|
قراءة في مسودة الاتفاقية بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية العراق والولايات المتحدة وآفاق المستقبل
جواد الحمد ينظر إلى طبيعة العلاقة الممكنة للولايات المتحدة مع العراق الذي تحتله وقد أسقطت نظامه ، وأشرفت على تدريب قواته المسلحة وقواته الشرطية بأهمية بالغة في الأوساط والدوائر الأميركية لما له من انعكاسات متحققة على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وعلى رأس ذلك كله النفط كمصدر أساسي للطاقة في الدول الصناعية ، وعلى نفس الصعيد فان القوى السياسية العراقية تنظر إلى هذه المسالة من زوايا مختلفة ولكنها جميعا تقع في دائرة الأهمية والنظرة الاستراتيجية . في ظل هذه المعادلة وبعد أن فشلت الولايات المتحدة في تحقيق الاستقرار الكامل في المنطقة , فقد أصبحت تعاني الكثير من القتلى والجرحى جراء أعمال المقاومة، كما عانى الشعب العراقي الكثير جراء العدوان والإرهاب الأميركي من جهة وجراء أعمال المجموعات الإرهابية العراقية والعربية التي تعمل في العراق من جهة أخرى. ويحص الطرفان على تحقيق اكبر قدر ممكن من المكاسب الاستراتيجية في البحث في نوعية العالقة المستقبلية ، فالولايات المتحدة تسعى إلى تشكيل حالة من التحالف العسكري والاقتصادي والأمني مع الحكومة العراقية تتمتع بالاستمرارية والشرعية على صعيد البرلمان والقوى السياسية ، وينظر إلى المشروع الأميركي لمسودة الاتفاقية أو إعلان المبادئ المشترك بنوع من الريبة من قبل قوى المقاومة والقوى السياسية السنية على وجه الخصوص ، كما تتحسس إيران إلى حد ما من هذه الاتفاقية ، برغم أنها تقيم علاقات تنسيقية متعددة مع القوات الأميركية في العراق ، لكن الطابع الاستراتيجي لهذه الاتفاقية المرتبط بالقواعد العسكرية والمجال الأمني يجعل من مثل هذا التحول في العلاقة بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة مجالا لإعادة النظر الإيراني بعلاقاتها بالولايات المتحدة في العراق ، لكنها في النهاية ستعمل من خلال حلفائها على تطويق أي تداعيات سلبية على مصالحها من جهة ، وستسعى إلى ابتزاز الولايات المتحدة والغرب عموما مقابل تخليها عن تحفظها على توقيع مثل هذه الاتفاقية . وبالرجوع إلى المسودة التي صيغت لترتيب العلاقات المستقبلية بين الطرفين في 19/11/2007 ، يمكن إبداء الملاحظات التالية : 1- أن الادعاء بان العراق وهو يوقع هذه الاتفاقية إنما يوقعها وهو يتمتع بكامل سيادته هو ادعاء غير حقيقي، فالعراق يرزح تحت نير الاحتلال والقوات المتعددة الجنسية بقيادة الولايات المتحدة ، وبذلك فان حكومته وبرلمانه ليسا مؤهلين لتوقيع هكذا اتفاقيات استراتيجية تتعلق بمستقبل الأجيال القادمة كما تشير ذات المسودة المقترحة في ديباجتها . 2- تؤكد مقترحات المسودة في المجال الدبلوماسي على نوعين من الالتزامات المتبادلة ، احدها يتعلق بدعم العراق من قبل الدولة العظمى الأولى في العالم لتفرض له حضورا وحقوقا ودورا في العالم والمنطقة ، والثانية تتعلق بالوصاية والتدخل في الشئون الداخلية، وعلى الأخص بنود 1،2،3 من أولا . 3- توفر الوثيقة الفرصة الاقتصادية للعراق للنماء والتقدم، ولكن ضمن المظلة والمحضن الأمريكي، وبما يدعم الاقتصاد الأمريكي ومصالح الولايات المتحدة الاقتصادية في المنطقة، ويعد العراق عندها من الدول الأولى بالرعاية بهدف تمكينه من تحقيق المصالح الأميركية المرجوة في العراق والمنطقة بكفاءة . 4- تمثل البنود الواردة في المجال الأمني خلق صورة بديلة للاحتلال ولكن بكل امتيازاته، وهي الصورة القريبة لمراحل الاستعمار الأوروبي السابق في المنطقة ، حيث تجعل من العراق دولة يرتبط أمنها وقواتها ووجودها السيادي بالولايات المتحدة وسياساتها وعلاقاتها الدولية، وهو ما يضع مستقبل العراق كاملا بيد الولايات المتحدة 5- يشكل البند 1 في ثالثا، حالة من الوصاية الأميركية على العراق في مقابل حمايته من الأخطار الخارجية والداخلية من معارضي الحكومة، أو معارضي السياسات الأميركية في المنطقة، فيما يجعل البند 2 من العراق طرفا في برنامج الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب بما سمي "بالحرب على الإرهاب" ، والتي تسببت بتضخم العمل الإرهابي الدولي، خصوصا في العراق ، وبالتالي يصبح مطلوبا من العراق أن يعادي كل من يعادي الولايات المتحدة إذا أرادت الولايات