الحمد: هزيمة (إسرئيل) أمر ممكن وزيارة أوباما استكشافية
1
نص مقابلة الأستاذ جواد الحمد مع
جريدة فلسطين، حاورته أسماء صرصور بتاريخ الثلاثاء 26 /02/ 2013- غزة
أكد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن جواد الحمد على حتمية تعريب القضية
الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الخيار الوحيد أمام الفلسطينيين "هو مشروع تحرير حقيقي
متكامل"، وأن الحرب الأخيرة على غزة أفرزت ثلاث مسائل مهمة يجب أخذها بعين
الاعتبار، على رأسها أن "هزيمة (إسرائيل) عسكريًّا أمر يمكن تحقيقه".
ورأى أن الأطراف الفلسطينية يلزمها أمام هذا الواقع الجديد في الصراع مع الاحتلال
الإسرائيلي بذل جهد ملموس للابتعاد عن الاستنزاف الداخلي، وحاضنة إقليمية لحماية
ظهر المقاومة، ورجح في حوار خاص لـ"فلسطين" أن تأخذ زيارة الرئيس الأمريكي باراك
أوباما إلى المنطقة الشهر المقبل طابع الاستكشاف أكثر من أن يكون هدفها طرح
المبادرات السياسية.
أوباما ومؤشرات الزيارة
وقال الحمد: "إن تداخلات كثيرة تسيطر على الزيارة؛ فالإدارة الأمريكية لم تحسم
أمرها، وإن كانت ستأخذ طابع الاستكشاف على الأرجح أكثر من أن يكون هدفها طرح
المبادرات (...) وإن حدث وقدمت رؤى سياسية فستكون عقب عودته إلى واشنطن، ولكنه
سيشير في أثناء الزيارة إشارات مهمة، كتأكيده أن أمريكا هي الحليف والداعم الأول
للحفاظ على أمن (إسرائيل) واستقرارها في المنطقة، ومهاجمة العنف والإرهاب، وقد يشير
إلى حماس باسمها".
المقاومة الفلسطنية قابلة للنماء بوجود حاضنة إقليمية
وأضاف مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الذي التقته "فلسطين" على هامش المؤتمر الدولي
الذي عقد في غزة "الحرب على غزة.. الآفاق وتداعيات المستقبل": "الجديد في زيارته ما
سيبحثه مع قادة المنطقة، فحماس اليوم موجودة ولها علاقات وطيدة مع الأردن ومصر
والأنظمة الأخرى، لذا أوباما سيقابل بيئة جديدة"، مبينًا أن السؤال المطروح هو: "كم
ستساهم هذه البيئة _ولو بشكل جزئي_ في تعديل الخطاب أو المضمون الأمريكي تجاه
المفاوضات؟".
وهل سينجح سيد البيت الأبيض في إعادة إطلاق المفاوضات الفلسطينية – (الإسرائيلية
المجمدة)؟، من وجهة نظر الحمد إن الولايات المتحدة حريصة على إعادة إطلاقها، مهما
كان حال تلك المباحثات، "فالأردن متحمسة للمتابعة، أما مصر فهي غير جاهزة للوقوف ضد
هذه الرغبة"، منوهًا إلى أنه "حتى المقاومة في قطاع غزة غير قادرة على إعاقتها، أما
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس فالبيئة العامة تسهل له الانطلاق باتجاه
المفاوضات".
ولا يتوقع الباحث الفلسطيني حدوث أي اختراق حقيقي ومهم في ظل بقاء بنيامين نتنياهو
رئيسًا لحكومة الاحتلال؛ "لأن نتنياهو لديه رؤى إستراتيجية بأن الانسحاب من الضفة
الغربية سيعرض (إسرائيل) للتهديد والخطر القومي؛ نظرًا لـ"طبوغرافية" الضفة؛ لأنها
ستنكشف أمام جيوش الدول العربية"، مستمدًا رؤيته مما تشكله غزة من تهديد وخطر على
(إسرائيل)، "رغم بعدها النسبي وعدم وجود "طبوغرافية" مساندة لها".
(إسرائيل) والثورات.. واقع مختلف
وانطلاقًا من تأكيده أن الكيان العبري يعيش حالة غير عادية من القلق الناشئ عن
ثورات دول الطوق؛ بين الحمد أن (إسرائيل) أضحت تخشى الدخول في أي مواجهة "بعد أن
أقحمت نفسها في اختبار خطير وحساس عقب هجومها على غزة في الحرب الأخيرة، إذ فوجئت
أن تخوفاتها من مصر وتونس في مكانها؛ فالدولتان وقفتا إلى جانب المقاومة
الفلسطينية، إضافة إلى غالبية الدول العربية".
