----------------------------------------
الملخص بالعربية
الخارطة السياسية للوطن العربي ما بعد الثورات العربية
لا زال العالم العربي يعيش أجواء الثورات العربية التي فاجأت المحللين والباحثين داخل المنطقة العربية وخارجها على حد سواء، ولأن هذه الثورات شكلت تغييراً قد يكون جذرياً في الدول التي حدثت فيها، وامتدت آثارها لتشمل المحيطين الإقليمي والدولي، وبما أن الدول العربية كانت صاحبة النصيب الأوفر من هذه الآثار، فقد عقد مركز دراسات الشرق الأوسط في مقره في عمان يوم السبت 15/10/2011، حلقة نقاش علمية بعنوان "الخارطة السياسية للوطن العربي ما بعد الثورات العربية 2012"، بمشاركة عدد من الباحثين والأكاديميين الأردنيين.
يطرح الكتاب في فصله الأول بعنوان: "رؤى إقليمية ودولية حول الخارطة السياسية للوطن العربي ما بعد الثورات العربية 2012"، مفاجأة الدول الكبرى ومراكز الدراسات من قيام الثورات في دول عربية، حيث كانوا يرون الوضع مستقراً والتغيير بعيداً.
ويرى الفصل أن الحراك الشعبي شهد ثلاثة أشكال، أحدها الثورات السلمية (مصر، وتونس)، وثانيها الثورات غير السلمية (ليبيا، وسوريا، واليمن)، والثالث دول الإصلاح الذاتي التي قامت بخطوات استباقية لتجنب حركة الاحتجاجات الشعبية (الأردن، والمغرب، ودول مجلس التعاون الخليجي).
ويحدد هذا الفصل شروطاً رئيسية لقيام أي ثورة، منها الجوع والفساد والظلم والفقر، إضافة إلى وجود عدد جيد من المؤمنين بالثورة، ومع هذا يرى الفصل أن هذه الشروط لا تعني نجاح الثورة، بل لا بد من توافر أربعة شروط اخرى رئيسية لنجاحها، أولها أن يشكل النظام تهديداً أساسياً لحياة الشعوب، وثانيها قدرة الثورة على الحشد الشعبي الكبير، وثالثها حصول تدخل خارجي إلى جانب الثورة، ورابعها عدم انحياز الجيش للنظام ضد الشعب.
وبالنسبة للرؤى الدولية للثورات العربية، رأى هذا الفصل أن الولايات المتحدة كانت متفاجئة في البداية ثم تعاملت مع الموضوع بشكل براغماتي، وبدت سياستها متناقضة، وهذا ليس غريباً، لأن التناقض في الاستراتيجية الأمريكية سمة ثابتة، كما بقيت أهداف الولايات المتحدة كما هي: حفظ مصالحها، ودعم إسرائيل، ومحاربة الإرهاب، وكان الموقف الأوربي مرتبطاً بالرؤى الأمريكية مع بعض التردد.
أما حول الرؤى الإقليمية للثورات فقد حصر الفصل القوى الإقليمية المؤثرة في المنطقة بإيران وتركيا وإسرائيل، حيث كان الموقف الإيراني حذراً ومتأنياً، كما حمل تناقضاً بين القيم والمصالح، فقد أيدت إيران جميع الثورات إلا في سوريا، ورأى بعض القادة الإيرانيين في الثورات امتداداً لثورة الخميني، أما تركيا فسعت إلى اللعب مع جميع الأطراف واستغلال الفرصة ليكون لها دور مؤثر في منطقة الشرق الأوسط، وأظهر الفصل حرج الموقف الإسرائيلي وصعوبته، لأن وجود إسرائيل مرتبط بشكل كبير بمحيط عربي حريص عليها.
وفي الفصل الثاني بعنوان: "خارطة التحديات الداخلية والخارجية"، ناقش الكتاب التحديات الأشد أمام الثورات العربية، وأولها التفاعل العاطفي وليس العقلاني للشعوب العربية مع الثورات، وثانيها تفتت القوى الثورية واختلاف المطالب بعد أن كانت موحدة، وثالثها زيادة مطالب الأقليات التي تحاول تحقيق مكاسب خاصة بها، وهذا تحدٍّ للثورات وللأنظمة الجديدة معاً، ورابع التحديات التدخل الأجنبي ومطالبة البعض به مما يفتح مجالاً لاختراق الثورات العربية، وخامسها قبول وجود حركات الإسلام السياسي في العملية الإصلاحية أولاً ثم في سدة الحكم ثانياً بعد الإصلاح.
