|
مقال
مصر تقود
الموقف العربي لمواجهة العدوان الإسرائيلي*
ساد الحزن والآسي جنبات وأروقة الصالونات
السياسية وشوارع بيروت إثر القصف الإسرائيلي لمحطات توليد الكهرباء في السابع من
الشهر الحالي ، وبالرغم من الوحدة الكاملة التي أبداها اللبنانيون حكومة وشعباً،
مقاومة وجيشاً ، غير أن الموقف العربي وبرغم رفضه للعدوان الإسرائيلي على لبنان لم يمثل الحد الأدنى اللازم لدعم
لبنان وصموده وإدانة إسرائيل ومحاصرتها دوليا ، خاصة في ظل الموقف الأميركي المنحاز بشكل فاضح لصالح
العدوان الإسرائيلي على شعب و أرض لبنان.
وتقدمت مصر كعادتها فى هذه اللحظة الحرجة
بمفاجأة عربية أصيلة بقيام الرئيس المصري /
محمد حسنى مبارك بزيارة بيروت يوم 19 شباط معبرًا عن وقوف شعب مصر إلى
جانب لبنان وشعبه ، مؤيدًا المقاومة للاحتلال وشاجب العدوان الإسرائيلي ، ومحذراً إسرائيل من مغبة استمرار هذا العدوان.
إن مصر بثقلها المعروف تمثل عنصر التوازن الأهم عربيًا مع إسرائيل ، وبذلك عبر هذا الموقف المصري الشجاع عن ضمير
الأمة العربية ، وأعاد الموقف المصري هذا
نمطاً عربياً افتقدناه لأكثر من عقد من الزمان في تضافر العرب وتضامنهم في وجه
الغطرسة والعدوان الإسرائيلي من جهة ،
والمؤكد على حق العرب في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لأرضهم وصد عدوانه على
سيادتهم وشعوبهم وهو الأساس الذي وضعت قواعده مصر في التعامل مع الكيان الإسرائيلي
من جهة ثانية.
لقد حملت زيارة الرئيس مبارك رسالة مهمة
وجادة للقادة الإسرائيليين وللشعب الإسرائيلي مفادها آن نيل الاستقرار والسلام مع
استمرار ممارسة الإرهاب والعدوان أمر غير ممكن ،
وأن على باراك أن كان جاداً في إقامة السلام أن يكف يده عن الأرض والشعب
العربي فى لبنان وكذلك في فلسطين والجولان ، وأن مصر برغم توقيع اتفاقية السلام مع
إسرائيل ستبقى أولوياتها في دعم حقوق الشعوب العربية في أرضها واستقلالها وسيادتها
، وهى الرسالة التي على بقية الأطراف العربية إرسالها بوضوح كامل ، وعلى الأخص
فيما يتعلق بتأكيد حق المقاومة اللبنانية والفلسطينية فى رد العدوان ومقاتلة
الاحتلال حتى يجلو عن أرضها ، وكذلك
بتقديم الدعم اللازم لهذه المقاومة وتسهيل أدائه لدورها ، وأن دور المقاومة لن
يتوقف حتى تنسحب إسرائيل من الأرض العربية وتتوقف عن استخدام القوة والإرهاب ضد
الشعوب العربية.
إن الرسالة المصرية التى حملتها زيارة
الرئيس مبارك كانت بليغة وواضحة وحاسمة فى تحذير قادة إسرائيل من التمادى فى
الإصرار على الاحتلال والإرهاب وتدمير البنى الاساسية وقتل الأطفال والنساء ، وهى
بدلالتها السياسية وجهت إنذاراً آخر للخطر الناجم عن استمرار الولايات المتحدة
بالتغطية على ممارسات إسرائيل العدوانية ، خاصة وأن الولايات المتحدة ترعى عملية
سلام تهدف إلى حفظ الأمن والاستقرار الإسرائيلي ، وعندما يأتي الموقف من مصر ذات
العلاقات الوطيدة مع الولايات المتحدة فإنة يؤكد للإدارة الأمريكية أنها لا تستطيع
أن تصادق العرب و تسمح لإسرائيل بالاعتداء عليهم و هضم حقوقهم في نفس الوقت ، كما حملت المبادرة المصرية دعوة للعرب إلى
العودة إلى مربع التضامن و العمل المشترك لكف العدوان و تحرير الأرض العربية في لبنان و فلسطين و الجولان؛ وأن الوقوف
العربي الجماعي إلى جانب أي طرف عربي في
مواجهة إسرائيل عسكرياً و سياسياً و
أخلاقياً اصبح المدخل الأهم لتحقيق السلام و الاستقرار ؛ و أنه قد آن الأوان لوقف
لعب إسرائيل على الخلافات العربية و الاستفراد ببعض الأطراف لابتزازها. |
||
|
---|