رؤيتنا للمتغيرات

نشـاطـاتنا

إصـداراتنـا

وثـائـــق

دراســـات

خدمات مجانية

الدورات التدريبية

الشؤون الإسرائيلية

أحدث إصدارات 2010

التسـويـة السيـاسيـة

 التحديات والآفاق

الوطــــن البديـــل آفاق التطبيق وسبل المواجهة

القرن الإفريقي وشرق إفريقيا

الواقع والمستقبل

رسالة أوباما التصالحية والمطلوب عربيا

الفاتيكان والعرب، تحديات وآفاق في ضوء زيارة البابا للمنطقة

التداعيات القانونية والسياسية لانتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني

السياسات العربية في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي حتى عام 2015م

الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها

 

مركز دراسات الشرق الاوسط-الاردن

تداعيات مصادرة الاراضي وهدم البيوت على مستقبل القدس السياسي

جـواد الحمـد        

مدير مركز دراسات الشرق الاوسط

ايار / مايو 2009     

 المحتويات  

 اولا: سياسة الامر الواقع الاسرائيلية بالمصادرة والاستيطان

    أ‌- ‌- مكونات السياسة واهدافها السياسية

    ب‌- مشاريع الاستيطان والمراحل التي مرت بها

    ت‌-  أساليب المصادرة

 ثانيا: انعكاسات المصادرة والاستيطان على مستقبل القدس السياسي

           أ‌-  تحول الملكية والوجود العربي لصالح اليهود

          ب‌- تعقيد اي تفاوض سياسي على القدس الشرقية حتى حدود 4 حزيران 1967

          ت‌- تطبيق مخططات مستقبلية واسعة  لتهويد المدينة كاملة

·          مشروع عوزي فكسلر

·          مشروع يورام زاموش 

 ثالثا: ما الذي يمكن التفاوض عليه في القدس والى اين سيقود حقوق العرب فيها ؟

 رابعا: مخاطر تهدد اراضي القدس خلال السنوات الخمس القادمة حتى 2014 

 خامسا: مكونات ومحددات  مواقف الاطراف المختلفة من القدس ومستقبلها السياسي

 خلاصة واستنتاجات

--------------------------------------------------------------------------------
 تداعيات مصادرة الاراضي وهدم البيوت

 على مستقبل القدس السياسي

جـواد الحمـد[1]

      شكلت القدس ومنذ عصور البشرية الاولى منطقة مقدسة داتر حولها الاستقطاب والصراع والخلاف، ومن المؤكد على صعيد الفكر السياسي الفلسطيني والعربي أن قضية القدس لا تنفصل عن القضية الفلسطينية ككل ، ولان اخذت القضية باجزائها وجوانبها الاخرى الابعاد السياسية والانسانية والفكرية والاقتصادية ، فان مسالة القدس تاخذ البعد الديني العقيدي اضافة الى كل هذه الابعاد، وقد لعبت القدس كما تلعب اليوم الدور الاساسي في تحريك الصراع الاساسي في المنطقة، وحرصت الدول التي مثلت الحضارات التاريخية التي سادت على مر العصور في المنطقة على ان تكون القدس تحت سيطرتها، بل وعاصمة دولها.

حاولت اسرائيل منذ احتلالها الكامل للقدس عام 1967 تغيير البنية الديمغرافية والدينية في المدينة لصالح تغييب الهوية الحضارية الاسلامية والمسيحية عنها لصالح الادعاء التاريخيي لليهود بقدسيتها الدينية لديهم وخصوصا ما يتعلق باعادة بناء الهيكل على انقاض المسجد الاقصى.

ولم تنجح جهود العرب والمسلمين في اصدار قرارات الامم المتحدة المتتابعة لحماية  المسجد الاقصى ، كما لم تنجح وساطاتهم لدى الولايات المتحدة واووربا على مدى عقود في ذلك ، في حين ان عملية السلام والاتفاقات التي وقعتها الاردن والفلسطينيون ومصر لم تتمكن من تحقيق أي نوع من الحماية للاقصى والقدس ، بل شجعت الطرف الآخر على مزيد من التهويد واحكام السيطرة.

