الأزمة
ما بين الدولة والحركة الإسلامية في
الأردن وآفاق الحل؟
منطلقات لحل الأزمة
عمر عياصرة: ربما الحديث عن حلول، دعنا ننزل إلى الأرض قليلاً، ممكن أن
الأطراف كلها على الشجرة ، ننزل على الأرض ونساعد كل هذه الأطراف ونقدم حلول و
مقاربات و منطلقات لهذه الحلول، قطعاً أنت في ورقتك ذهبت في هذا الاتجاه، ما هي
المنطلقات التي يمكن أن نؤسس عليها حلاً ثم بعد ذلك نذهب إلى بعض تفصيلات هذا الحل.
جواد الحمد: من حيث المبدأ هناك عدة منطلقات أساسية بين الطرفين يمكن أن
يتعاملا من خلالها، فإن كانت هذه إطاراً ناظماً للتفكير أصبح الحل في متناول اليد،
يعني انه يتحول إلى برنامج عملي و يعني أنه سيأخذ وقتا ً لكنه أصبح في اليد.
المنطلق الأول: المصارحة بين الطرفين، ما هي دوافع وأسباب الأزمة التي تمت
من قبل الدولة، فالدولة يجب أن تصارح بالدوافع والأسباب الحقيقية، بعيدا عن الإعلام،
حتى يتفهم الطرفان بعضهما البعض، فيتفهم الإخوان وضع الدولة وبالتالي عليهم أن
يقدروا، وتتفهم الدولة وضع الإخوان وعليها ان تقدره، إذا حصل هذا فهو المنطلق رقم
واحد وفي غاية الأهمية.
عياصرة : وأنت تعتقد الآن لا يوجد مصارحة ؟
الحمد : الآن لا يوجد لقاء.
المنطلق الثاني: لابد وأن يكون الإنصاف والموضوعية هي الحاكمة.
حتى لا نساعد في عوامل التأزيم، نريد أن نعظم عوامل التوافق وليس عوامل التأزيم، لا
بد من إنصاف، الانحياز من قبل الكتاب والصحفيين والمفكرين والباحثين لا يفيد، لا
يفيد نظام ولا يفيد الإخوان بالمناسبة، إذا كان مع الإخوان أو مؤيد للإخوان لن
يفيدهم، وإذا كان مع النظام ويؤيد النظام لن يفيد النظام، الإنصاف والموضوعية يجعل
العقل يفكر تفكيراً هادئاً ومنهجياً.
المنطلق الثالث : لا بد لحالة الحذر والترقب والقلق التي تسود الوحدة
الوطنية اليوم أن تتوقف، وأن تطمئن الدولة ويطمئن الإخوان معاً المجتمع الأردني على
أن هذه الدولة متماسكة، وأننا موحدون رغم الخلاف، لأنه إذا دفعت الأمور إلى انقسام
مجتمعي على أسس غير وطنية، والبعض ينفخ في هذه، لماذا ولمصلحة من ؟، مع الأسف بعضها
جهوية و بعضها مناطقية، هذه الأسس "غير الوطنية " لأن الوطنية معناها جامعة، إذا
اندفعت الأمور إلى الانقسام المجتمعي يصبح الشرخ كبيراً مجتمعياً ليس بين الإخوان
والدولة بل أكثر من ذلك، وهذا أمر خطير .
المنطلق الرابع: الدولة لا يجب أن تتدخل في خلافات الإخوان الداخلية لصالح
طرف ضد طرف، وقد تدخلت، الحكومة تقول رسمياً كلام تفصيلي ، في المحصلة أن الدولة
تدخلت في خلاف الإخوان الداخلي لصالح طرف ضد طرف عملياً، على الدولة أن تنسحب من
هذا ، لماذا، لأننا نعيش في ظل نظام ملكي ، النظام الملكي دائماً له دور الرعاية
والتوفيق بين مكونات المجتمع ككل، وهو دائماً يتمتع برعاية المصالح الجمعية للدولة،
النظام الملكي عادة يصعب أن ينحاز لفئة دون فئة في المجتمع، فهو يفقد النظام قيمته
النوعية، وهو ليس مثل الأنظمة الجمهورية الحزبية، النظام الحزبي نظام حزب بالتالي
يحكم، النظام الملكي لا يقبل أن يكون حزباً، والعائلة المالكة لا يمكن أن تكون حزباً،
هي للجميع ولذلك لا ينبغي أن تمارس حكوماتها سلوكاً قد يفهم أنه انحياز في خلافات
داخلية بين قوى المجتمع .