"حماس" ورقة مهمة للأنظمة العربية لتقوية علاقاتها بالمجتمع الدولي
وعدّ الحمد حرب "عمود الغيمة" وضرب السودان "جزءًا من محاولة الاحتلال إظهار قدرته
على الرد، على أساس أنه يملك اليد العليا في المنطقة وقوة الردع"، مشيرًا إلى أن
"(إسرائيل) وجدت أن التغيير الإستراتيجي في المنطقة أثر على العلاقات العربية –
(الإسرائيلية) باتجاه مساندة الأنظمة العربية للمقاومة الفلسطينية، ومعها تركيا
التي كانت تربطها بـ(إسرائيل) علاقة إستراتيجية قوية".
ومن الأسباب التي ساعدت _وفق قول الباحث الفلسطيني_ على تراجع وضع (إسرائيل) ما
تعانيه الإدارة الأمريكية من اهتزاز في الوقت نفسه؛ نظرًا إلى سقوط أنظمة عربية
مساندة لها، فضلًا عما تعانيه من أزمة مالية، وهزيمتها في أفغانستان، "وطردها من
العراق على يد إيران بالخداع السياسي"، لافتًا إلى أن (إسرائيل) تفكر الآن بجدية
"كيف ستستطيع أن تعيش في المنطقة!"؛ لأنه من الصعب أن يكون وضعها الإستراتيجي ليس
مثلما عهدته في الماضي.
ويرى أن رؤساء الوزراء الذين تعاقبوا على رئاسة حكومة الاحتلال، مثل: موشيه ديان
وجولدا مائير وإسحاق رابين وغيرهم؛ كانوا على يقين بأنه حال حدث اهتزاز في المنطقة
والوضع الإستراتيجي لأمريكا لن تصمد (إسرائيل) كثيرًا، مضيفًا: "بوادر زوال
(إسرائيل) وتهديد وجودها أمر يمكن الاستدلال عليه، سواء استغرق وقتًا ليتم أم حدث
بسرعة".
ودلل الحمد على وجهة نظره هذه بالدعم العربي للمقاومة في غزة خلال "حرب الأيام
الثمانية"، مشيرًا إلى أن وجود وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، ورئيس وزراء
مصر هشام قنديل، ووزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام في أثناء الحرب "كلها
دلائل تؤكد أن الرسمية العربية بدأت تفهم أن المقاومة الفلسطينية ظاهرة حقيقية
قابلة للنماء والاستدامة؛ فشكلت لها ظهرًا قويًّا؛ لتضغط مصر على أمريكا، على عكس
ما كان يحدث في عهد النظام السابق من ضغوطات على المقاومة".
الحرب وما أفرزته وحث مدير مركز دراسات الشرق الأوسط على حتمية تعريب القضية
الفلسطينية على قاعدة أن الأنظمة العربية هي شريك في الواجب والعمل والمعركة، لا
عامل مساند أو داعم للقضية بحكم الجوار الأمني أو الإخوة العربية أو الإسلامية،
داعيًا الفلسطينيين في كل مكان إلى استيعاب أن الفرصة أصبحت مواتية جدًّا لتحقيق
أهداف الشعب بالتحرير والعودة، من خلال الثقة بالمقاومة وبرامجها.
سقوط أنظمة عربية تهديد لـ(إسرائيل) وأمريكا لم تحسم موقفها
و"حجارة السجيل" أفرزت ثلاث مسائل مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار، كما أكد الحمد،
الأولى أن هزيمة (إسرائيل) عسكريًّا أمر يمكن تحقيقه وتأكيده بصورة أكبر، عقب
هزيمتها في حرب لبنان 2006م، وحرب غزة 2008م، مشددًا على أن نتائج حرب 2012م كانت
الأقسى على (إسرائيل)؛ لأنها لم تحتملها يومًا واحدًا، إذ سارعت مطالبة بالتهدئة.
وأما المسألة الثانية _وفق وجهة نظره_ فهي أن المجتمع العربي أصبح يفكر جديًّا
بالاعتماد على المقاومة الفلسطينية في اتخاذ مواقف إقليمية ودولية سياسية؛ كونها
ليست بظاهرة عابرة، "وإنما هي رسالة واضحة بأن المقاومة لن تتحول إلى الضعف، بل
يمكن الرهان على "حماس" ورقة مهمة لدى الأنظمة العربية لتقوية أدوارها وأوضاعها
السياسية مع المجتمع الدولي".
وبين الباحث الفلسطيني أن المسألة الثالثة تدخل في إطار نجاعة البرامج السياسية
للفصائل الفلسطينية، وهو أن المفاوضات والاتفاقيات السياسية والتماهي مع السياسة
الدولية لا تحقق إنجازات سياسية كما المقاومة التي كسرت شوكة (إسرائيل)
بين المقاومة والسياسة
ودعا القيادات والكوادر السياسية في الحركات الفلسطينية التي ترفض مبدأ المقاومة
(في إشارة إلى السلطة في الضفة الغربية) إلى أن يتلاقوا هم ونظراؤهم في "حماس"
بعيدًا عن التعصب الحزبي والانتماء التنظيمي؛ بهدف إعادة النظر في الخط السياسي
الفسطيني العام الرسمي ليحتوي المقاومة، "التي أجبرت (إسرائيل) على تقديم أكثر مما
قدمته أمريكا لـفيتنام"، لافتًا إلى أنه يلزم الأطراف الفلسطينية أيضًا "بذل جهد
ملموس للابتعاد عن الاستنزاف الداخلي الفلسطيني".
