|
حلقة
نقاش إن بحث مسألة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني بعد غياب الرئيس عرفات يمكن تناولها بشكل حقيقي وعملي من خلال ثلاث مسائل: 1. إن أساس المشكلة في الساحة الفلسطينية هو الاختلاف على كيفية إدارة العملية السياسية ، ما بين خط يعَتبِرْ المقاومةَ منهجاً استراتيجياً، وآخر يريدها لدعم وتحسين شروط التفاوض فقط، وهو خلاف لم تفلح كل الحوارات السابقة في حله، وبالطبع كان تطبيق اتفاق اوسلو، وتزايد المطالب الإسرائيلية والأميركية من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، أن تقوم بقمع قوى المقاومة بالعنف والسلاح والسجون وغيرها من الأساليب، كل ذلك كان عاملاً أساسيا لتوسيع الهوة بين الخطين. 2. إن المؤسسات التي تقوم عليها السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية،وحركة فتح، قد تجاوزت مددها القانونية التي انتُخِبَتْ على أساسها من القاعدة الانتخابية لكل منها، وإن الاستناد إليها لا يعد بناء قانونياً سليماً، وإنها بحاجة إلى إعادة تجديد، الأمر الذي يجعل كل ما جرى من ترتيبات وتسلم لمناصب الرئيس الراحل عرفات، عمليةً مؤقتة، يفترض ألا تتجاوز ثلاثة شهور، وبخلاف ذلك تكون قيادة هذه المؤسسات قيادة يمكن الطعن بقانونيتها وشرعيتها. 3. ان الوحدة الفلسطينية لا تتحقق بدون ضم القوى الجديدة خارج منظمة التحرير، وإعادة استقطاب القوى التي جمدت أنشطتها في المنظمة سابقاً، ونخص بالذكر كلا من حماس والجهاد، وذلك من خلال هيئة قيادية مشتركة تمثل قيادة عليا للشعب الفلسطيني، حيث إن ما جرى من تغييرات، لم يحل هذه المشكلة ولن يحلها، ولذلك يبقى طرح مشروع القيادة الموحدة، أو المرجعية العليا للشعب الفلسطيني، أو ضمّ هذه القوى إلى منظمة التحرير، أو أي شكل وحدوي آخر، هو أساسَ التغيير الجوهري في الساحة الفلسطينية، نحو تحقيق الأهداف الوطنية، ويحققُ ذلك بالطبع المشاركةَ الجماعية في القرار السياسي، لما له من أهمية في حماية الوحدةِ الوطنية، والقدرةِ الفلسطينية على مواجهة الاحتلال. هذه مسائلُ ثلاث، تعد جوهرَ الحوار والاتفاق المفترض، إذا أريد للقضية الفلسطينية أن تتقدم، وأن يستمر صمود الشعب الفلسطيني، ويتحول الضغط على الجانب الاسرائيلي إلى ضغط دولي. ويُعتقد أنها مسائل كبيرة وتحتاج إلى حلقات واسعة لمناقشتها بشفافية، ودون مناكفات أو مزايدات، لمصلحة بناء مشروع وطني متكامل وحقيقي وقوي ومتماسك، للتعامل مع المرحلة القادمة.
وللوصول إلى إجابات شافية، عُقِدَتْ حلقة العصف الذهني هذه يوم السبت 27/11/2004م، وتداولت الموضوع وفق المحاور التالية: 1. تداعيات غياب عرفات عن قيادة الشعب الفلسطيني ومؤسساته المختلفة، على الصعيد المحلي والعربي والدولي، وأبعاده الاسرائيلية؟ 2. الطروحات الفلسطينية المختلفة، لاحتواء التداعيات، والمحافظة على الوحدة الوطنية، والموقف الاسرائيلي منها ؟ ودور المؤسسات القائمة في ذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تمثيل قوى المقاومة الاساسية في المؤسسات القائمة، حماس والجهاد؟ 3. الدور العربي والأوروبي والأميركي والإسرائيلي في تشكيل الواقع القيادي الفلسطيني الجديد، وماذا تعني دعوة مصر المبكرة للفصائل الفلسطينية للحوار في القاهرة، لتجاوز المرحلة والتوصل إلى رؤية في إدارة الشئون الفلسطينية، وعملية السلام، حسب الرئيس حسني مبارك ؟ وماذا عن دور دول الثقل الأخرى في هذا الأمر: الأردن، سوريا، السعودية. 4. مواقف وتوجهات القوى الفلسطينية المختلفة: حماس والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية والتيار اليساري، والقوى المتباينة داخل حركة فتح (قوى المقاومة، وقوى التسوية)، والفصائل الأخرى في دمشق والضفة والقطاع؟ 5. السيناريوهات والمقترحات الأكثر حظاً؟ والأقدر على تحقيق الوحدة الوطنية ومنع أي تداعيات ميدانية وسياسية خطرة على مسيرة النضال الفلسطيني؟
الإشكاليات والتحديات أولاً: فقدان البرنامج السياسي المتفق عليه بين كافة أطياف الشعب الفلسطيني، مما قد يؤدي إلى إعادة إنتاج مرحلة أوسلو من جديد، وما قد يسببه ذلك من تكريس فقدان حقوق الشعب الفلسطيني ثانياً: ازدواجية الأطر السياسية والقيادية، وتعددية الاتجاهات الفكرية والسياسية والأيديولوجية في السلطة ومنظمة التحرير وفتح، ووجود قوى سياسية ومقاومة فاعلة خارج الأطر السياسية القائمة مثل حماس والجهاد الإسلامي والتي في حال عدم مشاركتها ستساهم في تعميق الازدواجية في الشارع الفلسطيني من خلال وجود قيادة رسمية منتخبة لا تملك ثقل شعبي من جهة، مقابل قيادة شعبية لكنها لا تساهم في صناعة القرار السياسي. ثالثاً: تراجع دور فلسطينيي الخارج في المساهمة في القرار السياسي لحساب مشاركة فلسطينيي الداخل. رابعاً: تغييب الدور العربي في القضية الفلسطينية في مقابل تزايد الدور الأوروبي والأمريكي. خامساً: على المستوى الإسرائيلي، الواضح أن إسرائيل لا تريد السلام ولا الحل النهائي العادل للقضايا المعلقة مثل القدس، ووقف المستوطنات، وعودة اللاجئين، فهي تسعى لحكم إداري ذاتي بشكل أو بآخر للمساهمة في حفظ أمن إسرائيل، ولتكون المناطق الفلسطينية جسراً اقتصادياً للمنطقة العربية، وخاصة مناطق النفط، حتى لو سُمَّيَ هذا الكيان دولة من الناحية الرسمية. التعامل مع المرحلة تبرز متطلبات مواجهة المرحلة وتحدياتها من قبل الفلسطينيين على النحو التالي: 1. العمل على تكريس العملية الديمقراطية، لإحياء المؤسسات التي تم تغييبها في السنوات الماضية، ولإنجاح هذا الاتجاه، لا بد من أن تأخذ القوة السياسية دورها فيه، حيث أكد المشاركون أنه لا بد من استثمار التغير في الموقف والمرونة التي تبديها حركة حماس، من موضوع المشاركة في الانتخابات، على قاعدة رزمة انتخابية تشمل الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية، وهو تطور مهم عما كان عليه موقف الحركة في انتخابات 1996، حيث قاطعتها آنذاك. 