المنطلق الخامس: يجب أن نعترف جميعاً بأن هذه الأزمة أزمة طارئة وهذا مهم
جدا، إنها طارئة على قواعد العلاقة، وهذا يجعل لدى الطرفين الدولة وجماعة الإخوان
على حد سواء أن الحل ممكن والحل متاح وفق منهجية أردنية نعرفها جميعاً، عائلية
عشائرية قواعدها معروفة، بكل بساطة بمعنى نحن واحد، نخرج من الاجتماع نحن واحد ،
ونحن على خلاف بالرأي لكن نحن واحد، وليس في ذلك ضير، مثل أي عشيرتين يجتمعوا على
خلاف ثم يتفقوا ، مثل عشيرة واحدة يختلفون ثم يتفقون، هذا النمط الأردني لماذا لا
يطبق في حالة الدولة مع الإخوان، وهذا أمر في غاية الأهمية وهو نمط سائد في بلادنا
.
المنطلق السادس: جماعة الإخوان طبيعتها فكرية دعوية ولها بعد سياسي وطني
عروبي إلى آخره، لكنها ملتزمة بالنظام وملتزمة بالقانون وتحمل فكراً إسلاميا (في
رأيي) منفتحاً و معتدلاً و مستنيراً، وأنا هنا أتكلم عن منهج الجماعة العام، لكن
لكل جماعة أفراد فيها يعبرون بطريقة مختلفة، ودائما في المربع يوجد زوايا، واعتبر
الإخوان مربع لكن بعضهم يعيش في الزوايا، كما في الدولة البعض يعيش في الزوايا، هذه
المسألة طبيعية بين الناس، فيأخذ رأياً مستقلاً أو يعبر عن رأي ليس صحيحاً.
المنطلق السابع: الدولة تدخل منعطفاً حساساً قد يتطلب تغيير بعض السياسات
وإعادة التموضع وربما تغيير بعض الهياكل في الدولة، هذا بحاجة إلى إسناد وطني
مجتمعي كامل غير منقوص، يجب أن لا نفرط بأي جزء من المجتمع مهما صغر، حتى بعائلة من
50 شخصاً ينبغي للنظام أن يسعى بأن تكون داعمة للدولة في المرحلة القادمة، لا يوجد
مجال لأي أخطاء قد تتعب المجتمع، ونحن نعرف بأن مجموعة صغيرة في أي مجتمع قد تلجأ
للعنف تخرّب الاقتصاد، وتخرب البلد، وتخرب على المجموع الكلي، يكون هناك 10 مليون
إنسان معتدلين وذو مزاج هادئ، ويأتي 200 شخص يستخدمون سلاحاً أو تفجيراً فتنشأ
مشكلة تستمر عشر أو خمس عشرة سنة تالية تستنزف الدولة ككل.
نحن حريصون أن يكون كل المجتمع مع الدولة فكيف بالإخوان المسلمين و الذين بلغ عدد
المصوتين لهم في بعض الانتخابات نصف أردني، هذا مهم على الناس أن تسمع الأرقام، نصف
مليون صوت حصلت عليها جماعة الإخوان المسلمين في بعض الانتخابات السابقة البرلمانية،
لذلك نحن هنا لا نتكلم عن جماعة معزولة أو مجموعة أفراد هنا وهناك .
هذا بالنسبة للمنطلقات، أما عن الحل ومعالمه كما تفضلت ، فيأتي عند التسليم
بالمنطلقات، وهذا يتم بحوار منخفض المستوى، وليس عالي المستوى، يتم التوافق عليها
وتمرر للقيادات بين الطرفين، و يصبح تجانس بين الطرفين حتى تتشكل نفسية ويتجاوز
الجميع الأزمة القائمة.
أعلى الصفحة