******************************************************************************
كلمة المدير التنفيذي
د. بيـان العمري
السادة الحضور الكرام،،،
أسعد الله أوقاتكم في هذا المساء العطر بكم وفي هذا الحفل البهيّ
بمشاركتكمتكم
ونحن اليوم بذكرى مرور 26 عاما على تأسيس هذا المعلم، مركز دراسات
الشرق الأوسط، والذي يبرز في سماءاتنا العلمية والفكرية الوطنية والعربية
الشامخة.
الزملاء الكرام،
لقد تمكّن المركز خلال عام 2016، بعلمكم وجهودكم ومساهماتكم البحثية الفاعلة،
تمكّن من ديمومة التقدم والتميّز بين مراكز البحث والتفكير العربية، وقدّم
مزيداً من الفكر والتحليل والرؤية المنهجية الموضوعية، وقدّم توصيات ساهمت في
تطوير واقع سياسي وفكري، لا سيما في مجال علاقات العرب الدولية، إضافة إلى
مجالات اختصاصه المعهودة في القضايا المحلية الأردنية والقضية الفلسطينية
والصراع العربي- الإسلامي، ثم في دراسة الأزمات العربية منذ 3 أعوام.
يعتمد المركز في أعماله وبرامجه على ركنين أساسيين: الأول هو رؤيته ورسالته
وتوجهاته الاستراتيجية وخطته الواقعية والطموحة، والركن الثاني هو النخبة
الرائدة من أعضاء المجالس والهيئات العلمية والتنفيذية، والتي تساهم بشكل رئيس
في صياغة التوجهات والأهداف ومؤشرات الإنجاز، حيث يضم المركز في هيكليته
الإدارية مجلس الأمناء والمجلس العلمي وهيئة تحرير مجلة دراسات شرق أوسطية
والهيئة الاستشارية في المجلة، ومجلس التخطيط، إضافة إلى هيئة الإدارة، وتضم
هذه المجالس ما يقرب من 40 من النخب الفكرية والأكاديمية والإدارية المتميزة من
الأردن والعالم العربي.
لقد ركّز المركز خلال عام 2016 على عدد من المجالات البحثية والدراسية
والتحليلية، حيث اهتم بدراسة علاقات العرب الدولية من خلال تنفيذ ندوة متخصصة
بعنوان "علاقات العرب الدولية: الواقع والآفاق" شارك فيها نحو 80 شخصية
أكاديمية وفكرية ورجال سياسة من الأردن وبريطانيا و6 دول عربية، خلصت إلى ضرورة
صياغة مبادرة واقعية وبعيون عربية للارتقاء بالعلاقات العربية- الدولية وتثقيل
وزن العرب على المستوى الإقليمي والدولي.
وقد صيغت هذه المبادرة على شكل وثيقة فكرية وسياسية خضعت لسلسة من إجراءات
الصياغة والتنقيح والتطوير بالمناقشات والملاحظات والاستشارات من قبل ما يربو
على 17 شخصية من المختصين والخبراء الأردنيين والعرب، وتمثل المبادرة جزءاً من
الدور الذي يقوم به المركز بوصفه عقلاً مفكراً، وتهدف إلى تطوير علاقات العرب
الدولية، وتقديم مقترحات بآليات فاعلة في هذا المجال للقادة العرب.
وبرز الشأن الأردني على أجندة المركز عام 2016 حيث أنجز المركز من خلال فريق من
الباحثين السياسيين والإحصائيين والفنيين دراسة نوعية تحت عنوان "الانتخابات
النيابية الأردنية 2016، دراسة سياسية وإحصائية"، وقد وزِّعت الدراسة ورقياً
وإلكترونيا للعديد من الجهات المعنية في الأردن وخارجه، وعلى رأس هذه الجهات:
الديوان الملكي العامر، ورئاسة الوزراء، ومجلس الأعيان، ومجلس النواب، ورؤساء
الكتل النيابية، والنقابات المهنية، وعدد من الأحزاب الأردنية.
وفي الشأن الأردني عقد المركز حلقة نقاش بعنوان "الأردن ما بعد انتخابات مجلس
النواب لعام 2016".