2. التعامل مع ملف الفساد بشكل جاد، رفض احتواء من تثبت عليه شبهة في أي ترتيبات قادمة. 3. تجنب الصراع الداخلي تحت أي ظرف أو ضغط، وتحت أي سبب، حيث يرى المشاركون وجوب استثمار الفترة القادمة الممتدة من 6 – 12شهراً، والتي تقل احتمالات الصدام الداخلي أثناءها، لترتيب الوضع الداخلي، ومقاومة الضغوط الإسرائيلية والأمريكية على السلطة، وعلى أجهزتها الأمنية، للتحرك ضد إرادة الشعب الفلسطيني. 4. التمسك بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، والتي تتمثل في السيادة على القدس، وعودة اللاجئين وفلسطيني الشتات، والسيادة على الأرض والسكان بالكامل، وتطبيق حق تقرير المصير الشامل للشعب الفلسطيني. 5. المحافظة على الوحدة الوطنية، من خلال تشكيل القيادة الوطنية الجماعية التي تضم كافة الأطر الفلسطينية، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، على أسس ديمقراطية بمشاركة الداخل والخارج. 6. الحرص على التوصل إلى برنامج سياسي مشترك (حق تقرير المصير، الدولة، العودة). 7. على القوى الفلسطينية خارج منظمة التحرير مثل حماس والجهاد، أن تطرح برنامجها قبل الانتخابات، والتي لا تعني مشاركتها في الانتخابات بالضرورة إنهاء خيار المقاومة بالنسبة لها، بل قد تساهم هذه المشاركة في منع الانزلاق نحو تنازلات جديدة، نتيجةً للضغوط الأمريكية والإسرائيلية، أو نتيجة لرؤية بعض الاتجاهات داخل القيادة الفلسطينية. 8. رفع مستوى الأداء الإعلامي للتعبير عن المظلمة الفلسطينية دولياً، والدفاع عن مقاومة الشعب الفلسطيني المشروعة للاحتلال. كما حذر المشاركون من أن تكون الانتخابات الرئاسية تمديداً لمرحلة أوسلو، خاصة أن أكثر المرشحين حظاً بالفوز بمنصب رئاسة السلطة هو السيد محمود عباس، والذي لا زال يؤمن بطريق أوسلو سبيلاً وحيداً للتعامل مع ملف القضية، كما حذروا من استخدام سلطة المال والعسكر، لزيادة التأثير في الساحة الفلسطينية، والاستجابة للضغوط الأمريكية والإسرائيلية على الرئيس الجديد للتوقيع. السيناريوهات وأخيراً خلص المشاركون إلى أن السيناريوهات المتوقعة في المستقبل تتمثل في: سيناريو 1: اعتماد المؤسسات القائمة ودعوة من خارجها للدخول فيها دون أي تغييرات. سيناريو 2: إعادة بناء وإحياء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، واحتواء كل القوى فيها بوصفها الإطار العام للشعب الفلسطيني والممثل الشرعي المعترف به رسمياً. سيناريو 3: إعلان مرجعية فلسطينية عليا، تدير تطوير كل المؤسسات (السلطة والمنظمة والانتفاضة والمقاومة والشتات...) إلى حين بناء الدولة الفلسطينية (برنامج سياسي للحد الأدنى) حيث يلتقي العمل السياسي وعمل المقاومة بتناغم، وقد تنتهي إذا تم التوافق لاحقاً على إعادة بناء منظمة التحرير ببرنامج سياسي توافقي يدمج بين المقاومة والعمل السياسي [ليست بديلاً عن أي إطار] سيناريو 4: تقوية السلطة على حساب منظمة التحرير والدخول في صراع مع المقاومة دون تحقيق إنجازات سياسية (برنامج شارون). حيث كشف الحوار عن أهمية التعامل مع السيناريو الثاني والثالث دون غيرهما لسلامة مسيرة الوحدة الوطنية وتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في التحرير والضغط على الاحتلال وتفويت فرص تصفية القضية، حيث يلعب الحوار الوطني المعمق والصريح والجاد دوراً مهماً في هذا الصعيد. المقترحات الأساسية اقْترِحَ العمل على بناء صمامات أمان، وطنية، تتمثل بقيادة فلسطينية موحّدة تُشَكَّل من لجنة تنفيذية وقادة الفصائل والمستقلّين، ويجب أن يغيَّر قانون الانتخاب، والمجلس التشريعي يُشَكَّل الحكومة الوطنية، وإعادة بناء منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، ومشاركة الداخل والخارج. وإيجاد مركز قيادة في الخارج، إضافة إلى البرنامج السياسي المشترك، الذي يتضمن حق تقرير المصير وحق العودة وإقامة الدولة المستقلة. وطالب بعض المشاركين حركةَ حماس، أن تعلن عن برنامجها السياسي، قبل الانتخابات الرئاسية، لتحظى باهتمامٍ وطني واسع، وبما يؤثر على توجهات الشارع الفلسطيني.
أسماء السادة المشاركين
أ. جواد الحمد/مدير الحلقة لقد مثلت وفاة الرئيس عرفات منعطفاً حاداً في السياسة الدولية والإقليمية، ولهذا السبب انعقدت حلقة العصف الذهني اليوم تحت عنوان "القضية الفلسطينية بعد ياسر عرفات" بهدف خدمة صناع القرار الفلسطيني والعربي والدولي، وهي محاولة جادة لمشاركة تفاعلية بين السياسيين والإعلاميين والفصائل، وسوف نتلقى اتصالات من زملاء ومحللين من مصر والضفة الغربية وقطاع غزة للإسهام معنا في هذه الحلقة. لقد سبقت هذه المرحلة حواراتٌ عدة، جرت في دمشق وغزة ومصر بشكل متكرر للتوصل إلى اتفاقات، وقد تركزت الاختلافات في وجهة النظر على أهمية وجود قيادة سياسية فلسطينة موحدة، لها برنامج سياسي وطني موحد. وبعد وفاة عرفات، وضع هذا الموضوع )القيادة الموحدة) و(البرنامج السياسي) في الأدراج الخلفية لأسباب لا تخفى عليكم، ومن المعلوم أن بناء الوحدة الوطنية يقوم على برامج عدة، تمثل برنامج الحد الأدنى بين برنامجي التسوية والمقاومة. نترك المجال لحضراتكم للإسهام، حول القضايا المعروضة في الأوراق التي قدمت لكم عن محاور النقاش.
