محددات بناء سيناريوهات الصراع العربي - الإسرائيلي حتى
عام 2015
المحددات من وجهة النظر العربية
دكتور/ مجدي حماد
عودة للصفحة
يشكل عنصر الزمن أهمية خاصة بالنسبة لعملية صياغة محددات بناء
سيناريوهات الصراع، أي صراع، لأن هذه العملية تتعامل بالضرورة مع استشراف
المستقبل، وتنطلق من نقطة زمنية إلي نقطة زمنية أخرى. ولهذا العنصر أهمية
مضاعفة في حال الصراع العربي – الإسرائيلي؛ نظراً لأن قضية فلسطين تفجرت في
زمان غير مؤات من ناحية توازن القوى الخارجية، ومستوى التهيؤ العربي
الذاتي، ومستوى الوعي السياسي العربي، وبالمقابل مستوى تهيؤ العدو وقدرته
على استثمار كل ما هو متاح له من إمكانات استثماراً أفضل.
إن الزمن عبارة عن عناصر كثيرة متحركة،
ويتطلب التعامل معه، لا مجرد التنبؤ أو التوقع، بل العمل على التأثير في
العناصر المتحركة، لدفعها في مسار أو مسارات تبعد الضرر وتأتي بالفائدة من
خلال خلق "واقع" إثر "واقع"، والانطلاق الدائم من الواقع الأحدث إلي واقع
آخر يليه، ويتضمن إنجازاً أفضل، على أساس أن عملية صياغة المحددات ينبغي أن
تستهدف إدارة الموارد والإمكانات بما يحقق عدة أغراض؛ يأتي في مقدمها
محاولة تغيير معادلة القوة –أي عناصر القوة وعناصر الضعف– على جانبي
الصراع. مع تأكيد أن الزمن –بحد ذاته– ليس خصماً في أي صراع، ولا هو يعمل
لمصلحة طرف ضد طرف، وإنما هو يخدم من يستخدمه بكفاءة وفاعلية.
وإذا كانت عملية صياغة محددات بناء
سيناريوهات الصراع العربي–الإسرائيلي تنطلق من أن الزمن يلعب –أو ينبغي أن
يلعب– ضد مصلحة إسرائيل، في صراع حضاري من هذا النوع؛ فإن ذلك يقتضي تعبئة
كل الإمكانات القائمة والكامنة في الأمة لتحقيق هذه الغاية. إن إسرائيل
تدرك جيداً قيمة عامل الزمن في هذا الصراع، لذلك تسعي إلي إنتاج البنية
الأساسية النفسية لإعراض العرب عن الرهان على عامل الزمن. ولذلك فهي في
سباق مع الزمن لترتيب بقائها في المنطقة، وإحاطته بسائر الضمانات الذاتية
والإقليمية والعالمية. ومن ثمّ لا يمكن فهم إصرارها على إسقاط الميثاق
الوطني الفلسطيني، وإصرارها على أن تتلازم "عملية السلام"، على المسارات
العربية الأخرى، مع التطبيع وإلغاء المقاطعة؛ إلا ضمن ذلك المنحى، على
الرغم من نجاحها في انتزاع الاعتراف العربي والفلسطيني بشرعية وجودها.
إن مرحلة من التاريخ العربي وصلت إلى نهاياتها مع نهاية قرن..
وهناك زمان عربي قادم، ينتظر صياغة آماله، وينظر تحديد مهامه، وينتظر
رجاله. وحيوية الأمة العربية وحدها هي الكفيلة بتحديد مدة الانتظار!
لكن هناك – ابتداءً – شرطين لازمين لكيلا يتوقف الزمن العربي:
الشرط الأول- هو استعادة الوعي بوسائل المعرفة، والشرط الثاني- هو استعادة
الإرادة بوسائل
العقل!
أعلى الصفحة
عودة للصفحة |