اولا: سياسة الامر الواقع الاسرائيلية بالمصادرة والاستيطان

أ‌-         مكونات السياسة واهدافها السياسية

تتكون سياسة اسرائيل المتعلقة بالمصادرة والاستيطان وفق ما يلي :

-          السعي لمصاردة الاراضي الاميرية المملوكة للدولة اساسا لصالح الجيش والامور العسكرية

-          السعي لبناء مستوطنات واسعة ومنتشرة في كل الضفة الغربية وقطاع غزة بعد عام 1967 بهدف التهويد، واستيعاب المهاجرين

-          استملاك ومصادرة الاراضي اللازمة لتشكيل محيط حيوي لمعسكرات الجيش والمستوطنات فيما عرف بالحماية الطبيعية والطرق الالتفافية لتجنب مواجهة اعمال المقاومة

-          السعي لاخراج السكان من اراضيهم عبر الضرائب والملاحقات وتدمير المزروعات وخاصة الزيتون

-          تشجيع وحماية المستوطنين للسيطرة على الاراضي والاملاك العربية في القدس وغيرها

-          بناء واقع من التداخل البشري والاستملاكي مع السكان الاصليين بهدف تطوير الادعاءات التوراتية بملكية الارض وتكريس بعدها الديني والاستراتيجي لاقناع العالم بعدم الضغط على اسرائيل للانسحاب الكامل

-          بناء جدار الفصل العنصري لتشكيل سجن كبير للشعب الفلسطيني، ولتحقيق مزيد من السيطرة عليه، ولضم مساحات جديدة من الاراضي والمياه الجوفية

ويتمحور الهدف الاساسي بتحقيق ضم اراضٍ جديدة الى الكيان الاسرائيلي، واستيعاب المهاجرين، والسيطرة على منابع المياه، وتحقيق النبوءات التوراتية الدينية لليهود فيها، واعتمادها امرا واقعا لا يمكن الرجوع عنه في اي تفاوض سياسي مستقبلي.

ب_ مشاريع الاستيطان والمراحل التي مرت بها

قامت سلطات الاحتلال بعملية استيلاء ومصادرة مبرمجة لاراضي القدس، وقامت ببناء مستوطنات عليها مثلت اطواقاً تحيط بالمدينة، بهدف عزلها عن محيطها العربي وعن ترابطها مع الضفة الغربية تمهيدا لقضمها كليا، واخراجها من مصطلح الضفة الغربية ، والعمل على توفير مساحات تتوسع تدريجيا لاستيعاب المهجرين اليهود لتنفيذ عملية التهويد الديمغرافي.

شكلت هذه العمليات ثلاثة اطواق استيطانية تحيط بالمدينة. وقامت اسرائيل كقوة احتلال باعلان ضم المدينة الى كيانها السياسي رسميا في يوليو 1980 ، لتصبح القدس الموحدة عاصمة ابدية لاسرائيل على حد تعبيرهم ، ( ويقصد بذلك توحيد الجزء الشرقي منها المحتل عام 1967 مع الجزء الغربي المحتل عام 1948)، ولذلك فقد حرصت على اتباع سياسة تقليص التواجد الفلسطيني داخل حدود البلدية الجديدة.

ورافق عمليات مصادرة الأراضي اقرار قانون التخطيط والبناء حيث تم في الفترة ما بين 8/1/1968- 1/2/1995 فقط مصادرة 24200 دونم من اراضي القدس. 

كما أقرت الكنيست الإسرائيلي في يوليو 1980 -بشكل استثنائي- قانوناً جديداً أُدرِج في قائمة (القوانين الأساسية) ينص على أن القدس عاصمة إسرائيل، وقد هدف القانون الى منع أي حكومة إسرائيلية من التوصل لأي اتفاق يمس السيادة الإسرائيلية على القدس.