أ.د. نظام بركات أفضل استخدام كان كلمة (غياب عرفات)، لأن فكرة الغياب ليست شخصية فهو شخص يمثل مناصب عدة، مثل المنظمة والسلطة و فتح. وغاب عن قيادة الشعب الفلسطيني ومؤسساته، وبالتالي كيف سينعكس هذا الغياب على الوضع الفلسطيني الداخلي أو الخارجي، الذي هو أوسع من مفهوم الضفة وغزة. ما يجري الآن هو البحث عن قيادة فلسطينية بديلة، وهناك شبه تسليم بأنه سيكون ثمة مشكلة في المواصفات القيادية والكارزمية للشخص الجديد، والآن يبدو أن هناك توزيع للمناصب رسمياً ضمن ثلاثة أطر: رئيس للسلطة، وللجنة التنفيذية، وفتح، وثمة اتجاه نحو تعدديةٍ قيادية. على الصعيد المحلي هناك تركيز واضح على فكرة الوحدة الوطنية، عرفات كان أبو المؤسسات، وفي غيابه فإن التخوفات تدور حول انعدام الوحدة أو الانشقاقات، ويجب التنبه إلى هذه القضية، والإشكالية تكمن في ضرورة تبني الديمقراطية لتجاوز الشخصية الكارزمية، عندما تغيب الكارزما، يؤدي غيابها إلى المشكلات، فعند الغياب يحصل الصراع على السلطة، وبعد ذلك يعود الصراع، وينتصر جناح من الأجنحة على جناح آخر. وبعد استقرار الوضع، يحاول هذا الجناح الاستبداد بالسلطة، والانحياز بها على نحو آخر. والسؤال الذي طرح على السادات، بعد تسلمه مكان عبد الناصر، كان: هل سنسير على خطى عبد الناصر؟ لكن (بالاستيكة) (بالمحاية)؟ والسؤال: هل نحن ملتزمون بنهج عرفات بالمحاية، أم عبر تصفيةِ منهجيةِ عرفات؟ حسبما ورد حتى الآن من تعليقات قيادة رسمية. أعتقد أن التداعيات على المستوى المحلي لن تحلها إلا الديمقراطية، وإعادة الثقة بالمؤسسات، وللعلم فإن الاحتلال يمنع السلطة من إقامة مؤسسات عسكرية، ولكن السلطة تستطيع إنشاء مؤسسات دستورية قوية، ولماذا لا تقام مؤسساتً محترمة على أسس سليمة وعلى قواعد وأصول حقيقية، وهذا ما فشلت به السلطة الفلسطينية، وأعتقد بأن ذلك هو الطريق الحقيقي لبلورة الكيان الفلسطيني. ثمة تغييب للدور العربي، وهو مؤشر سلبي لتراجع الدور العربي، وعلى المستوى الدولي يريدون المحافظة على الكيان الفلسطيني كدولة فلسطينية مسالمة، وبالتالي فالإشكالية في طبيعة الصراع، بين أمن إسرائيل وحقوق الشعب الفلسطيني، فالموافقة على دولة فلسطينية تمت بشرط ضمان أمن اسرائيل. أ. تيسير قبعة يشكل غياب عرفات خسارةً للشعب الفلسطيني، والظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني تزيد الأمر تعقيداً، وهي أوضاع تختلف عن أوضاع الدول المستقرة. وهو قائد عالمي أعطى لشعبه كل ما يملك، بغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبت او ارتكبها، ولكن الخسارة كبيرة رغم الانتقادات لممارسته مسؤولياته. فعلاج قضايا الشعوب وإشكالياتها ليست وجهات نظر، بل الطريق الوحيد للعلاج هو الديمقراطية، كوسيلة أمثل لحل كافة إشكالات الشعوب، والقضية ليست أننا كفلسطينيين أصبحنا في مأزق، بل إن وفاة عرفات وضعت إسرائيل وأمريكا والاتحاد الاوروبي في مأزق ، النظام العربي تابعٌ ليس له موقف يقاتل من أجله، واسرائيل في مأزق، وبوش قال إن عرفات لا يمثل الشعب، وليس شريكاً صالحاً، وضعوا كل المشاكل على عرفات، وقد توفي الآن، ماذا بعد؟ إسرائيل هي التي لا تريد السلام، ولا الحل النهائي، لأنه يمس ثوابت إسرائيل ذاتها، ولأنه يعني القدس والمستوطنات واللاجئين، ولا تريد إسرائيل التفكير فيه، وأقصى ما تريد للشعب الفلسطيني هو حكم إداري، مهمته المساهمة مع اسرائيل للحفاظ على أمنها، ووضع الشعب الفلسطيني لخدمتها، وجعل رجال الأمن يعملون لصالحها، وعبر الفاكس ترسل لهم التعلميات والأوامر لتنفيذها، وكذلك يبنون جسراً اقتصادياً نحو الدول العربية، والبترول، ودبي، فإسرائيل تتطلع لأن يكون لها حصة في ثروات المنطقة. وأول تداعيات موت عرفات كان سحب البساط من تحت أقدام إسرائيل، لقد زال عرفات، فماذا عن السلام، وسوف تندم إسرائيل لأن أبا عمار كان الوحيد القادر على تقديم التنازلات، ولا يوجد شخص آخر قادر على تقديم تنازلات مثل عرفات. على الصعيد المحلي، فقد نشأت في السنوات الثلاث الأخيرة نخبة معينة، وبعض رجالات الفكر والمسؤولين في السلطة لا يعتقد أن طريق الانتفاضة هو طريق الحصول على الحقوق، ويرى أن إسرائيل هي كل شيء، وأن البندقية الفلسطينية لا تستطيع مواجهة الجيش الإسرائيلي، وأبو مازن من أصحاب هذا التيار، في مواجهة وجهة نظر أخرى لدى الفصائل في حماس وفتح والجهاد، التي ترى أنه لا طريق مع العدو إلا القتال وزيادة الخسائر البشرية في صفوفه، وتأزيم إسرائيل والاستمرار في الكفاح، وأعتقد أن الاتجاه سيميل خلال المرحلة القادمة نحو تبني الخيار الأول، الخيار "السلمي" رغم صعوبة وضعه كتيار بعد غياب أبو عمار، الذي وضع له سقفاً لا يمكنه التنازل عنه، والقيادات الجديدة ما زالت تستشهد بالثوابت التي وضعها أبو عمار، على اختلاف النوايا، وعملياً ستجري انتخابات رئاسية، وسينجح رئيس، ويخرج مرسوم انتخابي لإجراء الانتخابات التشريعية، لأن الانتخابات تتطلب وجود رئيس فعلي، ويعلن بمرسوم، ويناقش تعديل قانون الانتخابات، وستتم الانتخابات التشريعية، يرافقها انتخابات بلدية وقروية، وهناك طروحات لتجديد الشباب، وانتخابات في كافة المنظمات الجماهيرية، وإحياء العملية الديمقراطية، حتى داخل فتح، هناك دعوة لإيجاد قيادات داخلية، وهي الانتخابات التي لم تجرِ منذ فترة طويلة. إن فقدان عرفات لا يعني أننا فقدنا الشعب الفلسطيني، واعتقد أنه آن لعرفات أن يُنْصَف، لأنه تمسك بالثوابت، والبرنامج الوطني الفلسطيني، وقد سبب له ذلك السجن. لا يوجد أساس علمي، ولكن لدي إحساس بوجود رئيس جديد، وتوجه لتوحيد الأجهزة الأمنية، لكن سيكون هناك أداء أفضل، لتطوير وتطهير المؤسسات، لتعويض غيابه، وأعتقد أن لا قائد فلسطيني يستطيع أن يقدم تنازلاً، لأن عرفات هو الوحيد الذي كان قادراً على ذلك. على الصعيد العربي، ليس هناك سياسة عربية موحدة تجاه ما يجري في المنطقة، ومصر في رأيي تهمها غزة، ويهمها الاستقرار في غزة، بشرط ألا يكون بيد حماس، وهناك مصلحة عند الأمريكان، والسوريون يؤيدون ما يجري في السلطة من ترتيبات، وهي ليست مع المنظمات الفلسطينية، وهم مع السلام بدون شروط، والنظام العربي يتعامل مع المسألة حسب مصالحه. د.