|
دراسة إحصائية وسياسية في نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية
25 كانون الثاني/
يناير 2006
·
مقـدمــة · مقـدمــة تُعد الانتخابات الفلسطينية التشريعية التي جرت يوم الأربعاء 25 كانون ثاني/ يناير 2006، الثانية منذ العام 1996، حيث كان من المفترض إجراء هذه الانتخابات في مطلع عام 2000، ولكنها تعطلت بسبب اندلاع الانتفاضة الثانية (الأقصى) وظروف الاحتلال، إضافةً إلى تخوف حركة فتح بزعامة عرفات من نفوذ حماس المتنامي على مستقبل قوتها في المجلس التشريعي. وفي إعلان القاهرة بتاريخ 17 آذار/ مارس 2005 تم الاتفاق بين كافة الفصائل الفلسطينية، وبحضور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على إجراء الانتخابات التشريعية في تموز/ يوليو من العام نفسه. إلا أن الانتخابات قد تأجلت حتى كانون ثاني/ يناير 2006، ويعزو العديد من المحللين أسباب التأجيل إلى رغبة حركة فتح انتظار نتائج الانتخابات البلدية، أملاً في تحقيق نتائج جيدة تشكّل حافزاً للحركة، ومن ثم تجاوز فترة التهدئة المتفق عليها، والضغط على الفصائل الفلسطينية لتمديدها بهدف إجراء الانتخابات. وقد جرت هذه الانتخابات في ظل رفض إسرائيل، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي مشاركة حركة حماس فيها، وتهديداتها بقطع المعونات المالية عن الشعب الفلسطيني في حال فوز حماس واشتراكها أو تشكيلها للحكومة الفلسطينية القادمة. ورغم انتهاء مدة التهدئة مع نهاية كانون أول/ ديسمبر 2005 التي تم الاتفاق عليها بين كافة الفصائل الفلسطينية في سياق إعلان القاهرة، فإن حركة حماس قد التزمت بها عملياً بهدف المساعدة في تهيئة الأجواء المناسبة لإجراء الانتخابات. يعتبر النظام الانتخابي الفلسطيني الذي أقره المجلس التشريعي مؤخراً، من النظم الانتخابية المستخدمة في العديد من الديمقراطيات في العالم، فبعد أن كان النظام الانتخابي الفلسطيني يعتمد على نظام الاغلبية (الدوائر)، أصبح الآن يجمع مناصفةً بين نظام الأغلبية النسبية (الدوائر)، ونظام التمثيل النسبي (القوائم) فيما يسمى (النظام المختلط)، والذي يعد استجابةً لاتفاق القاهرة الفلسطيني. وقد تم زيادة عدد أعضاء المجلس التشريعي من (88) عضواً إلى (132) عضواً. وقد بلغ عدد المسجلين للانتخابات 1.340.673 ناخب، منهم 811.198 ناخباً في الضفة، و529.475 ناخباً في قطاع غزة. وتنافس في العملية الانتخابية 414 مرشحاً عن 16 دائرة انتخابية، و11 قائمة تضم 314 مرشحاً على مستوى الوطن، موزعة كما يلي: قائمة التغيير والإصلاح-حماس، وقائمة فتح، وقائمة أبو علي مصطفى- الجبهة الشعبية، وقائمة البديل- تجمع من الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب، وقائمة فلسطين المستقلة بزعامة مصطفى البرغوثي، وقائمة الطريق الثالث بزعامة سلام فياض وحنان عشراوي. وقد جرت الانتخابات بإشراف نحو تسعمائة مراقب أجنبي يرأسهم الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، وتم نشر حوالي 13 ألف شرطي في الضفة الغربية وقطاع غزة، حمايةً لأكثر من ألف مركز انتخابي. وذكر رئيس اللجنة الانتخابية (حنا ناصر) أن التصويت بصفة عامة جرى بهدوء دون شكاوى تذكر، كما صرّح النائب والمراقب الأوروبي (فرانسيس ورتس) إن العملية جرت بصورة جدية دون أيّ مشاكل. من جهته قال المتحدث باسم وزارة الداخلية الفلسطينية (توفيق أبو خوصة) إنه لم تسجل خروقات تُذكر. في حين أجمع كافة المراقبون والمحللون السياسيون، على أن إجراء الانتخابات في ظل جو من الهدوء الذي ساد يسجل إنجازاً للشعب الفلسطيني بكافة توجهاته من سلطة وفصائل، لا سيما في ظل العملية الانتخابية، رهان العديد من الأطراف، وتشكيكهم في مقدرة الشعب الفلسطيني إنجاح هذه التجربة الديمقراطية، وقدرته على إدارة شؤونه. ومما يجدر ذكره، أن المرحلة الأولى من الانتخابات التشريعية الفلسطينية، قد انطلقت يوم السبت الموافق 21 كانون ثاني/ يناير 2006، وذلك بتوجه أفراد الأجهزة الأمنية في جميع الدوائر إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم على امتداد ثلاثة أيام، وفي بيان للجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، صرّحت فيه أن عدد المسجلين من رجال الأمن لدى لجنة الانتخابات بلغ 58708، بينهم 36091 ناخباً في قطاع غزة. اقترعوا في 17 مركزاً، ستة منها في قطاع غزة و11 في الضفة الغربية. وقد أشارت اللجنة إلى أن الهدف هو تفرغ رجال الشرطة لتأمين سير الانتخابات يوم الاقتراع الشعبي العام أعلنت لجنة الانتخابات المركزية بعد انتهاء عملية الاقتراع للانتخابات التشريعية أن نسبة التصويت بلغت 77.69% في جميع الدوائر الانتخابية، وذلك بعد إقفال باب الاقتراع في جميع الدوائر الانتخابية باستثناء مراكز البريد في القدس. وبلغت أعلى نسبة إقبال للمقترعين 89% في دائرة رفح الانتخابية، ووصل مجموع الناخبين في دوائر الضفة الغربية 585.003 ناخباً، بنسبة 74.18%، في حين بلغ مجموع الناخبين في دوائر غزة الانتخابية 396.079 ناخباً، بنسبة 81.65%، من المجموع الكلي للناخبين، ليصل بذلك المجموع الكلي للمقترعين 981.082 ناخباً في جميع الدوائر الانتخابية. في حين بلغ مجموع المقترعين في ضواحي القدس 22.661 ناخباً من أصل 47.742 ناخباً بنسبة 47.5%، وبلغ عدد الناخبين المقدسيين الذين اقترعوا في مراكز الاقتراع التي افتتحتها اللجنة لهم في ضواحي القدس 15.306 ناخباً.
