|
تطلعات نحو قانون أكثر
ديمقراطية في العهد الجديد
-
لماذا قانون المطبوعات والنشر
-
مراكز الأبحاث والدراسات في القانون
-
مسألة التمويل الوطني
والأجنبي ضبط التمويل الخارجي وحماية المجتمع من الاختراق
-
ضبط التمويل الخارجي وحماية المجتمع من
الاختراق
-
الحرية والممارسة
المسئولة من الطرفين
-
العقوبات غير متوازنة ولا عادلة
-
شروط التخصص والتفرغ تدخل في الشئون
الشخصية للمواطنين والمؤسسات
-
تدخلات الحكومة وصلاحياتها
-
مقارنة بين قانون 1993 و 1998 فيما يتعلق
بمراكز الأبحاث (التطور والتراجع)/ (جدول)
-
مشروع القانون المقدم من نقابة الصحفيين
لعام 1999
حظي قانون المطبوعات وتعديلاته منذ عهد
الديمقراطية الجديدة في الأردن عام 1989 باهتمام الأوساط الثقافية والسياسية ، كما لفت انتباه المجتمع الدولي والمؤسسات المدافعة
عن الديمقراطية والحرية في العالم ، ومنذ عام 1993 تم إجراء ثلاثة تعديلات على هذا
القانون ، ألغت محكمة العدل العليا واحداً منها عرف بالقانون المؤقت لعام 1997،
وفي ظل العهد الجديد وتوجهاته الانفتاحية على العالم، وفي ظل جولة الملك عبد الله
الثاني بن الحسين إلى دول العالم، ظهر توجه الحكومة الحالية لتعديل القانون، وعلى
إثر ذلك قامت نقابة الصحفيين الأردنيين بإعداد مسودة مشروع تعديل شامل، يعمل على
رفع مستوى ومنسوب الحريات مع المحافظة على مستوى المسئولية الأدبية والقانونية
للممارسات الصحفية والإعلامية والبحثية .
وتأتي
دراسة القانون الحالي رقم (8) لسنة 1998 بهدف تبين جانبي الحرية والقيود المفروضة
من خلاله، ومن منطلق دفع حركة التطور والتنمية الاقتصادية والفكرية والثقافية في
المجتمع إلى الأمام، وذلك لمواكبة التطورات الجارية في العالم، ولدخول القرن
الجديد في العهد الجديد بآفاق أكثر رحابة، وقوانين أكثر عصرية وديمقراطية، وتتناول
هذه الدراسة بالمناقشة التطبيقية والمقارنة التحولات والتوجهات في قانون المطبوعات
والنشر لعامي 93و98 ، وتوجهات مشروع القانون المعدل المقدم من نقابة الصحفيين الى
الحكومة لعام 1999 .
وتركز هذه الورقة بالدراسة على ما يتعلق بمراكز
الدراسات أساساً مع الاهتمام ببعض المتعلقات الأخرى في القانون، وسوف تتناول هذه
الورقة القانون من منطلقين :
1-
مقدار
تماثل مواد القانون مع مفهوم الحرية والديمقراطية بما في ذلك ما اصطلح على تسميته
"بالحرية المسئولة".
2-
مدى
تحقيق القانون لأهداف تشريعه، ودوره في تطوير وتنمية الدولة والمجتمع ودفع عجلة
التقدم والانفتاح والمعاصرة في بناء الأردن الحديث، وتحقيق الأمن النفسي وتوثيق
الولاء الوطني.
لماذا
قانون المطبوعات والنشر
الأصل هو عدم وجود قانون خاص للمطبوعات والنشر
كما في دول العالم المتطور ، حيث تتكفل القوانين المدنية بتوفير الحماية اللازمة للمجتمع من العبث ،
والعلاقات المشبوهة، والمس بالأمن الوطني والقومي الأردني، والتعدي على حقوق
الآخرين.
فإذا
كان ولا بد من قانون فيمكن أن يكون في حدود الضبط العام والقواعد العامة، لا أن
يحل محل قانون الجزاءات في مجال العقوبات، أو أن يعمل على كبت حركة التطور الفكري والعلمي في البلاد بما يحرم
الأجيال من حق الإطلاع على الحقائق والرؤى لآفاق التحول والتغير الداخلي والخارجي
على حد سواء، ويجب أن ينظر للأردنيين بمقياس واحد سواء كانوا في القطاع العام أو
القطاع الخاص وسواء من العاملين في الصحافة والفكر والبحث العلمي أو في مجالات
الإنتاج الصناعي والزراعي، وإن مسألة القوانين تُعد عمليات ضابطة ومقيدة لأي
تجاوزات خطرة، حيث يسعى المشرٍّع دائماً
لوضعها في أطر عامة، وضمن قوانين وطنية .