وفي البعد الإقليمي تابع المركز تطورات السياسة الخارجية التركية وتأثيرها على
المنطقة العربية، حيث نفذ ندوة علمية سياسية بعنوان "محاولة الانقلاب في تركيا،
الدلالات والتداعيات" بمشاركة 40 شخصية سياسية وباحثين أتراك وأردنيين.
كما درس أزمة السياسة الخارجية التركية وانعكاساتها على المنطقة العربي، من
خلال فريقه الفاعل- فريق الأزمات العربي- ACT، إضافة إلى دراسة أزمة التدخلات
الإقليمية والدولية في سوريا، وأزمة العلاقات السعودية- الإيرانية.
الحضور الكريم،
صاغ المركز خلال السنوات القليلة الماضية توجها استراتيجياً بأن يكون مرجعا
فكريا وتخصصياً للنخب الشبابية، وعليه فقد كان قد أنشا عام 2013 "المنتدى
الفكري" الذي يستهدف عدداً من الشباب الأردني الواعد، واختارهم ضمن منهجية
اعتمدت ترشيحات الزملاء وورش العمل والاستبانات والاختبارات المقابلات، وقد بدأ
عام 2016 بالمنتدى الفكري الثاني، واستضاف خلال 15 لقاءً علميا وفكريا عدداً من
الأكاديميين والسياسيين الأردنيين والعرب.
ومن البرامج التي نفذها المركز أيضا ندوة ذكرى معركة الكرامة، وحلقة نقاش
احتمالات اندلاع حرب على غزة، وعقد لقاءين ضمن برنامج نحن والعالم حيث استضاف
كلا من سفير الاتحاد الأوربي وسفير جمهورية باكستان، وعقد صالونين سياسيين
تناولا سيناريوهات الأزمة السورية، والصراع الطائفي في العالم العربي، إضافة
إلى برامجه الأخرى السنوية، وأهمها برنامج جائزة البحث العلمي لطلبة الجامعات
الأردنية في دروتها الثامنة عشرة، ليبلغ مجموع نشاطاته 29 نشاطاً ثقافياً
وعلمياً واجتماعياً، خلال العام.
الزملاء الأعزاء،،
أصدر المركز خلال عام 2016 سبع مطبوعات ورقية:
1-
الشراكة والمشاركة السياسية في العالم العربي
2-
استراتيجية الجيش الإسرائيلي 2016-2020
3-
تنامي الجماعات المتطرفة في العراق وسوريا
4-
أعداد من مجلة دراسات شرق أوسطية الفصلية المحكمة.
وعلى صعيد النشرات الإلكترونية، استمر في إصدار نشرتين خاصتين بالشأن
الإسرائيلي هما: "رصد البرامج العبرية الإذاعية والتلفزيونية" و"ترجمات
استراتيجية عن العبرية".
ويُذكر هنا أن عدد الباحثين المشاركين في مطبوعات المركز وصل عام 2016 إلى 37
باحثاً، كانت نسبة الجديد منهم 20%.
يحرص المركز على توسيع دائرة تأثيره المنهجي من خلال التدريب وتقديم الاستشارات
العلمية والسياسية والإدارية، فقد قدّم (41) دورة تدريبية واستشارة علمية،
محلياً وخارجياً، ومن أبرزها، فن التحليل السياسي، وتقدير الموقف السياسي،
وتنمية مهارات البحث العلمي، وصناعة القرار السياسي، وفنون التفاوض السياسي،
وإعداد التقارير السياسية، والتثقيف السياسي، والتفكير الاستراتيجي والاتجاهات
الحديثة، وإدارة العلاقات السياسية.
السادة الكرام،
رغم الإنجازات، إلا أننا نعتقد أن فرص العمل البحثية والفكرية العربية ما زالت
متاحة، وأن الطاقات والكوادر الفنية والعلمية الأردنية والعربية متوافرة بدرجة
كبيرة، ولهذا نرنو إلى تحقيق جملة من البرامج والطموحات البحثية والعلمية
والفكرية، متجاوزين أي عقبات مادية أو وظيفية.