مقدمة من جهة أخرى، فقد قامت حركة حماس بدعم أربعة مرشحين مستقلين حققوا النجاح في هذه الانتخابات، لتصبح المقاعد الموالية لحركة حماس 80 مقعداً أي ما نسبته 60.6% من مجموع مقاعد المجلس التشريعي. أما حركة فتح فقد منيت في هذه الانتخابات بخسارة، حيث لم تتمكن من حصد سوى (43) مقعدا ويشكلون ما نسبته 32.6% من هذا المجلس، حيث حصلت على مستوى الدوائر الانتخابية على (16) مقعداً، ويشكلون ما نسبته 24.2% من مقاعد الدوائر الانتخابية، في حين تمكنت الحركة من الفوز بـ (27) مقعدا على مستوى القوائم الانتخابية، ويشكلون ما نسبته 40.9% من المقاعد المخصصة للقوائم الانتخابية. أولا: تشكيلة المجلس التشريعي الفلسطيني لعام 2006 تمكنت قائمة التغيير والإصلاح من حصد (76) مقعدا مشكلين بذلك ما نسبته 57.6% من المجلس، في حين فازت حركة فتح بـ (43) مقعدا ويشكلون ما نسبته 32.6%، وفاز المستقلون المدعومون من حركة بـ (4) مقاعد ويشكلون ما نسبته 3%، أما قائمة الشهيد أبو علي مصطفى ففازت بـ (3) مقاعد ويشكلون ما نسبته 2.3%، في حين فازت قائمة كل من: البديل، وفلسطين المستقلة، والطريق الثالث بـ (2) مقعدا لكل منها، ويشكل كل منها 1.5% من عدد مقاعد المجلس. (انظر الجدول رقم (1)، والشكل رقم (1) والشكل رقم (2) الجدول رقم (1)
الشكل رقم (1)
الشكل رقم (2)
أصوات الناخبين: نظراً لعدم توفر معلومات الأصوات الكاملة للمرشحين، فقد اعتمدت هذه الدراسة على أصوات الفائزين فقط، حيث بلغ عدد أصوات الأعضاء الفائزين بمقاعد الدوائر في المجلس التشريعي الفلسطيني (2,218,903) صوتا، في حين بلغ عدد أصوات الأعضاء الفائزين بمقاعد القوائم (958,892) صوتا، وعليه فقد حصل أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني على ما مجموعه (3,177,795) صوتاً، ويبين الجدول رقم (2) توزيع عدد الأصوات الإجمالية حسب القوائم. يبين الجدول رقم (1-1) عدد الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة ونسبتها من مجموع ما حصلت عليه القوائم جميعاً على القائمة النسبية، ويبين الشكل رقم (1-1) توزعها على القوائم. جدول (1-1)
الشكل رقم (1-1)
الجدول رقم (2) الأصوات التي حصلها مرشحو القائمة جميعاً وفق حسابات متوسطات التصويت للفائزين
* يصبح لحركة حماس تصويت يقدر بـ 73% من أصوات الفائزين الشكل رقم (3)
وبذلك فقد أظهرت نتائج الانتخابات، أن قائمة التغيير والإصلاح حصلت على نسبة 67.6% من أصوات الفائزين المجلس التشريعي الحالي بالرغم من أنها حصلت على نسبة 57.6% من المقاعد. وفي المقابل فقد شكّلت نسبة عدد مقاعد حركة فتح في المجلس التشريعي 32.6%، في حين حصلت على 22.8% من الأصوات التي حصل عليها أعضاء المجلس الفائزين. الشكل رقم (4)
وبذلك فقد أشارت هذه التحليلات، إلى أن حركة فتح لم تتمكن من تحصيل إلا 22.8% من الأصوات التي حصل عليها الفائزون، فيما تمكنت من تحصيل 32.5% من عدد المقاعد، أما حركة حماس فقد حصلت على 67.6% من أصوات الفائزين على قائمتها، إضافةً إلى 5.8% من الأصوات للمستقلين المدعومين منها، ليصبح التصويت لحماس 73% من أصوات الفائزين. ثانيا: الدوائر الانتخابية (66) عضواً توزع أعضاء المجلس التشريعي الفائزين في الدوائر المختلفة كما هو في الجدول رقم (3). الجدول رقم (3)
الشكل رقم (5)
الشكل رقم (6)
الشكل رقم (7)
الشكل رقم (8)
وبذلك تكون حماس وفتح قد اقتسمتا الدوائر وحدهما، حيث أن المستقلين الفائزين مدعومون من حركة حماس، ولذلك فقد توزعت أصوات الدوائر بينهما، حيث حصلت حماس على 85.6% من أصوات الفائزين بالدوائر، فيما حصلت فتح على 14.4% من هذه الأصوات فقط، رغم أن حماس حققت 75.8% من مقاعد الدوائر فيما حققت فتح 24.2% منها. ثالثا: القوائم الانتخابية (66) عضوا الشكل رقم (9)
رابعا: مقارنة نتائج الدوائر بالقوائم يظهر الشكل رقم (10) أن قائمة التغيير والإصلاح المحسوبة على حماس تمكنت من تحقيق فارق ملموس في النتائج على مستوى الدوائر الانتخابية وبما يفوق كثيرا ما حصلت عليه منافستها حركة فتح، إذ تمكنت من الفوز بـ (46) مقعدا على مستوى الدوائر في حين لم تتمكن فتح من الفوز سوى بـ (16) مقعدا على مستوى الدوائر، وتجدر الإشارة هنا إلى ارتفاع نسبة فوز فتح على مستوى القوائم الانتخابية، إذ ارتفع عدد مقاعدها إلى (27) مقعدا، في حين حققت قائمة التغيير والإصلاح تراجعا في فوزها على مستوى القوائم مقارنة بفوزها الساحق على مستوى الدوائر. أما على صعيد القوائم، فقد تمكنت حركة حماس من الحصول على 30 مقعداً، فيما حصلت فتح على 27 مقعداً فقط، ويشار هنا إلى أن انخفاض الفرق بين حماس وفتح في القوائم عنه في الدوائر، يعود بحسب المراقبين، إلى معرفة الشارع الوثيقة بأشخاص ومرشحي فتح وتاريخهم، وكذلك بمرشحي حماس، مما جعل خياره أكثر حسماً لصالح حماس، حيث أنه لم ينتخب قائمة فتح لأشخاصها فحسب، بل لانتمائها لحركة فتح التاريخية وزعيمة السلطة وقائدة برنامج التسوية، حيث اختار عليها حركة حماس، ولكن بفارق يقل عن حسمه لخياره في الدوائر. ويتمثل ذلك إحصائياً بفارق يصل على 51.6% في الدوائر، فيما هو 3.3% فقط في القوائم، ويعكس هذا ظاهرة وعي متميز في الناخب الفلسطيني بحاجة إلى توقف. الشكل رقم (10)
خامسا: مقارنة مرشحي كل من قائمة التغيير والإصلاح وحركة فتح 1- على صعيد الدوائر تشير بيانات الجدول رقم (4) إلى أن حركة فتح اتبعت سياسة ترشيح عددٍ مساوٍ لعدد المقاعد المخصص لكل دائرة، في حين أن قائمة التغيير والإصلاح المحسوبة على حماس، قامت بترشيح عدد أقل من عدد المقاعد المخصصة لبعض الدوائر. حيث رشحت حركة فتح 100% من المقاعد المخصصة، وفازت بنسبة 24.2% منها، فيما رشحت حركة حماس 85% من المقاعد، وفازت بنسبة 82% منها. الجدول رقم (4)
2- أما على صعيد القائمة تشير بيانات الجدول رقم (5)، إلى أن حركة فتح اتبعت سياسة ترشيح عدد أقل من عدد المقاعد المخصص للقوائم النسبية، وكذلك قائمة التغيير والإصلاح المحسوبة على حماس، التي قامت بترشيح عدد أقل من عدد المقاعد المخصصة للقوائم، ولكن بعدد أكبر من مرشحي فتح. حيث رشحت حركة فتح 68% مرشحاً من أصل 66 مقعداً مخصصاً، وفازت بنسبة 60%، في حين رشحت حركة حماس 89% مرشحاً من أصل 66 مقعداً مخصصاً للقوائم، وفازت بنسبة 51%. جدول رقم (5)