إن قانون المطبوعات والنشر يهدف بالأساس إلى
" المحافظة على ما اصطلح على تسميته "بالحرية المسئولة" برغم التفاوت في تعريفها"، ولذلك فان أساس
القانون هو توفير الحرية لا منعها، وفتح المجال أمام الجهات والأشخاص للتعبير عن الفكرة والذات، والبحث والدراسات
ونتائجها، والمحافظة على المصالح العليا للوطن والمجتمع في كافة الأنشطة الاجتماعية
والثقافية وغيرها ، ويقاس مدى انسجام قانون المطبوعات والنشر مع الأهداف الوطنية
والقومية بمدى تحقيقه لهذه الغاية . وقد تعارف العالم على أن سن القوانين وجد
لتحسين الأداء وليس لتقييد الحرية ، ولذلك ينبغي على قانون المطبوعات الأردني أن
يشجع تحسين مستوى الأداء الصحفي والبحثي، وأن يذلل العقبات التي تحول دون الحصول
على المعلومات، ويوفر الحماية للكتاب والصحفيين في تناولهم لشئون الوطن والأمة
المختلفة بلا تحفظ .
إن النظر في مواد القانون القائم يشير إلى
محاولات المشرٍّع إبراز هذه الروح لفظياً في اكثر من مادة من مواده (مواد 3، 4،
6-ج/د،8، …) ، غير أنه لا يلبث أن يضع القيود والضوابط والعقوبات والحظر الذي
ينتقص هذه الحرية لدرجة اغتيالها أحيانا ( كما في مواد 10، 13، 16-ج، …) ، كما انه
لا يضع في اعتباره طبيعة المتغيرات الدولية والعربية والإقليمية المحيطة وحجم
الانفتاح الذي دعمته وشجعته الدولة لاعتبارات مختلفة، حيث أصبح الأردن جزءًا
حقيقياً من حركة التغير الجارية، وجزءا لا يتجزأ من عملية التطور والتحول العربي
والانفتاح على العالم، ويفاخر الأردنيون
بان بلدهم من اكثر البلدان حرية وتمتعاً بحركة التنقل والتعبير في المنطقة، بل
ويزعم البعض أن الآخرين يحسدوننا على هذه الحرية، غير أن القانون القائم للمطبوعات
والنشر يُعد من أهم العناصر
المعوٍّقة لحركة التطور الاجتماعي
والإعلامي والسياسي والأكاديمي الأردنية.
ولذلك فإذا سلمنا جدلاً بأهمية وضع قانون
للمطبوعات والنشر: أن يكون أساسه
1-
تنظيم الحرية
2-
منع الاعتداء على الآخرين
3-
حماية مصالح المجتمع والأفراد لا أن يكون مضمونه
1-
كبت الحرية أو تحجيمها
2-
حماية الأخطاء ومرتكبيها
3-
توفير الغطاء الشرعي للممارسات المضرة بالأمن الوطني وعدم كشفها
بحجج كثيرة
4-
وضع العقوبات سيفا مسلطاً إلى حد الجرح على وريد
كل باحث وعالم وسياسي وصحفي يريد إبراز الحقائق في وطنه ومجتمعه لتنوير صانع
القرار بكل مستوياته، أو توعية الجمهور بحقيقة المسلكيات غير البنّاءة من قبل
البعض، أو يريد أن ينظر بواقعية إلى أفق ومستقبل وطنه وشعبه خلال السنوات القادمة في
ظل المتغيرات المحيطة .
