موقف الاتحاد الأوروبي من الصراع العربي الإسرائيلي وتداعياته
د. أحمد البرصان
عودة للصفحة
إن الموقف الأوروبي تأثر بالعلاقات
الأوروبية – الأمريكية وفي ما عرف بالعلاقات الأطلسية خاصة وأن الولايات
المتحدة مرتبطة بأوروبا الغربية في تحالف عسكري، حلف الناتو منذ عام 1949،
وتعتبر المظلة النووية الأمريكية حامية لأوروبا الغربية كما أن مشروع
مارشال بعد الحرب العالمية الثانية كان مساعدة أمريكية لأوروبا خوفاً من
الخطر السوفيتي وإنتشار الشيوعية فيها، ولذا يمكن النظر إلى موقف الاتحاد
الأوروبي من الصراع العربي – الإسرائيلي من خلال عدة مراحل:
مرحلة الحوار العربي – الأوروبي : بدأت
جذور الاتحاد الأوروبي تأخذ في التبلور بعد الحرب العالمية الثانية، وإذا
نظرنا إلى الموقف الأوروبي الجماعي في القضايا السياسية فقد تبلور بعد عام
1970، ثم مرحلة الموقف الأوروبي من منظمة التحرير الفلسطينية : حيث اعترضت
الحوار العربي – الأوروبي، قضية التمثيل الفلسطيني .
ولقد تأثر الحوار الأوروبي –
العربي بإتفاقية كامب والخلافات العربية – العربية ونقل الجامعة العربية
إلى تونس، فقد أيدت المجموعة الأوروبية المفاوضات المصرية – الإسرائيلية في
كامب ديفيد، ولكنها أكدت على أهمية الحل الشامل للصراع العربي الإسرائيلي.
مرحلة موقف الاشتراكية الأوروبية : لقد
تطور الموقف الأوروبي من موضوع القضية الفلسطينية عندما عقد مؤتمر
الاشتراكية الدولية، في فينا يوليو 1979، فقد قدم المستشار النمساوي
كرايستكي دعوة إلى ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية لإلقاء كلمة
في المؤتمر، ولقد جاء بيان البندقية بسبب فشل مباحثات الحكم الذاتي في كامب
ديفيد، وقد تأثر الموقف الأوروبي بالحوار الأمريكي الفلسطيني، فقد ألقى
الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات خطاباً في المجموعة الاشتراكية في البرلمان
الأوروبي 13 أيلول 1988، وبدأ الحوار الرسمي بين منظمة التحرير الفلسطينية
والولايات المتحدة، في تونس 14 ديسمبر 1988، كما خطب عرفات في الجمعية
العامة للأمم المتحدة في جنيف 13 ديسمبر 1988 .
ثم مرحلة الأزمة الكويتية العراقية والموقف
الأوروبي 1990 – 1991: نلاحظ أن احتلال العراق للكويت في عام 1990، وتركيز
وسائل الإعلام الغربية على دور منظمة التحرير الفلسطينية المتعاطف مع
العراق ومحاولة إيجاد حل عربي للأزمة، أثر على الموقف الأوروبي من القضية
الفلسطينية .
ومرحلة موقف الاتحاد الأوروبي بعد معاهدة
أوسلو 1993 لاحقاً مؤتمر برشلونة 1995 : شعرت دول الاتحاد الأوروبي بأن
دورها استثنائياً في ظل الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي الجديد بعد
سقوط الاتحاد السوفيتي .
والحقيقة، أن الدول الأوروبية قد
أدركت أنها لم تعد مضطرة إلى الاستمرار في سياسة حفظ التوازن في سياستها
ومواقفها اتجاه المواقف العربية بسبب دعم السياسة الأمريكية، ثم أن إسرائيل
قد قبلت بدور أوروبي بعد أن كانت ترفضه، لذا فقد أخذت أوروبا تأخذ موقفاً
إيجابياً تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي والقضية الفلسطينية. لقد أبدت
أوروبا اتفاقية أوسلو 13 ديسمبر 1993، الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير
الفلسطينية وإسرائيل، مما جعلها أكثر فعالية في عملية السلام بعد أن كانت
مترددة.
ثم مرحلة مؤتمر برشلونة 1995 والشراكة
الأوروبية – المتوسطية ( عملية السلام ): إزداد النشاط الأوروبي سواءً على
المستوى الدولي أو الاقتصادي لإنجاح عملية السلام، ومرحلة الاتحاد
الأوروبي وخارطة الطريق واللجنة الرباعية : حيث تشكلت اللجنة الرباعية أثر
انعقاد وزراء الخارجية في مدريد إبريل 2002، رد فعل على إعادة توغل الجيش
الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية .
ومرحلة تفجيرات لندن والموقف الأوروبي :
حيث أدت أحداث لندن في السابع من شهر يوليو 2005، إلى التأكيد على أن أحد
الأسباب الرئيسية لها صراع الشرق الأوسط وخاصة القضية الفلسطينية .
مرحلة المساعدات الأوروبية بعد
الانسحاب من غزة : فقد طلبت المفوضية الأوروبية من المجلس والبرلمان
الأوروبي وضع خطة تعاون مع السلطة الوطنية الفلسطينية من أجل المساعدات
الاقتصاد ولبناء الدولة الفلسطينية.
والهدف من الخطة وضع استراتيجية متوسطة
المدى لمساعدة الجانب الفلسطيني بعد الانسحاب من غزة. المحاولات الأوروبية
لإحياء عملية السلام.
إن بداية تدخل الاتحاد الأوروبي في إيجاد
حل للصراع في الشرق الأوسط قد بدأ أثر تهديد المصالح الأوروبية في الشرق
الأوسط ،وكان التحرك الأوروبي في بدايته مرتبطاً بمصالحه الاقتصادية
والثقافية أكثر مما هو مرتبط الحوار السياسي، ثم إن الولايات المتحدة تريد
الانفراد بحل الصراع العربي الإسرائيلي ولذلك كانت ضد إشراك أوروبا في
عمليات السلام، وإن الدول الأوروبية ليس لها موقفاً موحداً من عملية السلام
أو المشاركة فيها .
التصورات المستقبلية للموقف الأوروبي
يمكن تصور سيناريوهات متعددة
للموقف الأوروبي من الصراع العربي – الإسرائيلي وخاصة الفلسطيني في العقد
القادم كما يلي :
1-
حدوث عمليات عنف تهدد المصالح الأوروبية على غرار أحداث
مدريد ولندن .
2-
تطورات الأحداث في سوريا والعراق والدخول في صراع طويل
الأمد ومواجهة شاملة مع الولايات المتحدة .
3-
إيجاد حل سياسي من خلال كانتونات سياسية تدينهم العراق
مثلاً ثم كانتونات المنطقة في لبنان وغيرها .
4-
الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطين في قطاع غزة مع إيجاد حل
لما تبقى من الضفة بالارتباط بالأردن .
5-
قيام
حرب شاملة في المنطقة لشنها إسرائيل لخلق واقع جديد يدفع دول الاتحاد
الأوروبي للتدخل ولفرض حل سياسي في ظل تورط الولايات في نزاعات إقليمية
أخرى.
6-
تصاعد
العمل المسلح في فلسطين وعمليات المقاومة مما يهدد الأمن والمصالح
الأوروبية وعدم الاستقرار في المنطقة يدفع للتدخل الأوروبي.
أعلى الصفحة
عودة للصفحة |