يوسف رزقة (تحدث عبر الهاتف من غزة) بخصوص الوضع الفلسطيني، وموقف الحركة الإسلامية مما يجري، فإني أركز على ما نعيشه بشكل يومي. لقد مثل غياب عرفات، غيابَ قيادة ومنهج له عناصر معينة، وعبد الناصر عندما غاب، غابت معه القيادة والمنهج، وجاء بعده كامب ديفيد، والدور المصري لجمع الأطراف دور حيوي، واستباقي للأمريكان والأوروبيين، لكن تقدم الأوروبيين في هذا الموضوع أصبحت فيه دعوة مصر للفصائل متأخرة بسبب غياب عرفات. والحوار باعتقادي سيدعم خيار التفاوض، وقيادة تنفذ مطالب إسرائيل، وتؤمن بقدرتها للتعاون مع الإسلاميين لتحقيق الاستقرار، الواقع العربي معني بالتهدئة، والواقع العربي يتخوف من عدم الانضباط والفوضى، ولا يوجد تعارض ضمن الدور العربي والسوري والأردني والسعودي. والخيار المفضل لدى القيادات، ليس خيار إجراء توافقات وقيادة جماعية مشتركة، بل سيطرة تيار اوسلو وفتح الذي تجاوز ذلك لدفعه عبر إطار منظمة التحرير، وإجراء انتخابات الرئاسة في السلطة بالترشيح الوحيد لمحمود عباس. أما بخصوص إسرائيل، فيتعامل الإسرائيليون والأمريكان مع عباس وكأنه رئيس وبصلاحياته الرئاسية، وتعتبر مقاطعة الإسلاميين، وخيار المقاومة من المشاكل المطروحة أمام الرئيس الجديد. لابد من النظر في الأمور والاستحقاقات الدستورية خلال الشهور الأربعة المقبلة، فهي قضية معقدة، وأشد عمقاً من حياة الرئيس الراحل أو الحالي، وربما القضية باقية حتى مع ذهاب الرئيس الحالي، والاحتلال لا يقدم شيئاً لإعادة النظر ببعض المعطيات. الحركات الإسلامية من جهتها مترددة تجاه خيار المشاركة، أو خيار المقاطعة، الموقف من الصراع الأيديولوجي والحياة اليومية، والفرصة الآن أفضل للمشاركة، حيث أنها قد لا تتوفر فيما بعد، فانتخابات الرئاسة، تنافس على قيادة الشعب الفلسطيني، والمفاوضات جزء من القيادة، وعليه إذا قررت الحركة الإسلامية عدم المشاركة، فهي تقدم هدية مجانية للاحتلال وللأمريكان، ولتيار أوسلو. من المهم أن تتقدم شخصية من الحركات الإسلامية للترشيح، لكشف مزاعم الاحتلال والأمريكان حول إرهاب الحركات الإسلامية، فأبو مازن حصل على 3% في استطلاعات الرأي واسماعيل هنية على 26% في مرحلة سابقة، والمطلوب هو الدخول في العملية الديمقراطية، وبالتالي فالحركات الإسلامية عاشت على الهامش، وآن الأوان للحركة أن لا تترك لتيار أوسلو الفرصة ليقود المسيرة ثانية، أوعبرالتوافق على حدود 1967وحق العودة، وورقة الضمانات الأمريكية بشكل أو بآخر. أعتقد أن إضاعة الفرصة تحت مبررات معينة غير واقعي، ولا تمنع المشاركة من فعالية خيار المقاومة، الذي لا غبار عليه، وخيار المقاومة كان موجوداً في عهد عرفات، وسيظل الخيار موجوداً، ويجب أن نأخذ مواقف الدول بالاعتبار الأمريكي والإسرائيلي والعربي وتعقيدات الوضع الدولي والإقليمي، المطلوب هو المشاركة وتفويت الفرصة، وأنا غير مرتاح لترشيحات فتح فقط، وأطالب بدخول التنظيمات كلها، ويجب أن نحمل كلنا الأمور جميعها وأن لا نعجز عن ذلك. المبررات في المشاركة في السباق الرئاسي كثيرة، وحتى لو أعطت أمريكا فيتو على شخص فلسطيني معين، فنحن نطالب بدعم الشعب الفلسطيني، الشعب الفلسطيني بحاجة لتشكيل رئيس سابق وحالي على أسس ومعايير مؤسسية وديمقراطية، وليست وراثة تنظيمية أو عائلية أو غيره. وقد وجهت عدة أسئلة للدكتور من الحضور كان من أهمها: س1: أ. سعد حتر - ما الذي يمنع حماس أن تقدم مرشحاً للرئاسة، هل هو ضغط دولي أم إقليمي أم فلسطيني؟ س2 : أ. تيسير قبعة - هل هناك فرق في موقف التيار الإسلامي في الترشيح للرئاسة عن الدخول في الانتخابات التشريعية وكأنه قرار داخلي لذلك؟ س3: أ. حسن حيدر - قلت إن مشاركة الإسلاميين في الانتخابات لا تعني انتهاء خيار المقاومة، ضمن أي مؤسسة سوف تحكم؟ كيف ذلك؟ وما هو موقفكم من خيار المقاومة حال المشاركة؟ س4: أ. شاكر الجوهري - هل يمكن لحماس دعم مرشح ديمقراطي يتوافق مع خط الانتفاضة، وضد أوسلو؟ - ماذا جرى في لقاء حماس مع أبي مازن وأبي العلاء؟ - ما هو موقفكم من تفعيل المنظمة، وتشكيل قيادة موحدة، التي طرحها مشعل في زيارته إلى القاهرة مؤخراً؟ س5: أ. أحمد يوسف - الحركة الإسلامية مصرة على موافقتها للدخول في الانتخابات التشريعية، وهي تعلن أن الحل في قيادة وطنية موحدة، ماهي طبيعتها وبرنامجها السياسي؟ ولماذا لم توافق على وثيقة آب 2003 وآذار 2004؟ س6: أ. عماد عبد الرحمن - إن الأمريكان يتعاملون مع أبي مازن وكأنه رئيس السلطة الفلسطينية، ألا تعتقد بأن هذا التوجه الأمريكي يقود الولايات المتحدة إلى استخدام الفيتو مع أي شخص آخر يخوض الانتخابات ضد أبي مازن؟ س7: د. صبري سميرة - قياساً على ما يجري في العراق وأفغانستان، وفي أي دولة أو شعب يجري انتخابات. هل موقف القوى الإسلامية المترددة في الدخول هو هروب من المشاركة، أم الخشية على رصيدهم، أم صعوبة الادعاء بعد ذلك برعاية مصالح الشعب الفلسطيني؟ وهل المشاركة أو المعارضة أفضل من داخل النظام أو خارجه؟ علماً بأن العمل من خارجه سيؤدي إلى تهميشها وانتهائها. س8: أ. جواد الحمد - انتخابات السلطة هي إحدى مكونات الطيف السياسي الفلسطيني، ومنظمة التحرير وقوى المقاومة خارج المنظمة، ما هو تصور حماس لقيادة هذه المكونات؟ وهل المشاركة في السلطة يلغي خيار القيادة الموحدة؟ الإجابة من د. يوسف رزقة عوامل عدم مشاركة الفصائل هي: عوامل داخلية، والفيتو الخارجي وارد، واحتمالية وضع حماس على قائمة الإرهاب، وعدم تعامل الدول الغربية معها وارد. هناك عقبات كثيرة، وبالرغم من ذلك فأنا أؤيد مشاركة حماس في الانتخابات. أما قبول المشاركة في الانتخابات التشريعية، وليس الرئاسية فلا معنى له، لأن الفرق بين الاثنتين ضئيل جدا، وهذا جزء من إشكالية الفكر الإسلامي المعاصر. فالمسألة فيها شيء من المؤاخذة، فالمشاركة هي الصواب، والمشاركة لا تلغي خيار المقاومة. وعرفات دخل أوسلو وهو يستجدي استحقاقات فلسطينية، وكان متمسكاً بخيارات السلام، ورغم ذلك استمرت المقاومة، والمطلوب حسب تجربة الشعب الفلسطيني إرجاع الحق الفلسطيني عبر خيار المقاومة أو السلام، وخيار المقاومة هو عامل مساعد وإيجابي لدفع العدو لتنفيذ الخيارات السياسية حسبما يرى الشعب الفلسطيني. القيادة الموحدة كانت تُطرح من الناحية الإعلامية، وليست هناك خطة استراتيجية، وهناك