المتحدة أن تساعده على هزيمة المجموعات الإرهابية لديه، علما بان كثيرا من هذه المجموعات يتغذى على الاحتلال الأمريكي والتدخل من دول الجوار ، بل وربما يوجهه بعضها ضد الشعب العراقي لمصلحة هذا أو ذاك ، ومن هنا فان أجندة مكافحة الإرهاب المطروحة إنما هي أجندة أميركية ، حيث أن الإرهاب مرتبط إلى حد كبير بوجود الاحتلال، علما بان الإرهاب والمجموعات الإرهابية سوف ينكشف عندما تضع المقاومة سلاحها بعد رحيل الاحتلال لتشارك في بناء الوطن واستقراره 6- أما البند 3 في المجال الأمني فهو استمرار طبيعي لدور المحتل الحالي في السيطرة على الخبرات والموارد والمهام والوظائف التي تضطلع بها أجهزة الأمن، وبالطبع وان لم يكن واضحا تماما فان النص يفيد بان تكون أي علاقات أمنية أخرى للعراق مرتبطة بتحقيق أهداف العلاقة مع الولايات المتحدة وبعلمها وموافقتها 7- لتوقيع هذه الاتفاقية التي تزعم الولايات المتحدة أنها لمصلحة العراق، تشترط الوثيقة شرطين أساسيين : i. أن يطلب العراق من مجلس الأمن الدولي تمديد وجود القوات متعددة الجنسية بحجة الحاجة لها رسميا، مقابل العمل على رفع العراق من الوقوع تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في هذا التمديد لإعطائه الفرصة للتحرك كدولة مستقلة كاملة السيادة، وليؤهله ذلك أيضا لتوقيع مثل هذه الاتفاقية أساسا ii. أن ينتهي التفاوض والتوقيع مع نهاية 31 تموز 2007 ، وهو سقف ضاغط على الجانب العراقي قد لا يمكنه من دراسة التبعات والتداعيات الناجمة عن مثل هذه البنود ، خصوصا في ظل الحاجة الماسة لتشكيل رأي عراقي موحد حولها ، لدى القوى السياسية والبرلمانية المختلفة ، ناهيك عن التوافقات الطائفية والاثنية اللازمة عليها 8- لم تشر مسودة المشروع إلى أهمية موافقة البرلمان العراقي والكونغرس الأمريكي عليها 9- تعتبر هذه المسودة بمثابة استسلام العراق بمقاومته وأحزابه السياسية لنتائج الهزيمة التي مني بها النظام العراقي السابق أمام الولايات المتحدة، وتقر بان الاحتلال مطلب عراقي رسمي يعبر عن رغبة أبناء الشعب العراقي 10-تعد البنود الأمنية بشكل رئيسي ، وغيرها في بعض المجالات، محددات أساسية لحركة العراق الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية مع الدول العربية والإسلامية في المنطقة ، وتعتبر الولايات المتحدة شريكا للحكومة والبرلمان في اختيار الحلفاء والأصدقاء والعلاقات والسياسة الخارجية ، وتعتبر مسودة الاتفاق التواجد الأمني والعسكري الأمريكي حماية للعراق ، برغم انه يهدد المصالح الوطنية العراقية ، خصوصا وانه قد يخلق حالة من عدم التوافق الوطني ، وقد يتسبب بتصاعد أعمال الإرهاب أو على الأقل استمرارها بمبرر وجود هذه القوات على الأراضي العراقية وباتفاقات تنتقص السيادة العراقية 11- يعتبر إقرار الاتفاقية بروح هذه المسودة أو بتعديلات عليها مسا بالسيادة الوطنية العراقية وقيدا على حرية اختيار العراق لأصدقائه وحلفائه بعد انسحاب قوات الاحتلال 12-يعد توقيع الاتفاقية تحقيقا للنصر الذي وعد به الرئيس بوش الشعب الأميركي على الإرهاب في العراق كما اسماه، وبالتالي يعتبر حفظا لماء وجهه بعدم اخذ قرار بالانسحاب العسكري من العراق حسب مطالب الحزب الديمقراطي والكثير من الأميركيين، وهو ما يخدم توسع نظرية المحافظين الجدد في الولايات المتحدة فيما يتعلق بنظرية الضربة الاستباقية وغيرها، وقد يساعد أيضا على تزايد نفوذهم في المراحل التالية على مختلف الصعد العسكرية والاقتصادية والسياسية والفكرية 13-ربما يعتبر البعض هذه الاتفاقية بمثابة تبرئة للولايات المتحدة من أي تبعات قانونية جراء الأخطاء السياسية أو الأمنية واو العسكرية، أو جراء الممارسات غير القانونية للجنود والضباط الأميركيين في العراق ضد أبناء الشعب العراقي أو ضد مقدراته البشرية والنفطية والمالية والطبيعية المختلفة وغيرها. تتحمل الأطراف العراقية الموقعة على مثل هذه المسودة مسئولية طلب الاستعمار وتحميل الشعب العراقي أعباءه، وتحقيق الوصاية للولايات المتحدة على سياسة ومقدرات الشعب العراقي ومستقبل أجياله الحرة ، وتمنع بالتالي عودة العراق إلى الحضن العربي كبلد عربي خالص ، كما تمنع تحركه كبلد إسلامي خالص ، خصوصا في ظل الدستور الذي تسير عليه البلاد اليوم. أ .هـ الدستور الاردنية....
أعلى الصفحة عودة لرؤيتنا للمتغيرات
|
|
|
|
---|