باسم المركز وطاقمه المثابر أرحب بكم وبضيفنا العزيز من الشقيقة البحرين أجمل
ترتيب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعلى الصفحة
رجوع
******************************************************************************
كلمة رئيس المركز
جـــواد
الحمــد
الحفل الكريم
إنه لمن دواعي سروري واعتزازي أن أقف اليوم بين أيديكم بمناسبة مرور 26 عاماً على
تأسيس مركزكم مركز دراسات الشرق الاوسط كصرح أردني وطني علمي متميز، وبرغم الصعوبات
التي تحيط بمشروع النهضة العربية على مختلف المستويات، غير أن المركز استمر في بث
الروح والفكر وشجّع التفكير المستمر في المستقبل وبقراءة الواقع بدقة وعلمية
وموضوعية للبحث عن سبل مواجهة التحديات واقتناص الفرص ومعالجة الأزمات.
السادة الحضور الكريم
نستشعر اليوم مسئولية كبرى إزاء ما تعانيه الأمة من أزمات وإشكالات في مقابل ما
تملكه من قدرات وإمكانات جيوسياسية وجيواسترايتجية متميزة وقادرة على تحقيق نهضتها
واسترجاع قوتها وكرامتها، ولذلك فإن كلمتي سوف تتناول الوضع الداخلي والخارجي
للأردن، وقضية فلسطين، والوحدة والتضامن العربي، وأزمات التطرف والإرهاب، والعنف
المسلح والحروب الأهلية، والإشكالات الطائفية والإثنية والجهوية المتنامية،
والإشكالات الإعلامية العربية، ثم أحاول معكم التفكير بسبل الخروج من الأزمات
واسترجاع الهمة.
فعلى الصعيد الأردني القطري
والإقليمي،
فإن من أكبر التحديات التي تواجه البلاد اليوم هي استكمال بنيان الوحدة الوطنية
والإصلاح السياسي، والتي تناولتها الأوراق النقاشية لجلالة الملك من زوايا مختلفة،
لتتحول المشاريع والأفكار والتوجهات إلى برامج حقيقية تتبناها كل الأجهزة والوزارات
والإدارات الحكومية، وأعتقد أنها قد تفرض لتحقيقها إعادة هيكلة الحكومة، وتغيير في
نوعية الموظفين وثقافتهم المهنية والوطنية، ووقف برامج الإقصاء والتهميش الوظيفي
والتعليمي والصحي والخدمي كما هو السياسي والاقتصادي ولأي سبب كان، خاصة أن نطاقات
المحسوبية والجهوية والمصلحة تسود القطاع العام بشكل مفرط وخطر، وإن العجز عن سد
المديونية وعجز الموازنات وتحقيق التنمية الاقتصادية واستثمار الشباب الاردني في
مشاريع كبرى تنهض بالبلاد بديلاً للاعتماد على التوظيف الحكومي الذي يأكل الاقتصاد
ويسبب له أكثر الاختناقات من رواتب وتقاعد وعلاوات وربما غيرها، وعلى صعيد آخر فإن
البلاد تتعرض لعميات شد وجذب فكري غير متوازن، مع أنها تتمتع بمجتمع معتدل ومعارضة
سياسية معتدلة، وتيار إسلامي رئيسي معتدل، ثم تستجيب لتصورات الآخرين عنها بوصفها
مصدراً لعناصر الإرهاب والتطرف في منظمات متوترة ومتطرفة غير أردنية، وتفرض علينا
أجندات تستهلك البلاد والعباد والفكر، وتحرمنا أن نؤمن بأننا دولة معتدلة، حتى إن
البعض الخارجي يستغل الأمر منبراً لمهاجمة فكر الدولة ونهجها العربي الإسلامي بطرق
غير مباشرة، في توجهات تشكل خطراً حقيقياً على مستقبل البلاد، ومع الأسف فإن منابر
حكومية ربما تكون الأكثر مشاركة في هذا من منطلقات وهمية غير واقعية.