مراكز
الأبحاث والدراسات في القانون
تُعد مراكز الأبحاث والدراسات مراكز للتفكير والتطوير في المجتمع، وتمثل خط
الانفتاح الأردني على العالم الخارجي، ويجب أن تحظى بمكانة اعتبارية خاصة وحماية
مباشرة من جهات صناعة القرار السياسي لتوفير أجواء البحث والحرية المناسبة لها حتى
يكون أداؤها وطنيا وعلميا وناضجا ومفيداً للتنوير وتوفير البدائل والقدرة على
التوصية لاتخاذ القرار والتحذير من الإشكاليات القائمة والمستقبلية في سياسات
الدولة والمجتمع في مختلف المجالات. إن مراكز الأبحاث في العالم يتم تبنيها من جهات حكومية أو خاصة لتكون غير
ربحية، وأما في حالة الأردن ففي غياب التبني الحكومي والخاص لهذه المراكز فإنها
تعمل وفق قاعدة الربحية، وفي ظل تذبذب السوق وحاجاتها فان بعض هذه المراكز قد
يعاني ضائقة مالية تحوجه لبعض الدعم والتمويل والإنقاذ ليستمر في خدمة الدولة
والمجتمع، وفي حال غياب التمويل الأردني الوطني
فإن بعضها قد يلجأ إلى التمويل الأجنبي المتاح والذي تقوم بتقديمه مؤسسات
تدعي أنها تخدم العلم والبحث العلمي وتهدف إلى تطوير مجتمعاتنا، وبغض النظر عن صحة
هذه الادعاءات فان غياب التمويل والدعم الأردني خاصة والعربي بشكل عام قد يدفع
البعض للقبول ربما بشروط ومواضيع بحثية لا تقع في دائرة أولويات الدولة والمجتمع
لخدمة الأمن الوطني والأمن القومي . وان تشجيع قوى المجتمع الاقتصادية والسياسية
والاجتماعية على تبني ودعم هذه المراكز وفتح المجال أمام التعاون العلمي مع
المؤسسات المشابهة في العالم العربي وبعض المعروفة ببراءة أهدافها من الأجنبية يجعل
من إمكانية الاختراق أمرا ضعيفا.
من جهة ثانية وفي ظل المكانة المهمة لمراكز
البحث والدراسات والتي تتشكل خبرتها عبر السنوات، فإن تراكم علاقاتها، وتأثيرها في
الأطراف الأخرى يُعد مصلحة أردنية، ولذلك لا يجوز إغلاقها بأي شكل من الأشكال إلا
وفق أحكام قضائية تتعلق بضرر وقع بالفعل على
الأمن الوطني أو عند ارتكاب
مخالفات نص قانون العقوبات على الإغلاق بسببها، ويجب أن تكون القرارات في هذه
الحالات حصراً على أعلى هيئة قضائية مختصة
. ليس ثمة خلاف على أن الدعم الوطني يُعد
من أهم عوامل نجاح مؤسساتنا الثقافية والعلمية واستقلاليتها، وتأكيد خدمتها
المطلقة لمصالح الوطن والأمة، فيما يتم التوقف عند أي برامج وأطراف تقوم أنشطتها
على حجم ونوع الدعم الأجنبي، وذلك من حيث دوافع هذه الجهات الأجنبية من وراء هذا
الدعم، والفوائد والمخاطر الناجمة عن هذا الدعم على الوطن والأمة، كما تثور
التساؤلات المواجهة من الجهات المستفيدة حول البدائل المتاحة للتمويل الأجنبي،
وحول كيفية تفعيل هذه البدائل، ومن أجل وضوح الرؤية العامة للموضوع وصحة المفهوم
حول المسألة بشكل موضوعي رصدت الورقة الإجابات الواقعية على هذه التساؤلات على
النحو التالي:
أ:
دوافع المؤسسات الأجنبية من وراء الدعم المالي
1= إقامة وبناء الصلة والجسور مع المجتمع
الأردني والعربي
2 = تحقيق بعض الحضور الثقافي في مجتمعاتنا
3 = الاستفادة المعلوماتية والبحثية والعلمية
لمصالح بلادها المختلفة
4 = اختراق الأوساط الثقافية والمدنية
والاجتماعية بهدف الحفاظ على مصالح دولها في بلادنا
ب: فوائد وأخطار التمويل الأجنبي
1=
توفير مصادر مال ودعم اقتصادي
2=
إحياء الفكر الثقافي والمؤسسات المدنية
3= بث
الفكر الآخر على حساب الفكر العربي الإسلامي
4= تنفيذ برامج تخدم توجهات الجهات الداعمة على
حساب الأجندة الوطنية والقومية الأساسية وأولوياتها
5 = تنمية جيل من المؤسسات يعتمد على الدعم الأجنبي ولا يحظى بالتنمية الذاتية
والاستقلال والحرية
ضبط
التمويل الخارجي وحماية المجتمع من الاختراق
لا يمكن إنكار إشكاليات الدعم الأجنبي وعلى
الأخص عندما يكون مصدره جهات غير أكاديمية معروفة، غير أن ضبط ذلك لا يتم باتخاذ
القوانين المانعة لأي نوع من التعاون والتمويل حتى الأردني منها، ولا يكون ذلك
بإحداث أضرار بالغة بكل الجهات الأردنية البحثية بحجة قيام بعضها بتلقي دعم أجنبي غير برئ .