ج- أساليب المصادرة

·           إعادة تصميم الخرائط الهيكلية وإقرارها للحد من النمو العمراني والسكاني للأحياء العربية

·           الاستملاك بحجة المصلحة العامة:

o          بقصد إقامة محميات طبيعية أو شق طرف أو تحديد خطوط ضغط عالي

o          بحجة وجود أماكن أثرية وتاريخية

o          بحجة توسيع المستوطنات القائمة

·           وضع اليد على املاك الغائبين

·           ادعاء ملكية بيوت واراضي معينة خصوصاً بعد الاعتداءات على وثائق المحكمة الشرعية في القدس

·           تهجير الفلسطينيين من القدس لتغيير الواقع الديمغرافي لصالح استملاك اراضيهم وممتلكاتهم في القدس وتقليل العدد لصالح اليهود

ثانيا: انعكاسات المصادرة والاستيطان على مستقبل القدس السياسي

أ- تحول الملكية والوجود العربي لصالح اليهود

النظرة المتفحصة في تحول ملكية العقارات في المدينة في محطات ثلاث من عمرها المعاصر ( 1918، 1948، 1967) تؤكد خطورة نجاح المخططات الصهيونية بتهويد المدينة وانهاء الوجود العربي فيها .

·           فقد كانت الملكية العقارية في القدس عام 1918 موزعة كما يلي: 94% للعرب (مسلمين ومسيحيين)،  4% لليهود،  2% للأجانب.

·           وفي نهاية الانتداب البريطاني 1948، وبفعل التآمر الاستعماري الصهيوني، ازدادت ملكية اليهود العقارية لتصبح النسبة كما يلي: 84% للعرب (مسلمين ومسيحيين)، 14% لليهود، 2% للأجانب.

·           وبعد استكمال عملية الاحتلال في أعقاب حرب حزيران عام 1967م، وضمها الكامل إلى سلطة الاحتلال الإسرائيلي، أصبحت الملكية العقارية معكوسة تماماً لصالح المستوطنين من الصهاينة أي: 14 % للعرب (مسلمين ومسيحيين)، 84 % لليهود، 2  % للأجانب.

ب- تعقيد اي تفاوض سياسي على القدس الشرقية حتى حدود 4 حزيران 1967

يتضح من دراسة حركة الاستيطان في القدس انه حقق الكثير من الوقائع المعقدة تفاوضيا وابرزها:

1.         سياسة الاطواق ، وسياسة الفصل عن الضفة الغربية ، وسياسة الاخلاء للسكان من اماكن سكنهم

2.         وسياسة تغيير الطابع الاسلامي والمسيحي(العربي) عن المدينة، ومحاصرة الاماكن المقدسة وعلى الاخص الحرم الشريف تمهيدا لهدمه وبناء الهيكل،

3.         واتباع نظام الاستملاك والهدم بحجج كثيرة ،  والاستيلاء على بيوت في الاحياء العربية عبر منظمات متخصصة في هذا العمل مدعومة ومحمية من الحكومة ومحكمة العدل العليا في الكيان .

 وهو ما يؤثر تاثيرا بليغا على مستقبل القدس السياسي، حيث أقيمت أحياء جديدة في القدس، كل واحد منها يضاهي مدينة بأكملها، مثل حي "بسجات زئيف" في الشمال وحي "جيلو" في الجنوب في ضواحي بيت جالا، حيث يزيد عدد سكان كل منهما عن 30 ألفاً.

               وأصبح مستقبل البلدة القديمة التاريخية بما يرتبط به من تخطيط وإعادة تشكيل نسيج من قبل المستوطنين اليهود نسخة طبق الأصل عما جرى لمدينتي يافا وعكا حين تم إجلاء وطرد أكبر عدد من الفلسطينيين قسراً منهما لتتحول هذه المدن إلى مستعمرات فنية ومدن من المتاحف يسكنها اليهود كأغلبية ساحقة.

ج- تطبيق مخططات مستقبلية واسعة  لتهويد المدينة كاملة

إن نظرة إلى القدس عام 2020 بعد هذا التوسع الذي ستشهده المدينة بفعل المشروعات الضخمة سيغير النظرة القائمة إليها منذ مئات السنين، ولعل أبرز هذه المشاريع:

·           مشروع عوزي فكسلر

( المدير العام لجهاز التطوير في بلدية القدس المحتلة) حسب  شاحر ايلان:  

1-                    هدم أسوار مدينة القدس القديمة مع تدمير المباني العربية التاريخية المقامة بين ثنايا هذه الأسوار.

