|
أزمة إيران وأمريكا وتداعياتها على الأردن المقابلة التي أجراها الصحفي لقمان اسكندر مع الأستاذ جواد الحمد ونشرت في جريدة العرب اليوم – الأحد 2/7/2006 هل سيأثر الأردن بالتطورات الحاصلة على الملف النووي الإيراني؟ لا يعتبر الأردن طرفا في الأزمة فهو لا يقف مع واشنطن ضد إيران كما أنه لا يملك الوقوف مع إيران. على ان المملكة لا بد أن تتأثر بمجريات المواجهات في حال حدوثها تأثرا غير مباشر، وخاصة عندما يتأزم الوضع في دول الخليج مما يفرض انعكاساته على الأردن، وهو الحال الذي سيكون عليه الوضع في الساحة العراقية وربما السورية واللبنانية، الا ان هذا التأثير المعني به الأردن سيبقى محدودا على الصعيد الأمني والعسكري، مما يجعل الأردن عمليا ليس من الدول الأساسية المعنية بهذا الصراع. السياسة الأردنية يجب أن تنجح في ألا تكون جزءاً من الصراع بين طهران وأمريكا.
إما حول التأثير الذي تستطيع السياسة الأردنية أحداثه في الأزمة لنزع فتيلها، فان الأردن تقليديا كان يلعب دورا في التحرك بين دول الإقليم من جهة والنظام الدولي من جهة أخرى ،وذلك لاعتبارات وضع الأردني الدولي والإقليمي تاريخيا. إلا أن الأردن حاليا يتعرض لكثير من التحديات والإشكاليات الداخلية والخارجية وخاصة ما يتعلق بالوضع الاقتصادي والوحدة الوطنية وتداعيات العدوان الصهيوني المتواصل على فلسطين، والخلاف الداخلي الفلسطيني، وعدم الاستقرار في العراق في ظل الاحتلال الأمريكي، وهو ما سيحد من تأثيره أو قيامه بدور فاعل ومؤثر في نزع فتيل الأزمة بين أمريكا وإيران، خصوصا وان هذه التحديات أساسية بالنسبة للأردن. ما يتوفر من معلومات تشير إلى أن هناك مفاوضات امريكية - إيرانية سرية متواصلة، وان هناك صفقات يتم تبادل تفاصيلها بين إيران والاتحاد الأوروبي من جهة وإيران وأمريكا من جهة أخرى عبر وسطاء أتراك وروس وعرب، وهو ما يشير إلى أن الأزمة قد تجد لها سبيلا ما للحل، وهو ما يجعلنا في الأردن أكثر حذرا من التورط مع أي من المحورين. وحتى لا نكون بالفعل إحدى ضحاياها، خصوصا إذا علمنا أن معلومات متداولة غير دقيقة تشير إلى اتصالات إيرانية - إسرائيلية متنامية بهدف محاولة التفاهم بين الجانبين على بعض المصالح. وليس سرا الكشف عن تعاون إسرائيلي – إيراني سابق، فمن المعروف أن القيادة الإيرانية تعتبر قيادة براغماتية قد تنجح في فتح مجالا لصفقات أكثر اتساعا من مجرد الصفقة مع أمريكا إلى أطراف أخرى ربما تكون إسرائيل إحداها. وهو ما يؤكد أهمية أن لا ننجر في الأردن للتمحور في الأزمة لكي لا يضحي بنا أحد أطرافها. فالدور الأردني الممكن والمتاح هنا هو دور محدود، وهو أن تتخذ السياسة الأردنية موقفا حذرا من الأزمة وتداعياتها في المرحلة المقبلة، لأنها مفتوحة على مختلف الحلول والنتائج والأزمات. - هل يمكن القول بان إيران يمكن أن تبيع ورقة فلسطين أو حتى حزب الله مقابل امتلاكها للتكنولوجيا النووية. من المبكر القول أن إيران جاهزة لإلقاء أوراقها، وخصوصا المهمة، في المفاوضات الحالية مع الاوروبيين أو أمريكا. إيران تقليدياً لها أطماع إقليمية حدها الأدنى تطبيع العلاقات مع الدول العربية، وقد تصل هذه الأطماع إلى تشكيل نفوذ سياسي أو أمني مهم في بعض الجيوب العربية، ولكن مثل هذه التوجهات الإيرانية التقليدية لا تسمح لإيران أن تسلم أوراقها جميعا في صفقة واحدة وعلى موضوع واحد. من المبكر الحكم على ضحايا هذه الصفقة في المنطقة العربية. على الأقل فيما يتعلق بالجانب الإيراني، أو حتى الحكم على الضحايا في الجانب الأمريكي .. وما نريد التحذير منه هو أن لا يكون بعض أصدقاء أمريكا من العرب هم الضحايا خصوصا من الذين يقفون بتشدد مع إيران، مما يجعلهم إحدى ضحايا المحتملين للصفقة من الزاوية الأمريكية، رغم انه من المبكر الحديث عن ذلك.
