|
جـواد الحـمد
منذ تشكيلها وبرغم عدم نيلها ثقة المجلس التشريعي الفلسطيني شرعت حكومة سلام فياض بتفكيك المجتمع المدني الفلسطيني في الضفة الغربية، وعملت على نشر عدم الثقة والخلافات الداخلية بين اوساط المواطنين، خصوصا بعدما انفلتت مختلف الوزارات وبدون مسئولية الى اقالة وفصل آلاف الموظفين، وحجب الرواتب عن آخرين لاسباب سياسية معلنة ، وكذلك قيامها بالسيطرة على مؤسسات المجتمع المدني ومصادرة استقلالها بحجة اخضاعها لبرنامج الحكومة السياسي، كما منعت تنامي قوى المعارضة السياسية في الشارع بالقمع والتهديد والارهاب، واعتقلت مئات القيادات الفلسطينية والكواددر المناضلة بحجة التعاطف مع حركة حماس، وشرعت بالاعتداء على مصدر عيش ولقمة خبز الاسر الفقيرة التي كانت تسد بعضا من حاجتها هيئات العمل الخيري ولجان الزكاة الشعبية بحجة انها تخدم برنامج حماس ، هذا ناهيك عن ملاحقة وتفكيك خلايا المقاومة لكل التنظيمات بدءا من فتح ومرورا بالشعبية وانتهاء بحماس. وبذلك فهي تحول المجتمع الفلسطيني الى عالة في مواجهة الاحتلال، فلا امن الا بقرار السلطة ، ولا مقاومة للعدوان الاسرائيلي لان الحكومة تنسق معه علنيا باجراءاته وعدوانه الامني المتواصل ، ولا اطعام ولا دواء ولا اغاثة ولا تنمية سياسية او اجتماعية الا من خلال الحكومة ... فهي اذن تضعف دور المجتمع المدني وتقضي على مؤسساته ، وتتدخل في الحياة العامة المدنية ، وتلغي اي استقلال للعمل المدني التطوعي وتخضعه لبرامجها السياسية خلافا لاتجاهات الاصلاح والتحديث التي تتبناها الغالبية الفلسطينية، وقد اشارت مختلف التقارير التي صدرت حول الحياة المدنية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني الى انها تقوم بتعويض الضعف والعجز الذي تبديه الحكومة في ظل الاجراءات الاسرائيلية العدوانية من جهة ، وفي ظل استشراء الفساد في جسم السلطة ذاتها، ولذلك فان الغاء تراخيص 107 مؤسسات مدنية ، وتفكيك 92 منها لتسيطر عليها الحكومة ، واعادة تعيين اداراتها، والتهديد باغلاق المئات الاخرى من هذه المؤسسات، انما يعمق الشك والتردد لدى المتبرعين العرب لهذه المؤسسات باداراتها الجديدة، لان النماء والتطور الذي حصل لمؤسسسات المجتمع المدني الفلسطيني في ظل الادارات السابقة اخذ وقتا طويلا حتى نال شهادة الثقة والشفافية والمصداقية ، واما فيما يتعلق بالادارات الجديدة فان المؤسسات التابعة للحكومة لا تتمتع بمثل هذه الشهادة اصلا، وفي حال سيطرت هي على هذه المؤسسات فان دورها سيتراجع لعدم قدرتها على نيل هذه الشهادة بسبب ممارسات حكومة فياض آنفة الذكر وغيرها ، ليكون للحكومة دور سلبي، حيث تعمل على اضعاف المجتمع الفلسطيني وقدرته على مواجهة الاحتلال ومقاومته مدنيا واقتصاديا وخدميا وعسكريا. ان ما يجري ضد المؤسسات الاهلية الفلسطينية هو اغتيال لانجازات المجتمع الفلسطيني لعشرات السنين من النضال المدني، وخاصة ما يتعلق بتطور العمل التطوعي والمدني ومأسسته، وان الحاقه بالحكومة كاملا لا يزيده الا ضعفا، وبالتالي اضعافا للمجتمع الفلسطيني وتفكيكا لمقومات صموده ومواجهته للاحتلال !
جـواد الحـمد أعلى الصفحة عودة لرؤيتنا للمتغيرات
|
|
|
|
---|