|
بين يدي الانتخابات... الديمقراطية الأردنية في مرحلة التحول
جـواد الحـمد منذ انطلاق العهد الديمقراطي في الأردن عام 1989 والبلاد تشهد تحولات متعددة الاتجاهات إزاء التوازن السياسي والاجتماعي فيها، وقد شكل عام 1989 منعطفاً أساسياً في إعطاء التيار الإسلامي السياسي دوراً ووضعاً جديداً على الصعيد السياسي ما جعلها من معالم الديمقراطية الأردنية بل والنظام السياسي الأردني الأساسية، لكن التحولات الإقليمية المتعلقة بالحرب على العراق عام 1991 وتوقيع معاهدة وادي عربة عام 1994، شكلت مفاصل خلافية مهمة بين النخب الحاكمة والقوى السياسية بشكل عام وعلى الأخص الحركة الإسلامية، حيث صاحب ذلك تدفق مئات الألوف من الأردنيين المغتربين المقيمين في الكويت ودول الخليج الأخرى إلى البلاد، والذين يشكلون بشكل عام تياراً محافظاً على النمط الخليجي يقترب من التوجهات الاجتماعية للحركة الإسلامية أيضاً. على صعيد آخر فقد شكلت اتفاقية أوسلو الإسرائيلية – الفلسطينية عام 1993 هدفاً "مشروعاً" للحركة الإسلامية في الأردن وفلسطين على حد سواء، وكان للنجاح النسبي للسلطة الفلسطينية بقيادة فتح في تحجيم حركة حماس وإضعاف مقاومته للاحتلال خلال الفترة من (1996-2000) أثراً مهماً في إعادة تموضع الحركة الإسلامية سياسياً واجتماعياً في الأردن، لكن اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 في ظل عدم تحقق أي من أهداف عملية السلام الجوهرية أعاد للحركة الإسلامية في فلسطين والأردن روحاً جديدة لمواجهة الوضع السياسي الذي تتبناه النخب الحاكمة في فلسطين والأردن، وبالفعل نجحت بإقناع الجماهير بمواقفها واتجاهاتها بمختلف التغيرات المحلية والإقليمية والدولية على حد سواء، حسب قياسات التوجهات الاجتماعية. من جهة ثانية فقد شهدت الديمقراطية الأردنية من عام (1989-2007) تطورات متباينة بعضها ساعدت على توسيع دائرة الحريات وبعضها شكل إعاقة لعملية التطور الديمقراطي للمجتمع الأردني، وكان من أبرز الإشكاليات التي واجهتها الديمقراطية الأردنية ما يتعلق بالتموضع السياسي بين الحركة الإسلامية والنخب الحاكمة، حيث بقيت الحركة الإسلامية الحزب الوحيد المنظم والقوي في الساحة الأردنية فيما لم تتمكن النخب الحاكمة من فرز قوة سياسية مكافئة على الصعيد الاجتماعي والسياسي، وهو ما دفع بها إلى تدخل عبر قوانين الانتخاب وتوزيع الدوائر الانتخابية المفصلة، وتوزيع المحافظات بشكل يحفظ سيطرة النخب الحاكمة على نتائج الانتخابات البلدية والبرلمانية على حد سواء.
وشهدت الساحة الأردنية شداً وجذباً قوياً تجاه القوانين الناظمة للحياة السياسية والبلديات والنقابات المهنية والحريات العامة، والتي لا تزال تشكل عبئاً كبيراً على التحول الديمقراطي في الأردن وتوجهاته المستقبلية . الأردن بحكم موقعه الجيوسياسي تتأثر أوضاعه الداخلية بالتحولات الإقليمية والدولية إلى حد كبير، ما يؤثر على أهمية التوافق الاجتماعي والسياسي على السياسات المحلية والخارجية بين الحركة الإسلامية كأقوى حزب سياسي في البلاد وبين النخب الحاكمة، ويبدو أنه الخيار الأمثل لإعادة إنتاج الديمقراطية الأردنية على صعيد التشريع أو الهيكلة أو التطبيق العملي أو إطلاق ما يسمى بحياة المجتمع المدني وذلك للمحافظة على الأردن ديمقراطيا بمستوى مناسب يتم فيه تداول السلطة على مستويات معينة، وتسهم فيه كل القوى الوطنية في بنائه الاقتصادي وبناء المجتمع على أسس عصرية تأخذ بالاعتبار المتغيرات المحيطة، ويشكل حالة من التكافؤ الاجتماعي بين مختلف شرائحه وقواه الاجتماعية والسياسية، وهو ما قد يشكل دعامة أساسية لبناء وحدة وطنية ينطلق الأردن من أرضيتها في سياساته وتحركاته الإقليمية والدولية. جو الانتخابات البلدية السائد اليوم وجو الانتخابات البرلمانية التالية يشكل فرصة لإعادة قراءة طبيعة التوازن وآفاقه المستقبلية بين القوى السياسية والاجتماعية في الديمقراطية الأردنية، وربما لإعادة إنتاجه على قاعدة تقوية الوحدة الوطنية، وتمتين البناء الاجتماعي والاقتصادي، والسعي للمشاركة السياسية الواسعة للجميع لحماية الأردن وتفعيل دوره، ويبدو أن إطلاق حوار وطني معمق وصريح بين التيار الإسلامي والنخبة الحاكمة يعد أساس هذه الانطلاقة لحوار وطني أوسع بعد تبلور نتائجه.أ.هـ .
جـواد الحـمد أعلى الصفحة عودة لرؤيتنا للمتغيرات
|
|
|
|
---|