أما في الفصل الثالث بعنوان: "خارطة القوى السياسية والحزبية بعد الثورات العربية"، فقد تناول الكتاب مسألة إعادة تشكل الخارطة السياسية والحزبية في الدول العربية، حيث رأى أن الشكل الجديد لهذه الخارطة ما زال غامضاً، حيث لا تزال الثورات في مرحلة التشكل، وسيتوضح بشكل أفضل بعد إجراء أول انتخابات برلمانية، مؤكداً على أن المستفيد الأكبر من المرحلة هو التيارات الكبيرة والراسخة التي تشهد تحدياً أمام صناديق الاقتراع، وأن عاملين اثنين سيحكمان دور الأحزاب في المرحلة المقبلة، وهما: القدرة على إرضاء مزاج الشارع، والقدرة على التطور بما يتناسب والمرحلة الجديدة.
وبالنسبة للتيارات الموجودة حالياً فقد رأى الفصل أن القوى الليبرالية التي لم يكن لها وجود منظم قبل الثورات، قد تحظى بقبول شعبي إذا تناغم خطابها مع تطلعات الشعب، وأن عليها إثبات وجودها في الانتخابات، فيما أيدت قوى التيار القومي الثورات العربية في البداية، قبل أن يتشتت موقفها مع بداية الثورتين الليبية والسورية، حين بدأت في الاتكاء على نظرية المؤامرة في تفسير الثورات، الأمر الذي يتوقع أن يفقدها كثيراً من مصداقيتها في الشارع العربي، وأوضح الفصل أيضاً أن التيار اليساري ظهر بصورة أكبر من حقيقته في الشارع، مستفيدا من فتح المجال أمامه أيام الأنظمة السابقة، إضافة إلى كونه تياراً على مستوى النخبة السياسية وليس على المستوى الشعبي.
لكن المستفيد الأكبر حسب هذا الفصل هو التيار الإسلامي الذي لم ينزل إلى الشارع بشعاراته المعتادة، وتعد جماعة الإخوان المسلمين القوة الأولى المرشحة في أي انتخابات قادمة، فيما لم يظهر دور التيار السلفي إلا بعد الثورات، وأخذ يتمتع بتأييد شعبي في مصر مما يتيح له حظاً جيداً حال تنظيم نفسه في حزب سياسي، فيما بقي دور حزب التحرير الإسلامي ضعيفاً، أما الجماعات الصوفية فكانت غائبة بشكل كامل تقريباً عن الحراك السياسي.
وفي الفصل الرابع بعنوان: "خارطة التكتلات والتحالفات الإقليمية والعربية ما بعد الثورات العربية"، خلص الكتاب إلى انتهاء حالة الاستقرار التي سادت العقدين الماضيين، وأصبحت الأنظمة السياسية والقوى الإقليمية والدولية مضطرة للتفاعل مع هذه الحراكات لضمان مصالحها في المنطقة، ولا شك ان خارطة التحالفات السياسية والجغرافية التي سادت في العقود الماضية قد تأثرت بالأحداث والتغيرات في البيئتين الإقليمية والدولية في العقد الأخير.
وأوضح الفصل أن الثورات العربية ستشكل عاملاً أساسياً في بناء التحالفات الجديدة، حيث بدأت الدول العربية بالانشغال بهذه التحولات عن قضايا العمل المشترك والتعاون، ما عدا دول مجلس التعاون الخليجي التي ازداد تماسكها، بل حاولت توسيع المجلس.
وتساءل الكتاب أخيراً عن موقف الثورات من الصراع العربي-الإسرائيلي، مشدداً على ضرورة إبداء القوى السياسية والأنظمة القادمة رأياً واضحاً في هذه المسألة الحساسة، حيث لا زالت شعارات قوى الثورة ولافتاتها متعلقة بالشأن الداخلي فقط.