إن ضبط
مسالة التمويل من أجل تحقيق الحماية
لمجتمعنا الصغير المنفتح ، وعلى الأخص في جوانبها الفكرية والاجتماعية والأمنية
والاقتصادية، يمكن تحقيقه وفق معايير متعددة أبرزها :
1-
فتح
المجال للتمويل والدعم الأردني ما دامت الأبحاث غير موجهة ضد أي فئة اجتماعية أو
مؤسسة أردنية أخرى، وتفعيل دور المؤسسات
الأردنية الحكومية المشابهة في دعم غير مشروط لمؤسسات المجتمع المدني الأردني
الوطنية. فتح المجال للتمويل العربي عبر التعاون المشترك في إجراء الدراسات وتقاسم
الأدوار الإدارية والفنية والمالية، أو القيام بدراسات واستشارات على المستوى
القومي.
2-
السماح بالتعاون مع المؤسسات الأجنبية المشابهة
الحكومية منها والخاصة، بشرط وضوح أهدافها وشروطها، وألا تمس الأمن الوطني الأردني
أو الأمن القومي العربي، ويستثنى من ذلك الجهات المعادية للأمة .
3-
اعتماد
مرجعية أردنية للنظر في مسائل التمويل الأجنبي، ويمكن إنشاء" لجنة تنسيق
عليا" بين مراكز البحث الخاصة لهذه الغاية، حيث يكون القضاء هو المرجعية
القانونية للحكم على هذه المسائل عند الخلاف
وليس مدير المطبوعات أو الوزير المختص.
4-
تعديل المادة (41)
والمواد المشابهة لها في القانون
القائم رقم 8 لسنة 1998، لتصبح الرقابة
المؤسسية سابقة الذكر في بند(4) بديلاً عن التدخل والمنع من قبل الحكومة.
وفي ضوء ذلك فإنه ليس من الحكمة اتخاذ سياسة الحظر المطلق
للتمويل سواء كان أردنيا أو عربياً أو أجنبياً على مراكز الأبحاث والدراسات حسب
المادة(41) ، حيث يمثل ذلك تضييقاً على
تطور إمكانات هذه المراكز وقدرتها على التوسع في إجراء الدراسات ذات الكلفة
العالية والنوعية، والتي يمكن أن تخدم صناعة القرار في الدولة والمجتمع، كما أن
هذا الحظر يحول دون إسهام المجتمع الأردني في دعم هذه المراكز برغم أنها مؤسسات
وطنية تخدم الصالح العام .
الحرية
والممارسة المسئولة من الطرفين لا
شك أن ثمة ممارسات غير مسئولة تبدت من قبل عدد من الصحف والكتاب الصحفيين ، وأن
بعض مراكز الأبحاث ربما أصبح يعتاش على المعونات الأجنبية، ويتبنى برنامجاً سنوياً
وفق هذا التمويل والدعم، وربما تمكنت بعض الجهات من شراء بعض الأقلام ، وربما
تطاولت بعض الكتابات على الحق الشخصي وعلى الأخلاق العامة …..إن ذلك ربما حصل بعضه
، لكن المعالجة لا تكون بمعاقبة المحسنين الذين يتفهمون جيداً "الحرية
المسئولة" وفق المصالح العليا للبلاد بجرائر المسيئين، كما أنه يمكن اللجوء
إلى القوانين الجزائية لمواجهة هذا النوع
من الخروج على القانون، ولسنا بحاجة إلى مزيد من التقييدات التي مثلت تراجعاً عن
الإنجازات السابقة في مجال "الحرية المسئولة" ، والتي أثارت الذين
يؤمنون بالحرية المسئولة وأزعجتهم أكثر من الذين يتجاوزونها .
