مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية وإسرائيل: الاستراتيجية
الإسرائيلية
أ. د. عزيز حيدر
عودة للصفحة
حتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين إسرائيل
ومصر عام 1978، مروراً باتفاقية إعلان المبادئ المعروفة باتفاقية أوسلو مع
منظمة التحرير الفلسطينية ومعاهدة وادي عربة مع الأردن عام 1994 حتى توقيع
هذه الاتفاقيات كانت علاقات الدول العربية العلنية واضحة جداً وإلى حد
كبير، شهدت العلاقات بين إسرائيل والدول العربية تحولات عميقة منذ توقيع
هذه الاتفاقيات.
وإن عدداً كبيراً من الدراسات ظهرت حتى
أواسط التسعينات تعالج موضوع التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، خاصة في
مجال الاقتصاد. إلا أن الوضع قد تغير كلياً إثر تعثر المفاوضات
الإسرائيلية- الفلسطينية وتغير الظروف بالنسبة لإسرائيل مما جعلها تغير من
استراتيجيتها وهبط عدد الدراسات التي تبحث هذا الموضوع بشكل بارز. ومن هنا
فإن هذه الدراسة تعتمد في تتبع التطورات، خاصة الاقتصادية، في السنوات
الأخيرة على التقارير الرسمية والصحفية والأخبار التي تعنى بالعلاقات
الإسرائيلية – العربية، والتي تشكل مؤشرات على اتجاه تطور هذه العلاقات.
وقد مرت الاستراتيجية الإسرائيلية لعملية
التطبيع في عدة مراحل تاريخية، وفي كل مرحلة عكست هذه الاستراتيجية الظروف
التاريخية ـ السياسية وموازين القوى القائمة، وتمثل معاهدة كامب ديفيد،
التي وقعتها مصر وإسرائيل عام 1978، المفتاح الرئيس الذي بدأت معه محاولات
التطبيع العلنية الرسمية، ومن ثم انتشرت أفكار عديدة تحت عنوان «اقتصاديات
صنع السلام»، وخلاصته أن التفاعلات الاقتصادية: كالتجارة، والاستثمار،
وحركة البشر، والبضائع، والخدمات تشكل المضمون الملموس للسلام، وبدون ذلك
سيبقى السلام خاوياً ويبقى الشك باحتمال عودة حالة المواجهة في كل لحظة.
وكذلك يشير البحث الى أن التبادل التجاري المدني بين دول
المنطقة ليس مؤشراً بالنسبة للإسرائيليين فيما يتعلق باحتمال تطور تجارتهم
مع هذه الدول، فهناك تبادل بحجم كبير بين الدول العربية والأوروبيين
والمنتجين الإسرائيليين يستطيعون منافسة الأوروبيين في الأسواق العربية كما
يفعلون في اوروبا نفسها. كما أن الإسرائيليين يتمتعون بمعرفة علمية متطورة
يمكن تصديرها ويمكن تشخيص مجالات للتجارة بين إسرائيل والدول العربية مثل
التكنولوجيا الزراعية، السماد، النسيج، والتكنولوجيا المتطورة
(فيشر 1993).
تبلورت لدى الإسرائيليين تصورات للعلاقات الاقتصادية مع
الدول العربية في المستقبل حسب احتمالات السلام الممكنة. فقد توصلوا لوضع
ثلاثة احتمالات لماهية السلام مع الدول العربية:
الاحتمال الأول:
سلام حار- ينتج عنه تعاون في المجال الصناعي، تبادل تجاري، عبور القوى
العاملة في الاتجاهين، توظيف أموال من العالم لتطوير المنطقة ....إلخ. هذا
السيناريو هو تجسيد رؤيا "الشرق الأوسط الجديد" لِشمعون بيريس. ملخص
السيناريو نهاية الصراع والتكامل الاقتصادي بين إسرائيل وجاراتها. هذا
الاحتمال لم يعد وارداً لدى السياسيين والمحللين.
الاحتمال الثاني: سلام عنيف- توقيع اتفاقية
سلام على المستوى الرسمي واستمرار الصدامات العنيفة المتقطعة بمستويات
مختلفة. هذا السيناريو يعني عدم تطور علاقات اقتصادية بين إسرائيل وبين
الدول العربية والدولة الفلسطينية. تستمر إسرائيل في العزلة عن الشرق
الأوسط وتبقى وحدة اقتصادية وسياسية منفصلة عنه وتتطور اقتصادياً بحسب
المقومات الاقتصادية التي تملكها: تطوير الصناعات المتطورة، استغلال
التكنولوجيا الزراعية وخاصة التحسين الجيني....إلخ.
الاحتمال الثالث: سلام بارد- هو الاحتمال الوسط. في حالة السلام البارد
تبقى فرص القوى الاقتصادية محدودة ولا تتمتع بحرية واسعة. من هنا فليست
هناك فرصة لتطور حيز شرق أوسطي يتسم بعلاقات اقتصادية واسعة لدرجة تطور
تبعية متبادلة بين وحداته المختلفة
أعلى الصفحة
عودة للصفحة |