الخط السياسي الفسطيني العام الرسمي يجب أن يحتوي المقاومة
وعدّ الحمد في حديثه عن "حل الدولتين" نيل فلسطين صفة مراقب غير عضو في الأمم
المتحدة جزءًا متواضعًا من النضال السياسي الفلسطيني على الصعيد الدولي، "لكن من
يعمد إلى تضخيمه في غير موضعه سياسيًّا وقانونيًّا وإستراتيجيًّا يضر القضية
الفلسطينية، إضافة إلى أن التقليل من شأنه يعد ظلمًا للمعركة السياسية التي دخلتها
منظمة التحرير الفلسطينية مع (إسرائيل) وأمريكا والنظام الدولي والأمم المتحدة،
واستثماره يعتمد على تفعيل المقاومة"، وفق قوله.
وشدد على أن تأثير ربيع الثورات العربية على القضية الفلسطينية يمكن أن يتمثل في
حاضنة إقليمية تشكل درع وقاية لظهرها في مواجهتها مع العدو، على غرار ما حدث في
فيتنام والأرجنتين والمقاومة الفرنسية، مشيرًا إلى أن مصر ومعها تونس وليبيا
والسودان واليمن شكلت ظهرًا قويًّا جادًّا ومخلصًا لمساندة المقاومة الفلسطينية،
والوقوف إلى جانبها في حربها الأخيرة مع (إسرائيل)
المصالحة إلى أين؟
وفي رده على سؤال: "كيف ترى مستقبل المصالحة الفلسطينية؟" أجاب: "انتصار المقاومة
الفلسطينية الأخير في الحرب على غزة أسس لمشروع وطني جديد يقوم على قاعدة التوافق
الفلسطيني من جهة، ومواجهة (إسرائيل) من جهة أخرى باستخدام كل الوسائل، ومنها
المقاومة المسلحة"، مشيرًا إلى أن الكرة الآن في ملعب الساسة الفلسطينيين: هل
يذهبون إلى خلافات جزئية هنا وهناك أم إلى توافق على قاعدة إستراتيجية ننطلق منها
إلى آفاق المستقبل؟
واستدرك الحمد قائلًا: "حتى اللحظة لا جواب واضحًا (...) الكل يأمل الوصول إلى
الجواب عبر مشروع وطني حقيقي جاد يلتف حوله الشعب الفلسطيني بواقعه كما هو، مع
تغيير في بعض المفردات والعقليات القيادية فيها، لكن المصالحة تعاني جمودًا فكريًّا
للقادة المتفاوضين في أمرها، والأصل الانتقال إلى مربع التفاوض السياسي الحقيقي
القائم على الرؤية والمصلحة معًا".
الجمود الفكري يعيق المصالحة والتفاوض السياسي الحقيقي يدفعها
ونصح مدير مركز دراسات الشرق الأوسط المتفاوضين بإيجاد ورقة تفاهمات من صفحة واحدة
فقط تحتوي في نصفها على القواعد الأساسية لرؤية فلسطينية تجمع فيها رؤى الأطراف
الفلسطينية، وفي النصف الثاني من الورقة الاجراءات اللازمة لإعادة بناء النظام
السياسي الفلسطيني (منظمة التحرير والسلطة الوطنية) مثل: تشكيل الحكومة، وإجراء
انتخابات حرة نزيهة لمنظمة التحرير بإشراف الجامعة العربية لضمان الشفافية، مع عدم
قبول منهج التعيينات في المجلس الوطني.
وفيما يتعلق بما قدمته حماس لإنجاح المصالحة في غزة، وما قابله في الضفة من عدم
التقدم في ملف الحريات العامة؛ يرى الحمد أن المصالحة لا يمكن أن تتم إلا في حالة
التعامل مع جناحي الوطن كوحدة واحدة، موضحًا أن "خطأ استبعاد الضفة في السابق كان
يعود إلى ضغوط المخابرات المصرية في عهد حسني مبارك"، "أما الآن فتغيير النظام يجعل
كفة مصر في مصلحة حماس، ولكنها ليست معادية للطرف الآخر الفلسطيني، بل هي معنية
بالشأن الفلسطيني كله، وحماس ما تقدمه لا يعد تنازلًا بل مرونة تحسب لها سياسيًّا"،
حسب قوله.
1: المقابلة مع فلسطين أون لاين 26-2-2013
رجوع
|