مستقبل الميزان الاستراتيجي التقليدي بين طرفي الصراع العربي، الاسرائيلي
في العام 2015!!!
عودة
للصفحة
هنالك صعوبة في توقّع الميزان العسكري التقليدي للفرقاء
المتصارعة في منطقة الشرق الاوسط، خاصة وان الهدف هو في العام 2015.
والصعوبة تكمن في عدم توفّر نظريّة شاملة تجمع بين كلّ
المتغيّرات ضمن معادلة علميّة، تكون قادرة على استشراف صورة المنطقة .
في المتغيّرات:
القوى المُديرة-
Driving Forces:
1.
التواجد الاميركي في المنطقة:
لا يمكن فهم الاهداف الاميركيّة في المنطقة والعالم، إلا إذا القينا نظرة
على وثيقة " الامن الاستراتيجي الاميركي. فماذا عنها؟
في هذه الاستراتيجيّة، يعلن الرئيس بوش انتصار قوى الخير والحرّيّة خلال
الصراع الذي دار في القرن الماضي. اما في القرن الواحد والعشرين، فإن الدول
التي تؤمن بحقوق الانسان، وتضمن الحريّة السياسية والاقتصاديّة لشعوبها،
ستضمن حتما مستقبلها.
الدفاع عن الحلفاء
والاصدقاء
منع
أيّة منافسة عسكريّة للقوّة الاميركية في المستقبل
ردع
المخاطر التي تهدد القيم الاساسيّة لاميركا، لحلفائها والاصدقاء
الانتصار على اي عدو بسرعة حاسمة إذا ما فشل الردع.
ماذا يمكن الاستنتاج من هذه الوثيقة؟
إن أيّة دراسة متأنّية وهادئة وعميقة لهذه الاستراتيجيّة
تُظهر لنا الامور التالية:
·
أن الولايات المتحدة عازمة على منع قيام أي منافس لها، على
صعيد القوى الكبرى.
·
إن الولايات المتحدة سوف تضرب أيّة دولة ترعى، تموّل وتاوي
الارهاب. كذلك الامر، سيكون الطغاة ايضا اهدافا
مستقبليّة للقوات
الاميركية.
· سوف تلاحق اميركا الارهابيّين اينما وجدوا للقضاء عليهم.
2 .
الارهاب
حتى عقد من الزمن ومنذ الآن، سوف يبقى الارهاب قوّة مُديرة
في منطقة الشرق الاوسط، او حتى يمكننا القول في العالم. فهو الذي قد تسبّب
بقدوم الولايات المتحدة إلى المنطقة على هذا الشكل. وهو الذي يعتبرها
العدوّ الاوّل للاسلام. وهو الذي يريد إظهارها على انها تخوض حربا ضد الدين
الاسلامي.
3.
إسرائيل:
لا يمكن لاسرائيل إلا ان تُعتبر من القوى المُديرة، حتى ولو
تراجع دورها بعد القدوم الاميركي العسكري إلى المنطقة. وهذا امر سيؤثّر
بالتاكيد على ميازين القوى التقليديّة المطلوبة للعام 2015.
العولمة، والديموقراطيّة:
تبدو العولمة كظاهرة، والديموقراطيّة كمشروع من القوى
المُديرة في المنطقة ايضا. وهنا قد تجدر الاشارة، ان الحلّ الوحيد للتغيير، قد يكون في
تحالف الحاكم مع الشعب – المعارضة، زمنيّة كانت او دينيّة. على ان يُوضع
برنامج مرحلي لانتقال السلطة. والعكس قد يعني الفوضى والاقتتال الداخلي.
ولوّ سلّمنا جدلا ان المشروع الديموقراطي قد نجح في المنطقة
. فمن ستقاتل الديموقراطيّات؟
مدى الاهتمام الاميركي بالمنطقة:
قد تكون حادثة ثانية على الارض الاميركيّة مماثلة ل 11
ايلول، سببا رئيسيّا في قرار العزلة الاميركيّّة عن العالم. أو قد تكون
سببا لحروب متفرّقة، يتحوّل فيها السلاح النووي من سلاح غير تقليدي، إلى
سلاح تقليدي عادي يستعمل على المستويات التكتيّة.
إذا ما تبدّلت تلك المعطيات، فإن الاستراتيجيات سوف تتبدّل،
لتتراجع اهميّة مناطق، وتتقدّم أخرى – لا تشذّ منطقة الشرق الاوسط عن هذه
المُسلّمات.
صراع القوى الكبرى على المنطقة:
يمكن لاميركا ان تخوض حروبا متعدّدة، وفي اماكن متباعدة. من
هنا سلوكها المُختلف، والذي يناقض عقيدة بوش الاستباقيّة مع كلّ من دول
محور الشرّ – العراق، إيران وكوريا الشماليّة.
ان المستفيد الاكبر من الغرق الاميركي في الحرب على
الارهاب، هو كلّ من روسيا والصين. فالاولى ارتاحت لان الغضب المسلم تحوّل
عنها – من الجرائم في الشيشان- باتّجاه اميركا. أما الثانية – الصين – فهي
تعمل بنصيحة مفكّرها العسكري صان تسو، والتي تقول " ان افضل طريقة
للانتصار، هي ان تجعل عدوّك يهزم نفسه بنفسه".
