|
التحديات السياسية أمام القمة العربية في الرياض
جـواد الحـمد تواجه القمة العربية القادمة أربعة تحديات رئيسية، يمثل التحدي الأول قدرة الحكومات العربية على التماسك أمام الضغط الأمريكي والإسرائيلي الذي يحاول عزل الحكومة الفلسطينية بقيادة حركة (حماس)، ورغم أن الدول العربية كانت قد رحبت بهذه الحكومة ودعت إلى رفع الحصار المفروض عليها غير أن اجتماع وزيرة الخارجية الأمريكية بعدد من هذه الدول في القاهرة يثير الكثير من هذه المخاوف على استمرار هذا الموقف العربي الموحد، وبالطبع فإن رئاسة القمة ممثلة بالمملكة العربية السعودية سوف تكون حريصة على تبني اتفاق مكة الذي رعته، والتي لا يزال يعوّل عليها أن تحافظ على هذا التماسك العربي، وتتقدم بتحقيق مشروع قرار بالدعم الكامل للشعب الفلسطيني على الصعيدين السياسي والمالي. أما التحدي الثاني فهو يتعلق بالاتفاق على ضرورة انسحاب القوات الأمريكية مع حلفائها من العراق فوراً، وترك الشأن العراقي الداخلي للقوى العراقية، ولمحضنها العربي دون تدخل أمريكي، وبرغم تسرب كثير من الإشاعات حول تحفظ بعض العرب على هذا التوجه بسبب المخاوف من تداعيات ذلك على الأمن العربي في دول الجوار، غير أن واقع الحال يؤكد أهمية تماسك الموقف العربي القاضي بإنهاء الاحتلال الأمريكي والدولي للعراق فوراً. أما التحدي الثالث فهو يتعلق بتطوير العلاقات الاقتصادية العربية البينية على صعيد التبادل التجاري وحركة العمالة وحركة رأس المال دون قيود، والتخطيط للتكامل العربي في الإنتاج، وتوحيد الموقف العربي في المفاوضات الاقتصادية والتجارية مع أي طرف خارجي على طريق إنشاء سوق عربية مشتركة، وهو ما يستلزم تكريس منطقة التجارة الحرة الكبرى بين العرب كأساس لهذا التكامل، بعيداً عن الصفقات الثنائية التي تفترس الثروات العربية، كما تفترس السوق العربي، ويتحول العرب بسببها واقعياً إلى منطقة استهلاكية فقيرة رغم ما يملكون من ثروات وقدرات إنتاجية. أما التحدي الرابع فيتعلق باحتواء النزاعات الداخلية في كل دولة على حدة، أو بين أي دولتين، سواء كان إطار ذلك العنف السياسي الذي ارتبط بكل أسف بمجموعات صغيرة متطرفة تفهم الدين والحياة بطريقة خاصة، أو الصراع على الحكم والسلطة بين القوى السياسية الفاعلة في المجتمع، أو الخلافات الشخصية بين الحكام، أو نتيجة تدخلات من طرف ثالث انتهازي، ومن ذلك الاتفاق على تفعيل الحل السياسي بالإصلاح والديمقراطية، والحل الثقافي بالانفتاح الداخلي على مكونات المجتمع المختلفة دون احتكار، والحل الفكري بإفساح الفرصة أمام تيارات الإسلام السياسي المستنيرة، ليأخذ دورها في الحياة العامة، وفي المشاركة السياسية، وفي توجيه المجتمع لاحتواء مثل هذه التوجهات المتطرفة التي تستنزف طاقات المجتمع والأمة، كما يفترض أن توصي القمة العربية بالإسراع في تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي نحو مجتمع عربي أكثر ديمقراطية، وأكثر مشاركة في القرار، تمهيداً لأن تأخذ الأمة العربية دورها المفترض في السياسة الدولية ناهيك عن السياسات الإقليمية.
التجربة لا تزال تثير الأسى إزاء تطبيق قرارات القمم العربية السابقة، حيث تتدخل أميركا مباشرة إما في صياغة تُفْرِغ القرار من مضمونه، أو في سلوك يتجاهل مثل هذه القرارات بعد انفضاض القمة، لكن تزايد واتساع حجم التحديات لتشمل الأمن القومي العربي كاملاً من المحيط إلى الخليج يفرض على الحكام العرب أن يجعلوا من هذه القمة نموذجاً جديداً يمكن أن يحقق واقعاً عربياً قادراً على مواجهة التحديات وبناء المستقبل، ويستند إلى تحرر نسبي للإرادة السياسية، ويمكن أن يشكل برنامج عمل للأفراد والجماعات والمنظمات والقوى الواعدة في الوطن العربي، حرصاً على التنمية والاستقرار والوحدة
جـواد الحـمد أعلى الصفحة عودة لرؤيتنا للمتغيرات
|
|
|
|
---|