2-                    بناء الهيكل المزعوم على أنقاض هذه المعالم التي يصار إلى هدمها. وفي مقدمتها الحرم القدسي الشريف بمنشآته وأوقافه وساحاته.

3-                    إنشاء شبكة قطارات كهربائية في قلب المدينة.

4-                    إنشاء برج مراقبة بارتفاع (250) متراً.

5-                    إنشاء السوق الكبير (الكنيون) على أراضي قرية المالحة العربية المصادرة منذ عام 1948م الواقعة غرب القدس.

6-                    تنفيذ مشروع تطوير المركز التجاري في القدس الشرقية بهدف تقطيع أوصال الأحياء العربية خارج الأسوار الواقعة شمالها وغربها واستبدالها بأحياء يهودية.

·           مشروع يورام زاموش...  

ويعمل المشروع على اعادة المكانة وفق النظرة اليهويدة الى الحوض المقدس، وهو المنطقة الواقعة بين جبل الزيتون والحي اليهودي ومركز حارة النصارى حتى سلوان حتى باب الساهرة.

وتحويل المدينة المقدسة ومنطقة الحرم الى معالم سياحية وحدائق وتطوير نظام المواصلات بينها لاجتذاب سياح العالم وادخال المقدسات المسيحية والاسلامية في المشروع الى جانب ما يزعم من المقدسات اليهودية فيها .

 ويسمى المشروع (قيدم بروشلايم) اي  (اورشليم اولا )، وانشاء شركة للاشراف عليها تحمل نفس الاسم بوصفها الجهة الممثلة للدولة والشعب اليهودي في الحوض المقدس بما في ذلك ما يسمى بجبل الهيكل وحائط البراق، وتبلغ تكلفته الكلية حوالي 400 مليون دولار ويستمر العمل به لمدة ست سنوات، والمشروع عهبارة عن خطة مفصلة لتهويد القدس  والسيطرة الاحتلالية على المسجد الاقصى تحت شعار تطوير السياحة في القدس.( نشر المشروع لاول مرة في فبراير / شباط 2008 في صحيفة جيروزالم بوست الاسرائيلية الصادرة بالانجليزية، وعلق عليه مفصلا الكاتب انشيل بيبيير  في صحيفة هآرتس الاسرائيلية في عددها الصادر يوم 23/2/2009 )

ثالثا: ما الذي يمكن التفاوض عليه في القدس والى اين سيقود حقوق العرب فيها ؟

اكدت مختلف الطروحات الدولية وخصوصا الاميركية منها ان التفاوض على القدس سياخذ بعين الاعتبار الواقع القائم بمختلف جوانبه البشرية والمتعلق بالارض والاستيطان اضافة الى الحاجات الدينية والامنية

وربما مثل مشروع الرئيس الاميركي بل كلنتون عام 2000 مثالا على ما يمكن ان تؤول اليه الامور بسبب عمليات الاستيلاء والمصادرة والاستيطان التي لم تتوقف حتى اليوم في المدينة المقدسة، ومن هنا فان التفاوض المطروح سوف يتم على اساس الامر الواقع المفروض يوم التفاوض،

وعلى صعيد مساحة الجزء الشرقي المحتل عام 1967 من القدس تشير الارقام التقريبية الى ان 86 % من مساحة القدس الشرقية قد تمت مصادرتها عملياً، ولم يبق سوى 14% من مساحتها الاصلية للتفاوض، علماً بأن جزءًا منها يخضع لمخططات التخضير العامة والحدائق يصل الى 9%،  ليبقى ما لا يزيد عن 5% يمكن التفاوض عليه وتحصيله وفق شروط تفاوضية غير محددة المعالم.