العقوبات
غير متوازنة ولا عادلة
لم يشر
القانون بأي شكل من الأشكال إلى الإجراءات الممكن اتخاذها عند امتناع الجهات
الحكومية عن تقديم المعلومات والوثائق الرسمية للبحث والدراسات والصحافة حسب
المواد( 6-ج،8 )، فيما أشارت إلى العقوبات عن أي معلومات يتم نشرها يمكن وصفها
بالكذب أو الإشاعات ( حسب المادة 37-أ-9) ، وهو أمر غير عادل ولا متوازن، ففي غياب
المعلومات الدقيقة من المصادر الأردنية فإن المصادر الأجنبية الأخرى ستكون الأكثر
وفرة والأكثر حظوة لدى الباحثين والصحفيين برغم أنها قد تشمل بعض المعلومات
المدسوسة ، لكن "الجهة المسئولة"
ليس الكاتب أو المطبوعة بقدر ما هي الجهة الحكومية المسئولة عن حجب هذه
المعلومات، والتي لا تلتزم بتوفيرها للباحثين والكتاب والمهتمين .
شروط التخصص
والتفرغ تدخل في الشئون الشخصية للمواطنين والمؤسسات
أن الممارسة الصحفية تنبع من مجالي الاختصاص
العلمي والهواية التي تتحول إلى خبرة مع الزمن، ويعمل في كل العالم عشرات من
الصحفيين ممن هم ليسوا مختصين بالعمل الصحفي، كما أن اشتراط التفرغ لمدير أي مؤسسة صحفية وبحثية أو رئاسة تحرير
مطبوعة صحفية غير ضروري، ويُعد تدخلاً في الشئون الشخصية، هذا ناهيك عن اشتراطات
التخصص والتفرغ التام في رئيس التحرير والمدير المسئول للمطبوعات المتخصصة وغيرها،
وهي أمور معيقة كما أنها غير مفيدة إلا من باب التقييد، حيث أن اشتراط الشهادة
الجامعية الأولى، والخبرة في مجال قريب لمدة خمس سنوات تُعد كافية لإعطاء الترخيص
والمزاولة الصحفية والبحثية، كما أن التفرغ التام يحرم العشرات ممن يتمنون ممارسة
المجالات البحثية والصحفية ولهم فيها الكثير من الملكات ممن لهم أعمال تجارية
خاصة، أو موظفين في وظائف حيوية أو فنية في القطاع العام، والذين قد يتفوق بعضهم
على بعض المتخصصين، ولذلك لا بد من إلغاء شروط الشهادة المتخصصة أو التفرغ التام
من كل القانون والإبقاء على الشهادة الجامعية الأولى والخبرة القريبة من مجال
العمل لمدة خمس سنوات كمؤهلات عامة.
تدخلات
الحكومة وصلاحياتها
إن كثرة تدخلات الحكومة تفقد المؤسسات الوطنية استقلاليتها،
كما تفقد الحرية المسئولية أي معنى اجتماعي أو وطني أو ثقافي، فما دام التدخل
قائماً والرقابة صارمة فلماذا تطالب بحرية مسئولة وأخلاقيات مهنة إضافة إلى كل هذا
الضبط القانوني .
أن الكثيرين لا ينظرون بارتياح لكثرة الصلاحيات المخولة
للمدير والوزير في القانون، فالأصل هو اللجوء إلى القضاء للبت في المسائل محط
الخلاف بين الوزارة وأي شخص أو جهة أردنية ، ولذلك يجب أن تكون سلطة المدير
والوزير رقابية على تنفيذ القانون لا أخذ القانون بيده ، وعلى الأخص إذا كان الأمر
يتعلق بالإغلاق والمصادرة ومنع الترخيص، والوقف …الخ ( كما في مادة 35-ب).
كما أنه لا معنى لتدخل الوزير في المشاريع القابلة
للتمويل وغير القابلة ، فهو تدخل مباشر في
إدارة المراكز البحثية والصحف وبرامجها ( مادة41) ، أي أنه تدخل حكومي بالقانون في إدارة الشركات الخاصة برغم التوجه الرسمي
للدولة نحو خصخصة القطاع الحكومي .