من يرى أنها انقلاب على فتح والسلطة، ولذلك يتهرب منها ومن التعامل معها. ثمة اتفاق لتفعيل منظمة التحرير، والمسألة هي حصص وتوزيع فصائل، المطلوب شراكة في القرار السياسي، وهذا اقتراح سليم، هناك من يرى أنه كلام غير عملي، المسألة فيها شيء من التسويغ، وبرامج هذه القيادة الموحدة برامج خجولة، وليس عليها توافق، كما أن هناك برامج يطرحها اليسار والحركة الإسلامية، لكن لا يوجد برنامج موحد متفق عليه. بالنسبة للولايات المتحدة فهي تتعامل مع أبي مازن كرئيس منتخب، لكنها تضع فيتو على دول، فكيف لا تضع ذلك على أشخاص، فالقضية الفلسطينية تختلف عن بقية القضايا، هناك قرارات دولية، لاجئون، أجيال، ثقافة المقاومة متوارثة، والولايات المتحدة غير مضطرة لحل المشكلة الفلسطينية حلاً يقبله الفلسطينيون، وتعتقد أوساط دولية أن المشكلة الفلسطينية أصبحت مصدراً للتطرف والعنف، وأصبح العالم يتجه نحو حل القضية الفلسطينية، وهناك تنافس على السلطة وتقديم التنازلات، لكن المطلوب وجود توافق بين الفصائل، والمشاركة في صنع القرار من الداخل عليه فيتو داخلي وخارجي، وبذلك تصبح مسألة معقدة وخاصة فيما يتعلق بالحركات الإسلامية، وأنا مع التمسك بخيار المقاومة حتى نرى نهاية النفق. انتهى الحوار مع د. يوسف رزقة. مدير الحلقة: د. سمر كيف ترين مستقبل القضية بعد تداعيات غياب عرفات؟ د. سمر شنار أشكركم على هذه الخطوة للتواصل، وأؤكد على أهمية الاتصال المباشر، وأثمن مشاركة الدكتور يوسف من غزة عبر الهاتف، ومحاولة التغلب على العقبات الجغرافية. وأتفق مع الزملاء في أهمية التمسك بالثوابت، التي لا يختلف عليها اثنان من الشعب الفلسطيني، وأحاول التحدث بشكل مقتضب. بخصوص ما تريده إسرائيل بعد رحيل عرفات، لقد ترك عرفات فراغاً لا يسهل ملؤه، وكلام السيد قبعة بأن شباب نابلس وغيرها يشكلون الظهير للقيادة الفلسطينية، وهم القاعدة للقيادة الفلسطينية، وإسرائيل تحاول الحصول على مزيد من التنازلات، حتى لو حاول خفض السقف فلن تمنحه المجال. وعامل الزمن وكسب الوقت يجب أن لا يغيب عن البال، وعنصر الأرض عنصر حاسم في إقامة الدولة الفلسطينية، في ظل إشكالات الجدار والمستوطنات، التي أصبحت قضيةً محورية لا تقل أهمية عن بقية القضايا. ما هو المطلوب منا؟ نحن جميعاً نتمسك بالثوابت الفلسطينية، ولكن لا بد من خطوات عملية، نحن بحاجة إلى الإعلام، والمشكلة أن الإعلام الفلسطيني مضلَّل. ونحن بحاجة للتخلص من الكليشيهات الرسمية الجاهزة، الأحزاب قد تلجأ إلى التضليل، الخطاب الإعلامي لم يتغير، التغييرات حصلت في العالم العربي، ولكن الأجيال الجديدة ما زالت تحاسبنا، والمطلوب نقد الخطاب الإعلامي لأنه يُلقي بظلاله على الواقع اليومي، فهناك تضليل إعلامي لمرحلة ما بعد وفاة عرفات ومرضه. وهناك قضية مأسسة المجتمع الفلسطيني، وهي ضرورة، حيث تحول المجتمع بعد اوسلو إلى مجتمع خدماتي، وليس انتخابي، فالمؤسسات غير الحكومية علمتنا الشحدة، وليس الإنتاج، وهذا الأمر يتطلب إيلاءه أهمية من الأحزاب والقوى المختلفة للاصلاح الديمقراطي في المؤسسات الفلسطينية، ونحن أفضل من غيرنا، وليس سهلاً ممارسة الانتخابات في ظل الاحتلال والممارسات الإسرائيلية، ولكن بحجة ذلك تم التطاول على المؤسسات، وهناك فبركة انتخابات داخل السلطة والاحزاب والمجلس التشريعي. أ. جواد الحمد /مدير الحلقة والآن الاتصال الهاتفي مع الأستاذ الدكتور مصطفى علوي، آمل التركيز في الحديث على مالم يأخذ حقه من النقاش، وهو موضوع الحوارات الفلسطينية الداخلية وأفقها القادم؟ ولماذا اختفت عن الإعلام؟ إن دور مصر والدور العربي هو دعم للواقع الفلسطيني، هل تراجَعَ الدور المصري أمام التدخل الأوروبي؟ وكيف يُنْظر الى برنامجَيْ المقاومة والتسوية في مصر؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة حول القيادة الموحدة والبرنامج السياسي الفلسطيني الموحد؟ أ.د. مصطفى علوي الأسئلة متعددة وصعبة، فيما يتعلق بقضية الوحدة، فقد قامت مصر بدور إيجابي في القضية، ولا شك أن الوحدة الوطنية هي مسألة ملحة بعد غياب عرفات ووزنه التاريخي، فقد كان وجوده يملأ الفراغ، والمشكلة في هذه المرحلة هي أنها مرحلة تأسيس الدولة، فيها ثمة ازدواجية في السلطة في منظمة التحرير الفلسطينية، كممثل شرعي ووحيد على المستوى الدولي، وعلى مستوى الشعب الفلسطيني. وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) والفصائل الأخرى التي هي جزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني، والتي لها دور أساسي في النضال، جاءت بعد منظمة التحرير. والسلطة الفلسطينية ليست دولة وليست حركة ثورية بل هي ظاهرة غير مكتملة النمو، إضافة إلى التعقيدات الأخرى في ظل غياب عرفات، وما زاد من التعقيدات التعدد في القيادات التي ستشغل هذه المواقع مع الاختلاف في التوجهات الفكرية والسياسية لديهم، فهم ليسوا نسخاً موحدة مثل محمود عباس، وفاروق القدومي، ومروان البرغوثي، فهم يعبّرون عن توجهات فكرية مختلفة، وفاروق القدومي لا ينازع على رئاسة المنظمة، وينحصر النزاع على رئاسة السلطة بين أبي مازن والبرغوثي، والبرغوثي له شرعية شعبية، وهي شرعية من الرئيس عرفات، وليست متوفرة لدى أبو مازن. أتحدث عن الشعب الفلسطيني وصوته لمن سوف يذهب، ولا يمكن أن نقلل من أهمية الانتخابات، والشعب الفلسطيني يجب أن يجد حلاً لمشكلة الازدواجية في هياكل السلطة، والإشكالية تحتاج تفصيلاً، وهذه الإشكالية هي السبب في الرعاية المصرية للحوارات الداخلية، ومعرفة المصريين، ومساعدي الرئيس مبارك بالتعقيدات في هياكل السلطة، وهذا واجب قومي، وأقول إن الزيارة لمصر، والمساندة السياسية لا بد أن يكون لها أثر في وحدة الموقف الفلسطيني، والاتفاق على استراتيجية النضال للصراع مع إسرائيل، حتى يكون لمصر دورها الفاعل. لكن الخلاف الفلسطيني الداخلي، وازدواجية الكيان السياسي، والتباينات الأيديولوجية هي التي خلقت الحذر المصري في التعامل مع الشأن الفلسطيني. وقد وجهت عدة أسئلة للدكتور من الحضور كان من أهمها: أ. نادية سعد الدين - أشرت إلى التخوف من ازدواجية المواقف والتوجه الأيديولوجي، هل تتخوف من تعميق الخلاف والانقسام؟ وأشرت إلى أبي مازن والبرغوثي والخلاف في المواقف بينهما، علماً أن البرغوثي قد عَدَل عن ترشيح نفسه، ماذا تقصد بذلك؟ أ.د. مصطفى علوي بعدول البرغوثي عن ترشيح نفسه للانتخابات سيكون جزءٌ من الإشكالية قد انتهى، وسيكون هناك ممارسة ديمقراطية حقيقية، وإن كان سيفرض تأثيره السلبي على الجماعات الأخرى، كما سيؤدي إلى نفي احتمالات الصراع، لكن هناك حماس والجهاد والجبهة الشعبية والديمقراطية، وهناك من فتح من لا يتفق مع أبي مازن في كثير من القضايا، واحتمالات الصراع باقية، وإسرائيل ستعمل على تعميق هذا الخلاف بين القيادات الفلسطينة، وخصوصاً أن المفاوضات ستكون هي الأسلوب الوحيد، وهذا يعني عدم التوافق بين القوى المختلفة، وسوف تسعى إسرائيل لتأزيم الموقف لأن هذا يشكل هروباً داخلياً إسرائيلياً. أ. لقمان اسكندر - وحدة الموقف الفلسطيني، ازدواجية السلطة في حركة فتح؟ ماذا تقصد؟ أ.د. مصطفى علوي الازدواجية في حركة فتح، لأنها نواة منظمة التحرير الفلسطينية، كونها صاحبة القيادة الفلسطينية الوحيدة، والتعبير السياسي ما زال متواجداً في فتح، وهناك تيارات داخلياً في فتح: عسكري وسياسي، واختيار أبي مازن لن يؤدي إلى إنهاء الصراع الداخلي، وهذا سيطرح مجموعة من التساؤلات، وهي: هل سيتمتع بالمشروعية لخط يؤمن بالسلام مع إسرائيل ماذا إذا فشل في الحصول على الأغلبية؟ والإجابة على هذه الأسئلة ستؤكد وتعزز فشل نقل المشروعية. أ.د. نظام بركات - الموقف المصري لعب دوراً في الحوارات وتوحيد الهدف الفلسطيني، ما هو الهدف المصري من هذه الحوارات؟ وهل هناك مخاوف مصرية من فوز الحركات الإسلامية؟ أ.د. مصطفى علوي لا أظن أن هناك مواقف ومخاوف مصرية خطيرة من فوز الحركات الاسلامية، وأيضاً موقف حماس والجهاد الإسلامي ومواقفهم أقرب إلى كتائب الأقصى في حركة فتح، وهذه مشكلة مهمة، وربما يحدث ائتلاف حول استراتيجية النضال العسكري والسياسي، واتخاذ قرار عدم خوض الانتخابات، لأنها تعني وجود خط سياسي لا يمانع بالمفاوضات مع إسرائيل. وعلى أبي مازن أن يفهم هذه الفجوة؟ وهل الذي سيرشح نفسه للانتخابات سيحصل على أغلبية مريحة، ففي حال حصل من الجولات الأولى على الأغلبية، فسيوفر له ذلك شرعية مريحة، إما إذا حقق حوالي 50% فسيواجه صعوبات حقيقية. ولا أعتقد أن ذلك سيعزز فشل نقل المشروعية، طالما أن الشعب الفلسطيني يرى ذلك، والشعب والدولة الفلسطينية ليست غزة فقط، بل غزة وكامل أراضي 1967، وهذا في إطار الحسابات المصرية، والموقف المصري مع ما يلتقي عليه الفلسطينيون. انتهى الحوار مع أ.د مصطفى علوي. مدير الحلقة: نعود لاستكمال الحوار مع د. سمر شنار. د. سمر شنار حتى يمكن للعملية الديمقراطية والإصلاح الديمقراطي النجاح لإفراز قيادة، لا بد من أن تأخذ القوى السياسية دورها، ونحن لا نعلم ما هذه الانتخابات، ونسبة التسجيل فيها أعلى من السابق، لكن عملية التوعية ليست بالمستوى المطلوب، لتركيزها على نخب معينة محصورة بالتنظيم أو أصدقاء التنظيم، والأحياء الشعبية ما زالت مهمشة، حيث يجب أن تصل التوعية إلى كافة شرائح المجتمع، والكوتا النسائية ما زالت مثار جدل في السلطة، والمرأة الفلسطينية قدمت تضحيات، ولكن عند طرح الكوتا النسائية المؤقتة -التمييز إيجابي مرحلياً- نرى أن بعض القوى التشريعية تقف ضد هذه المسألة، وهناك جملة اتصالات ذات تأثير ونفوذ وتمثيل في المجلس التشريعي، فأهمية الانتخابات والكوتا النسائية، إذا لم تحسم، فإن العملية لن تتم بشكل مطلق، وستفتقر للممارسة الديمقراطية. أما مسألة القيادة الجماعية فهي ليست مسألة جديدة، بل وُجدت قيادات جماعية من خلال الجبهة الوطنية، وهي تجارب ناجحة، واستطاعت تحمل المسؤولية، وفي كل مدينة فلسطينية هناك لجان التنسيق الفصائلي، تمثل شبه قيادة جماعية، فوجود قيادة جماعية خيار مهم بعد بلورة العملية الانتخابية على المستوى الرئاسي والتشريعي والبلدي. ما سوف تفرزه الانتخابات من صراعات أو ائتلافات أو تحالفات سيؤثر على الساحة السياسية، فهناك تحالف إسلامي ويساري ومستقلين، واستطلاعات الرأي تؤكد أن نسبة "من الشعب الفلسطيني غير مؤطرة، وإدارة الظهر للمستقلين في المؤسسات الرسمية والأهلية عملية غير إيجابية، فهم يشكلون شريحة" واسعة من المجتمع الفلسطيني. وعلى المستوى العربي، هناك تقصير واضح، حيث ينحصر الدور بمجرد زيارات موسمية أو رسمية، وهناك بعض الزملاء العرب لا يعرفون تفاصيل عن القضية الفلسطينية أو الجدار العازل، فهناك ضرورة للتفاعل العربي ليصبح الرأي العام العربي ضاغطاً على الحكومات، لصالح دعم الشعب الفلسطيني وقضيته ومواقفه، ولا بد من عمل شيء إيجابي بالضغط والتفاعل مع الهيئات الشعبية والمنظمات والأحزاب المناصرة للقضية الفلسطينية. على المستوى الدولي، فإن قرار محكمة لاهاي بإدانة بناء الجدار، لم تجر أي متابعة له، واستمر بناء الجدار أسرع من قبل بهدوء، صحيح أننا كسبنا إعلامياً، ولكن ما زال هذا غير كاف، فكل وسائل الإعلام العربية يجب أن يكون تأثيرها عالمياً في الولايات المتحدة، وأن يقوم المراسلون بتوظيف العلاقات الاعلامية في الساحة الدولية والاوروبية لصالح الضغط على إسرائيل لوقف بناء الجدار؟ أ. أحمد يوسف كانت السلطة الفلسطينية تحت أوسلو (1) في ظل عرفات وستكون تحت أوسلو (2) في ظل غيابه، والتداعيات كثيرة، ويجب أن تُقْرَأ بشكل أفضل، وتداعيات القضية لا يمكن تقزيمها في ظل مجموعة التداعيات والمشاريع العديدة ما بعد رحيل عرفات، والإسرائيليون جاهزون بمشروع اجتياح كامل الضفة، والانسحاب من غزة، ناهيك عن قضية جدار الضم والإلحاق الغربي والشرقي، والتي ستؤدي بالضفة إلى أوضاع في منتهى الخطورة. تبنت الولايات المتحدة مشروع شارون، وإن تباعدوا في القرارات الدولية، والاتحاد الأوروبي يدعم خارطة الطريق، والتداعيات الدولية جاهزة لمرحلة ما بعد عرفات. الدول العربية تتداخل مع الداخل الفلسطيني، وكل منها له مشروعه الخاص، رغم القاسم المشترك تجاه قضية العودة، وخاصة بعد مؤتمر بيروت عام 2003، الذي أكد على عدم التوطين في لبنان، والوضع الفلسطيني في مرحلة ما بعد عرفات مفتوح، إما للتقدم للأمام أو للمراوحة مكانه أو للتراجع، وبالتالي الصراع الآن على بناء النظام السياسي الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية. البرنامج المرحلي في مجموعة الثوابت التي أؤمن بها