العوامل المحددة لمستقبل الصراع العربي الإسرائيلي حتى عام 2015
أ.د. عبد الله
الأشعل
عودة للصفحة
يقودنا التاريخ
الاجمالى للصراع العربي الإسرائيلي إلى العديد من الدروس والنتائج، والتي
من الممكن أن تكون الأساس الصادق للتعامل مع عقد جديد من الصراع. إنه من
الواضح عدم جدوى الاستمرار في الخطابات الاحتجاجية، بل إن الأكثر أهمية أن
نكون على بينة بأن العرب حتى هذه اللحظة كانوا ضحيه كل التطورات العالمية
والإقليمية، ولم يتولوا زمام المبادرة على الإطلاق، حيث توقفوا عند مرحلة
رد الفعل على هذه التطورات. وهذه النتيجة لا تتماشى مع الحقيقة المعروفة،
وهى أنهم يملكون كل الوسائل التى تجعلهم في المقدمة, فهم يملكون أفضل
الموارد البشرية والطبيعية، وليس من الصعوبة بمكان أن ندرك أنه لابد من
تطوير نظمنا ومجتمعاتنا، وكذلك لابد أن تستخدم الموارد استخداماً رشيداً.
إن مقارنة صورة العالم العربي بإسرائيل في عام 2005 تبدو قطعاً في صالح
إسرائيل. فإسرائيل نشطة جداً في تنمية قدراتها، وكذلك في التأكيد على
تفوقها العسكري، وأمكانية سيطرتها على الموقف، بل والأكثر أهمية هو دفعها
بأن العرب أرهابيون في حين تصف نفسها بأنها الشريك القوي للولايات المتحدة
في مكافحة الإرهاب.
إن منظور أى
دراسة حول مستقبل هذا الصراع على مدار العقد القادم لا يتوقع أن يسفر عن
تقديم دراسة نظرية أو حتى دراسة وصفية مجردة، لأننا أطراف فى الصراع.
لقد كانت البداية
المبكرة لهذا الصراع بين الفلسطينيين واليهود حتى أٌنشئت دولة إسرائيل،
فبدأ ظهور البعد العربى، والذي يرى البعض أنه لم يبذل أي مجهود جدى في
التصدي للمشروع الصهيوني المتنامي, بينما يعتقد البعض أن العنصر العربي
غائب. حيث كان حتى سنوات قليلة هو الحضن الحامي للوضع الفلسطيني.
ومن الواضح أن
الدراسة المستقبلية يتعين عليها أن تفحص عدداً من العناصر التي تؤثر على
مجمل الصورة المطلوب دراستها، والتى لا يتطلب وصفها أي مجهود إضافي. أما
هذه العناصر فأولها، الصمود الفلسطينى واستمرار اليقين بأن المقاومة
للاحتلال بكل الصور والتمسك بالحق هو نقطة البداية.
وأما العنصر
الثانى، فهو الوضع العربي من الداخل، وعلاقة العالم العربى بالقوى
الأجنبية. ولاشك أن إصلاح الوضع العربى يؤدى إلى إصلاح هذه العلاقة، ويجعله
منطلقاً حقيقياً لتغيير الخلل فى العلاقات العربية الإسرائيلية.
أما العنصر
الثالث، فيتمثل في النمو الواضح فى القوة المعنوية للمجتمع المدني الوطنى
وكذلك العالمي، والذي أظهر رفضاً قوياً للوحشية الإسرائيلية.
أما العنصر
الرابع، فهو الموقف الاسرائيلي مرتكزاً على الاقتصاد القوي والأساس
التكنولوجي والدبلوماسي الذي يعذيه التحالف الوثيق مع الولايات المتحدة،
فإنه من الواضح أن إسرائيل الآن في موقع يجعلها اللاعب الوحيد في الساحة
الإقليمية مدعومة بالمباركة الأمريكية المطلقة.
أما العنصر
الخامس، فهو شكل النظام الدولي الذي يتجه بحذر شديد نحو السماح بتواجد
فاعلين آخرين بدرجة تجعله يتأرجح بين الأحادية المطلقة وتعدد الأقطاب
النسبي.
وأما العنصر
السادس، فهو البعد الإسلامى الذى لم يظهر فى الصراع العربى الإسرائيلى حتى
عام 1969 نتيجه للمحاولة الصهيونية لإحراق المسجد الأقصى في القدس الشريف,
كما أن هذا البعد كان قاصراً على تقديم الدعم المعنوي والدبلوماسي للقضية
الفلسطينية.
وعلى الرغم من
ذلك، فإن الحملة الأمريكية ضد العالم الإسلامي، وكذلك التوجهات الحكومية
الضعيفة قد خلقت فراغاًً سياسياً قفزت إليه جماعات تتستر تحت عباءه
الإسلام، وسواء كان ذلك صحيحاً أو خاطئاً، فإن هذه التصرفات قد عقدت الموقف
فى العالم الإسلامى، وأن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقد
القادم من المتوقع أن تسبب موجات شديدة من التطرف والكراهية. ونتيجة لهذا،
فإنه من المتوقع أن تعانى الدول الإسلامية من أنواع العنف المتعددة، وكذلك
من التهميش والإذلال.وهذه الدائرة المفرغة يجب أن تنكسر.
إن التحالف
الإسرائيلي الأمريكي هو بالطبع العنصر الرئيسي الذي يعوق محاولات إصلاح
العلاقات العربية الأمريكية. ومن هذا يتضح أن العنصر العربي يقع على رأس
العناصر الأخرى مترافقاً مع الجهود التى لا تمل من أجل استعادة الرشد إلى
المواقف الأمريكية.
وفى ضوء ذلك، فإن إصلاح الوضع العربي هو
المخرج الوحيد من المأزق الحالى.
أعلى الصفحة
عودة للصفحة |