وعلى الصعيد الخارجي فإن الأردن وبرغم دوره السياسي النشط والمتواصل غير أن البعض
يريد زجّه في أتون حروب ومشاكل وأزمات أخرى لا ناقة لنا فيها ولا جمل، ويحملنا
البعض مسئوليات لا علاقة لنا بها، وأعتقد أن الاستجابة ليست السياسة الصحيحة في
التعامل مع هذه الضغوط بل الالتزام بسياستا المعتدلة والوطنية وبمحضنها العربي
وبعدها الإسلامي وتحقيق الوحدة الوطنية هو الطريق إلى تقوية البلاد وحمايتها من أي
أخطار داخلية مندسة أو خارجية مغرضة.
وعلى صعيد القضية الفلسطينية، فإنها بالنسبة للأردن حكوميا وشعبيا قضية داخلية،
وإنها جزء أساسي من السياسة الأردنية الداخلية والخارجية، ولذلك فإننا ننظر بقلق
شديد للمخاطر المحدقة بها وخاصة في ظل التوجهات والأفكار الإسرائيلية الجديدة بطرح
الحل الإقليمي لتجاوز مطالب وحقوق الشعب الفلسطيني وتفريغ المبادرة العربية من
محتواها، وإعادة تعريف عملية السلام، وبالتالي تحميل الدول العربية وعلى رأسها
الأردن تبعات هذا الحل وإعفاء إسرائيل من أي مسئوليات في تطبيق القرارات الدولية أو
الاتفاقات التي وقعت عليها أو تبعات تطبيق قرار حق عودة اللاجئين، وهو المسار الذي
ينجر إليه بعض العرب وربما بعض النخب الفلسطينية والأردنية بلا رؤية واقعية وعملية
وبلا مرجعية سياسية أو فكرية وإنما مرجعية العجز عن التفكير والفعل، في الوقت الذي
يقوم فيه الشعب الفلسطيني وبعض فصائل المقاومة بمواجهة مباشرة مع الاحتلال الذي لم
يستطيع القضاء عليها ولا دحرها، وعلى الأخص في حروبه العدوانية على قطاع غزة لثلاث
مرات خلال ست سنوات، ولذلك فإن القضية تتعرض لخطر الأقلمة أو التدويل بعيداً عن
الاستقلال والتحرير والعودة وتحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وبالتأكيد على
حساب الدول العربية الأخرى وخاصة الأردن.
وعلى صعيد الوحدة والتضامن العربي فإن الخلافات الشخصية للنخب الحاكمة لا تزال هي
الفاصل والإشكال الكبير مدعومة بالعلاقات والارتباطات الخارجية لكل دولة على حدة
حتى مع إسرائيل، وربما بدرجة أكبر اتباع سياسات دول كبرى ذات نفوذ كبير على حساب
المصالح العربية والقضايا العربية بتبرير دعم نظام الحكم أو تقريبه وربما استبعاد
العمل على إصلاحه وتغييره، وعلى حساب تطلعات الشعوب العربية والأمة العربية
للمستقبل والدور الدولي المنشود، حيث فشلت جامعة الدول العربية حتى اللحظة في تحقيق
الحد الأدنى من التضامن، كما فشلت المحاولات الإقليمية في الاتجاه ذاته، واتخذت
أنظمة الحكم سياسات إقصائية ضد الكفاءات والأحزاب والقوى الاجتماعية والسياسية
القادرة على إحداث النقلة النوعية في الأمة والدولة، بحجة الخوف من فقدان الحكم
والسلطة حتى لو كان ذلك عبر شلال الدم أو انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان أو ارتهان
الثروات العربية والأمن العربي للخارج، حيث تلعب إسرائيل بالنار بين الأطراف
العربية لدرجة أن البعض ربما توهم أنها يمكن أن تكون خياراً لمواجهة أطراف محلية
وإقليمية وعربية أخرى لمصالح متوهمة لصالح النخب الحاكمة، فيما يعتبر انقلاباً على
الذات وفقداناً للهوية والبوصلة وارتماءً في حضن العدو الأكبر والأخطر ومصدر
التهديد الاستراتيجي في التاريخ والحاضر والمستقبل؟!