· استطلاعات الرأي العام ونتائج الانتخابات أظهر استطلاع الرأي العام، الذي قام به مركز "جهات" خلال الفترة الواقعة بين (18-22) يناير، بأن حركة فتح ستحصل على 38.3%، في حين ستحصل حماس على 33.6% . وأظهر استطلاع أجرته جامعة بير زيت عند إغلاق صناديق الاقتراع، أن حركة فتح ستحصل على 46.3% مقابل 39.5% لحماس. في حين أظهر استطلاع آخر أجرته الجامعة نفسها بعد ساعات فقط من الاستطلاع الأول، حصول فتح على 47% مقابل 44% لحماس. وبين استطلاع لبرنامج دراسات التنمية بجامعة بير زيت، أجري قبل أسبوعين من الانتخابات أن فتح ستحصل على 35% من الأصوات، مقابل 30% لحماس، وغير المقررين 21%. وقد أجرى المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، استطلاعا في الفترة ما بين (29-31) كانون أول/2005، ظهر فيه أن 43% سيصوتون لقائمة فتح مقابل 25% لقائمة التغيير والإصلاح، في حين 19% لم يقرروا. كما وأجرى المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية استطلاعا في الفترة ما بين (17-19) كانون الثاني/2006 ، وقد أظهر الاستطلاع أن 42% سيصوتون لقائمة فتح مقابل 35% لقائمة التغيير والإصلاح. وفي استطلاع أعده الدكتور نبيل كوكلي، خلال الفترة (9-15) كانون ثاني/2006 أظهر أن قائمة حركة فتح ستحصل على 35.9%، مقابل 26.7% لحماس. وفي استقراء سريع لنتائج الاستطلاعات، نجد أنها في الغالب تركز على القوائم الانتخابية، ونجد أن استطلاع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الفترة ما بين (29-31) كانون أول/2005، الذي أظهر أن 43% سيصوتون لقائمة فتح . وفي الاستطلاع الآخر الذي أجراه في الفترة ما بين (17-19) كانون الثاني/2006، أظهر فيه أن 42% سيصوتون لقائمة فتح . وقد أظهرت نتائج الانتخابات أن قائمة حركة فتح حصلت على 42.1% من أصوات القوائم، وبذلك نجد أن استطلاعات المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية هي الأدق فيما يخص قائمة حركة فتح فقط، في حين نجد أن جميع الاستطلاعات لم تقترب من الحقيقة فيما يخص قائمة التغيير والإصلاح، و هنا تجدر الإشارة إلى أن بعض الاستطلاعات أظهرت حالة من التردد لدى نسبة كبيرة من الناخبين، تصل إلى 21% كما هي في استطلاع برنامج دراسات التنمية، وكذلك 19% لم يقرروا كما هو في استطلاع المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية. ومما سبق، يبدو أنّ الفوز الساحق غير المتوقع في الاستطلاعات لقائمة التغيير والإصلاح عائد إلى تصويت غالبية المترددين، والذين لم يقرروا لصالح قائمة التغيير والإصلاح، وكذلك بسبب تحول نسب الفوز المتوقعة للقوائم الأخرى لصالح التغيير والإصلاح. · قراءة في الأسباب التي أفضت إلى نتائج الانتخابات تُرجع مجمل التحليلات التي تناولت نتائج الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، أسباب تقدم حماس وتراجع فتح إلى ثلاثة مستويات من الأسباب، أولها ما يتعلق بحركة فتح ذاتها، أما ثانيها فيتعلق بحركة حماس، وثالثها يتعلق بالظروف المحيطة فلسطينياً، وعربياً، ودولياً. أما عن الأسباب التي تتصل بحركة فتح، فتعود إلى هلامية الحركة، وعدم تجانسها في ظل غياب شخصية (كاريزمية) على شاكلة (ياسر عرفات) قادرة على جذب الجمهور، يُضاف إلى ذلك الصراعات العلنية بين أجنحة الحركة وغياب الديمقراطية داخلها، وعدم تجديد قيادتها، ووجود فجوة بين قيادتها وقواعدها. ومن الأسباب الأخرى الفساد المستشري في أوساط الحركة والسلطة، والتي تحتكر الأولى معظم مناصبها. وأخيراً يتحدث البعض عن مواقف السلطة الضعيفة إزاء مواضيع مصيرية وحاسمة مثل محاولات الحفر الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى، وبناء الجدار العازل. أما الأسباب التي تتصل بحركة حماس، فتأتي التحليلات على ذكر الفعل الجهادي المميز للحركة، والذي كان على درجة من الكفاءة. كما أن نظافة العمل السياسي، والخدمات الاجتماعية، والتعليمية المميزة التي قدمتها الحركة للمجتمع الفلسطيني، قد أسهمت إلى حد كبير في بناء رصيد شعبي جيد للحركة. ومن الأسباب الأخرى في هذا السياق الانضباط الواضح في أوساط حركة حماس، واستيعاب كوادرها للتحولات الجارية في الحركة، والتفاعل معها بالشكل المناسب. يُضاف إلى ذلك قدرة الحركة على فتح علاقات مع العديد من الأنظمة والمؤسسات العربية، والاتصالات الدولية المستمرة رغم إدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية. أما الظروف المحيطة التي أسهمت في الوصول إلى هذه النتائج، فتعزوها التحليلات أولاً: إلى نزاهة الانتخابات التي أفرزت رأي الشارع بدقة، فيما يتحدث البعض عن الموقف الأمريكي والإسرائيلي من حركة حماس، والإصرار على عدم مشاركتها في الانتخابات والحكومة الفلسطينية القادمة، في ظل التهديد بقطع المساعدات المالية عن الفلسطينيين. ويرى بعض المحللين بأن التحولات الإقليمية الجارية في المنطقة، قد أثرت بطريقة مباشرة على النتائج فيما يخص الإصلاح والانتخابات والديمقراطية. · مواقف وردود فعل الأطراف المختلفة أولاً: على الصعيد الفلسطيني شدد رئيس السلطة الفلسطينية (محمود عباس)، على أن "الأسس التي انتخبت عليها تتضمن خطة للمفاوضات مع إسرائيل وحلاً سلمياً". وخلافاً للخطة السياسية التي عرضتها حماس، أعلن (أبو مازن) في مؤتمر صحفي عقب النتائج، بأن الأساس المركزي الذي تعمل بموجبه السلطة هي مبادىء منظمة التحرير الفلسطينية: "اتفاقات أوسلو، قرارات الجامعة العربية، خريطة الطريق، فكرة الدولتين وحل مشكلة اللاجئين وفقا لقرار 194". (هآرتس، 27/1/2006). من جانبه شدد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (خالد مشعل) على احترام خيارات الشعب الفلسطيني، وشدد على أنه لا يجوز معاقبة هذا الشعب، لأنه انتخب مرشحي الحركة، وأن لا تقطع الدول الأورروبية والولايات المتحدة مساعداتها عن الشعب الفلسطيني بسبب اختياره لحماس لأن ذلك حق له بسبب الاحتلال. وقال مشعل في المؤتمر الصحفي الذي عقد في دمشق يوم 28/1/2006 إن حماس لم تتفاجأ بالفوز الساحق الذي حققته في هذه الانتخابات لأنها خططت له منذ انطلاقها عام 1987. وأضاف مشعل أن البعض يصف ما حدث بأنه زلزال أو تسونامي، وأكد أن ذلك قد يناسب حجم التغيير ولا يحمل دلالة المصطلح، ووصف ما حدث بأنه تحول مبارك عبر عن الإرادة الفلسطينية الحرة. وقال إن فوز حماس جاء تكريما لشهداء الحركة وجميع شهداء الشعب الفلسطيني، وعلى رأسهم الرئيس الراحل ياسر عرفات وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي وغيرهم. وأكد أن