ولذلك فإن إمكانية استعادة الحق العربي الكامل في القدس الشرقية وفق حدود 4 حزيران عبر التفاوض امر غير ممكن، وان اقصى ما قدمه الجانب الاسرائيلي في مفاوضات كامب ديفيد في شهر يوليو عام 2000 هو السيادة على الحرم القدسي الشريف من اعلاه دون اسفله، وتأمين المرو الى الحرم، واقتطاع حائط البراق وساحته لصالح اليهود، وضم الكتل الاستيطانية والاحياء اليهودية ، وتقاسم ادارة البلدية المشتركة وفق الاحياء والسكان ، وان تسمى القدس هكذا عاصمة لدولة فلسطين دون سيادة حقيقية عليها ، ما يجعل نتائج المفاوضات حول القدس محسومة اسرائيليا ومفتوحة عربيا وفلسطينيا للتنازلات المتتالية تحت ضغط الامر الواقع وميزان القوى القائم. 

ولم تتمكن مختلف مراحل التفاوض السياسي او توقيع الاتفاقات مع كل من مصر والاردن ومنظمة التحرير الفلسطينية ان تحقق اي تغير في وضع الاحتلال للقدس بكل مكوناتها، ومن المتوقع أن يتقوى الموقف الإسرائيلي في المفاوضات النهائية حول القدس بتطور المتغيرات التي فرضتها إسرائيل منذ عام (1967) على المدينة، وبخاصة فيما يتعلق بالمستوطنات المتداخلة مع التجمعات السكنية العربية، وتزايد برامج تهويد القدس، وإزالة الطابع العربي عن القدس الشرقية، أي أن إسرائيل تعتقد أنها نجحت فعلاً في فرض الأمر الواقع على المدينة، ولم تعترف بالقدس الشرقية جزءاً من الأراضي العربية المحتلة، مما يُعفيها من مسؤولية الانسحاب منها وفق القرارات الدولية (قرار 242)، وقد تجاهلت الممارسات الإسرائيلية في القدس الحقوق المشروعة والطبيعية لأهاليها.

         وبذلك يتضح أن مسألة القدس ومكانتها القانونية لم تُحسم منذ القرار رقم 181، المتعلق بالتقسيم وتدويل القدس، وحتى بدء المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية وتوقيع إعلان المبادئ (أوسلو) في 13/9/1993، وانتهاء بتطبيق الاتفاق ثم تعليقه الى ان قام رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي آنذاك ارئيل شارون بتدمير السلطة واجتياح الضفة الغربية واعادة احتلالها بالكامل في آذار/ مارس عام 2002.

حيث كانت "القدس" تعني، فلسطينياً، القدس بشقيها، لكن توقيع إعلان المبادئ، والذي يهدف إلى تحقيق تسوية دائمة على أساس قراري مجلس الأمن 242 و 338 اللذين يتناولا الأراضي الفلسطينية التي احتلت سنة 1967 فقط، عرَّف مفهوم السيادة على "القدس"، بخصوصية "القدس الشرقية"، أما القدس الغربية والقرى الفلسطينية التي ضمت مساحتها إليها بعد حرب عام 1948 وقيام الدولة الصهيونية، فقد يطالب الفلسطينيون بتعويضهم عن أملاكهم فيها، ضمن حل مشكلة اللاجئين و"القضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك ولذلك يمكن القول بدقة أن مسار المفاوضات السلمية الجاري والأسس التي تشكّلت عبره لا تتعامل مع الحق الفلسطيني الكامل في الجزء الشرقي المحتل من مدينة القدس عام 1967.

رابعا: مخاطر تهدد اراضي القدس خلال السنوات الخمس القادمة حتى 2014 

1.                        إبقاء المستوطنات حجماً وشكلاً

2. تجميعها وضمها الى اسرائيل في ضوء الحل النهائي

3. ربطها باحزمة متكاملة تحاصر المناطق السكنية الفلسطينية وتمنع نموها وتوسعها

4. المحافظة على الكتل الاستيطانية الاستراتيجية في القدس الى جانب الكتل الاخرى في الضفة الغربية، وضمها الى اسرائيل في اي حل سياسي

5. تطبيق فكرة تبادل الاراضي بين منطقة القدس ومستوطناتها وبين ما يماثلها مساحة من الاراضي المحتلة عام 1948 كما اشارت افكار اسرائيلية وفلسطينية عديدة ، بما فيها الموقف الفلسطيني في مفاوضات التحضير لوثيقة لقاء انابولوس الذي عقد في اواخر العام 2007. 