أما على صعيد تنامي ظواهر الإرهاب والتطرف الذي أعتبره مصنوعاً في دول وأجهزة
استخبارات وتمويل وتدريب وحماية غير مباشرة لتدمير الأمة والقضاء على وجودها، فإنه
لا يمكن محاربته إلا بأن توقف هذه الدول دعمه وحمايته، وهي تّدعي أنها تحارب
الإرهاب، وبالتأكيد فإن الكثير من أجهزة الاستخبارات العربية غير المتورطة في ذلك
تعلم من يقف خلفه، ومع ذلك فهي تزجّ بنا في معارك وهمية مع أاساطير وخرافات أفراد
شاذّين لكنهم مدعومون بأحدث أنواع التخطيط والسلاح والتدريب والحماية من دول كبرى
وإقليمية وعربية أحيانا، إنها معركة مع طاحونة الهواء بهذه الصورة، ويعتاش عليها
الكثيرون، وتستغل لمواجهة تيار الإسلام السياسي الشعبي الذي يحظى بدعم الغالبية
العظمى من الجمهور، معتمدة على خرافات وأساطير ووحشية وإجرام، وإلباسه ثوبها ظلماً
وجهلاً وتعصباً أيديولوجياً، وهي المعركة التي تورطت فيها دول عديدة وتدفع ثمنها
الشعوب العربية والمستقبل العربي، حيث لا يمكن أن يكون مشروع الدولة هو تجريم
جماعات وطنية بسبب الخلاف السياسي في الرأي أو على الحكم والسلطة على حساب التحديات
الحقيقية التي تواجه الأمة من الخطر الصهيوني والاستعمار والتخلف.
وعلى صعيد الصراع المسلح والحروب الأهلية فإن المشكلة الكبرى تكمن في أن دولاً
عربية تتواجه مع دول عربية أخرى في هذا الاقتتال في دولة عربية ثالثة، وعلى حساب
دماء الشعوب، وتُسخََّر أموال وسلاح عربي، وبعض منه إسلامي، في هذه الحروب بلا رحمة
ولا مسئولية، ثم تزعم هذه الدول رفضها للعنف والحرب وهي يسعّر نارها كيداً وخصاماً
وعداوة لحكومات أخرى ولأسباب لا تعرفها الشعوب، وهو المسار الذي دمّر أمماً وشعوباً
أخرى، وبرغم الانهيارات الفكرية والسياسية والأمنية من تداعيات هذه الاحترابات فإن
البعض لا زال يعتقد أنه الناجي الوحيد لأنه يملك بعض أوراق اللعبة عبر مجموعات
عسكرية وإرهابية وسياسية مجنونة استمرأت العيش على الدم والدمار والخراب بلا أفق.
أما الإعلام العربي فقد أصبح للأسف سطحياً لدرجة مقيتة حتى في نقل الأخبار
والتقارير الميدانية، وخاصة الرسمي منه، لدرجة استخفاف كامل بوعي المواطن، ناهيك عن
فوضى وسائل التواصل الاجتماعي التي تمتلئ بكل غث وتفتقر لكل حقيقة ورأي سديد، ويعيش
الشباب والمجتمع على أسس مانشيتات وصراخ مذيعين وتهويش مشاركين في حلقات نقاش
مزعومة، ومناقشات الشبكة العنكبوتية، وهو مفجوع بأمته وجزع من المستقبل وفاقد للأمل
بهذه الأجيال والحكومات والدول، إانه نهج التحطيم للإرادة وللمقومات الحضارية
ولمقومات الوحدة الوطنية والوحدة العربية والوحدة الإسلامية فكرياً وشعورياً، وهو
تمزيق أشرس وأخطر من تمزيق الاستعمار لبلادنا بعد الحرب العالمية الأولى، ووصل الحد
أن يغيب العدو الحقيقي عن هذه السجالات ووسائل الإعلام، وهو المشروع الصهيوني
وإسرائيل ليحل محله أعداء مفترضون ربما لهم وجود لكنهم لا يمثلون العدو الأخطر
والحقيقي، وتُنظِّر لهذه الخرافات والانحرافات السياسية والفكرية أقلام عربية بعضها
كان من المميزين، اعتماداً على معلومات وروايات تفتقر إلى التحقق والتدقيق، كما
تتقدم عداوات مع دول وأحزاب وقوى اجتماعية على حساب مواجهة العدو الحقيقي والأزمات
الداخلية الحقيقية.
