|
مقاربات منهجية في
تحليل المواجهات مع إسرائيل شمالاً وجنوباً
حكمت المواقف المسبقة
ومصالح أطراف محددة والإشاعات التي يروجها الإعلام الصهيوني والغربي عدداً من
المواقف والتحليلات ووجهات النظر العربية الرسمية والشعبية والإعلامية إزاء التعامل
مع العدوان الإسرائيلي على كل من فلسطين ولبنان، وقد ساد فيها التركيز على بعد واحد
قد يحظى بوزن ما في النظر دون أخذ الأبعاد الأخرى في الاعتبار.
إن التركيز على عامل دون
غيره من العوامل السياسية المؤثرة في أي متغير سياسي في
المنطقة، أو تضخيم أحدها على حساب الأخرى بدون
معلومات دقيقة أو مؤشرات ذات
مصداقية عالية يقود إلى التضليل في الاستنتاجات، ولا يصلح بطبيعة الحال
للبناء عليه ، لأن ثمن الخطأ بالتحليل مؤداه
الوقوع في الفخاخ التي ينصبها الآخرون
سواء من الفاعلين الرئيسيين أو مروجي الإشاعات
والمعلومات الخيالية غير الواقعية، والتي لا
يسندها إلا موقف أيديولوجي أو سياسي تجاه جهة ما، وهو أمر ثبت بالتجربة السياسية
للمنطقة خطأه الكبير
.
إن ما يجري اليوم من مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي في شمال فلسطين وجنوبها
هو مخطط إسرائيلي - أمريكي يهدف إلى ضرب مشروع
الأمة وخاصة شق المقاومة منه، سواء باستخدام
إيران وسيلة في حال نجحت في مفاوضاتها مع الغرب حول الملف النووي أو باستخدام
غيرها،
لا فرق، لكن الحرب المشرعة هي على الذين يعملون
للقضاء على عدوانية الكيان
الإسرائيلي ونهجه الاحتلالي، علماً بأن الأطراف التي تبكي اليوم على لبنان نكاية
بالمقاومة وخوفاً
من انتصارها، كانت قد لعبت به وبمقدراته
سابقاً، وهي التي بالأمس أذكت نار الحرب الأهلية فيه
بكل عناوينها، وهي التي شجعت إسرائيل على تصفية
منظمة التحرير الفلسطينية عام 1982،
وقدمت المبررات السياسية الكثيرة والغطاء
السياسي لنتائج ذلك العدوان.
في ضوء ذلك فمن المهم
عدم إقحام النيات والأفكار الأيديولوجية عند تناول الحدث
السياسي الجديد وتداعياته العسكرية، مع عدم إهمال كل الاحتمالات المتاحة عقلاً
والمعلومات التي تعين بالوصول إلى النتائج الأولية وبناء المواقف، وإلا
فإن ثمن الخطأ بالتحليل واتخاذ الموقف
والاصطفاف الخاطئ مؤداه تراجع كبير
وهائل لأي قوة سياسية، ولكن الابتعاد عن تشكيل الرأي ما لم تتوافر المكونات
الأساسية لصحة التحليل والمعلومات المساندة فهو أقل خطورة على أي طرف سياسي برغم
سلبيته أيضاً.
ويُعتقد أن بعض
التحليلات والمقالات المنشورة في الإعلام العربي اليوم لا تقدم سوى وجهة نظر سادت
في بعض المراحل
التاريخية من الصراع، وهي تخدم طرفاً ضد طرف، ولا تقدم رؤية سياسية ولا استراتيجية يمكن
البناء عليها في تصور السيناريوهات، ولا
اتجاهات المواقف الأكثر واقعية ووطنية،
ناهيك عن إهمالها للتقاطعات الكبيرة بين مواقف المؤثرين من الخارج وأطراف متعددة في المنطقة
ربما يكون لها مصالح أخرى يمكن تشريحها بعمق
وفاعلية، وقد تعبر عن فكرة
عابرة لا تقوم على تحليل سياسي للحدث ولا تأخذ بعين الاعتبار طبيعة مقدماته
ومجرياته، كما لا تقدر التغيرات التي حصلت في المنطقة
خلال
السنوات العشرين الماضية، وما خلفته من اصطفافات جديدة
قد تبتعد أو تقترب مما كان عليه الحال وكان سائداً
خلال
السنوات العشرين التي سبقتها .
إن الموقف الدولي
واتجاهات المشروع الصهيوني والمأزق الذي يعاني منه في فلسطين عامل
حاسم في رسم سياسات العدو الإسرائيلي والسياسة
الاميركية وسياسة بعض الحلفاء أو غير الضالعين في السياسة في المنطقة من الأفراد
والجماعات وبعض الدول، وسيكون هؤلاء عادة
ضحايا التوصل إلى حل أو اتفاق سياسي عاجلاً أم
آجلاً ، بما في ذلك تحالف إيران مع الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق وافتعال
المعركة النووية بطريقة غير طبيعية، ودفع
المنطقة للاصطفاف ضد إيران رغم أنها
تتفاوض مع الأميركيين والأوروبيين،
وسبق واتفقت معهم، ولذلك فإن هؤلاء المدفوعين
أميريكيا سيكونون ضحايا هذه المواجهات في حال
انتهاء الهدف منها أو
بدء الجلوس على
طاولة المفاوضات بين الأطراف الأكثر فاعلية وأكثر
تأثيراً، والأطراف الأصغر حجماً والأقل تأثيراً والأبعد عن مصادر
المعلومات الأولية هي الأولى بالحذر والتريث وتحسس مواقع الأقدام حتى لا تنزلق في
هاوية التآمر الأميركية الصهيونية
في المنطقة، فتقدم بالموقف والتحصيل خدمة لهم تدرك
أو لا تدرك أبعادها على مشروع الأمة بالنهضة والتحرر والاستقلال.
21/7/2006 |
||
|
---|