تصورات الطرف الفلسطيني حول مستقبل الصراع
وتداعياته حتى عام 2015
د. أحمد رأفت غضية
عودة للصفحة
ان نجاح التوقعات الفلسطينية لمستقبل
الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والعمل في ضوئها يعتمد على عدة قضايا أهمها:
أولا: الفهم الدقيق للعقلية الاسرائيلية
واستراتيجيتها المستقبلية.
ثانيا: الوضوح التام في الاستراتيجية
الفلسطينية (ان وجدت).
ثالثا: دور القوى الدولية في حل الصراع
الفلسطيني الاسرائيلي.
أما فيما يتعلق
بالبند الاول والمتعلق بالفهم الفلسطيني للعقلية الاسرائيلية واستراتيجية
الدولة العبرية، فان هناك تباينات كبيرة سواء كان ذلك على المستوى الرسمي
الفلسطيني (السلطة الفلسطينية) أو على مستوى المسؤولين في السلطة بشكل فردي
أو على مستوى القوى والفصائل الفلسطينية، وأخيرا على مستوى الشارع
الفلسطيني. هذه التباينات قد تعود الى التعددية السياسية والفكرية التي
يتمتع بها المجتمع الفلسطيني من ناحية، وضغوط الواقع وآمال المستقبل من
ناحية اخرى.
أما فيما يتعلق
بمدى وضوح الاستراتيجية الفلسطينية (ان وجدت) فإنها هلامية عديمة الحدود،
تتقلص وتتمدد وتختفي احيانا وتتحول الى مجموعة من التكتيكات احيانا اخرى،
حسب الظروف المحلية والاقليمية والدولية، وهذا يضعف باستمرار من الطرح
الفلسطيني على الساحة الدولية، وقد تعود هذه الضبابية، التي تأخذ أحيانا
شكلا من أشكال الضياع، الى تفرد الطرف الاسرائيلي بالساحة الدولية، خاصة
بعد 11/9/2001.
ما دور القوى
الدولية في حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، فقد تغير بشكل جذري بعد تفكك
الاتحاد السوفييتي السابق في مطلع التسعينات وهجمات الحادي عشر من سبتمبر
2001. فلم يعد هناك دور يذكر لروسيا، وتلاشت الى حد بعيد ظاهرة القطبين
وتكرست ظاهرة القطب الواحد. كما ضعف الدور الاوروبي كثيرا بعد احداث سبتمبر
2001، ولم يعد احد يجرؤ على انتقاد الولايات المتحدة، بحيث اعطت تلك
الاحداث المبررات للولايات المتحدة ان تفعل ما تشاء في المكان والزمان الذي
تراه مناسبا، دون ان تواجه أي انتقاد او معارضة جدية، حتى ان الرئيس
الامريكي بوش قد صنف العالم الى قسمين: صنف مع الولايات المتحدة (ضد ما
اسماه الارهاب)، وصنف ضد الولايات المتحدة (مع الارهاب)، واستغلت اسرائيل
هذا الوضع للتهرب من استحقاقات عملية السلام وركبت موجة مكافحة الارهاب،
خاصة ان المتهمين بها هم من العرب والمسلمين. وحدث هناك تناغم وانسجام كامل
بين مواقف الولايات المتحدة واسرائيل تجاه مستقبل المنطقة، بشكل يثير
الشكوك الكبيرة في دوافع الولايات المتحدة الايديولوجية والدينية، حتى ان
الكثير من المحللين فسروا هذا النسجام بأنه تحالف بين المسيحية والصهيونية
ضد الاسلام.
في ظل هذه البيئة
الدولية المتوترة جدا لم يعد للقانون الدولي وحقوق الانسان والامم المتحد
مكان، مما اصاب عدالة القضية الفلسطينية في مقتل، فلم تعد قرارات الامم
المتحدة هي المرجعية لحل القضية الفلسطينية، وتشكلت اللجان التي كان ابرزها
اللجنة الرباعية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة. ومنذ ذلك التاريخ
تراجع الاهتمام بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ولم يعد يحتل مرتبة مهمة في
سلم اولويات المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الامريكية، مما اتاح
لاسرائيل فرض وقائع جديدة على الارض من الصعب تجاهلها في أي حل دائم وشامل
للصراع. من هذه الوقائع الجديدة تكثيف الاستيطان وخاصة حول القدس، وبناء
الجدار العازل.
في ضوء ما تقدم،
فإن التوقعات والتصورات الفلسطينية لمستقبل الصراع حتى عام 2015 لن تأخذ
شكل العلاقة الخطية المنتظمة، وانما سوف تخضع للتطورات على الارض من حيث
طبيعتها ونسبة مساهمة كل طرف في خلقها. وفي ضوء موازين القوى وتوزيعها
الجغرافي، فإن المستقبل القريب قد لا يكون سارا، ولكن يمكن ان يشكل صدمة
ومن ثم صحوة و رافعة ليس فقط على الصعيد الفلسطيني ولكن على المستوى العربي
والاسلامي.
أعلى الصفحة
عودة للصفحة |