أولويات حماس، تتركز في ثلاثة نقاط رئيسية، هي إصلاح الواقع الفلسطيني وتغييره إلى الأفضل، وحماية المقاومة وحشد الجماهير حول ذلك، وترتيب مؤسسة القرار الفلسطيني على أساس الشراكة وهي المجالس البلدية ومجلس التشريعي ومنظمة التحرير الفلسطينية. وأشار إلى أنه سيبدأ مشاورات مع الرئيس الفلسطيني (محمود عباس) وفتح وجميع القوى الفلسطينية، من أجل الوصول إلى صيغة الشراكة الوطنية وتحمل مسؤولية المرحلة. وشدد على أن الحركة ستتواصل مع محيطها العربي والإسلامي والدولي للتفاهم على طبيعة مواجهة تحديات المرحلة، مشيراً إلى أنه أجرى اتصالات مع عدد من القادة العرب وقيادات إسلامية كبيرة، وسيجري اتصالاً مع الأوروبيين للغرض ذاته. وقال إن حماس ستحمل هم الشعب الفلسطيني وطموحاته، ومن ضمنها ملف الأسرى ومن ثم نقلها للعالم بكل ثقة وأمانة. وأكد على أن الشعب اختار مرشحي حماس بناءً على برنامجها من بين البرامج الأخرى، حيث خُيِّر بين برنامجي حماس وفتح، فاختار برنامج حماس (رصد: قناة الجزيرة الفضائية، 28/1/2006). وقال القيادي في حماس (اسماعيل هنية) في مقابلة مع رويترز في قطاع غزة "المساعدات لا يمكن أن تكون سيفاً مسلطاً على الشعب الفلسطيني، ولن تكون ابتزازاً لشعبنا ومقاومته ولحماس، وهذا مرفوض من حيث المبدأ". وأضاف "في الوقت الذي نرفض فيه الابتزاز السياسي، نحن لا نطلب أي قطيعة بيننا وبين العالم، وفي نفس الوقت الخيارات والبدائل المتاحة هي كثيرة أمام شعبنا الفلسطيني". وقال إن حماس ملتزمة بالحفاظ على سلاحها ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي (رويترز، 28/1/2006). وقد حذر وزير الاقتصاد الفلسطيني (مازن سنقرط) بأن السلطة الوطنية الفلسطينية ستواجه مصاعب كبيرة، وأعمال عنف إذا توقفت المعونات الخارجية ولم تُدفع مرتبات العاملين في القطاع العام. (BBC بالعربية، 28/1/2005). لكن حركة فتح التي منيت بخسارة غير مسبوقة منذ انطلاقتها قبل أكثر من أربعين عاماً، أكدت أنها تفضل الانتقال إلى صفوف المعارضة تاركةً أمر تشكيل الحكومة لحركة حماس. وقال (صائب عريقات) كبير المفاوضين الفلسطينيين، والفائز عن دائرة أريحا في هذا السياق "فتح لن تكون جزءاً من حكومة وطنية، فتح ستكون في صفوف المعارضة". وأضاف في تصريحات للصحافيين بعد أن التقى الرئيس عباس "على الذين فازوا (حماس) تحمل كافة مسوؤلياتهم السياسية والأمنية والاقتصادية والوطنية" (وكالة الأنباء الفرنسية، 27/1/2006). وأكد القيادي في فتح والنائب المنتخب عن دائرة خان يونس بغزة (محمد دحلان)، أن حركته لن تتراجع عن رفضها المشاركة في حكومة تشكلها حماس، مشدداً على أن "قرار فتح نهائي". وقال دحلان "نبارك لحماس في أن تتحمل كل الأعباء والمسؤوليات" مشيرا إلى أن فتح ستكافئ الحركة الفائزة "إن أبدعت، وإن أخفقت سيحكم الشعب على أدائها". وأكد القيادي في فتح (سمير مشهراوي) -الذي خسر في المنافسة على أحد مقاعد مدينة غزة- رفض حركته الدخول في حكومة مع حماس ودعا إلى استقالة لجنة فتح المركزية، وتشكيل "قيادة أزمة" (الجزيرة نت، 27/1/2006). من جانبه هنأ (أحمد جبريل) الأمين العام للجبهة الشعبية- القيادة العامة حركة حماس وحذّرها من وجود مشاريع وخطط من قِبَل جهات، بإثارة الفتنة بين أبناء الشعب الفلسطيني بعد النتائج الباهرة في الانتخابات التي أكّدت الإصرار على خيار المقاومة، الأمر الذي يتطلّب الحيطة والحذر. وهنأ الشيخ (خالد البطش)، القياديّ في حركة الجهاد الاسلامي، حماس باسم قيادة الجهاد في الداخل والخارج بالفوز الكبير وأكّد على العلاقات الطيبة بين الحركتين. في حين أكد (اسماعيل هنية): "إنّ حماس ستعقد اجتماعاً مع الأخوة في الجهاد الإسلامي ضمن المشاورات التي تجريها حول المستقبل الفلسطيني" (المركز الفلسطيني للإعلام، 27-28/1/2006). وهنأت لجان المقاومة الشعبية في فلسطين حركة المقاومة الإسلامية حماس بفوزها، الذي وصفته بـ"المستحق والكاسح" بمقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني. وقالت اللجان في بيان صادر عنها: "إنها تبرق "بأحر التهاني والتبريكات" لحركة "حماس"، "انطلاقاً من موقفنا الثابت والداعم على الدوام لشعار الإسلام هو الحل، والمتخندق حول خيار المقاومة والبندقية الشريفة، التي أذلت الصهاينة في القطاع، والتي ستخرجه من باقي أراضينا السليبة بإذن الله، وبجهد أبناء شعبنا المرابط، الذي لم يبخل على فلسطين، لا بمال ولا بجهد ولا بنفس". واعتبرت اللجان أن "هذا الفوز المستحق لقائمة التغيير والإصلاح بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي لهو فوز لرؤية، وموقف لجان المقاومة الشعبية في فلسطين، والتي أثبتت نجاعتها ونجاح خيارها، الذي وقف إلى جانب أخوتنا في حركة حماس في خوضها لغمار المجلس التشريعي، ودعمها بكل ما نملك، ليس منةً منا على أحد، بل هو من منطلق حرصنا على شعبنا ومقاومته ومسيرة كفاحه الطويلة، والتي لن نجد أجدر من إخواننا في حركة حماس على تحمل هذه الأمانة الثقيلة" (المركز الفلسطيني للإعلام، 27-28/1/2006). ثانياً: على الصعيد الإسرائيلي اتفقت مواقف التكتلات السياسية المختلفة في إسرائيل على وصف فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية بالزلزال السياسي من جهة، وعلى رفض التفاوض مع الحركة طالما لا تعترف بالدولة اليهودية، وبقيت محتفظةً بسلاحها من جهة أخرى. ومع ذلك فقد اختلفت هذه التكتلات في تحديد أسباب هذا الزلزال. فبينما عزت أحزاب إسرائيلية أسباب فوز حماس إلى الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من غزة، الذي عزز القناعة –حسب هذا الرأي- لدى لجمهور الفلسطيني بأن أسلوب "العنف" هو الطريقة الأفضل لانتزاع ما يراه الفلسطينيون حقوقاً من الإسرائيليين. ومن جانب آخر ركز حزب كديما وحزب العمل على انعدام الشريك في الطرف الآخر في محاولة لفرض حلّ أحادي الجانب في الضفة الغربية في المرحلة القادمة، على غرار ما جرى في غزة، وتحديد حدود الدولة العبرية وفق أسس ديمغرافية على ما يبدو. وقد أعلنت إسرائيل موقفها الرسمي من فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية، على لسان القائم بأعمال الحكومة (إيهود أولمرت) أنها لن تتفاوض مع حكومة فلسطينية تضم وزراء من حماس (هآرتس "بالعبرية"، 27/1/2006). وأضاف (أولمرت) بأن إسرائيل ستسعى إلى إقناع المجتمع الدولي بتجريد حماس من سلاحها، ودفعها إلى التخلي