|
المتغيرات الإستراتيجية في الساحة الفلسطينية عام 2007
الأستاذ
جـواد الحمـد تشير المخرجات الإستراتيجية لعام 2006 والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، إلى أن المناطق الساخنة في الشرق الأوسط تتفاعل بشكل يرسم معالم جديدة لها صفة الديمومة، وأن هذه المناطق الساخنة أصبحت تحدد أطر المتغيرات الإستراتيجية المتوقعة لعام 2007، وبرغم أن الساحة الفلسطينية ليست المنطقة الساخنة الوحيدة، غير أنها تعد الأكثر ديمومة وإستراتيجية في إشعال الصراعات في المنطقة، ما يفرض علينا التركيز على متغيراتها الإستراتيجية الجديدة لعام 2007. تمثل القضية الفلسطينية والصراع العربي-الإسرائيلي أكثر العوامل تأثيراً وسخونة في تشكيل الملامح الإستراتيجية وخرائط التحالفات، والإطار الناظم للتفاعل العربي مع العالم، وفي ظل التحولات الكبيرة التي شهدتها الساحة الفلسطينية باستلام حركة حماس لقيادة السلطة الفلسطينية لأول مرة منذ تأسيسها، والذي شكل محطة توقف لمختلف البرامج الرسمية العربية والدولية والإسرائيلية في المنطقة، ونظراً لنجاح حركة حماس في الإمساك بزمام القيادة رغم التحديات التي عملت على إفشالها وإسقاطها وإخراجها من موقع القيادة، فإن عام2007 دخل وحركة حماس تحقق إنجازاً كبيراً في فرض رؤيتها السياسية، والإمساك بزمام القيادة، وتحقيق حضورها في رسم مستقبل المنطقة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهو ما يشير إلى أنها قد تكون اللاعب الأساسي في التحولات السياسية في المنطقة لعام2007 فيما يتعلق بالصراع العربي-الإسرائيلي. وبرغم الخسارة الفادحة التي أصابت حركة فتح في الانتخابات عام 2006 على صعيدي البرلمان والحكومة، غير أن قيادتها تمكنت من التحصن في موقعين قيادين مهمين، الأول: موقع رئاسة السلطة الفلسطينية، والثاني : الانفراد بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية خصوصاً وأنها لم تستطع التسليم والتكيف مع واقع قيادة حركة حماس للحكومة الفلسطينية، برغم ذلك فقد نجحت في تحشيد قوى إقليمية ودولية لصالح برنامج إفشال حكومة تقودها حركة حماس، بل ونجحت في شغل هذه الحكومة عن مهامها الأساسية، بسبب ما جر موقفها من حصار ومقاطعة دولية، كما تمكنت من استدراج الحكومة إلى مربعات المجابهة السياسية بل والعسكرية التي تستنزف حركة حماس وتضعف حكومتها، وتوفر لفتح فرصة جديدة لإمكان العودة لقيادة السلطة، وفي نفس الوقت استمرت في حرمان حركة حماس من المشاركة في منظمة التحرير الفلسطينية، ونظراً لفشل هذا البرنامج في إسقاط الحكومة وإفشالها ، فقد لجأ تيار متنفذ داخل حركة فتح لاستخدام العنف والاعتداء على الممتلكات العامة، وتشويش الحياة الاقتصادية والاجتماعية العامة للشعب الفلسطيني، فيما فُهم عقابا له على اختياره حركة حماس لقيادة السلطة. المؤشرات الأولية تقود إلى تبلور ملمحين استراتيجيين لعام 2007 في الساحة الفلسطينية: الأول: تزايد قدرة حركة حماس على فك الحصار عن الشعب الفلسطيني من جهة، والولوج إلى حلبة السياسة الإقليمية والدولية بمفاهيم جديدة من جهة ثانية، إضافة إلى زيادة قدرتها العسكرية والسياسية والشعبية، ما يوفر لها إمكانية تحقيق جزء كبير من رؤيتها وسياساتها فيما يتعلق بالصراع العربي-الإسرائيلي، واتجاهات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الإقليمية الدولية للسلطة الفلسطينية. الثاني: تزايد واقعية التفكير والتخطيط في حركة فتح باتجاه قبولها بدور المشاركة في الحياة السياسية الفلسطينية حتى ولو تحت قيادة حركة حماس، وتزايد حرصها على ترميم الترهل التنظيمي والشعبي الذي أصابها بعد الانتخابات التشريعية، مع استمرارها في الحرص على الاحتفاظ بالقيادة الأولى للمنظمة ورئاسة السلطة، بهدف بناء التوازن مع قوة حركة الصاعدة وهي تقود الحكومة والبرلمان الفلسطيني . ويتوقع أن يشكل هذان الملمحان الإستراتيجيان آلية وطنية فلسطينية، قد تغير قواعد اللعبة السياسية والمقاومة مع الاحتلال الإسرائيلي، وربما تتكاملان في ممارسة الضغط الميداني والإعلامي والسياسي عليه ليتعامل بواقعية أكثر مع الحقوق الوطنية الفلسطينية، كما يرجح ان تتوصل حركتا فتح وحماس إلى أدوات متكاملة ومتجانسة وسياسات عملية، يمكن أن تجبر الاحتلال على القبول بالحد الأدنى من مطالبه، وهو ما أسمته حركة حماس "هدنة طويلة" مقابل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المحتلة حتى خط الرابع من حزيران/يونيو عام 1967 (يقصد "بهدنة طويلة" حسب مختلف تصريحات حركة حماس من 10-15 عاماً). وفي حال تمنعت إسرائيل أو رفضت التعاطي مع الوقائع الإستراتيجية الجديدة على الساحة الفلسطينية، فإن العاملين الإستراتيجيين أعلاه يمكن أن يعملا على إشعال انتفاضة ثالثة كتلك التي هدد بها زعيم حماس خالد مشعل في كانون ثاني/ ديسمبر 2006، والتي قد تضع الاحتلال الإسرائيلي في زاوية الخيارات الصعبة والمحدودة، ويتوقع أن يتوحد الموقف الفلسطيني الداخلي على الانتفاضة بصورتها الجديدة، حيث أثبتت بعض القراءات والدراسات أنها سوف تتوازى فيها الانتفاضة الجماهيرية العارمة مع تصاعد أدوات وبرامج المقاومة العسكرية الفاعلة، وقد تستغرق عدة أعوام قبل أن يجد العالم -وعلى الأخص الإدارة الأميركية- أن أكثر الخيارات أمنا لإسرائيل وللتخلص من هذه الانتفاضة، هو انسحابها الكامل من الأراضي المحتلة عام 1967 ، كما أكد ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أواخر عام 2006 م، وهو ما يمثل تحقيق الحد الأدنى المتفق عليه بين مختلف الأطراف الفلسطينية.
الأستاذ
جـواد الحمـد أعلى الصفحة عودة لرؤيتنا للمتغيرات عودة للصفحة الرئيسية
|
|
|
|
---|