|
المقابلة التي أجريت مع الأستاذ جواد الحمد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في
الأردن لإذاعة مونتي كارلو السؤال: يجري اليوم لقاء المصالحة بين محمود عباس وخالد مشعل في مكة برعاية سعودية، هل برأيك أن يكون هذا اللقاء –لقاء الفرصة الأخيرة كما يقال – أن ينجح؟ أ.جواد: من حيث المبدأ لا أعتقد أن هذا اللقاء هو لقاء الفرصة الأخيرة، الساحة الفلسطينية فيها تياران رئيسيان، عليهما أن يتفاهما وعليهما أن يتفقا على قواسم مشتركة، ويتقاسما السلطة فيما بينهما عبر الرئاسة أو عبر الحكومة الفلسطينية من أجل تحقيق الحقوق للشعب الفلسطيني وإدارة شؤونه العامة، وأعتقد أن هذا ما توصل إليه الطرفان بعد خلافات سياسية واسعة وبعد صراع على الصلاحيات بين الرئاسة والحكومة وبعد الاقتتال المسلح في الميدان كما شهد الجميع. هذا اللقاء سبقه لقاء سابق مهم عقد في دمشق ولم يكن لقاءاً فاشلاً كما يقول البعض، بل كان لقاءاً ناجحاً بمعظم مقاييس اللقاء الديبلوماسي، حيث التقى الوفدان ثم التقى الرأسان ثم عقد مؤتمر صحفي ثم صدر بيان وعبر عن اتفاقات محددة وأطلق الحوار من جديد ثم ذهب الوفدان ليتناولا طعام العشاء معاً، أٌقصد أن لقاء دمشق كان هو المقدمة الصحيحة والمتكاملة لبناء مرحلة جديدة من العلاقة بين حماس وفتح، ولقاء السعودية أعتقد أنه سيضع اللبنات الحقيقية واللازمة في اتجاه بناء علاقات صحيحة وسليمة بين الوفدين. السؤال: على أي أساس؟ أ.جواد: أعتقد أن هناك ثلاثة أسس مهمة، الأساس الأول أن حماس قدمت تنازلات مهمة جداً تتعلق بأنها وافقت على احترام الشرعية الدولية وقرارات القمة العربية وما شابه مشترطة أن تكون بما يحقق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وقد اتفق الطرفان على ذلك قبل حوالي أسبوع أو عشرة أيام، وكذلك قدمت تنازلاً آخراً بأنها قبلت أن يكون وزارة السيادة كما تسمى، الخارجية للدكتور زياد أبو عمرو والمالية غالباً لسلام فياض والداخلية لمستقل تسميه حماس، المهم أن لا يكون من القياديين في حركة حماس كما فهمت من الاتفاقات التي تمت في دمشق وفي مكة، وعليه فهما يذهبان اليوم وقد تم حل الشق السياسي، الآن بقي شق السلطة والقرار، أقصد تقاسم القرار السياسي بين الجانبين، في الرئاسة والحكومة هو ما ينبغي أن يبحث وآمل أن يكون انطلاقة جديدة وكبيرة. الحقيقة لفت انتباهي مشاركة بعض الأشخاص في التفاوض ممن قد يكون وجودهم سبباً لإشكالات وقد يكون وجودهم في نفس الوقت سبباً للنجاح. السؤال: مثل من، من تقصد؟ أ.جواد: أقصد بعض الشخصيات التي لها وضع خاص في التعامل مع الحكومة الجديدة وهي التي أعلنت أنها تعمل على إفشال هذه الحكومة بأي شكل كان بالمظاهرات أو الإضرابات أو حتى باستخدام السلاح، وعليه أعتقد أن وجود هذه الشخصيات قد يعمل على إفشال الحوار وآمل ألا يكون ذلك خاصة برعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولكن قد يكون الوجود نفسه سبباً لانتهاء الأزمة في حال أن هذا الطرف قد خضع لما يتفق عليه أبو مازن وخالد مشعل في لقاء السعودية. السؤال: بالنسبة للمطالب التي يفرضها المجتمع الدولي ولجنة الرباعية كنبذ العنف والاعتراف بإسرائيل وسواها، هل برأيك سيتم الاتفاق على أن تعترف حماس بهذه المطالب، أم أن حكومة الوحدة الوطنية تمثل اعترافاً حتمياً بها؟ أ.جواد: أنا لا أعتقد. منذ بداية استلام حركة حماس للحكم كان رأيي واضحاً أن حماس لن تعترف بإسرائيل يوماً ما، وهي عرضت خياراً بديلاً سمته خيار الهدنة، وهو شبيه بخيار الهدنة عام 1949 بين العرب وإسرائيل عندما انتهت حرب 1948، وهو خيار مناسب، ويبدو أنه راق للأوروبيين كما فهمت من تصريحات توني بلير وتصريحات أخرى مهمة، بل إن كوندوليزا رايس طرحت ما يسمى بالهدنة والحلول المؤقتة كما ذكر الرئيس محمود عباس، أقصد أن هذا المفهوم السياسي الذي تبنته حماس أخرجها من مأزق الاعتراف بإسرائيل ومن مأزق توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل إلى دائرة أخرى هي التعايش مع الأمر الواقع كما أشار السيد خالد مشعل في تصريحاته لوكالة رويترز قبل حوالي أسبوعين من اليوم، وعليه فلا أعتقد أن هذا أصبح موضوعاً مطروحاً، وتصريحات إيهود أولمرت بالأمس كانت واضحة أنه على استعداد للتفاوض مع حكومة تقودها حماس في حال تعاملت مع الشروط الدولية، وأعتقد أن النص الجديد في خطاب التكليف الفلسطيني يتعامل مع كل الشروط الدولية باستثناء الاعتراف المباشر. السؤال: برأيك، تسليم هذه الحقائب إلى مستقلين، هل يعني أنه تنازل كبير لحماس عن سيادتها وهي الآن تترأس الحكومة، وهل ستدعو الحكومة إلى انتخابات عامة لكي يصار إلى توازن في المجلس التشريعي؟ أ.جواد: أعتقد أنه تنازل كبير من حركة حماس بالفعل، عندما تتنازل عن ثلاث وزارات سيادية، وأن تتفاهم مع الآخرين على تسمية الأشخاص، وعلى تسليمها لمن يتفق عليه وهي الداخلية والخارجية والمالية، وهو تنازل كبير آمل أن يقابله الطرف الآخر –الإخوة في حركة فتح- أن يكون لديهم تنازلات مقابلة حتى يسير المركب الفلسطيني بجناحيه الحمساوي والفتحاوي كما يقولون، لأنه ليس هناك بديل في المرحلة الراهنة على المدى المنظور خلال العامين القادمين إلا أن يتوافق هذان الفصيلان على قواعد سياسية وقواعد صناعة القرار والسلطة حتى يقلع المركب الفلسطيني، وأعتقد أن المجتمع الدولي وأوروبا بالذات وروسيا والصين وكذلك أعتقد الولايات المتحدة الأمريكية ستتجاوب مع هذه التوجهات الجديدة بشكل معقول.
إذاعة مونتي كارلو أعلى الصفحة عودة لرؤيتنا للمتغيرات عودة للصفحة الرئيسية
|
|
|
|
---|