السادة والإخوة والزملاء الكرام،،
ويبقى السؤال الكبير مفتوحاً، كيف لهذه الأمة العظيمة أن تستلهم من فكرها وماضيها
المجيد مسار الحاضر المشرق والمستقبل الواعد بتجاوز الأزمات والعودة إلى استجماع
القوة والتأثير، لا الانسياق وراء الآخرين شرقاً وغرباً.
أعتقد أن هذه التحولات الجارية وبرغم التحديات والإشكالات والأزمات بل والانحرافات
التي تفرزها، غير أنها لم تستقر ولا تزال في طور التشكل، وإن دور الأمة العربية
بمجموعها من مراكز الأبحاث والمفكرين إلى جانب النخب السياسية الحاكمة والقوى
الاجتماعية القيام بالتشخيص والقراءة للديناميكيات والأبعاد والمستويات المتعلقة
بهذه المتغيرات وخاصة منذ أواسط العام 2016، وإدراك اتجاهات التحول الممكنة وفق
معادلات التغيير والحوامل الديناميكية لدى مختلف اللاعبين ووفق العوامل الجيوسياسية
والاستراتيجية في المنطقة، لنتجه جميعاً حكومات ونخباً حاكمة، وقوى سياسية
واجتماعية واقتصادية ومعارضة سياسية نحو "ربيع عربي" مطوّر لمواجهة التحديات،
وتحقيق توافق عربي إسلامي إقليمي متماسك يبتعد عن النفخ في كير العنصرية والجهوية
والتعصب الإثني أو الطائفي أو الديني لأنه يعيق الحراك الصالح ويحقق الأهداف
المعادية لإضعاف الجبهة الداخلية وإضعاف القوة الجيوسياسية للأقطار كما للأمة،
فيما يفقدها القدرات الجيواسترايتجية على الفعل والتأثير.
ولذلك فإن التوافق على مصالح عربية وإسلامية إقليمية في المنطقة يضعف قدرة الأطراف
الداخلية والخارجية التي تتبنى عوامل الإعاقة والإضعاف أن تؤثر في المسار والتحول،
وتعتبر هذه مسئولية جماعية للحكومات والشعوب والقوى السياسية والاجتماعية والنخب
السياسية والمعارضة على حد سواء، ويقع على التيارين الإسلامي والعروبي عبء أساسي
في تحمل هذه المسئولية، كما يقع عبء كبير على الأردن بعروبيته التاريخية ومسئوليته
الخاصة تجاه القضية الفلسطينية والقدس، وتجربته التاريخية في تجاوز العواصف
والتحديات، ونجاحه في تحقيق استقرار حقيقي في وسط منطقة تغلي بالدم والقتل والدمار.
من جهة أخرى فإن الالتفاف حول قضية فلسطين ودعم شعبها ومقاومتها للاحتلال يشكل عنصر
اجتماع وقوة للأمة لا عامل ضعف كما تحاول الإدارات الأميركية وإسرائيل وبعض العرب
إقناع المنطقة، خصوصاً تجاه التعامل مع إسرائيل، حيث تلعب عملية السلام والاتفاقات
مع إسرائيل والعلاقات الاقتصادية معها وتطبيع العلاقات معها على تقوية المشروع
الصهيوني وإطالة عمر إسرائيل واحتلالها للأرض والإنسان الفلسطيني، في مقابل ضعف
الدعم الذي تقدمه ذات الأطراف للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية سياسياً
وأمنياً وعسكرياً ومادياً، لذلك فإن المقاربة المجدية هي استعادة قضية فلسطين قضية
عربية مركزية تلتف حولها الأمة بكل قواها وتوفر الدعم اللازم وهو ليس كبيراً قياساً
بما تملك دولة غنية واحدة للشعب الفلسطيني ليتمكن من تحرير أرضه وهزيمة المشروع
الصهيوني، وحتى تتخلص الدول العربية من كثير من الإشكالات والتحديات المرتبطة بهذا
المشروع السرطاني سواء أدركها البعض اليوم او سيدركها بعد هزيمة المشروع الصهيوني
وإنهاء الاحتلال.