مقارنة بين قانون 1993
و 1998 فيما يتعلق بمراكز الأبحاث (التطور والتراجع)
من خلال دراسة الجدول المرفق رقم (1) يتبين أن
معدلات الانفتاح والتطور في قانون رقم (8) لسنة 1998 نسبة الى قانون رقم ( ـ )
لسنة 1993 كانت أقل بكثير من معدلات التضييق والتراجع بنسبة (1:4) ، كما يلاحظ
تكرار التضييقات السابقة في الحد الأدنى ، الأمر الذي يشير إلى أن هدف القانون
الأساسي تجاه مراكز الأبحاث والمطبوعات المتخصصة لم يكن لتطويرها ولا لدعمها، بل
كان يهدف إلى التضييق عليها لاعتبارات غير علمية ، وتمت بمعالجات قاسية وغير عادلة
.
فقد أضاف قانون 98 شرط تزويد الوزير بنسخة تفصيلية
عن موارد المطبوعة الدورية ومصادر تمويلها إضافة إلى إبقاء الحظر على أي دعم مالي
من أي دولة أو جهة غير أردنية (مادة 20) .
كما أضاف شروطاً تفصيلية على رئيس تحرير
المطبوعة المتخصصة ، فقد اشترط أن يكون المؤهل العلمي ذي علاقة (مباشرة) بموضوعها
، وكذلك اضافة على الخبرات البديلة للشهادة الجامعية أن تكون (معتمدة) لا تقل عن
خمس سنوات يقبلها الوزير ، وهي إضافات تشير الى توسعة صلاحيات مدير دائرة
المطبوعات والوزير يحجب التراخيص عن مستحقيها . (مادة 25/2)
وعلى صعيد مدير الدراسات والبحوث فقد تراجع
قانون 98 عن قانون 93 في اشتراط الشهادة الجامعية الأولى ليكون فقط ( مؤهلات علمية
وخبرات تتناسب مع متطلبات العمل ) ، وهو ما يقلل من أهمية مدير دار الدراسات (مادة
16/د) ، وفي نفس الوقت ذهب قانون 98 ليشترط "التفرغ التام" (مادة16/ج)
لهذه الوظيفة في سابقة تدخل شخصي غير معقول ولا عادل ولا ديمقراطي، خاصة وأن
المراكز الخاصة هي إما شركات أو مؤسسات غير ربحية .. ولها لوائحها ونظمها الخاصة
في الإدارة .
وأما فيما يتعلق بإستصدار رخصة المطبوعة
المتخصصة فقد شطب قانون 98 اشتراط التعليل لقرار الرفض" (مادة17/ب) ، ليكون
الإبلاغ خلال خمسة عشر يوماً من صدور القرار (مادة17/ب)، والتي فسرها البعض بأن
تكون شفوية أو مكتوبة !! . وأعطى قانون 98
امتيازات وسلطات جديدة لمدير المطبوعات فيما وسع فترة الدراسة الموافقة للكتب
والمطبوعات من 14 يوماً إلى شهر (مادة 35/أ)، وفوضه بإلغاء الإجازة في حال مخالفة
أي من الشروط المقدمة للإجازة ، غير أن الأسوأ في ذلك هو التفويض "بمصادرة
جميع النسخ" دون اشتراط صدور قرار محكمة مختصة سواء قبل المصادرة أو بعدها
بزمن محدود ، مما يجعل من مدير المطبوعات قاضياً يحكم في حالة تقديره وقوع مخالفة
شروط الإجازة ، (35/ب) .
