|
لماذا تفشل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وما هو مستقبلها؟
جـواد
الحـمد تشير المعطيات السياسية وخاصة عل الصعيد الاستراتيجي إلى تراجع متواصل في نقاط الفشل في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط ، وقد شغلت هذه الظاهرة مختلف الأوساط السياسية والأميركية في واشنطن، خاصة في ظل هبوط شعبية الرئيس فيما يخص سياسته في العراق إلى 12% ، ونظرا للعقلية المحافظة والمتطرفة التي تعتمد القوة والغطرسة وهي العقلية التي تعيشها الإدارة الحالية، فقد عكف خبراء وسياسيون على إعداد تصورات جديدة لخروج من هذا المأزق، سواء على الصعيد العراقي أو الفلسطيني، ولكن مجموع هؤلاء اتجه إلى عدم الأخذ بعين الاعتبار تغير موازين القوى المحلي في البلدين، وأصر على تبني تغيير تكتيكي في أسلوبه وتحالفاته المحلية وأدواتها ، بدلا من الاعتراف بالحقائق الجديدة التي ساقتها مختلف الأحداث، والتي أصبحت تشكل اليوم المشهد السياسي وتحكم الاستقرار والقرار السياسي في المحصلة في هذه المنطقة. أسباب الفشل يمكن تعداد الكثير من المتغيرات والعوامل التي ساعدت على تنامي هذا الفشل ومن أهمها : 1- المنهج المحافظ والمتطرف في تقيم الأداء لدى الإدارة الأميركية خاصة في شقه العسكري، والذي يعتمد على زيادة استخدام القوة في العراق وزيادة دعم إسرائيل عسكريا في فلسطيني 2- اعتماد الإدارة الحالية على سياسة الانقسامات الداخلية واللجوء إلى الحلفاء المحليين لتحقيق أهدافها ضد خصومها المحليين، كما هو الحال في البنية الطائفية في العراق ، وفي التوجهات الفئوية العنفية ضد الحكومة في فلسطين 3- تزايد نفوذ تيار الإسلام السياسي المستنير على حساب التيارات المتطرفة من جهة، وعلى حساب التيارات الإمبريالية من جهة أخرى، خصوصا وان هذا التيار الإسلامي يناهض المشروع الأميركي والنفوذ والهيمنة الأمير كية بكل ألوانها وأشكالها في المنطقة 4- تزايد الوعي الأميركي العام بشئون الشرق الأوسط وخاصة في قضايا العراق وأفغانستان وفلسطين ، بسبب توجهات تنظيم القاعدة الإعلامية من جهة ، وبسبب تأثيرها المباشر على الأمن الداخلي والحيوي للولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم، وبسبب الممارسات الإسرائيلية والأميركية التي تنتهك حقوق الإنسان تجاه هذه البلاد وشعوبها وحركاتها المقاومة 5- ضعف التوافق الدولي مع الولايات المتحدة على اتجاهات سياساتها في هذه المنطقة وتشكل تحالفات متعددة تخالف السياسات الأميركية وتعارضها إزاء قضية في كل بلد 6- فشل الولايات المتحدة في تطوير الأوضاع القائمة في البلاد التي تمثل حلفاء لها في المنطقة، سواء على صعيد الديمقراطية أو على صعيد تداول السلطة واحترام حقوق الإنسان ، بل وتزايد القناعة الأميركية النخبوية والشعبية الواسعة بان الإدارة الأميركية الحالية تحمي الأنظمة الدكتاتورية ،وان ادعاءها بنشر الديمقراطية في الوطن العربي ليس صادقا 7- تزايد العجز القيادي في الولايات المتحدة عن إقناع الشعب الأميركي لسبب هذا التزايد في العداء للولايات المتحدة ولسياساتها خاصة بعد التحولات المهمة في أوروبا وأمريكا اللاتينية إزاء ذلك محطات الفشل 1- العجز عن بناء العراق بعد إسقاط النظام فيه 2- الفشل في حماية عملية السلام في الشرق الأوسط، والعجز عن إقناع الأطراف بتوقيع أي أوراق بين الفلسطينيين والإسرائيليين أو العرب والإسرائيليين خلافا لخلفه الرئيس بل كلنتون الذي نجح في ذلك ، وقدم تصورات شاملة كادت أن تبني عملية سلام مستقرة نسبيا 3- الفشل في معالجة ظاهرة الإرهاب الدوي من جهة، وتوسيع المعركة الدولية لتشمل حركات المقاومة، ما استعصى على البرنامج والإمكانات المخصصة له 4- تزايد عناصر التمرد على السياسة الأميركية رغم الحصار والضغوط التي تمارس على الدول والحركات والأشخاص 5- عدم وضوح نظرية العلاقات الدولية التي تؤمن بها الولايات المتحدة سواء إزاء الشعوب الساعية للاستقلال والتخلص من الدكتاتوريات