العلاقة الأردنية الإيرانية – ما هي طبيعة المصالح المتبادلة؟ منذ سقوط نظام الشاه في إيران لم يتمكن البلدان من إعادة بناء علاقات متينة بينهما، ويرجع ذلك إلى منطلقات خاصة لكل منهما قد تصل في بعض أجزائها إلى عدم الثقة. وقد تفاقمت لحظيا العلاقات في عام 1995 إلا أن الجانبين نزعا فتيل التوتر على الأقل إعلاميا وسياسيا، ونجحا بفتح الجانب التجاري بينهما لعله يحل جزءاً من خلفيات التوتر، لكن يبدو أن الجانبين لم ينجحا تماما في التوصل إلى أرضية علاقات تقوم على مصالح ثنائية مشتركة واضحة المعالم لا تتأثر بعلاقات أي منهما الإقليمية أو الدولية. وقد أضاف التدخل الإيراني في العراق عقبات جديدة أمام إمكانية التوصل إلى هذا الاستقرار في علاقات الجانبين. ولذلك اعتقد انه لا تزال الأمور في إطارها الإسلامي العام حيث لا يمكن أن تصنف العلاقات الأردنية – الإيرانية بأنها متينة أو وطيدة أو علاقات تعاون.
وحول سيناريو الأزمة وموقف الأردن منها من حيث مصالحها الوطنية، وما هي طبيعة التهديد الأمني والسياسي الذي قد تقوم به إيران ضد الأردن في حال تصاعدت الأزمة. أشار الحمد إلى جملة من المعطيات أبرزها أن الأردن ينتمي إلى المنظومة العربية وبهذا فان تأثر المنظومة العربية بالأزمة سيلقي بظلاله الأكيدة على الأردن في ظل اصطفافات عربية متوقعة وخاصة مع دول الخليج. كما أن هناك خشية أردنية متزايدة من إمكانية اندفاع هذه الأزمة عبر العراق إلى الأراضي الأردنية بشكل أو بآخر وان كان هذا الاحتمال متواضع من حيث الإمكانيات إلا انه يبقى متوقعاً. كما أن هناك مشهد آخر يتمثل في أن الأزمة ستتفاقم العلاقة بين الدولة الإسلامية والنظام الدولي، ولا شك أن ذلك سيوتر العلاقات العربية الإسلامية مع النظام الدولي رغم أن إيران تختلف مع كثير من الدول العربية في سياساتها، ومن هنا يكون الأردن في داخل هذه الأزمة بحكم عروبته وإسلامه. ولكن كل هذا لا يعني أن يكون هناك مخاطر أمنية محدقة بالأمن الأردني بشكل مباشر، خصوصا وانه ليس طرفا مباشرا أو رئيسيا، كما لا اعتقد أن إيران قد تأخذ اتجاهات غير عاقلة في محاولة إثارة قلاقل في المنطقة العربية مع الدول التي تعتبرها من أصدقاء أمريكا، لان أي تفكير من هذا النوع سيعني أنها تعرض نفسها لازمتين، الأولى التي هي فيها، والثانية عربية عميقة، خصوصا وأنها لم تلبث بعد أن هدّأت من روع العرب إزاء ما يسمى بتصدير الثورة، بالإضافة إلى دخول إيران في العراق، ولهذا فهي غير معنية منطقيا بالتورط في مثل هذه الأزمات، كما أرى أنها غير معنية بإعطاء النظام الدولي ورقة إضافية في مواجهتها عندما تتهم من قبل دول العربية بأنها تثير القلاقل فيها، وهو ما قد يعيد إيران إلى زاوية الشك والاتهام وربما القطيعة مع دول عربية، وبهذا لن تكون الأردن وحدها من يتخذ الموقف في حال تمددت إيران امنيا أو سياسيا لتلعب في داخل الأمن العربي. عموما اعتقد أن خبرة السياسة الإيرانية طوال الـ 27 سنة الماضية علمتها حجم المخاطر الناجمة عن التفكير بأي تمدد إقليمي سواء عبر قوى محلية أو عبر وسائلها المباشرة. وهو ما يسبب نوعاً من الطمأنينة بان إيران على الأرجح لن تتورط في هكذا اتجاهات في حال تطورت مشكلتها إلى أزمة عسكرية مع أمريكا. موقف الأردن من امتلاك إيران للتكنولوجيا النووية كيف تراه ؟ الأردن ليس على حدود مع إيران حتى في ظل النفوذ الإيراني في العراق، كما انه لا يتعرض للتهديد المباشر منها، ولذلك ليس هناك مبرر لسياسات أردنية متعددة تدخل في دائرة المواجهة. ومن زاوية أخرى فإن امتلاك التكنولوجيا النووية يعتبر مطلباً شعبياً شاملاً للعرب والمسلمين، فإذا كانت إيران لها بعض المشاكل مع بعض الدول العربية فإن امتلاك طهران للتكنولوجيا النووية يعني أنها أول دولة تمتلك هذه التكنولوجيا خارج النفوذ الأمريكي، وهو ما يستدعي أن تحذو الدول العربية حذو طهران بذلك. كما أن العرب لا يستطيعون اتخاذ موقف أكثر تشدداً من الولايات المتحدة التي أعلنت أنها لا تعارض امتلاك إيران تكنولوجيا نووية للأغراض السلمية. ولا تعتبر إيران خطراً استراتيجيا في المنطقة بامتلاكها التكنولوجيا النووية دون امتلاك السلاح النووي، بل أن هذا الخطر يأتي من قبل إسرائيل المصدر الأساسي والوحيد في المنطقة لخطر التدمير وأسلحة الدمار الشامل والقتل والدمار في المنطقة، وهي تملك صواريخ عسكرية تحمل رؤوسا نووية اليوم وليس في دائرة التوقعات كما يقال عن إيران، ومن هنا يجب الانتباه بان العرب مدعوون لامتلاك هذه التكنولوجيا، أو أن يتم إخلاء المنطقة بكاملها منها، وهو مع الأسف ما لا تفكر به لا أوروبا ولا امريكا من حيث المبدأ، بينما تلاحق اي تطور بأي مستوى لأي بلد عربي أو إسلامي في العالم في المجال النووي منذ عقود.
- جزء من مشكلة الأردن مع إيران ملف حماس أي هناك من يرى ان ايران تمكنت من خطف حركة حماس من العرب عامة والاردن بخاصة؟. ايران لا نفوذ لها ولا اية ادوات سواء في الاردن أوفلسطين، وحتى لو كانت هناك قوى سياسة منسجمة سياسياً معها، ولكن هذه القوى لها موقف متحفظ في الساحتين وعلى رأس هذه القوى حركة حماس. يعتقد بان جزءاً من اشكالية العلاقة بين حماس وايران هو رفض حركة حماس بأن تكون معبرا لاي نفوذ ايراني سواء فكري او سياسي او اعلامي في المنطقة، وحماس أصرت في كثير من المحطات على ان موقف ايران السياسي العام موقف مرحب به وهو واجب اسلامي ولكنها لم تتحدث يوماً بان ايران هي الحاضنة للمواجهة مع إسرائيل، بل أصرت ان عمقها للمواجهة هو الساحة الاردنية والمصرية والعربية بعامة. ان القول بان ايران امتلكت حماس لا يدعم اي واقع استراتيجي او تاريخي، وانما هي مجرد تخوفات بثتها بعض الاوساط الامريكية والاسرائيلية والتقطتها بعض الاقلام التحليلية الاردنية دون ان تتعمق في مدلولها الواقعي، واشير هنا الى ان هناك ثلاثة متغيرات ينبغي ان ينطلق التحليل منها للقول بامكانية حدوث ذلك (أي استخدام حماس كورقة إيرانيين في المنطقة). · الاول هو ان حماس جزء من الحركة الاسلامية في المنطقة العربية، ولها علاقات عميقة معها وخاصة في الاردن، وان الحركة الاسلامية في الاردن رسمياً وتاريخياً وواقعياً ترفض