وحول مسألة تلقي الهبات والمعونات والتبرعات
والتمويل ، فإضافة إلى استمرار حظر تلقيها من قبل الأفراد المالكين والمديرين
والعاملين في المطبوعات الصحفية والمتخصصة (مادة40) ، فقد أضاف قانون 98 في سابقة
هي الأولى من نوعها خطر مبدأ التمويل والمساعدات لمراكز الأبحاث ودور قياس الرأي
العام وحدها دون بقية المؤسسات التي يشملها هذا القانون، وأفرد لذلك مادة كاملة
مستقلة (مادة41) ، فيما فُهم منه أنها محاولة لإضعاف دور هذه المراكز وتطويرها
للمجتمع الأردني ولمدخلات القرار السياسي والإقتصادي فيه ، كما أنه استهداف واضح
لنوع معين من هذه المؤسسات غير مبرر ، ويجعل القانون من هذا التمييز ظلماً مشرعاً
، وقد جاء المنع للمؤسسات وأعمالها وليس للأشخاص فيها فقط ، كما حظر الجهات
الأردنية تماماً مثل غير من الجهات غير الأردنية في اتجاه غير مفهوم ومتناقض مع
مبدأ الاستقلال الداخلي أو المحافظة على وطنية أجندات هذه المؤسسات، وحمايتها
وحماية المجتمع من الاختراق الأجنبي ، هذا ناهيك عن استدعاء موافقة الوزير المسبقة
على أي دراسات أو مشاريع مشتركة مع جهات أردنية وغير أردنية ، وهو تدخل مباشر في
عمل هذه المؤسسات وبرامجها، كما أنه تعليق لتطورها بقرار الوزير في كل مرحلة ، وهو
أمر ينافي شروط ونظم رخصة هذه المؤسسات، كما ينافي روح القانون المدني المتعلق
بالشركات وجمعيات النفع العام، (مادة40،41) .
وبإسقاط القياسات النسبية على نسبة الإبقاء على
التضييق في قانون 98 عماكان عليه في قانون 93 يتضح أنها حوالي 23.81% ، فيما كانت
نسبة التغيير باتجاه الانفتاح والتساهل حوالي 4.76% ، الا أن نسبة التراجع السلبي
نحو مزيد من التضييق والإعاقة في اشتراطات وإجراءات بلغت حوالي 71.43% . أي أن
القانون مثل تراجعاً كبيراً عن مكاسب حققها القانون السابق فيما يتعلق بمراكز
الدراسات والمطبوعات المتخصصة وفق البنود الستة التي درستها هذه الورقة (أنظر
الجدول رقم (1)).
ما يتطلب إعادة النظر بجدية في روح وصياغات
وأهداف القانون العامة ليصار إلى صياغتها على أساس التطور والتطوير ، والانفتاح
والاتصال والتبادلية في أدوار مؤسسات المجتمع المختلفة في عالم متطور ومتشابك
المصالح، وفي ظل تحديات ومتغيرات معقدة يصعب تبين البدائل والخيارات الأنسب فيها
دون عمق دراسة وتدبر ، ودون جمع معلومات وتحليلها بشكل علمي وسليم وحر . مشروع القانون المقدم من نقابة الصحفيين لعام
1999
المعالجات
والقصور
مثـّـل
مشروع نقابة الصحفيين المعدل لقانون رقم (8) لسنة 1998 محاولة جادة ونوعية في
تطوير الحريات وحماية المجتمع وتحمل المسئوليات المترتبة على ممارسة الحريات من
قبل الكتاب والصحفيين في الاردن، لكن الملاحظة البارزة هي ان التعديلات اللازمة
فيما يتعلق بالصحافة والصحفيين قد طغت على المتعلقة بمراكز الابحاث والعاملين فيها
. فعلى
صعيد الرقابة المسبقة يقترح المشروع حظرها فيما يتعلق بالمطبوعات الصحفية
وليس الدورية التي تشمل المتخصصة منها، كما يحظر مصادرة الصحف فيما لا يحظر
مصادرة الكتب المجازة أو المطبوعات
الدورية المتخصصة .(حسب المادة 4 أ،ب)
كما يفضل أن تشمل المطبوعات الدورية في المادة
(11) إضافة الى المطبوعات الصحفية، ويُعد التساهل بإعطاء الدائرة حق مصادرة النسخ
المطبوعة لما قد يعتبر كتباً خالفت شروط
الإجازة الممنوحة لها وفق تفسير الدائرة
دون حكم قضائي من محكمة مختصة توسيعاً لصلاحيات الحكومة في اتخاذ العقوبات،
والأَوْلى هو "رفع الخلاف إلى المحكمة المختصة مع وقف التوزيع لمدة شهرين
على الأكثر" انتظاراً لقرار المحكمة( حسب المادة 33/ب). كما أن الحظر
المفروض على مراكز الأبحاث في المادة (41) من قانون رقم (8) لسنة 1998 تم الإبقاء
عليها بشكل مضرٍ بالمصلحة العامة، وذلك حسب المادة (38) من مشروع القانون المقترح،
حيث "تحظر التمويل الأردني إلى جانب غيره عن مراكز الأبحاث ودور قياس الراي
العام" دون غيرها من المؤسسات التي يشملها القانون، وذلك برغم الإشارة
الواضحة إلى حظر الدعم عن المالك والعاملين" في حال كان ذلك بهدف التأثير
عليهم في المطبوعة الصحفية" . ويُقترح إلغاء هذه الخصوصية التشكيكية غير
المعقولة بمراكز الأبحاث، ليصار إلى "حظر تلقي الدعم والتمويل من جهات
أجنبية إلا إذا كانت لمشاريع مشتركة".