الإخوة الحضور،
ختاماً أحب أن أقول إن هذا المركز لم يكتف بطرح الافكار العامة والدعوة إليها، بل
بإسهامكم ومشاركتكم الفاعلة تمكّن من تقديم العديد من المبادرات الأردنية الوطنية
والعربية القومية والإسلامية وأخيراً الدولية في مارس الماضي لتطوير العلاقات
العربية- الدولية ، كما تناول في أكثر من 13 تقريراً الأزمات العربية وقدم مسارات
مقترحة للتعامل معها منذ العام 2013 وحتى الأخيرة المتعلقة بالأزمة الليبية مطلع
هذا الشهر، وذلك بهدف المساعدة على بلورة الرؤى والاستراتيجيات وامتشاق الحلول
للمعضلات وتقديم المقاربات الحكيمة والواقعية في مواجهة التحديات واستثمار الفرص،
وأعتقد أن المركز سيستمر بهذا المنهج المتأصل فيه.
وانطلقت كل تلك الأفكار والمقاربات والحلول والمبادرات من قاعدة أساسها المصالحات
الوطنية والقومية العربية والإسلامية نحو استرداد القوة واستجماع الإمكانات لبناء
المستقبل العربي وتحريره من التبعية وإنهاء الاحتلال واسترداد الدور الدولي الفاعل.
وإن اختيارنا للطاقات القيادية في المركز يعبّر عن ذلك على مدى العمر المديد 26
عاماً، والتي كان آخرها تعيين الدكتور بيان العمري وهو من الطاقات الفعّالة كمدير
تنفيذي مفوَّض في المركز، وهو اليوم يقود مسيرة المركز بهمة وتطلع وكفاية، آملاً
منكم دعمه والتعاون معه نحو دور أكثر فاعلية في خدمة الوطن والشعب والدولة وخدمة
الأمة العربية والإسلامية وقضايانا الكبرى واستعادة الدور الحضاري الطبيعي للأمة،
والتي من أولوياتها التحول إلى عقل مفكر في منطقة الشرق الأوسط، حيث قطع المركز على
طريقها شوطاً بلغ 44% وفق المعايير العالمية المعتمدة، خلال السنوات العشر الأخيرة.
أهلا وسهلا بكم، وأشكر لكم إنصاتكم، وأعتذر للاطالة، والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
أعلى الصفحة
رجوع
******************************************************************************
كلمة مجالس المركز
د. محمد أبو حمور
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة
الحضور الكريم
تحية طيبة وبعد،
فإنه يسعدني في هذه المناسبة الرائدة (الحفل السنوي لمركز دراسات الشرق الأوسط) أن
أبدأ بالتهنئة للمركز على مسيرته الناجحة طوال ستة وعشرين عاماً، ولإدارته الفاعلة
ممثلة بالأخ الكريم الأستاذ جواد الحمد والطاقم العامل معه، مع الاعتزاز والفخر
بقيادة برامج المركز ونجاحاته المتراكمة عاماً بعد عام، وتحقيق جملة من الإنجازات
العلمية والفكرية على المستوى المحلي الأردني والخارجي العربي والإقليمي والدولي.
وإنه لشرف لي شخصياً أن أكون أنا المتحدث في هذه المناسبة باسم مجالس المركز
وهيئاته.
لقد اعتمد المركز منذ تأسيسه على التفاعل والتعاون مع نخبة من الزملاء الأكاديميين
والباحثين والسياسيين الأردنيين والعرب، وساهموا مع إدارة المركز في أن يصبح بعد
عقدين ونصف من أهم مراكز الدراسات المتخصصة في الوطن العربي، ولتكون إصداراته
وتقاريره مرجعاً أكاديمياً وفكرياً وسياسياً للمتخصصين ولصانع القرار في قضايا
الأمة والوطن.
