مقياس معياري لانجاز توجهات الإصلاح الشامل في الوطن العربي
الأستاذ جواد الحمد / مدير
مركز دراسات الشرق الأوسط - صحيفة االغد الأردنية -
15/4/2011
بعد تكاثر توجهات المجتمع
العربي وقواه السياسية لطرح تصوراتهم حول الإصلاحات المطلوبة في
دولهم على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أصبح من المهم
البحث عن مقياس مرجعي معياري يمكن الاستناد إليه في قياس وقراءة
توجهات الحكومات المختلفة في الوطن العربي إزاء متطلبات الإصلاح
السياسي الدستوري والقانوني لبناء نظام سياسي فاعل وعادل ومعاصر،
وبرامج وفعاليات الإصلاح الاقتصادي وخاصة ما يتعلق منها بقدرة
الاقتصاد الوطني على تحقيق الاستقرار والنماء والتطور في الدولة،
إضافة إلى قدرته على جلب الاستثمار الحقيقي المحلي والعربي
والأجنبي، وكذلك قدرته على خلق الوظائف والإسهام في القضاء على
البطالة والفقر في المجتمع، كما يتناول المقياس تقييم عمليات
الإصلاح الاجتماعي ومرجعياتها المعتمدة، الدينية منها والثقافية
والتاريخية، وبما يحقق بناء مجتمع قوي ومتماسك وحداثي ومتطور ينتمي
لأمته ووطنه، مستفيدة في كل ذلك مما تفوقت به أمم أخرى علينا، على
قاعدة احترام الخصوصية الثقافية لكل أمة وشعب.
ومن هنا فإن هذه المقالة
تقترح أن تتبنى القوى السياسية والنخب السياسية والحكومات على حد سواء
مقياسا مرجعيا، يتصف بالعلمية والواقعية، للحوار حول الإصلاح ورسم
ملامحه ومعالمه، ومن ثم الاستناد إلى هذا المقياس المرجعي المعياري في
القياس والتقييم والتقويم لمدى الإنجاز في توجهات الإصلاح وتحليلها
وإصدار الحكم عليها.
مكونات
المقياس المعياري المقترح
في ضوء هذه القراءة لمتطلبات
الإصلاح وفي ضوء القناعة بأهمية الاستناد إلى مقياس ومعيار مرجعي للحكم
على البرامج والأشخاص والحكومات فيما يتعلق بالتقدم في توجهات الإصلاح،
فإن هذه المقالة تقترح المقياس التالي:
1-
وضوح الرؤية لدى الجهة الخاضعة للقياس فيما يتعلق بـ:
i.
التحديات التي تواجه الإصلاح
ii.
الفرص المتاحة لتحقيق الإصلاح
iii.
الأدوات المتوفرة والمطلوبة للقيام بعملية الإصلاح
2-
مدى جدية الجهة في تبني وتفعيل توجهات الإصلاح ومؤشرات ذلك
3-
القدرة على رسم الأولويات والسيطرة على مسارها لتحقيق الإصلاح ببرنامج
معلن وواضح
4-
مدى مشاركة القطاعات ذات الصلة في المجتمع في
برامج الإصلاح المرسومة والمخططة
5-
توفر خريطة طريق زمنية يتم خلالها تحقيق إنجازات كاملة في كل مرحلة على
أساس أسبوعي أو شهري
6-
مدى الرضا المتحقق من قبل مكونات القطاعات المستهدفة بالإصلاح عبر
استطلاعات رأي محايدة لكل برنامج أو مرحلة زمنية
7-
أبرز الخطوات الاستراتيجية التي اتخذت أو ستتخذ
لإحداث النقلة في مجال التشريع والهيكلة وصناعة القرار
8-
قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الداخلية القائمة أو المستجدة
9-
قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الخارجية القائمة أو المستجدة
10-
نسبة التوافق والإنجاز لبرامج الإصلاح المطبقة مع برنامج الحكومة
المعلن وكتاب التكليف الملكي أو الرئاسي (حسب الدولة)
11-
تقديم الحكومة لتقرير إنجاز بمؤشرات مقنعة، نسبية لما كان عليه الواقع
السابق للبرنامج، ومطلقة بالنسبة للمطلوب باتجاه الإصلاح الشامل
إدارة المقياس المعياري
من أجل النجاح في
الاستفادة من هذا المقياس المعياري من قبل مختلف مكونات المجتمع
والدولة، والاتفاق على مؤشراته كمرجعية في الحكم على النجاحات
والإخفاقات في سياسات وبرامج ومشاريع الإصلاح السياسي والاقتصادي
والاجتماعي يقترح ما يلي:
· يجري تطبيق هذا المقياس
المرجعي بشكل دوري، وفق فترة زمنية يتم تحديدها والتوافق عليها، ويقترح
من حيث المبدأ أن يكون شهرياً اعتباراً من تاريخ نيل أي حكومة لثقة
الجهة التشريعية (البرلمان) على بيانها وتشكيلتها الوزارية
· يتم تشكيل هيئة وطنية
مستقلة باسم " الهيئة الوطنية لمراقبة وتقييم الإصلاح " من قبل الأحزاب
والنقابات والمستقلين والقوى الاجتماعية الرئيسية، يدعمها البرلمان،
وتسهل لها الحكومة القيام بمهامها
· تتعهد الحكومة بتوفير
كافة المعلومات والتقارير والإحصاءات اللازمة لعمل هذه الهيئة من كافة
إداراتها
· يعتبر تقرير هذه الهيئة،
ويسمى "تقرير مؤشرات الإنجاز في الإصلاح"، مرجعية وطنية تعمل الحكومة
على الأخذ بتوصياتها لاستكمال وتصحيح برامج الإصلاح على كافة المستويات
وبهذه المحاولة الأولية لرسم
هذا المقياس المعياري ونظام إدارته ترجو هذه المقالة أن تسهم في بلورة
آليات ومقاييس مرجعية في الاحتكام إلى إنجازات برامج الإصلاح وآفاقها،
ويعمل في نفس الوقت على إعادة النظر في البرامج والآليات المتبعة
لتحقيقه، على أمل أن تحظى بالدراسة والتطوير والتحسين وصولاً إلى رؤية
أكثر شمولاً، وأدق تعبيراً، وأكثر واقعية وعلمية، وأكثر معاصرة يرجع
إليها المجتمع العربي في توجهاته الإصلاحية على مختلف الصعد
والمستويات.
ويعد هذا الاقتراح للمقياس
برسم المناقشة والتطوير من أي طرف كان حتى التوصل إلى مقياس متفق عليه،
ومتفق على احترام نتائجه، مدعوماً بأدوات قياس علمية لتقديم نسب رقمية،
وتقديم تحليل نوعي وكمي للأسباب التي تقف وراء هذه النسب سواء كانت
متدنية أو متقدمة، ومن ثم اكتشاف قدرة الحكومة مجتمعة أو أحد وزرائها
منفردا في أدائه لتحقيق الإصلاح الوطني الشامل المطلوب لدخول العصر
بكفاءة واستقرار وضمان مستقبل الأجيال القادمة.
رجوع |