والظلم، أو إزاء التحالفات الدولية والإقليمية ومدى استقرارها، أو إزاء الشرعية الدولية التي تمثلها مؤسسات الأمم المتحدة 6- نجاح الديمقراطيين في الوصول إلى سيطرة تامة على الكونغرس وطرد الجمهوريين من قاعدة الأغلبية في الانتخابات النصفية الأخيرة 7- نجاح المقاومة الفلسطينية باستقطاب الجماهير والوصول إلى الحكم في السلطة الفلسطينية، وفشل محاولات جرها إلى حرب أهلية للاستنزاف، واستمرار سيطرة تيار المقاومة على قرار السلطة 8- نجاح المقاومة في العراق بالاستمرار والإثخان في قوات الاحتلال، وفشل جرها في أتون الحرب الطائفية 9- تزايد قلق الأنظمة العربية الحاكمة المتحالفة مع الولايات المتحدة على مستقبلها ومصيرها ، وفي المقابل تزايد التأييد للجماعات الإسلامية السياسية وجماعات المقاومة، والجماعات المناهضة للسياسة الأميركية وللمشروع الصهيوني في التيار المستنير اتجاهات تحويل المسار وآفاق المستقبل برزت في بداية العام الجديد 2007 محاولات جديدة لتحويل اتجاهات المسار في سياسات الولايات المتحدة الخاصة تجاه الشرق الأوسط، وقام الرئيس بوش بزيارة خاطفة للمنطقة لبحث مواضيع العراق وعملية السلام في المنطقة مع القيادات العراقية والأردنية، وشكلت الزيارة حملة علاقات عامة، اعتمدت أساساً على تحميل الأردن والعراق مسؤوليات كبيرة لحماية السياسة الأميركية وتحقيق نجاحات نسبية في بعضها، ولحماية الرئيس الأميركي من الاتجاهات الديمقراطية الجديدة في الكونغرس، كما أعلن الرئيس بوش عن إستراتيجية جديدة في الشأن الداخلي، وسعى غيرها لزيادة استخدام القوة العسكرية في العراق، الأمر الذي عبر عن فشل السياسة الأميركية في المنطقة، وكان هناك محاولات أميركية ناجحة للضغط على الدول العربية لمواجهة إيران، خصوصاً بعد قيام وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس بالاجتماع مع عدد من وزراء الخارجية العرب ضمن زيارتها للمنطقة، والتي شملت إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية والكويت، ولكنها لم تحمل شيئاً جديداً في حقيبتها بشأن عملية السلام كما أعلنت في إسرائيل، وركزت على حشد مواقف العرب ضد إيران، كما تمكنت من الضغط على بعض العرب لغرض التعايش مع إستراتيجية بوش الجديدة في العراق والقديمة في فلسطين ولبنان. وتشير الدراسات إلى أن ثمة محددات أساسية تحكم اتجاهات وآفاق السياسة الأميركية في الشرق الأوسط يمكن أن تؤثر على مصالحها على المدى المتوسط ومن أهمها: التحولات في منطقة الشرق الأوسط خصوصاً في فلسطين ممثلة بسيطرة حركة حماس على الحكومة والبرلمان الفلسطيني، وفي العراق حيث المقاومة المسلحة والتطهير الطائفي وخطر تقسيم العراق، وفي لبنان حيث الخطر المستمر على الأمن الإسرائيلي بسبب تزايد قوة المقاومة والمعارضة السياسية، والسياسات الإيرانية المتعلقة بالتدخل في الخليج، وبرنامج التسلح النووي، ودعمها لبعض حركات المقاومة، وفرص الصدام الأميركي معها، ودور إسرائيل في ذلك، وغيرها من الاعتيادات!، وكذلك التحولات الدولية، خصوصاً ما يتعلق بالعلاقات الأوروبية – الأميركية من جهة، ومدى التوافق بين الدول الصناعية إزاء المنطقة، وتطورات تزايد معدلات التنمية الاقتصادية الصينية وتطورها النوعي، ومخاطر التهديد لعدم الاستقرار في جنوب شرق آسيا إقليمياً ومحلياً، وتباين السياسات بين الولايات المتحدة وروسيا تجاه قضايا المنطقة، إضافةً إلى التحولات المحلية الأميركية من حيث سيطرة حزب الرئيس على الكونغرس وعدمه، ومن حيث قدرة الرئيس على الاحتفاظ بالتأييد الشعبي، ناهيك عن المخاطر التي تحيط بفريق السياسة الحالية بعيد انتخابات الرئاسة لعام 2008م، وهي تحولات تعد محددات حاسمة وفاعلة في رسم سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط على صعيدي النجاح والفشل، ناهيك عن دورها في تغيير موازين القوى المحلية والإقليمية وتداعيات تفاعلاتها الإستراتيجية.
جـواد الحـمد أعلى الصفحة عودة لرؤيتنا للمتغيرات
|
|
|
|
---|