لكن السؤال يبقى، هل هناك مؤشرات تدلّ على عودة الصراع بين
الدول الكبرى على المنطقة؟
بسبب التفرّد الاميركي في ترتيب قلب العالم العربي. يبدوان
باب الدخول للقوى الكبرى على منطقة النفوذ الاميركيّة، هو حتى الآن عبر
إيران. ويعتقد بعض الخبراء، ان صورة العلاقة الاميركيّة – الايرانيّة،
وشكلها المستقبلي، إن كانت عدائيّة، أو حميمة. هي التي ستلعب الدور الاساسي
في رسم صورة النظام الاقليمي المقبل، العسكري منه والسياسي، وحتى
الاقتصادي. لكن لماذا؟
هل يمكن استعادة ايران اميركيّا؟ ممكن، فالاثنان بحاجة إلى
بعضهما البعض. اميركا بحاجة إلى ايران كي تستكمل السيطرة على العراق،
وترتيب اوضاع المنطقة. كما يبدو ان ايران بحاجة إلى اميركا كي يُفتح الباب
امامها على مدّها الطبيعي الجغرافي – الديني، أي الشرق الاوسط، حيث يمكن
لها ان تلعب دورا استراتيجيّا مهمّا واساسيّا، لا يتوفّر على الجبهة
الاوراسيّة، خاصة وان العالم الاسلامي – خاصة في المحيط العربي- يشهد
حاليّا ما يُطلق عليه ب" اليقظة الشيعيّة". وقد يقول الخبراء، ان سبب
التأخّر في استكمال عودة التحالف يعود إلى الاختلاف على توزيع الادوار
والمكاسب.
إن عمليّة توقّع الميزان الاستراتيجي التقليدي في العام
2015، هو امر تحدّده تفاعلات – فعل وردّات فعل- كل المتغيّرات التي تحدّثنا
عنها. كذلك الامر، تُساهم القوة المُديرة برسم صورة المستقبل بشكل كبير
جدّا. وبسبب التعقيدات الكبيرة المتواجدة في عمليّة التفاعل هذه. وبسبب عدم
قدرة السيطرة البشريّة على النظام –
Process-
الذي يخلط هذه المتغيّرات مع بعضها البعض، لينتج واقعا قد يكون مختلفا عن
الآمال والاهداف الموضوعة في الاستراتيجيّات.
ماذا عن هذه السيناريوهات؟
السيناريو الممتاز:
في هذا السيناريو، تتحوّل المنطقة إلى الديموقراطيّة. تنسحب
اميركا عسكريّا من المنطقة. تُحلّ القضيّة الفلسطينيّة، وقضيّة اللاجئين.
تتحوّل المنطقة إلى منطقة آمنة على غرار الاتحاد الاوروبي. تُحلّ قضايا
الحدود بين دول المنطقة وهي كثيرة. وتعتمد دول المنطقة الشعار التالي:
"الديموقراطيّات لا تقاتل بعضها البعض". ويصبح الارهاب، هو العدو المشترك
لكلّ دول المنطقة. وقد يتساءل المرء،في هذا السيناريو عن شكل الميزان
التقليدي في المنطقة.
السيناريو الستاتيكو:
في هذا السيناريو يستمرّ وضع المنطقة على ما هو عليه. لا
حلّ للمشكلة الفلسطينيّة. لا حلّ لمشكلة الارهاب. استمرار صراع الدول
الكبرى على المنطقة وثرواتها، مع تقدّم نوعي للولايات المتحدة على غيرها من
الدول. تستمرّ إسرائيل كعدو لبعض الدول، وصديق للبعض الآخر. تتحوّل اميركا
لدعم الانظمة الدكتاتوريّة، فقط لان هذه الانظمة تعتبر قادرة على التعاطي
مع الارهاب، وتخطّي الخطوط الحمر فيما خصّ حقوق الانسان والحريّات. تبقى
إيران في سعيها للحصول على السلاح النووي. كما تستمرّ مشكلتها مع اميركا
واوروبا. تحاول الدول الكبرى – خاصة الصين وروسيا- إزعاج اميركا في المنطقة
عبر دعم ومحاول تبنّي بعض الدول العربيّة الممانعة للمشروع الاميركي.
تتظهّر اكثر فاكثر الفوارق الاثنيّة، الدينيّة كما المذهبيّة، لتتحضّر
الارضيّة لمزيد من الاقتتال المذهبي. فكيف سيكون عليه ميزان القوى
التقليدي؟
السيناريو السيّء:
في هذا السيناريو، تصبح كلفة البقاء الاميركي في المنطقة
كبيرة جدّا. تخرج اميركا لتدبّ الفوضى. يتحوّل العراق إلى ساحة صراع في كلّ
الابعاد، الدينيّة، المذهبيّة، ومن ثمّ الاثنيّة. تحاول الدول المحيطة
بالعراق التدخّل فيه لحماية امنها ووحدتها الجغرافيّة – تركيا مثلا. تتحوّل
إسرائيل إلى تنفيذ عمليّة الترانسفير الاكبر عبر طرد الفلسطينيّين إلى
الدول المجاورة. يحاول الارهاب ضرب النفط او السيطرة عليه .
أعلى الصفحة
عودة للصفحة |