى قتل المشركين... إنه رجل متعصب إلى أقصى
حد..إنه كان لصاً وقاطع طريق. أنا أقصد.. أن هذا الرجل (محمد)
كان قاتلاً وسافك دماء''، ومنهم ''فرانكلين جراهام'' الذي زعم
أن الإسلام دين ''شرير''، وأن الإرهاب جزء من التيار العام
للإسلام، وأنه من الواضح أن هدف الإسلام النهائي هو السيطرة
على العالم ''، ومنهم ''جيري فاينز'' صاحب المقولة الآسنة
التالية عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأنه '' شاذ يميل
للأطفال ويتملكه الشيطان، وتزوج من 12 زوجة آخرهن طفلة عمرها
تسع سنوات ''.
ويسوؤنا نحن المسلمين أجمع أن يستمر المخطط الصهيوني لتحقيق
الطموحات اليهودية في تكوين إمبراطورية إقليمية تحت مسمى
إسرائيل الكبرى على حساب الفلسطينيين والعرب والمسلمين لم تزل
إسرائيل تضع لها الخطط تلو الخطط وتقوم الولايات المتحدة
بالدور التنفيذي بالنيابة، ولعله من يمن الطالع أن يسبق مؤتمر
القمة الاستثنائي هذا بمكة المكرمة ما تناقلته وكالات الأنباء
عن انعقاد مؤتمر علمي إستراتيجي بمدينة عمّان بالأردن الشقيق
منذ أيام قلائل شارك فيه العديد من كبار الساسة والمتخصصين
العرب يعالج هذه المسألة بالذات من ناحية علمية تخصصية وبأفضل
وأحدث الأدوات العلمية في مجال الإستراتيجيات، تحت عنوان
(مستقبل سيناريوهات الصراع العربي الإسرائيلي لعام 2015 م)،
وكان من بين أهداف المؤتمر الذي عقده مركز دراسات الشرق الأوسط
بالأردن كما جاء في موقع المركز رفع مستوى الوعي بالتحديات
التي يحملها مستقبل هذا الصراع، وتوفير أدوات علمية تساعد
متخذي القرار بناءً على السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الصراع
في العشر سنوات القادمة، وقد يجد مؤتمر القمة بمكة المكرمة في
توصيات وسيناريوهات مستقبل الصراع الناتجة عن مؤتمر عمّان مادة
تشكل بديلاً عن مساعي التطبيع ومقولة ( السلام هو الخيار
الاستراتيجي الأوحد للمنطقة)، والتوصيات منشورة على موقع
المركز التالي:
http://www.mesc.com.jo/final%20seminar.Sim-01.htm
ويسوؤنا نحن المسلمين أجمع أن يستمر العدوان الغاشم والاحتلال
لكل من أفغانستان المسلمة والعراق العربية المسلمة الشقيقة وما
يحل بالشعبين المسلمين من التقتيل والتشريد وهدم للبنية
التحتية وإفساد للبيئة ونهب للموارد، ونؤمل في قادة الأمة
المسلمة أن يطالبوا الولايات المتحدة الأمريكية من خلال
مؤتمرهم المبارك هذا بالخروج الفوري وغير المشروط من أفغانستان
والعراق، وأن مصالحهم المزعومة في بلاد المسلمين يمكن أن تتحقق
من خلال التبادل التجاري العادل للبضائع والخدمات وليس من خلال
الاحتلال والنهب للثروات. أ ما قضية الإرهاب أو ''الحرب على
الإرهاب'' فإن الغالبية الساحقة والسواد الأعظم من المسلمين
ترى فيها ذريعة وقناعاً لمحاربة الإسلام والمسلمين، وترى فيها
من خلال الاختراقات الاستخباراتية العالمية خلطاً متعمداً
للأوراق ففي الحين الذي لا يمكن فيه إنكار وجود الفكر التكفيري
المنحرف بالمنطقة وقيام بعض أبناء جلدتنا بالأعمال الإرهابية
ضدنا، إلا أن الشواهد على تخليط الأمور في هذه القضية كثيرة
ولعل من أهمها وآخرها قصة انكشاف التعذيب بمعتقل الجادرية
ببغداد حسب ما صرح به المتحدث الرسمي لهيئة علماء المسلمين
السنية بالعراق التي ملخصها وقوع اثنين من رجال الاستخبارات
الأمريكية وهم متخفين في الزي العراقي وهما يحاولان تنفيذ
عملية إرهابية في يد السلطات العراقية واقتادهما من قبلها
لمعتقل الجادرية وحال شعورهما بخطورة وجدية الموقف قاما بالكشف
عن هويتهما الحقيقية والاتصال بالقوات الأمريكية التي لم تتردد
في مهاجمة الموقع واطلاق سراح جميع السجناء بمن فيهم العميلان،
وهي قصة مشابهة تماماً لحادثة العميلين البريطانيين بالبصرة.
ولربما رأى مؤتمركم الموقر تكوين فرق عمل متخصصة منبثقة عن
منظمة المؤتمر الإسلامي لدراسة جميع الأعمال الإرهابية في
العالمين العربي والإسلامي مهمتها الأساسية دراسة كل حادثة
إرهابية على حدة والتعرف على كل تفاصيلها والتعرف على الجهة أو
الجهات الحقيقية التي تقف وراءها، فمعرفة الحقيقة جزء جوهري في
حل المعضلة التي تهدد العالمين العربي والإسلامي بالزعزعة وعدم
الاستقرار. هذا غيض من فيض، وفي الله تعالى ثم في قيادات
العالم الإسلامي من خلال مؤتمر مكة المكرمة الإسلامي
الإستثنائي كبير الأمل في أن تبدأ أمتنا الخطوات الأولى في
مشوار الألف ميل لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك
عبدالله بن عبدالعزيز في عودة الاسلام والمسلمين الى الدور
الريادي في الحضارة الانسانية.
رئيس الجمعية السعودية لعلوم الطيران والفضـاء |