عن دعوتها لتدمير الدولة العبرية (Ynetnews, 27/1/2006). ومن جهة أخرى قال رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق، (شمعون بيرس) من حزب (كاديما): يتوجب على حماس الاستعداد لوقف المساعدات الدولية للفلسطينيين (Haaretz, 26/01/2006) . وعقّب رئيس حزب العمل، (عمير بيرتس) أن على إسرائيل أن تنتظر وترى ماذا سيجري في السلطة الفلسطينية، وإذا ما كان (أبو مازن) سيبقى رئيساً للسلطة الفلسطينية! وأضاف بيرتس: "إذا أُجبرنا فسنقوم بخطوات أحادية الجانب، ولن نوافق على تجميد العملية السياسية. لأن هناك موضوعات متعلقة بنا فقط، والتغييرات في السلطة الفلسطينية لن تقلبنا إلى رهائن". وأعلن أن حزب العمل لن يتفاوض مع حماس، ولن يسهم في تعزيز حماس وجعلها المنظمة المركزية التي تحرك إيقاع المنطقة (معاريف "بالعبرية"، 27/1/2006). من ناحيته، قال بن إليعيزر وزير الدفاع السابق (من حزب العمل): يجب الانتظار لمعرفة كيف سينظم الفلسطينيون أنفسهم، ذلك أن الدستور الفلسطيني لا يُلزم الرئيس تكليف أكبر الكتل تشكيل الحكومة. مضيفاً بأن إسرائيل مستعدة للحديث مع أي كان شرط اعترافه بالأخيرة بوصفها دولةً يهوديةً (Ynetnews, 26/1/2006). كما عقّب رئيس حزب "الليكود" (بنيامين نتنياهو) في مقال له بعنوان (حركة طالبان هنا): "لقد قامت دولة "حماستان" تابعة لإيران. وكل هذا يجري على بعد 1000 متر عنا، وعلى مقربة من مطار اللد والقدس. ويجري الحديث عن قيام دولة إسلامية أيدي كل قادتها ملطخة بالدماء". وأضاف نتنياهو: "حماس ستظل نفسها حماس. ولا يمكن التوصل معها إلى تفاهمات لأن الحركة تدعو إلى إبادة دولة إسرائيل. وعلينا إعادة سياسة تحصين الحدود والأمن التي قادها الليكود، ووقف سياسة الانسحابات في المقابل التي انتهجتها الحكومة الإسرائيلية" (يديعوت "بالعبرية"، 27/1/2006). وفي حديث للإذاعة الإسرائيلية، قال رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، (يوفال شطاينيتس) من حزب الليكود: إنه كان بإمكان إسرائيل منع حركة حماس من تحقيق إنجازات في انتخابات السلطة الفلسطينية عن طريق منع إجراء الانتخابات، وتابع قائلا: فشلت الحكومة فشلاً ذريعاً في حربها مع حماس، واصفاً فوز الحركة في الانتخابات بالزلزال. وأضاف كان بالإمكان منع إجراء الانتخابات حتى لو كان الثمن مواجهة مع الولايات المتحدة (Haaretz, 26/01/2006). وكان نُقِل عن مصادر في حزب الليكود في أول رد فعل له بأن فوز حماس هو نتيجة مباشرة لفك الارتباط، ذلك أن الفلسطينيين أدركوا بأن الإرهاب والعنف هو الطريق إلى تحقيق إنجازات سياسية. وأضافت المصادر ذاتها، بأن أولمرت وكديما يؤسسون لدولة إرهاب (حماسية) ستكون تابعة لإيران على بعد كيلومترات معدودة من المراكز السكانية في إسرائيل (Ynetnews, 26/1/2006). وقال عضو الكنيست، (آفي إيتام) من الاتحاد القومي "اليميني المتطرف" إنه على (محمود الزهار) أن يرسل باقةً من الورد (لإيهود أولمرت)، ووزراء حكومته الذين فضّلوا الاستسلام أمام الإرهاب، وأضاف: بدلاً من العمل على تصفية قادة حماس، اختارت الحكومة طرد اليهود من أرضهم، لتثبت للفلسطينيين أن طريق حماس والإرهاب تنتصر على إسرائيل (Ynetnews, 26.1.06). وأكد (زفلون أورليف) من الحزب القومي الديني (المفدال) على أن انتصار حماس كان نتيجةً للانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة. بينما ذهب (أفيغدور ليبرمان) من يسرائيل بيتنو "يميني متطرف" بأن نتائج الانتخابات الفلسطينية تُعدّ نصراً للإسلام الراديكالي (Jerusalem Post, . ومن جهته قال رئيس حزب ميرتس اليساري (يوسي بيلين)، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية: بأن انسحاب إسرائيل أحادي الجانب من قطاع غزة، قد ساهم كثيراً في تقوية حركة حماس، لأن ذلك أضعف السلطة الفلسطينية. وأضاف بأنه: لا تزال إمكانية التوصل إلى تسوية مع العناصر المعتدلة قائمةً، وطالب (بيلين)القائم بأعمال رئيس الحكومة (إيهود أولمرت) بإطلاق مفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأضاف أنه في حال عدم التوصل إلى تسوية في الفترة المقبلة، فإن حماس ستنتصر في الانتخابات القادمة (Haaretz, 26/01/2006). ثالثاً: على الصعيد العربي والإقليمي والدولي 1. المواقف العربية أ. المواقف العربية الرسمية حذر (عمرو موسى) الأمين العام للجامعة العربية، الولايات المتحدة من ممارسة الكيل بمكيالين قائلاً: "لا يمكن أن تسعى واشنطن لتعزيز الديمقراطية فيما ترفض نتائج هذه الانتخابات الديمقراطية". وقال الأمين العام للجامعة الدول العربية (عمرو موسى) على هامش منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا، إن حماس ستظهر وجهاً آخر في الحكم. وأضاف "إذا كانت حماس ستشكل حكومة وهي في موقع السلطة، بحيث تكون لديها مسؤولية الحكم والتفاوض والوصول إلى السلام، فسيكون هذا شيئاً مختلفاً عن تنظيم حماس الذي ينتشر أفرادا في الشارع". وأشار موسى إلى ضرورة وجود شريكين للسلام، داعياً إسرائيل بعد الانتخابات المقرر إجراؤها في مارس/ آذار القادم، إلى مساعدة الفلسطينيين أياً كانت حكومتهم للمضي نحو السلام (BBC بالعربية- 27/1/2006). وفي الأردن، أكد الملك عبد الله الثاني خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على ضرورة استمرار عملية السلام مهما كانت نتائج الانتخابات التشريعية، معرباً عن أمله في أن تشكل الانتخابات خطوة على طريق بناء الدولة الفلسطينية المستقلة. كما أشار الملك الأردني أثناء لقائه أعضاء بالبرلمان الفرنسي، إلى أنه مهما كانت نتائج الانتخابات، فإن حل الدولتين سيبقى الحل المنطقي والمعقول لإرساء الاستقرار والأمن في المنطقة. ودعا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى العودة لطاولة المفاوضات، واعتبر أن العامين القادمين سيكونان حاسمين في مستقبل القضية الفلسطينية (الجزيرة نت، 27/1/2006). وفي الدوحة، هنأ أمير قطر الرئيس الفلسطيني بنجاح الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وقال الشيخ (حمد بن خليفة آل ثاني) في اتصال هاتفي مع (محمود عباس)، إن هذه العملية الانتخابية ستكون لها نتائج إيجابية على طريق بناء الدولة الفلسطينية. كما أجرى أمير قطر اتصالاً هاتفياً مع رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) (خالد مشعل)، هنأه فيه بفوز الحركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، متمنياً