هي: - حق تقرير المصير للنازحين عام 67، وللشتات. - إقامة الدولة على الأراضي المحتلة عام 1967. - عودة اللاجئين. في أوسلو قُدمت تنازلات حول القدس على أساس أنها أرض محتلة، واعتبرت إسرائيلية سكاناً وسيادة، فيما اعتبرت الضفة وغزة أرض متنازع عليها، ولم يشر إلى قرار 194، وتم التنازل عنها في مرحلة ما قبل رحيل عرفات. أبو مازن لديه استعداد للتنازل أكثر، فالتأييد العربي والمصري والسوري والأردني والأمريكي والإسرائيلي يعني أن المرحلة القادمة هي لإعادة انتاج أوسلو (2) وطبيعة التنازلات ستكون أخطر. إذا كان المطلوب ترتيب الحالة الفلسطينية لمواجهة التداعيات الدولية، فالمطلوب الإجماع على وقف التفرد، حيث لا يجوز أن يأخذ القرارَ المجلسُ المركزي واللجنةُ المركزية لفتح لانتخاب رئيس الدولة الفلسطينية. الأمريكيون طلبوا من سليم الزعنون، ومن فتح انتخاب أبو مازن، وحركة فتح نقلت هذا الموضوع إلى كوادرها، وقد اعترضت التنظيمات الفلسطينية، الحالة الفلسطينية إذا ما تم تشكلها في المرحلة الحالية على قاعدة المرجعية الوطنية، وليس ترحيل منظمة التحرير إلى الداخل، الذي شطب70- 80% منها وعطل دورها، فالمطلوب إعادة بناء منظمة التحرير على أساس ديمقراطي وتشكيل المجلس التشريعي بانتخابات ديمقراطية، ليُمَثلَّ الداخل في المجلس الوطني، هذا المجلس ينتخب مجلساً مركزياً ولجنةً تنفيذية، والاتفاق على قيادة وطنية موحدة، وأن تكون من أمناء الفصائل والمستقلين (وليس بديلا عن المنظمة) لمواجهة التحديات. أبو مازن وعد بتلك الانتخابات، إلا أن المؤشرات الفتحاوية بتقسيم المدن، على أساس أغلبية وجود لتنظيم فتح، وهناك رفض من قبل المجلس التشريعي لبعض آليات الانتخاب للمجالس البلدية، والمطلوب إيجاد قوانين وإجراءات انتخاب ديمقراطي وإذا لم تجر كذلك فنحن أمام مرحلة خطيرة. وأعتقد أن الحركة الإسلامية ستشارك في الانتخابات التشريعية والبلدية، وليس في الرئاسية وهي تقدم تنازلات في هذه العملية. أ. جواد الحمد السؤال إذا سمحت بالإجابة، حول كيفية توحيد الحالة الفلسطينية، والمحاولات القديمة التي لم تنجح بسبب تفرد فتح، الآن في ظل الجو الجديد هل من الممكن عودتها؟ د. أحمد نوفل أعتقد أن نقل السلطة بطريقة حضارية، ساهم بشكل كبير في استقرار الأمور، على الرغم من حادثة غزة ضد أبي مازن، وأيضاً مع إشكالات العلاقات الداخلية. سوف توزع مسؤوليات عرفات من جديد على مسؤولين فلسطينيين آخرين الأمر الذي سيؤدي إلى تفعيل المؤسسات الفلسطينية إذا كانت النوايا إيجابية. من الممكن أن يتغير الموقف الفلسطيني من القضايا والثوابت الفلسطينية، وهناك محاولة لتمرير أوسلو جديدة، لكنها باعتقادي ستكون مسألة صعبةً، لعدم وجود شخص محل عرفات، فعرفات استطاع تغطية ذلك، وعبر الكارزما الخاصة لديه التي يفتقدها أي شخص آخر مقترح حتى مع ضغوطات دولية كبيرة، فمن الصعب تقديم تنازلات كثيرة. إسرائيل كانت ترى أن عرفات هو العقبة. والسؤال هل هي جادة؟ أرى أن هناك ضغوطات دولية تمارس على إسرائيل، وشارون ما زال يقاوم هذه الضغوطات، ومن المحتمل أن يختلق أعذاراً جديدة، كحجة لإبعاد الضغوطات عن إسرائيل، وتطبيق الانسحاب من غزة، وإبقاء المستوطنات فيها. خاصة وأن بوش أكد أن احتمال قيام الدولة ليس قبل 2009، وهو ما يفتح المجال لاستمرار الاستيطان، وبقاء مشكلة اللاجئين معلقة، والمطلوب في الانتخابات، هو الحصول على أصوات عبر الانتخابات دون وجود كوتا، وبصراحة هناك تنازلات عن الثوابت، ليس منذ اتفاقية اوسلو، بل منذ عام 1974، أي منذ إقرار برنامج النقاط العشر. أما مواقف حماس والجهاد الإسلامي والتنظيميات اليسارية فعليها مسؤولية كبيرة، إذ لم يكن التركيز على الوحدة الوطنية موقفاً عابراً، عرفات كان صمام الأمان لعدم الاقتتال، معظم المسؤولين الفلسطينيين حرَّموا الاقتتال الداخلي، فهناك دور مهم لمنظمة التحرير. حول الانتخابات الفلسطينية، حركة فتح لم تعد تمثل تياراً قوياً في الساحة الفلسطينية، وتراجع التأييد الشعبي لها بسبب الفساد فيها، والمرحلة القادمة تركز على الضغوطات الدولية، والآن سيتجه التركيز على قضايا غير الفساد. الطرف الأمريكي والإسرائيلي كان يطالب بمحاسبة الفاسدين، والقيادة الجديدة مطلوب منها التركيز على ذلك، والمطلوب إيجاد خطة لمحاسبة الفاسدين، وعدم تجاوز ذلك، ولكن غياب عرفات محطة رئيسية وخطيرة تحتاج إلى مزيد من الوعي، وقيام قيادة فلسطينية مسؤولة، إزاء الاستراتيجية الفلسطينة الموحدة، وإزاء الخيارات المحتملة. أ. جواد الحمد يا حبذا لو يتم تناول موضوع الثوابت الفلسطينية، في ظل رئاسة أبو مازن للمنظمة والسلطة، وهو مهندس أوسلو، خاصة في ظل شبه إجماع فتح عليه، وحصوله على الدعم المؤسسي من منظمة التحرير الفلسطينية، ويمكن أن يفوز بالانتخابات، ألا يمكن أن يشجعه ذلك على أوسلو جديدة؟ ولذلك ما هي العوامل الكابحة للتنازلات التي يمكن أن يقدمها أبو مازن مستقبلاً؟ أ. تيسير قبعة موضوع الوحدة الوطنية الفلسطينية، والحوار الوطني الفلسطيني مستمر منذ 1970، ولكن هناك اختلاف في تصورنا لموضوع الوحدة الوطنية، فمن غير الممكن أن يكون الشعب الفلسطيني قالباً واحداً، ولكن المطلوب التعدد والتنوع الفكري، والوحدة هي برنامج سياسي وقيادة سياسية واحدة. في السنوات الأخيرة، كثر الحديث حول تأييد أوسلو أو ضد أوسلو، نحن مختلفون في البرامج الداخلية، الإدارة، والفساد، والمرأة، ومختلفون أن التيار الإسلامي يجب أن يدخل معنا، وهناك من يضغط باتجاه مضاد لذلك، ويقولون للتيار الإسلامي إن الانتخابات سقفها أوسلو كي لا يشارك. الموضوع ماذا نفعل الآن، أكاديمياً هناك نظام، وانتخابات،ورئيس وزراء. نحن الآن أمام فرصة نرتقي بها بهذا النظام السياسي، ونقول لأوروبا وللولايات المتحدة إننا أكثر ديمقراطية، نحن بحاجة للانتخابات، والرئيس هو أبو مازن، الواقعي الناجح هو أبو مازن، وأبو مازن أيام عرفات غير أبو مازن بعد عرفات. وثمة استحقاقات لا بد منها: - تعديل قانون الانتخاب. ونحن متفقون مع فتح. - موضوع شعبنا في الداخل، ما هو وضع الشعب الفلسطيني في الداخل. - الثوابت وهي: حق تقرير المصير،وإقامة الدولة، وعودة اللاجئين. وهي ثوابت يُجِمْعُ عليها الفلسطينيون، وكل من يخرج عنها هو خارج عن الإجماع