------------------
Abstract
Political Map of the Arab World
after the Arab Revolutions
The Arab World is still living the atmosphere of the uprisings which stunned analysts inside and outside the region alike. Uprisings represent a radical change in the countries where they took place as well as have had significant impact on all Arab states, in particular, and the surrounding environment, in general. To study these changes, the Middle East Studies Center held a symposium on Saturday October, 15 2012 titled Arab Post-Uprising Political Map, joined by a number of Jordanian academics and scholars.
Chapter One investigates the Regional and International Views of Arab Post-Uprising Political Map of 2012. These revolts constitute a surprise for world powers and think tanks, since the situation seemed stable and change unlikely.
Uprisings are divided into 3 types. The first is peaceful (e.g. Egypt and Tunisia); the second is violent (e.g. Libya, Syria and Yemen); and the third refers to states which took pre-emptive reform steps to avoid public unrest (e.g. Jordan, Morocco and the Gulf Cooperation Council states).
It is argued that there are major conditions for the breakout of any revolt, such as hunger, corruption, injustice, poverty in addition to a large number of people believing in this way of change. On the other hand, for a revolt to be successful, there are 4 factors.
- the regime’s main threat to people's lives
- revolt’s capability of calling up massive public support
- foreign intervention to assist the revolt
- absence of military's position against the people.
In terms of international reactions, no. 1 superpower was surprised at the beginning, but later handled the events pragmatically. The US attitudes seemed contradictory, but this is not strange, because it is one of the constants in its strategy. However, its targets of keeping interests, supporting Israel and fighting terror sustained, whereas the Europeans were hesitantly bound with the Washington's position.
To move to regional powers, the most influential are Iran, Turkey and Israel. First, Iran was cautious and had some contradiction between values and interests by backing all uprisings except that of Syria. Some leaders even considered these movements an extension of that of Khomeini. Second, Turkey attempted to work with all parties and seize the chance to play a major role in the Middle East. Third, Israel entered a difficult phase, for its existence is largely dependent on a protective Arab setting.
Chapter Two explores the Map of Internal and External Challenges. It is believed that there are 5 major difficulties encountered by Arab uprisings. The first is emotional, rather than rational, public interaction. The second is the division among revolutionary powers and disparity of demands after they were unified. The third is the further demands by minorities which try to gain special privileges, a challenge for both uprisings and new governments. The fourth is foreign intervention, whose recall could lead to infiltration of the uprising. The fifth is the acceptance of Islamist movements both in the reform process and later in power.
Chapter Three discusses the Map of Political and Partisan Powers. As the uprisings are taking shape, the new map is still unclear, but it is expected to manifest itself after the general elections. Nevertheless, major, deep-rooted movements will most probably take the lead and gain the lion's share. In order for political parties to succeed in the upcoming stage, they have to be able to both satisfy the mood of ordinary citizens and progress in a way that keeps up with the new phase.
On the one hand, liberalists, who were not organized before the uprisings, may become widely acceptable and do well in the elections if they develop a discourse that is congruent with people’s aspirations. It is necessary to remember that Arab nationalists supported the uprisings at the beginning, but they were not unified in their attitude to the Libyan and Syrian uprisings. They started to depend on the conspiracy theory to account for these changes – which is thought to have deprived them of a great deal of credibility among Arabs. Leftists also appeared stronger than they really are, due to the freedom they got at old regimes’ times as well as their elitist, rather than public, composition.
On the other hand, the biggest beneficiary is believed to be the Islamists, who did not use their traditional slogans. Muslim Brotherhood is the first power likely to win any upcoming elections. Salafis only appeared after revolts broke out. Their popularity in Egypt, for instance, gives them a good chance if they organize themselves in a political party. Hizbu-Tahrir still plays a very minor role. Sufis are almost completely absent from the political scene.
Chapter Four on the Map of Regional and Arab Powers and Alliances concludes that the state of stability in the last couple of decades has come to an end. Arab, regional and international powers are obliged to deal with these movements in order to maintain their interests in the region. Furthermore, political and geographic alliances in previous decades were affected by regional and international changes in the last decade.
The revolts will be a major factor in these new alliances, for the Arab countries are busy with their internal affairs at the expense of external cooperation. The exception is Gulf Cooperation Council states which increased in coherence and, even, tried to enlarge the organization.
Finally, the question remains on the uprising’s stance on the Arab-Israeli conflict. Political powers and new governments need to make a clear attitude to this sensitive issue, for all revolutionary slogans only focus on internal affairs.