ان يكون لايران اي نفوذ حتى فكري في الاردن، ناهيك عن أي نفوذ أمني أو سياسي سواء في الساحة الاردنية او الفلسطينية. وطبيعة هذا الجانب أنه يحمل مدلولات ايدلويوجية، فالحركة الاسلامية ومنها حماس ترفض بان تكون طرفا في اي برنامج ايراني في المنطقة وخاصة على الساحتين الاردنية والفلسطينية. · المتغير الثاني: إن برنامج حماس المعلن والمطبق حدد محددات استراتيجية ثابتة لها، وهي ان ساحة الصراع فلسطين وان طرفي الصراع الفلسطنييين والعرب من جهة واسرائيل من جهة اخرى- أي ان اشتباكها هو فقط مع الاحتلال الاسرائيلي وعلى الساحة الفلسطينية فقط. اما نقل المعركة الى خارج فلسطين فلو كان له مبررا لعمدت حماس إلى نقل المعركة منذ زمن بعيد. فليس معقولا ان تنقل حماس المعركة الى الساحة الاردنية او غيرها بتواطؤ مع جهات خارجية سواء ايران او غيرها · اما المعطى او المتغير الثالث فهو ان الساحة الاردنية في ادبيات حماس تمثل عمقاً استراتيجياً لازماً في تحرير فلسطين، ولذلك تؤمن حماس ان استقرار الوضع السياسي والامني والاجتماعي في الأردن هو احد اهم متطلبات نجاحها في مشروعها الاستراتيجي مع اسرائيل مدعومة من الشعوب العربية ولذلك فهي بحاجة ماسة لسياسات اردنية غير معادية سواء شعبية او رسمية، وليس معقولا ان يصل التفكير لاي شخص او جهة لتقول لحماس هيا ضحي بالاردن من اجل برنامج ايران او غير ايران. اما من حيث دعم ايران للموقف السياسي لحماس ماليا وباستضافتها في المؤتمرات او الدعم الدبلوماسي فان ذلك لا يمكن ان يكون سببا في انقلاب الحركة على برنامجها من اجل خدمة برنامج ايراني مؤقت مفترض على الساحة الاردنية، على فرض اتخاذه على سبيل المغامرة السياسية غير العاقلة. إن التحليل المستند الى امكانية ان تلعب ايران بورقة اسمها حماس في الاردن امكانية معدومة في الظرف الاستراتيجي المنظور اليوم. وأنصح ان تستند التحليلات السياسية الاردنية والمصرية عموما الى هذه الاعتبارات للمحافظة على حماس اداة عربية في وجه التوسع والعدوان والمشروع الصهيوني كما هي تعبر عن نفسها. ماذا لو قسم العراق الى شمال كردي ووسط سني وجنوب شيعي موال لايران هل سيدفع النفوذ الايراني المتزايد في العراق الى تدخل الاردن عسكريا باي شكل في العراق لمواجهة الخطر الايراني وهي يمكن حدوث مواجهة عسكرية في العراق بين الطرفين. في حال حدوث هذا السيناريو، واعتقد انه ليس له حظ كبير، فان ايران في تلك المرحلة ستكون سعيدة ان يلتحق سنة العراق باحد من دول الجوار للتخلص منهم، ولهذا قد يكون مرحباً في حينه باحتواء القضية السنية من قبل الاردن او غيره سواء سوريا او السعودية خاصة، ولكن لن يعني ذلك فتح مواجهة مع تأكيدي أنه سيناريو ضعيف والعوامل الدولية لا تسمح به. وفي هذا السياق يدخل الموقف التركي الذي يمكن اعتباره ضمانة تحجيم للاطماع الاقليمية الايرانية ازاء الاردن او الدول العربية، فان تركيا المرشح الاول لتحقيق هذه الضمانة مما يجعلها من حيث التحليل العام مرشحاً لتكون حليفاً استراتيجياً للاردن وللسعودية وسورية. |
||||
|
---|