للشعب الفلسطيني الأمن والاستقرار والرخاء (الجزيرة نت، 27/1/2006). من جانبه هنأ الرئيس اليمني (علي عبد الله صالح) نظيره الفلسطيني (محمود عباس)، بنجاح الانتخابات التشريعية وطالب من حركة حماس والمجلس التشريعي الجديد المضي في عملية السلام، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وبما يحقق للشعب الفلسطيني طموحاته وآماله وحقوقه الوطنية المشروعة. وقال صالح في رسالة بثت نصها وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، "لا شك أن ما أسفرت عنه الانتخابات من نتائج واستحقاقات ديمقراطية، دليل على ما يتمتع به الشعب الفلسطيني من الحرية الكاملة في ممارسة حقه في اختيار ممثليه" (وكالة الأنباء اليمنية، 27/1/2006). أما رئيس الوزراء اللبناني (فؤاد السنيورة) فقد هنأ حركة حماس على فوزها بالانتخابات، واتفق مع رئيس المكتب السياسي للحركة (خالد مشعل) على استئناف البحث في العلاقات اللبنانية-الفلسطينية. ومن جانبه دعا النائب (سعد الحريري) حركة حماس إلى تحمل مسؤولية الشعب الفلسطيني "واتخاذ قرار حول كيفية البحث عن السلام مع إسرائيل" (الجزيرة نت، 28/1/2006). ب. المواقف العربية الشعبية وعلى الصعيد الشعبي، اعتبر (حمزة منصور) الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي الأردني، أن فوز حماس رسالة إلى الحكام العرب والمسلمين بضرورة دعم هذه المسيرة الجديدة التي قررها الشعب الفلسطيني "بملء حريته وإرادته، خصوصاً بعد التهديدات التي أطلقتها الإدارة الأميركية، والاتحاد الأوروبي تجاه حركة حماس". أما الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية في الأردن (سعيد ذياب) فقد اعتبر فوز حماس مرحلةً جديدةً ونوعيةً في تاريخ الشعب الفلسطيني، ستمكن الشعب الفلسطيني من إعادة ترتيب خياراته وأولوياته وأشكال نضاله، وستضع حداً للفساد الذي استشرى في السلطة الفلسطينية. واعتبر الأمين العام للحزب الوطني الدستوري (أحمد الشناق) أن فوز حماس هو فوز للشعب الفلسطيني. وتوقع أن يكون هناك خطاب جديد للحركة في المرحلة القادمة (الجزيرة نت، 27/1/2006). وفي مصر هنأت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة حماس بفوزها الانتخابي ودعتها إلى توحيد الصفوف في مواجهة إسرائيل. وحث القيادي في الجماعة (عصام العريان) حماس على الاستفادة "من دروس النضال الفلسطيني السابق، وإعادة بناء اللحمة داخل المجتمع الفلسطيني ليتوحد خلف برلمانه". كما دعا دول العالم والولايات المتحدة إلى احترام إرادة الشعب الفلسطيني. وأشار إلى أن الانتخابات أكدت أن المنطقة بما فيها الشعوب تحت الاحتلال كما في فلسطين والعراق، تعتمد الإسلام مذهبا للحياة. وفي سياق متصل قال (عبد الحليم قنديل) رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة العربي الناصري، إن فوز حماس سيحدث أزمةً كبيرةً في التوازنات العالمية ودورها في حل القضية الفلسطينية، نظراً للرفض الأميركي والإسرائيلي لوجودها في السلطة (الجزيرة نت، 27/1/2006). وفي الرباط دعت حركة العدل والإحسان أكبر جماعة إسلامية في المغرب، الدول الغربية إلى احترام خيار الشعب الفلسطيني (الجزيرة نت، 27/1/2006). 2. الموقف الأمريكي قال الرئيس الأمريكي (جورج بوش)، إن نتائج الانتخابات البرلمانية الفلسطينية تمثل "جرس تنبيه" لقيادة حركة فتح التي تتولى السلطة في الأراضي الفلسطينية منذ 10 سنوات، وهي تعكس عدم رضا الناخبين ورغبتهم في التغيير. غير أنه قال، إن حماس لا يمكن أن تكون "شريكا في السلام" طالما أن برنامجها يدعو إلى تدمير إسرائيل، وقال إن النتائج "تذكرني بقوة الديمقراطية". وأضاف، أن "من الواضح أن الناس غير راضين عن الوضع القائم. إن الناس يطالبون بحكومة أمينة ومخلصة. والناس يريدون خدمات. إنهم يريدون أن يكونوا قادرين على تربية أبنائهم في مناخ يستطيعون الحصول فيه على تعليم جيد، ويستطيعون الحصول فيه على الرعاية الصحية. ولذلك فإن الانتخابات يجب أن تفتح عيون الحرس القديم هناك في الأراضي الفلسطينية." وقال بوش إنه يرحب بتنافس الأفكار، دليلاً على وجود نظام ديمقراطي سليم، لكنه أعرب عن شكوكه في إمكانية أن تكون حركة حماس "شريكا في السلام" إذا ما تمسكت ببرنامجها السياسي الذي يدعو إلى تدمير إسرائيل، واحتفظت بجناحها العسكري المسلح. وأشار بوش إلى أنه "سيتابع باهتمام شديد كيفية تشكيل الحكومة" ثم أضاف "لكنني سأواصل تذكير الناس بما قلته للتو، من أنه إذا كان برنامجك هو تدمير إسرائيل، فإن ذلك يعني أنك لست شريكا في السلام، وأنك لست مهتما بالسلام." وقد كرر الرئيس ذكر ما تنص عليه سياسة الولايات المتحدة، المتمثلة في أن "الحزب السياسي الذي يعلن بوضوح تدمير إسرائيل كجزء من برنامجه هو حزب لن نتعامل معه." كما أعرب بوش عن أمله في أن يحتفظ الرئيس الفلسطيني (محمود عباس) بمنصبه. (موقع وزارة الخارجية الأمريكية، 26/1/2006). من ناحية أخرى، أعربت وزيرة الخارجية الأميركية (كوندوليزا رايس) عن تهانيها للرئيس عباس وللشعب الفلسطيني، وقالت "إنه عندما يقبل 80% من الشعب الفلسطيني على التصويت في انتخابات حرة ونزيهة، انتخابات خالية من العنف، فإن ذلك ينبغي أن يكون سببا باعثا على الشعور بالأمل". وقالت رايس "إن الفلسطينيين على ما يبدو صوتوا لصالح التغيير، ولكننا نعتقد أن تطلعاتهم إلى السلام وإلى حياة مسالمة لم تتغير". وقالت رايس إن الفلسطينيين تحملوا حكما "كان بكل الحسابات لا يفي باحتياجاتهم" لا سيما في ظل قيادة الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، الذي كان –على حد قولها– فاسدا إلى حد كبير. غير أن وزيرة الخارجية الأميركية، قالت إن طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني "لا يمكن أن تتحقق إلا بحل الدولتين، الذي يتطلب نبذ العنف، والابتعاد عن الإرهاب، والقبول بحق إسرائيل في الوجود، ونزع سلاح الجماعات المسلحة". وعن حماس قالت رايس إن موقف الولايات المتحدة من حماس "لم يتغير. فلا يمكن أن تكون لك قدم في السياسة وأخرى في الإرهاب". وطالبت رايس الفلسطينيين والمجتمع الدولي "بالحديث بوضوح وصدق" عن مبادئ الديمقراطية، التي قالت إنها لا تتمشى على الإطلاق مع الإرهاب والعنف المطلق. وأضافت "إن الديمقراطية لا تجلب الحقوق فحسب، وإنما تجلب التزامات ومسؤوليات كذلك" (موقع وزارة الخارجية الأمريكية، 26/1/2006).