وبرغم
الاهتمام بتسهيل الشروط على امتلاك المطبوعات والمؤسسات الثقافية التي تبدت بروح
المشروع القانون المقترح للمطبوعات والنشر من قبل نقابة الصحفيين غير أن إلغاء شرط
"الشهادة الجامعية الأولى" عن مالك مركز الأبحاث أو المطبوعة المتخصصة
أو رئيس تحريرها إنما يمثل تراجعاً عن المكاسب في قانون 1993 بهذا الخصوص ، ويقترح
إضافة الشهادة الجامعية الاولى على الاقل، وخبرة خمس سنوات في مجال قريب من
تخصصها" الى مادة (24/ ب) من المشروع المقترح ليكون رئيس تحرير المطبوعة
المتخصصة جامعياً على الأقل ، ولديه خبرة أولية معقولة ترتقي بمستوى الفكر
والثقافة الأردنية والقومية ، ويشاد هنا كذلك بمادة (18) من المشروع المقترح التي
أكدت لزوم قرار المحكمة القطعي لإلغاء تسجيل أي مطبوعة دورية، ويقترح إضافة إلى
ذلك شمول المؤسسات بنص "وأي مؤسسة
يشملها هذا القانون" . وبذلك
يتضح أن ثمة معالجات ناجحة قدمتها نقابة الصحفيين بمشروعها المعدل للقانون بشكل
عام لكن ثمة قصور لا زال قائماً فيما يتعلق بمراكز الأبحاث وأهمه :
1 -
ضرورة
شمول خطر الرقابة المسبقة للمطبوعات الدوريةالمتخصصة ـــ مادة (11) .
2 -
إلغاء حق
مدير المطبوعات مصادرة أي كتاب بسبب مخالفة شروط الإجازة حسب المادة (33/ب) ،
وتعديلها لتكون "رفع الخلاف إلى المحكمة المختصة ، ووقف التوزيع لمدة شهرين
على الأكثر لحين صدور الحكم" .
3 -
إلغاء مادة
(4) من القانون القائم (8) 1998 ، والمقترح من النقابة حسب المادة (38)، لأنها
تمييزية ظالمة في الوضعين ، ويكتفى بمادة (37) مع اقتراح تعديل بسيط يضاف إلى مواد
أخرى نصه "حظر تلقي الدعم والتمويل من جهات أجنبية إلا إذا كانت وفق مشاريع
علمية مشتركة" .
4 -
المحافظة
على شرط الشهادة الجامعية الأولى لمالك مركز الأبحاث ومديره ورئيس تحرير
المطبوعة المتخصصة ( في القانون 8/1998) ، ( وإضافة خبرة خمس سنوات في مجال قريب
من تخصصها " في مادة (24/ب) من المشروع المقترح .
5 -
إضافة
" وأي مؤسسة يشملها هذا القانون " إلى مادة (18) من مشروع النقابة
المقترح.
6 -
إضافة بند
نصه :" تعتبر رخصة مركز دراسات وبحوث كافية إصدار مطبوعة دورية متخصصة في
مجال عمل المركز".
إن
الحرية في التعبير عن الرأي ، والحرية في البحث والدراسة والحصول على المعلومات
الصحيحة من منابعها، وتوفير الاحتضان الوطني تمويلاً وتشجيعاً لمؤسسات الفكر
والإعلام والبحث في الأردن هو خطوة أساسية تحدد طبيعة التوجه والنهج المتحضر الذي
سيدخل الأردن فيه القرن الواحد والعشرين، بوصفه بلداً عصرياً بقيادة عصرية ومجتمع
مثقف متعلم ومتطور . ولعل هذه المداخلات الأساسية العامة حول قانون المطبوعات
والنشر تكون إسهاماً في بلورة هذا التوجه لبناء وطننا العزيز ولحماية مستقبل
أجياله القادمة. |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
---|