الثقافي والحضاري في الصراع العربي- الإسرائيلي

أ. د. عبد الإله بلقزيز                                                                    عودة للصفحة
     يختلف الصراع العربي الإسرائيلي عن غيره من الصراعات الإقليمية من قبيل الصراع الهندي – الباكستاني على كشمير، ويعود هذا الأمر بدرجة كبيرة إلى أنّ إسرائيل ليست مجرّد دولة استعمارية، ولكنها مشروع إحلالي لا تقوم لكيانها قائمة إلاّ باختطاف أرض الشعب الذي أخضعته للإحتلال.
     ويشبه المشروع الصهيوني في طبيعته الاحتلالية الاقتلاعية المشروع الاستيطاني الأوربي للقارة الأمريكية، في شمالها على نحو خاص, إذ يشتركان في مبدأ الغزو العنيف، والسطو المسلّح على الأرض، وإبادة السكان الأصليين، أو اقتلاعهم بالقوة وإجبار من تبقّى حيّاً منهم على تقديم السخرة في زراعة الأرض...الخ.
     ويمكن تلخيص الصراع بين الفلسطينيين والحركة الصهيونية على أنّه صراع على الأرض، وعلى المصالح العادية فوق تلك الأرض، فهو بالتالي صراع على هوية نتلك الأرض وهوية أهلها ونسبها الحضاري.
     وقد حاولت القيادات العربية والفلسطينية أن تبتعد عن التعامل مع المدخل الديني  والثقافي والحضاري للصراع، وتعاملت معه باعتباره صراعاً سياسياً صرفاً، ولم يكن ذلك –للمفارقة-حال القيادات الصهيونية. 
     ورغم تسليم الفلسطينيين والعرب والمسلمين بحقوق اليهود في فلسطين دون التسليم لهم بحق الاستيطان فيها أو السيادة عليها.
     وقد حاولت الحركة الصهيونية تحويل فلسطين وطناً قومياً ووطناً روحيّاً لليهود، ورسمت سياساتها على ذلك المقتضى، فكان على اثني عشر مليون يهودي أن يكونوا طرفاً في المعركة الطاحنة حولها.
      وفي المقابل يعرف الفلسطينيون أن لا مستقبل لهم في بعض فلسطين بوجود إسرائيل في معظم فلسطين، وتعرف قياداتهم أن اعترافها بوجود إسرائيل اضطراري لا اختياري.
     إنّ الناظر إلى واقع ومستقبل الصراع، يدفعه إلى الاعتقاد بأنه لن يجري تغيراً كبيراً لن يطرأ فلسطينياً على رؤية تلك الأبعاد الثقافية والحضارية للصراع العربي-الإسرائيلي، بل ستسمر الرؤية عينها في السنوات العشر القادمة، ولعلها تشتدّ أكثر من ذي قبل. وستكون الرؤية محددة بمجموعة من الاعتبارات، أهمها السقف الذي رسمه الفلسطينيون حول مسألة القدس في مفاوضات كامب ديفيد، وثانيها: تنامي نفوذ الحركة الإسلامية، وبشكل رئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس.

أعلى الصفحة  عودة للصفحة