|
مقابلة حول موافقة الدول العربية على خطة بوش الجديدة في العراق
جـواد الحـمد - وكالة
الأنباء الألمانية السؤال: كيف تنظر إلى نجاح رايس في تحصيل دعم وزراء الخارجية العرب لخطة بوش؟ أ.جواد: إن زيارة وزيرة الخارجية الإيرانية رايس إلى المنطقة لم تأت بجديد حقيقي باستثناء محاولة الخروج من مأزق إلى مأزق جديد. من ناحية ثانية، أنها تتدخل في القضايا التفصيلية وتنسى القضايا الرئيسية، وعلى صعيد ما جرى في الكويت بين مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن ورايس، أعتقد أن أمريكا تمكنت من الضغط على الدول العربية وإجبارها على أن يتحدوا معها في المواجهة السياسية، وربما أوسع من ذلك مع إيران، وهو تكرار لما تم عام 1981 في الحرب العراقية - الإيرانية من الناحية الإستراتيجية، وهذه المعركة ليست معركة عربية بأي مقياس كان، إنما هي معركة أمريكية خالصة، ففي الوقت الذي تقوم فيه أمريكا بتحشيد العالم العربي لمواجهة إيران وقطع علاقاتها مع إيران، قطيعة سياسية وربما استخدام سلاح، لاستنزاف الطرفين، فإنها تمد يدها من وراء الظهر إلى إيران في مفاوضات عميقة ومتواصلة وماراثونية لا تتوقف، وقد تتوصل معها في أي لحظة إلى اتفاق سيكون الخاسر الوحيد فيه الدول العربية مع الأسف. فلن يكسبوا على الصعيد الأمريكي لأن أمريكا سيكون لها حليف إيراني أهم منهم، ولن يكسبوا على الصعيد الإيراني لأنهم يكونون قد استعدوا إيران، وعادوا إيران بشكل أوسع. هذا كله في سياق التحذير الاستراتيجي. على صعيد إيران هناك عدة مسائل: المسألة الأولى يجب مواصلة ضغط مباشر على إيران بدون الضغط على أمريكا من أجل إجبارها على الخروج من العراق فعلاً، ووقف تدخلها في العراق، لأن التدخل أصبح سافراً وطائفياً وتسبب بإراقة الدماء وهو أمر غير مقبول، ثم يجب على إيران أن تتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الخليجية، فوجود طائفة شيعية في هذه الدول لا يبرر على الإطلاق أن تتدخل إيران. السؤال: هل تعتقد بأن العرب سيعملون على محاربة الميليشيات في العراق مع الولايات المتحدة؟ أ.جواد: لا شك أن فتح موضوع الميليشيات الشيعية وخاصة الصدرية منها والتي قامت بأعمال تطهير طائفي خطير في العراق وتخالف كل التوجهات التي أعلن عنها مقتدى الصدر في بداية الاحتلال ودمرت شخصيته في العالم العربي والعراق، وتسببت بتشويه إيران بسبب ما تقوم به باعتبار أنها مدعومة من إيران وليس كما كان يقول سابقاً أنه خط عربي بمواجهة الخط الفارسي في العراق كما كان يزعم، هذه المسائل أدت إلى إضعاف صدقية الميليشيات الشيعية، لكن الحكومة العراقية القائمة اليوم في العراق تعطي غطاء لهذه الميليشيات وتحميها وتوفر لها أماكن التطهير الطائفي بحواجز ومنع تجول وما شابه، وأمريكا تعلم ذلك جيداً، أمريكا ليست جادة في تصفية هذه الميليشيات وإنما الضغط عليها للاستجابة للمشروع الأمريكي وللضغط عليها بالتالي للضغط على إيران من أجل تخفيف حدة تطور موضوع السلاح النووي والعسكري المتواصل في إيران، وعلى قاعدة التحالف والتفاهم مع أمريكا وليست على قاعدة تصفية الحسابات كما يشاع في العالم العربي. من ناحية ثانية، أن هذا يمثل رشوة للسنة في العراق، بسبب أنهم يعانون الجراح، ويعانون من تطهير طائفي ويتحملون الكثير من هذه الجراح اليومية على يد هذه الميليشيات، فهي رشوة لهم كي يخففوا الضغط عن الاحتلال الأمريكي فيما يتعلق بالمقاومة، بحجة إعطاء فرصة لصالح الأمريكيين لتصفية ميليشيات الصدر، ولكن هل الولايات المتحدة الأمريكية ستستبدل ميليشيات الصدر الشيعية الطائفية الإيرانية بحركات مقاومة سنية عراقية لتتعامل معها؟ هذا السؤال لم تجب عنه الإدارة الأمريكية وبقي سؤالاً مبهماً، ولذلك أمريكا تتحرك اليوم ليس لحماية السنة ولا لمنع التطهير الطائفي وإنما للضغط على إيران ولتقديم هذه الورقة للشعب الأمريكي تظهر بأن هناك إستراتيجية جديدة لينتظروا نتائجها، كما كان عام 1991 وعام 1998 وكما كان عام 2003، بمعنى أن ذلك يصب في صالح قيادة التحالف، والحزب الجمهوري بقيادة بوش وسياساته في العالم، وتقوي شوكته داخل الشعب الأمريكي وأمام الجمهوريين. ثانياً: التحول في استعداء إيران وليتحولوا أداة للرئيس بوش من أجل الانتخابات الأمريكية الداخلية، ثم سيستنزفوا طاقاتهم المالية والعسكرية والسياسية والإعلامية، وهنا كيف نفسر بأن تصبح إيران قضيتنا الكبرى في المنطقة، على حساب التعامل مع الخطر الصهيوني الداهم والمتواصل، وإيران ترتكب حماقات كبيرة في العراق. السؤال: هل تعتقد أن أمريكا تهمش القضية الفلسطينية باتجاهها الجديد في العراق وتشجيع المعركة مع إيران؟ أ.جواد: بطبيعة الحال أن تلك المحاولة الأمريكية عبرت عنها رايس بوضوح وقالت: لا أحمل شيئاً جديداً، فهل هناك أوضح من هذا التعبير؟ ثم أن خارطة الطريق لا يمكن أن تكون برنامجاً واقعياً اليوم، فهناك تغيرات إستراتيجية مهمة حصلت في الساحة الفلسطينية وفي لبنان، لا يمكن أن تعمل خارطة الطريق في ظلها بنجاح. السؤال: هل تعتقد أن خارطة الطريق أصبحت غير ذات صلة؟ أ.جواد: مئة في المئة، لم يعد لها قيمة في ظل ذلك، خارطة الطريق تتكلم عن تفكيك منظمات تسميها إرهابية، هذه المنظمات اليوم تحكم القرار السياسي، إذاً من سيفكر في تفكيك هذه المنظمات، اليوم مطلوب تصور سياسي دولي جديد يختلف عما مضى، وفي نفس الوقت الذي يقول فيه الأمريكيون هذا الكلام عن خارطة الطريق فإن توني بلير يحمل الآن مشروعاً وعلى الأقل باطلاع أمريكي بما سمي "قبول الهدنة"، وهي الورقة التي قدمت لحماس مؤخراً، وهذا التطور مهم أساساً لإمكانية قبول حماس في البنية الدولية باتجاه التعامل مع الصراع العربي - الإسرائيلي. السؤال: هل تعتقد أن ميليشيات الصدر وحدها المسؤولة عن التطهير الطائفي في العراق؟ أ.جواد: بالتأكيد ليست وحدها، هي واحدة من المسؤولين، هناك قوات بدر، وزارة الداخلية، قوات الجيش العراقي، القوات الأمريكية، القوات متعددة الجنسيات، كلها مسؤولة عن التخريب الأمني في العراق، لا أحمّل ميليشيات الصدر المسؤولية الكاملة عن هذا الخراب، ولكنها طرف متورط فيها. السؤال: ما هي أهداف بوش من هذه الإستراتيجية الجديدة؟ أ.جواد: دعم بوش، الضغط على إيران، فتح معركة تضعف المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي ونقل التصور من مقاومة احتلال إلى مقاومة أطراف طائفية.
جـواد الحـمد - وكالة
الأنباء الألمانية أعلى الصفحة عودة لرؤيتنا للمتغيرات
|
|
|
|
---|