3. المواقف الأوروبية أكدت المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية (بينيتا فيريرو-فالدنر)، أن المفوضية ستتعاون مع الحكومة الفلسطينية المقبلة "أياً تكن إذا كانت مصممة على التوصل إلى أهدافها بطريقة سلمية". وأضافت أن "الأمر لا يتعلق بأحزاب سياسية بل بحقوق الإنسان، ودولة القانون والمبادىء الديموقراطية" (وكالة الأنباء الفرنسية، 26/1/2006). ومن جهته أعلن الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية (خافيير سولانا)، أن فوز حماس يمكن أن يضع الاتحاد الأوروبي أمام "وضع جديد كلياً"، سيخضع لدرس الإثنين من قبل مجلس "وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. ويُذكر أن الاتحاد الأوروبي يضع حماس على لائحة المنظمات التي يعتبرها إرهابية، ويطالبها بالتخلي عن العنف والاعتراف بإسرائيل (وكالة الأنباء الفرنسية، 26/1/2006). وفي أنقرة التي يزورها وزير الخارجية البريطاني (جاك سترو)، دعا حماس إلى التخلي عن العنف والاعتراف بإسرائيل. وقال سترو إن "المجتمع الدولي يرغب من حماس، أن ترفض العنف بالشكل المناسب وتعترف بوجود إسرائيل". وأضاف إذا استطاعت حماس أن تتحول إلى حزب سياسي سلمي، فإنها ستحصل على دعم المجتمع الدولي موضحاً أن حماس تواجه الآن خياراً بين التحول إلى حزب سياسي سلمي أو "دعم الإرهاب" (وكالة الأنباء الفرنسية، 26/1/2006). من جهته أعرب رئيس الوزراء الفرنسي (دومينيك دو فيلبان) عن "قلقه" إثر فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية مؤكداً على ضرورة "نبذ العنف". وقال (دو فيلبان) "إننا أمام وضع يدفعني إلى الإعراب عن قلقي". وأعرب عن الأمل في "ضمان الشروط الضرورية للعمل مع حكومة فلسطينية مهما كانت". وتابع أنه بالنسبة إلى فرنسا، فإنّ هذه الشروط "بالطبع هي أولاً نبذ العنف، وقبول إحراز تقدم بحسب أهداف السلام المحددة". كما طالب بـ "الاعتراف بدولة إسرائيل وبالاتفاقات الدولية" (وكالة الأنباء الفرنسية، 26/1/2006). وفي روما أعلن رئيس الحكومة الإيطالية (سيلفيو برلوسكوني) أن الفوز المعلن لحماس "سلبي جداً". وقال "إذا تأكدت هذه الأخبار للأسف، فإن كل ما أملنا به من احتمال التوصل إلى السلام بين إسرائيل وفلسطين دولتان مستقلتان صديقتان تعيشان بسلام، ستؤجل إلى وقت غير معروف". وعبر عن أسفه لأن "غالبية الشعب الفلسطيني تؤمن بهذه المنظمة المتطرفة" (وكالة الأنباء الفرنسية، 26/1/2006). وفي لندن دعا وزير الخارجية الألماني (فرانك فالتر-شتانماير) حماس إلى التخلي عن العنف والاعتراف بحق إسرائيل بالوجود. وفي ستوكهولم حذرت الحكومة السويدية حماس من أنه يتعين عليها تغيير سياستها إذا أرادت التعاون مع الاتحاد الأوروبي والسويد خصوصاً. وفي كوبنهاغن دعا وزير خارجية الدنمارك (بير ستيغ مولر) حماس إلى العمل للتوصل إلى حل سلمي من خلال التفاوض مع إسرائيل. وأكد مولر أن الدنمارك "لن تضع حداً" لمساعدتها للفلسطينيين إذا تولت حماس الحكم. وتبلغ قيمة هذه المساعدة نحو 114 مليون كورون دنماركي (15.3 مليون يورو) سنوياً. وفي أمستردام قال متحدث باسم وزارة الخارجية الهولندية "لا يمكننا التعاون مع حماس إذا واصلت السعي إلى تدمير إسرائيل، والقيام بأعمال عنف". ومن جهة أخرى قال مبعوث وزارة الخارجية الروسية إلى الشرق الأوسط (ألكسندر كالوغين) إن روسيا تتوقع من حماس أن تؤيد "حلاً سلمياً، وبالتالي إقامة دولة فلسطينية مستقلة تتعايش بسلام إلى جانب إسرائيل". وأعلن وزير الخارجية النروجي (يوناس غار ستور) أن بلاده مستعدة للحوار مع حكومة فلسطينية تشكلها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) (وكالة الأنباء الفرنسية، 26/1/2006). وقد أبدى الفاتيكان مخاوف بشأن الفوز الكبير الذي حققته حركة حماس، معتبراً أن ذلك يزيد مسلسل السلام في منطقة الشرق الأوسط ضبابيةً (الجزيرة نت، 28/1/2006). 4. موقف الرباعية الدولية دعت اللجنة الرباعية الدولية في أول رد فعل لها على فوز حماس، إلى "التخلي عن العنف والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود". وذكرت اللجنة في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأميركية أن "حلاً يقوم على دولتين يستوجب تخلي جميع المشاركين في العملية الديمقراطية عن العنف والإرهاب، وموافقتهم على حق إسرائيل في الوجود ونزع أسلحتهم كما توضح ذلك خريطة الطريق". وأضاف البيان -الذي لم يذكر حماس بالاسم- أن اللجنة الرباعية "تُكرر تأكيد وجود تناقض أساسي بين نشاط المجموعات المسلحة والمليشيات وبين بناء دولة" (Reuters, 26/1/2006). 5. مواقف دولية وإقليمية أخرى في سياق دولي دعت اليابان، المانح الأكبر في الشرق الأوسط، السلطة الفلسطينية إلى "السيطرة على المتطرفين" بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية. وأكد وزير الخارجية الياباني في بيان له أن طوكيو "تأمل في أن تبذل السلطة الفلسطينية جهوداً من أجل السلام طبقاً لخريطة الطريق، كالسيطرة على الفلسطينيين، على سبيل المثال". (Reuters, 27/1/2007) وقد انضمت الصين إلى النداءات الدولية المطالبة للحكومة الفلسطينية المقبلة قيادة حماس، بالتفاوض مع إسرائيل. وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان نُشر على موقعها على الإنترنت "ترحب الصين بالاكتمال السلس لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني". وأضافت "يحدونا الأمل في أن تحافظ كل الفصائل الفلسطينية على الوحدة وتحل النزاع مع إسرائيل من خلال المفاوضات السلمية والوسائل السياسية" (موقع وزارة الخارجية الصينية، 27/1/2006). وفي سياق إقليمي أعلن رئيس الوزراء التركي (رجب طيب اردوغان) على هامش منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا، أن بلاده مستعدة للعمل "كوسيط" بين إسرائيل وحكومة حماس. وأوضح (أردوغان) لدى خروجه من لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة )كوفي أنان) "يمكننا أن نقوم بدور وسيط ما بين إسرائيل وفلسطين". وأضاف في هذا الإطار "ربما تستطيع منظمة المؤتمر الإسلامي لعب دور مهم" في هذا الاتجاه أيضاً، مؤكداً أنه بحث هذه المسألة في دافوس مع الرئيس الباكستاني (برويز مشرف). وعلق على الانتصار الكبير الذي حققته حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية بقوله "يجب احترام خيار الفلسطينيين أوافقنا عليه أم لا". لكنه شدد على أن إسرائيل وحماس "يجب أن يقبلا بالأمر الواقع" ويتبادلا الاعتراف. وتعتبر تركيا أحد شركاء إسرائيل في المنطقة منذ وقع البلدان العام 1996 اتفاقات تعاون عسكري. لكن أنقرة تقيم أيضاً علاقات مع الفلسطينيين وتدعم مطالبتهم بدولة فلسطينية (وكالة الأنباء الفرنسية، 27/1/2006). من جهة أخرى هنأت إيران حركة المقاومة الإسلامية على فوزها في الانتخابات التشريعية. وأشاد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية (حميد رضا آصفي) في بيان له باختيار الناخبين "مواصلة النضال والمقاومة ضد الاحتلال". وقال إن نتائج الانتخابات ستعزز وحدة الشعب الفلسطيني للدفاع عن حقوقه (الجزيرة نت، 26/1/2006). · تداعيات التحول السياسي الفلسطيني أكدت نتائج الانتخابات، أن المجتمع الفلسطيني قد شهد تحولات مهمة، وبرزت فيه قوى اجتماعية جديدة لم تكن معروفة، مثل منظمات المجتمع المدني، والتي أثرت في العملية الانتخابية بقوة. ومن المتوقع في أعقاب النتائج أن ترتد فتح على نفسها لتزيل العوائق وتحارب الفساد، وقد تخرج النخب الفتحاوية من فتح من العمل الفلسطيني خلال الفترة القادمة. وسيكون على حماس التعامل مع عدد من الاستحقاقات، فهناك استحقاق قانوني سياسي وهو أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد، وحماس لابد لها أن تقدر هذا الاستحقاق، فالمجلس التشريعي لا يغير في الاتفاقيات، لأن من وقعها هو منظمة التحرير، وليس السلطة أو المجلس. فهناك إشكالات بين المجلس وصلاحياته، فالحل ينبغي أن يكون في دخول حماس إلى المنظمة، ومعالجة قضية الميثاق الوطني الذي ألغي ولم يُقترح له البديل. أما على المستوى الإسرائيلي، فقد يؤدي فوز حماس إلى رفع مقاعد حزب الليكود بزعامة نتنياهو، مع بقاء حزب (كاديما) في الصدارة. سيزداد ميل المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين الذي يعتقد أنه سيواجه حماس، بحجة أن عملية السلام سوف تتوقف بوجود حماس. ستعمل القيادة الإسرائيلية على زيادة تطرفها في التعامل مع الفلسطينيين، لتظهر بمظهر المدافع عن عملية السلام، مدعيةً أن وجود حماس يمنع استمرارها في تقديم المبادرات، على قاعدة عدم وجود الشريك، وخيار فك ارتباط أحادي الجانب في الضفة يعمل على تحديد حدود إسرائيل بناءً على أسس ديمغرافية. وعلى المستوى العربي، من المتوقع أن تنتشر ظاهرة الخوف من الانتخابات في الدول العربية، وأن تعمل هذه الحكومات على وضع العراقيل أمام العملية الانتخابية، خشية انتشار ظاهرة الديمقراطية الفلسطينية الحرة، والتي قد تُوصل إلى البرلمان من يخالفون الحكم واتجاهاته العامة. أما على الصعيد الدولي، فعلى الرغم من التصريحات الأمريكية والإسرائيلية والأوربية المتخوفة من فوز حماس، إلاّ أن الولايات المتحدة قد صرّحت في أكثر من موقف بأنه يمكن إقامة السلام بوجود حماس، وصرّح (جورج بوش) بأنه حريص على قبول حكومة تقودها حماس، مشترطاً تهديد إسرائيل. ومع الاعتقاد أن حماس ستتعامل مع المجتمع الدولي بحكمة، فإنه من المتوقع، أن يعيد النظام الدولي النظر في موقفه من حماس، خصوصاً بعد استقرار الحكم لها، واتضاح برنامجها السياسي والإصلاحي الواقعي خلال الأشهر الثلاثة الأولى لتولي الحكومة. · تحديات المرحلة المقبلة أمام حركة حماس أما أبرز التحديات التي تواجهها حماس في المرحلة المقبلة، فيمكن تلخيصها بالتالي: أولاً: تشكيل الحكومة الفلسطينية باتت تشكيلة الحكومة الفلسطينية المقبلة علامة استفهام كبرى، ليس في الداخل الفلسطيني فقط، ولكن على مختلف المستويات الإقليمية والدولية. وليس من شك في أن المبعث الرئيس للتساؤل والقلق أيضاً، يتمحور حول الطريقة التي ستتعامل بها حماس مع المتغيرات الداخلية والخارجية، في وقت تواجه فيه الحركة سيلاً من التشكيك بقدرتها على الاحتفاظ بالسلطة طويلاً. لهذا يبدو الخيار الأول أمام حماس هو اللجوء إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم مختلف الأطياف السياسية. أو أن تدفع باتجاه رئاسة حكومة "تكنوقراط" في حال رفض الفصائل الأخرى، وفتح تحديداً، المشاركة في حكومة وحدة وطنية. ثانياً: احتواء انهيار فتح في الساحة الفلسطينية التحدي الأول أمام حماس، هو تعاملها مع فتح "الجريحة التي تشعر بالعار"، واللحظات الصعبة التي تشعر بها، قد تنعكس في نوع من مواجهات الشارع، إضافةً إلى ملف المنظومة الأمنية التي يسيطر عليها الفتحاويون والتي سيكون على حماس تسييرها، رغم أن العديد من أفراد القوات الأمنية هم من عامة الناس ومتعاطفون معها. ويمكن الحديث هنا عن محاكمة فساد السلطة، التي تتكون في معظمها من كوادر فتح، وما يمكن أن يخلق ذلك من إشكالات. ثالثاً: العلاقة مع الرئاسة رغم أن القانون الأساسي حدد صلاحيات كل من رئيس السلطة الوطنية "الفتحاوي"، ورئيس مجلس الوزراء "الحمساوي"، فإن حركة حماس تجد نفسها بين فكي الالتزام بمواد هذا القانون وما إلى ذلك من التزامات في الشأن الأمني، وفي سياسة رئاسة السلطة، والالتزام بمفاهيمها السياسية التي يطالبها المجتمع الدولي بالتخلي عنها. رابعاً: المفاوضات مع إسرائيل إن الادعاء الإسرائيلي بعدم وجود شريك فلسطيني للسلام، سيتعزز بوجود حماس بأغلبية في السلطة، كما سيؤثر الوضع الجديد سلبيا على أي مفاوضات مستقبلية في حال الحديث عن احتمال الجلوس على طاولة المفاوضات. وربما من الصعوبة في المرحلة الراهنة العودة إلى عملية السلام، حيث إن الاتجاهات في حماس تقول، إنها لن تتفاوض مع إسرائيل ولن توقف المقاومة، في مقابل موقف إسرائيلي يتذرع بعدم وجود شريك فلسطيني، ويتحدث عن بقاء الاحتلال. خامساً: التهدئة تجدر الإشارة هنا إلى أن الهدنة الحالية، قد انتهت مع نهاية العام الماضي، إلى أن حركة حماس قد التزمت بها عملياً، بهدف تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات. ويذكر هنا تصريحات القيادي في حماس (محمد الزهار) بأن حماس ستلتزم التهدئة في حال التزمت بها إسرائيل. سادساً: التعامل مع الأطراف الدولية قد تكون حماس قادرة على إدارة الحكومة المحلية، بما لديها من كوادر وخبرة، لكن التحدي يكمن في إدارة العلاقات الدولية للسلطة، وستتحدد هذه العلاقات حسب الموقف الجديد للمجموعة الدولية، علماً بأن أصوات خاصة في أوروبا –وأميركا بشكل أقل- ارتفعت للمطالبة بالاعتراف بحماس وشطبها من قائمة الإرهاب. سابعاً: تشكيل قوى الأمن الفلسطيني من المحتمل أن تسعى حماس إلى كسر احتكار فتح للمنظومة الأمنية، بأن تدمج كوادرها في أجهزة الأمن لتحقيق قدر من التوازن. غير أن منظومة فتح الأمنية أمر معقد جداً، ويجب أن يكون أول مسألة تبحث في إطار حكومي وتنظيمي. ثامناً: تطمين الدول العربية
تحدي آخر أمام حماس يتعلق بالعلاقات المستقبلية لحكومة برئاستها مع
الدول العربية، ولا سيما الأردن ومصر والسعودية، والتي تشكل الخلفية
السياسية والاقتصادية للفلسطينيين. للحصول على الملف بصيغة PDF اضغط هنا. |
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
---|