يلاحظ المتتبع لمسيرة المركز وأنجازاته أنه قد احتفظ بمصداقيته وموضوعيته، وها نحن
نحتفل اليوم بمرور هذه السنوات التي أقام فيها المركز عشرات المؤتمرات والندوات
ونشر عشرات الكتب والدراسات المتخصصة في قضايا عربية مختلفة، وبقي ضمن ذات المسار
المخطط له بمنهجية علمية موضوعية؛ فقد سعى المركز إلى مشاركة جميع الأطياف
والتوجهات الفكرية في الأردن والوطن العربي في كل نشاطاته، محتملاً رأياً هنا
وعتباً أو نقداً هناك، لكنه ظل مؤمناً بأهمية بقاء الحوار والنقاش دائماً بين النخب
الأكاديمية والفكرية والسياسية، للوصول إلى دراسات وآراء وصيغ مشتركة لجميع القضايا
المحلية العربية والدولية ذات العلاقة مع منطقتنا العربية، توضع أمام صناع القرار
العربي للاستفادة منها.
لقد اهتم المركز أيما اهتمام بكل زميل يساهم في التخطيط لبرامج المركز ونشاطاته،
على أنه عضو فيه كما الإدارة، ما جعل أعضاء المجالس وفرق البحث تشعر بالترابط
العضوي والعمل معاً بروح الفريق الواحد، ما أوصل المركز إلى ريادة نفتخر بها أمام
المراكز البحثية الوطنية والعربية المماثلة.
وعلى صعيد التعاون مع المؤسسات البحثية العربية، اعتمد المركز استراتيجية تكثيف
التعاون مع المؤسسات ومراكز الدراسات العربية لتكون بديلاً عن أي تعاون غير سليم مع
مؤسسات أجنبية، حيث تعاون المركز مع أكثر من 50 جهة أردنية وعربية لإقامة مؤتمراته
وندواته العلمية المتخصصة.
وما زال المركز يشجع الباحثين الأردنيين والعرب الشباب على البحث العلمي، وها هو
مستمر للعام التاسع عشر على التوالي في تنظيم جائزة البحث العلمي لطلبة الجامعات
الأردنية، والتي ترعى سنوياً عدداً من الطلبة الباحثين وتقدم للمتفوّقين منهم جوائز
نقدية وعينية، ويتم هذا بالتعاون مع عدد من الجامعات الأردنية على أساس أن التعاون
المشترك بين المراكز البحثية والجامعات يساهم في رعاية الطلبة ويشجعهم على درب في
البحث العلمي.
لم يقتصر المركز في برامجه على الندوات والمؤتمرات، بل يسجل له مواصلته في إصدار
مجلته الفصلية العلمية المحكمة (مجلة دراسات شرق أوسطية) للسنة العشرين على
التوالي، والتي يجد فيها الباحث معالجة حية للتحولات السياسية والإستراتيجية وقضايا
الأردن وفلسطين والمنطقة العربية، والقضايا ذات الأثر على الشرق الأوسط، فنحن نجد
فيها سد فراغ كبير في الدراسات والجهود الهادفة لخدمة قضايا الوطن العربي والدولي،
لا سيما أنها تتضمن ملحقاً باللغة الإنجليزية ينقل وجهة النظر العربية تجاه القضايا
المتعددة بشكل علمي وواقعي.
الحفل الكريم،
إن أهم ما يميز مركز دراسات الشرق الأوسط هو وضوح رؤيته وتمسكه بثوابت الوطن
والأمة، وحسن اختياره للموضوعات والقضايا، إضافة إلى الحرص الكبير على حسن اختيار
الباحثين والخبراء المشاركين في دراساته وبرامجه.
وإن نجاح المركز في تحقيق غاياته لدليل على عزيمة مؤسسيه ومثابرتهم على العمل
الدؤوب في سبيل ما يهدفون إليه وما زالوا.
أيها الحفل الكريم،
نحن نلتقي هنا لنشد على سواعد القائمين على المركز، ونقدم لهم كل دعم معنوي، ونبارك
لهم جهودهم وإنجازاتهم، ونبارك للمركز وللأخ جواد الحمد وللعاملين في المركز هذه
الجهود، وهذه الإنجازات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعلى الصفحة
رجوع
******************************************************************************
ملخص محاضرة ضيف الحفل
د. علي محمد فخرو
إعادة الاستقرار في الوطن العربي: الفرص والتحديات
المحاضرة قيد التحرير
أعلى الصفحة
رجوع
******************************************************************************