الفلسطيني، لقد تم التنازل عن 78% من أراضي فلسطين، وهناك مطالب بـ 12% من الأرض الفلسطينية، وهذا لا يتحمله العقل، والمسؤولية هي فلسطينية وعربية. - هذه المرحلة ليست مرحلة تنظيمات أخرى، فهي مرحلة رئيس فتح فقط، وعلينا أن نتفق مع رئيس فتح على الموضوعات الداخلية، وهذا ممكن ، لكننا لن نلجأ الى التخريب، حيث أن عملية استشهادية واحدة، ستغير موقف شارون. ولكننا سنشارك في الانتخابات الرئاسية، وسنشارك في الإصلاح ومحاسبة الفساد. أ. عاطف الجولاني إن غياب عرفات شكل انعطافاً وتحّولاً ليس على المستوى الفلسطيني بل على الوضع الإقليمي في المنطقة، والقيادة الجديدة ستكون أمام عدة تحدّيات وهي تكريس الديمقراطية مقابل الفردية، ومنع الاقتتال الداخلي، والتعامل مع ملف الفساد، وترسيخ الوحدة الوطنية. في موضوع الديمقراطية، المؤشرات ليست إيجابية، وما جرى حتى الآن هو انتخابات داخل حركة فتح، وليس انتخاب رئيس للشعب الفلسطيني، فهي أقرب لانتخابات مؤسسة داخلية، ما زال هناك إصرار من حزب السلطة، في الهيمنة على مفاصل القرار الفلسطيني، وتهميش دور الفصائل الأخرى. فالانتخابات البلدية قُسَّمَتْ على أربع مراحل، وستؤخر في المناطق التي ليس لفتح فيها تمثيل شعبي، وإسرائيل والولايات المتحدة ليسوا حريصين على إنقاذ السلطة من ورطتها، وهناك ضغط فقط لانتخاب رئيس السلطة، وهذا لأن الرئيس بحاجة للشرعية لممارسة السلطة، والاستطلاعات تقول بأن أبا مازن حصل 1.6% من أصوات المصوتين أيام عرفات، و27.6% بعد وفاة عرفات، فهذا يعني أن ثمة مشكلة شرعية وديمقراطية، وهي: ماذا لو ترشح شخص من حماس؟ وماذا لو قُدَّر له أن يفوز؟ ماذا ستصنع أمريكا؟ الفساد والمتهمون به لايمكن إقصاؤهم من مراكز التأثير في القرار الفلسطيني، وسيتم احتواؤهم داخل المؤسسة في الوضع الجديد. في مجال الوحدة الوطنية، فإن احتمال الصدام سيكون مؤجلاً لستة أشهر أو لمدة سنة، فالحرص على عدم حدوث اقتتال محدد، بحجم الضغوط الخارجية والضغوط الأمريكية للقيام بأعمال الضبط الأمني، وقوة الأجهزة الأمنية الفلسطينية في فرض الأمن، يقابلها الضغط الشعبي الداخلي في مواجهة الضغط الخارجي. في مجال الانتخابات، ثمة تغيير لدى حركة حماس، فهناك مرونة للتعامل مع الانتخابات أكثر مما كان عليه الحال عام 1996، وهناك مطالبة برزمة انتخابات، وكأنها ستشارك في المجلس التشريعي. أعتقد أن هناك ضرورة لمراجعة الموقف من الانتخابات، والمشاركة فيها، خاصة بعد أحداث 11 أيلول 2001، ففي ضوء التجربة تراجعت الحركة الإسلامية عن برنامج المقاطعة، والحركات الإسلامية تنحو باتجاه عدم الانعزال عن المشاركة في الانتخابات الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم، فمن حق الحركات الإسلامية أن يكون لها تمثيل حقيقي في مراكز صنع القرار، ولوقف التخويف من مشاركتها، فهذه الحركات لديها برنامج ورؤية، وتحظى بتأييد شعبي واسع، فلماذا تُحرم من أن تكون في موقع التأثير؟ القيادة الموحدة كانت فكرة غير عملية، وطُرِحَت كمرحلة مؤقتة حتى إجراء الانتخابات، كون الانتخابات هي المعّبر عن إرادة الشعب الفلسطيني، بعد الانتخابات سيطرح إطار تنسيقي، سيكون هناك سلطة لها حق القرار، أي قيادة رسمية منتخبة تملك القرار السياسي من جهة، وقيادة شعبية في الشارع الفلسطيني لا تملك القرار السياسي من جهة أخرى. يجب التوقف عن إلقاء الاتهامات، الإسلاميون متهمون بذلك، ولكن الصورة تغيرت الآن، فإذا قررت حركة حماس المشاركة كما يقول ياسر عبد ربه: سنمنع مشاركتها ونحذر الشعب منها. النزاعات داخل فتح ذات نزعة عصبوية وتفردية، وأنا أثق بالشعب الفلسطيني، ولا أسلم بأن هذا الزمن هو الزمن الأمريكي ويجب الخضوع له، ما الذي تغير الآن حتى نخضع؟ د. سمر شنار لو انتهت الانتخابات يجب أن نوائم بين أولويات التحرر والأولويات الاجتماعية السياسية، وتشكيل القيادة الموحدة بعد الانتخابات يمنع التنازلات، فهي الضابط لعدم وجود تجاوزات أو تنازلات في الثوابت. د. صبري سميرة نؤكد باستمرار أن نكون وحدويين وعروبيين، ولكن التحليل يركز على موضوع السلطة والانتخابات والداخل. التركيز على السلطة، والذين هم في الخارج، مجرد داعم ومساند، وهم ليسوا على هذا الرأي والاهتمام والمتابعة. أ. شاكر الجوهري ألفِت النظر إلى أن أخطر ما يجري هو أن الانتخابات القادمة تمديد لمرحلة اوسلو وتمديد لذات النهج. وحول كارزما عرفات أقول إنها تتحدد في توظيفه للمال والعسكر في إدارة الواقع والقيادات والنخب، وهي تنتقل للرئيس الجديد محمود عباس. أخالف بأن محمود عباس سيواجه ضغوطاً من الشارع، و من حركة فتح، فالضغوط الدولية والضغوط الخارجية ستكون أقوى، إن نقاط الخلاف بين عباس وأبو عمار في رفع سقف اتفاق أوسلو، حيث كان أبو مازن مع الالتزام بسقف الاتفاق، فيما كان يرى عرفات تجاوز هذا السقف إن أمكن، عرفات كان يمثل قيادتين في الساحة الفلسطينية، وانفرد بالقرار بسبب تقاعس التنظيمات وقيادات فتح، وها هي تتقاعس الآن مع أبي مازن، حيث أن أبا اللطف لم يكتف بالتنازل، بل يرشح أبا مازن لأنه يدرك بأنها مرحلة أبي مازن. مسألة ضرورة الالتزام بموعد تنفيذ الانتخابات الرئاسية خلال 60 يوماً، في حين أن الانتخابات التشريعية لم تجر خلال الفترة المحددة لإجرائها وهي 90 يوماً، والولايات المتحدة تريد بقاء المجلس الحالي ليصادق على التنازلات، فهو مجلس مُهَيْمَنْ عليه، وقد أصدر قراراً بخصوص الفساد ولم يستطع تطبيقه. أ. أحمد يوسف أرى بأن البرنامج السياسي الموحد ما زال مغيباً، وهناك ازدواجية في الأطر السياسية مخالفة للنظام السياسي الفلسطيني. هناك بعض التوافق بين الفصائل، على رؤى برنامج آب 2002، وخاصة من القوى الخمس المقاتلة. أجمعت المجالس الفلسطينية على البرنامج المرحلي في 1974، بالثوابت التي مُسِحَتْ بالكامل فيما بعد، وهي حق تقرير المصير الفلسطيني، وإقامة الدولة، وحق العودة، وقد حصلت على إجماع وطني فلسطيني، ولذلك تم التنازل عن ذلك البرنامج في أوسلو إلى أدنى منه. النظام العربي الرسمي في حضن المشروع الأمريكي، وعلى حساب القضية الفلسطينية. هذا ناهيك عن دعم السلطة بقيادة أبو عمار لنهج مشروع جنيف الأخير، بحضور مسؤولين في السلطة.
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
---|