6. استكمال بناء الجدار العنصري الفاصل حول المدينة والذي قضم اراضيها وعزلها عن محيطها العربي ومنع تواصلها الجغرافي مع بقية الضفة الغربية

خامسا: مكونات ومحددات  مواقف الاطراف المختلفة من القدس ومستقبلها السياسي

                        من خلال الدراسة واستقراء مواقف الاطراف المختلفة يمكن استنتاج ابرز ما يشكل ويحدد مواقفها : 

§           خرائط حدود 4 حزيران 1967، واهميتها في المفاوضات والمنازعات السياسية

§           الحق الديني لكل الاطراف سواء فيما يتعلق باماكن العبادة الحالية او بادعاءات حقوق تاريخية ( الهيكل)

§           الواقع القائم المتعلق بالسكان والاستيطان وحدود جدار الفصل العنصري

§           القدرة العسكرية والاقتصادية والسياسية لكل طرف على فرض مطالبه وحقوقه المزعومة فيها.

خلاصة واستنتاجات

يتضح من خلال الدراسة السابقة ان القدس وبرغم ما تمثله من اساس للصراع التاريخي والديني، وبرغم تاييد القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة للحق العربي فيها ، غير ان اجراءات الاحتلال باستملاك والمصادرة والاستيطان والضم اصبحت تشكل امرا واقعا قبلت به الكثير من الاوراق التي تقدم حلولا وسطا لصالح طاولة التفاوض، وكذلك عدد من المشاريع الرسمية للحل حتى العربية منها، وبذلك اصبح هذا الامر الواقع الذي فرضه الاحتلال اساس الموقف الامريكي الرسمي.

ونظرا لحجم الاستيطان الكبير وعزل المدينة عن محيطها العربي عبر اطواق الاستيطان وجدار الفصل العنصري فقد تشكل الموقف الاسرائيلي على ارض الواقع بادعاء حقه في المدينة ، ونظرا للسوابق التي وافق عليها العرب بتبادل الاراضي ومراحل الانسحاب والقبول بالوضع الديني الخاص للمدينة وتاجيل البت فيها منذ كامب ديفيد 1978، فان مستقبل المدينة  السياسي اصبح محكوما بنتائج الاستيطان والاستيلاء والمصادرة والضم التي اتخذتها السياسة الاسرائيلية ، وبرغم الحجة العربية الرسمية  للقبول بمفاوضات مدريد عام 1991 وتوقيع معاهدات السلام القائم على انقاذ ما يمكن انقاذه ، يبدو ان ما يمكن انقاذه من مدينة القدس اصبح متواضعا لدرجة التلاشي عبر عمليات التفاوض، ما يهدد الحق الفلسطيني بالعودة والسيادة على المدينة مستقبلا، ويحرم الاجيال القادمة من امكانية انجازه سياسيا، وهو ما يترك الباب مفتوحا لخيارات اخرى للعرب والفلسطينيين لتغيير ميزان القوى الدولي والاسرائيلي او اجبار اسرائيل على الانسحاب قسرا كما فعلت منقبل من  جنوب لبنان عام 2000 ومن قطاع غزة عام 2005 .


[1] جـواد الحمـد، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط- الأردن، ورئيس تحرير مجلة دراسات شرق أوسطية.

أعلى الصفحة  عودة لرؤيتنا للمتغيرات

 

جائزة البحث العلمي

المؤسسة الأردنيـة

للبحوث والمعلومات

 

مجلـة دراســات

شـرق أوسطيــة

 

الندوات والمؤتمرات

حلقــات نقاشيـة

الحفل السنوي للمركز

من إصداراتنا

 

العلاقات التركية- الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية

 


حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بين النظرية والتطبيق

إسرائيل ومستقبلها حتى عام2015م
تداعيات حصار غزة وفتح معبر رفح

اتجاهات التحول في توازن القوى السياسية والاجتماعية في الديمقراطية الأردنية


نحو توافق فلسطيني لتحريم الاقتتال الداخلي

 

 

 

 

 

 

 

Designed by Computer & Internet Department in MESC.Latest update   July 08, 2010 12:14:10