|
باكستان الى
اين ؟ تجربة الولايات المتحدة غنية بالغدر باصدقائها وحلفائها وتخليها عن اصدقائها بعد استنفاذ قدراتهم على القيام بالادوار المتجددة! او تراجع قوتهم ونفوذهم امام القوى المعارضة! او في حال كان البديل الاسلامي عنهم يتقدم فتتخلى عنهم لصالح بديل اخر من حلفائها في بلاد العامل الاسلامي، ما يجري في باكستان اليوم يفتح المجال لبعض التفكير والاستشراف بمستقبل البلاد والمنطقة في ظل تجارب سابقة في باكستان نفسها، بالطبع الطريقة تتغير بين مزاعم الديمقراطية والانقلاب العسكري والثورة الشعبية لا فرق، لكن في النهاية تتخلى الولايات المتحدة عن حلفائها واصدقائها دون رحمة . تجربة شاه ايران محمد رضا بهلوي عندما لم يجد ارضا تؤويه ولا مكانا يقبل قبره عام 1979، وتجربة فرديناند ماركوس في الفلبين عندما جادت عليه الولايات المتحدة بطائرة هليوكبتر تقله من القصر وزوجته مع ما خف وغلى من المجوهرات والاحذية والملابس الى غير رجعة ، لتتحالف بعده الولايات المتحدة مع عدوته كورازون اكينوعام 1986، وتجربة بنما عندما قامت وحدة كوماندوز اميركية بخطف الرئيس البنمي مانويل نورييغا عام 1989 وهو الذي كان جنديا مخلصا لجهاز المخابرات المركزية الاميركية في امريكا اللاتينية، وتجربة الباكستان ذاتها عندما اندلعت الثورة الشعبية العارمة ضد الرئيس ذو الفقار علي بوتو (والد بي نظير بوتو) لتقلعه من الحكم عام 1977، وبرغم الجرائم التي ارتكبها الجيش الباكستاني بحق المواطنين غير ان الثورة وملامحها الاسلامية يومها كانت تشير الى انهيار الحكم فسارعت الولايات المتحدة لدعم احد حلفائها الجنرال محمد ضياء الحق ليعلن الانقلاب العسكري على الرئيس ذو الفقارعلي بوتو ويعلن تطبيق الشريعة ولكن ببرنامج العسكر وبالاحكام العرفية وبالرؤية الاميركية ليفوت الفرصة على الاسلاميين لتولي الحكم ، الامر الذي كان يومها ربما يهدد مصالح الولايات المتحدة الحيوية في المنطقة. الرئيس الباكستاني الحالي الجنرال برويز مشرف هو الآخر وليد المؤسسة العسكرية وجاء على انقاض الديمقراطية وبانقلاب عسكري عام 1999، وهو حليف حميم للولايات المتحدة في حربها على الارهاب وفي مواجهة الاسلاميين على حد سواء ، ويقف على راس دولة اسلامية نووية قوية، لكن المعارضة الباكستانية ضده تنامت لدرجة التصادم والاحتقان ، ولم يقف معه من مكونات المجتمع السياسي والمدني الا حكومته والجيش الذي يمسكه بقبضة حديدية، حيث اصبح مشرف مهددا بالعزلة ، فشجعت الولايات المتحدة عودة بي نظير بوتو حليفتها العلمانية لتكمل المهمة ولتشاركه في الحكم او تسقطه ، لكن اختياره للاحكام العرفية اوقعه في خطأ تاريخي كبير وفر لبوتو فرصة الانقضاض عليه شعبيا عبر حزبها وربما بعض حلفائها العلمانيين، ، فهل تعد الولايات المتحدة اليوم لاعادة تركيب النظام السياسي الباكستاني واعادة تموضع القوى فيه لتحجيم الاسلاميين مرة اخرى سواء كانوا من المتطرفين او المعتدلين بتصنيفها؟ ، ولتحقيق قفزة نوعية جديدة في محاربتهم على يدي بي نظير بوتو سليلة ذو الفقارعلي بوتو والتي ربما تتوق لتنتقم لابيها منهم؟ التطورات المتصاعدة ، و التجربة التاريخية تشير الى امكانية ذلك، فليس هناك حليف دائم للولايات المتحدة تدافع عنه حتى الرمق الاخير، حتى لو دافع هو عنها وعن مصالحها بحياته الشخصية ومقدرات شعبه وسمعة ذريته من بعده !
جواد الحمد ، مدير مركز دراسات الشرق الاوسط في الاردن . |
|
|
|
---|