رؤيتنا للمتغيرات

نشـاطـاتنا

إصـداراتنـا

وثـائـــق

دراســـات

خدمات مجانية

الدورات التدريبية

الشؤون الإسرائيلية

أحدث الإصدارات

المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية

 

 

اتجاهات التنمية الاجتماعية والبشرية في الأردن

التحولات والثورات الشعبية في العالم العربي الدّلالات الواقعية والآفاق المستقبلية

تركيـــــا وإسرائيـــــل وحصار غزة

تـداعيـات هجـوم إسـرائيـل على أسطول الحرية

التسـويـة السيـاسيـة

 التحديات والآفاق

الوطــــن البديـــل آفاق التطبيق وسبل المواجهة

القرن الإفريقي وشرق إفريقيا

الواقع والمستقبل

رسالة أوباما التصالحية والمطلوب عربيا

الفاتيكان والعرب، تحديات وآفاق في ضوء زيارة البابا للمنطقة

التداعيات القانونية والسياسية لانتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني

السياسات العربية في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي حتى عام 2015م

الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها

 


الحفل السنوي بمناسبة مرور سبعة عشر عاما على تأسيس المركز

مسيرتنا

تعتبر تجربة المركز في استثمار الطاقات البشرية والموارد المالية العربية تجربة مثيرة من خلال الانفتاح في التفكير، والاعتماد بشكل أساسي على مساهمات الزملاء وآرائهم، عبر ندوات التقييم والتخطيط التي عقدها المركز، ومن أمثلتها الندوة التي عقدها بمناسبة مرور ثماني سنوات على تأسيسه تحت عنوان "مركز دراسات الشرق الأوسط في ثماني سنوات.. الإنجازات والتطلعات" بتاريخ 24/5/1999، إضافة إلى الندوة التي عقدها بمناسبة الاحتفال بمرور عشرة سنوات على تأسيسه بتاريخ 13/3/2001، لتقييم مسيرة السنوات العشر الماضية وتحديد معالم استراتيجية عمل المركز خلال السنوات القادمة تحت عنوان "مركز دراسات الشرق الأوسط.. عشرة أعوام من العطاء المتواصل نحو آفاق المستقبل"، شارك فيها عدد من زملاء المركز ناقشوا خلالها وعلى مدى جلستين أنشطة المركز وبرامجه العلمية المختلفة، خاصة المستجدة منها، مثل مسابقة البحوث لطلبة الجامعات الأردنية وبرامج التدريب لطلبة الدراسات العليا وبرامج التدريب العلمي للجهات ذات العلاقة، وغيرها من الخدمات التي يقدمها المركز، وتم نقاش ملامح خطة عمل المركز للسنوات الخمس القادمة سواءً على مستوى معالجة المواضيع التي تهم الأمة وقضاياها الرئيسية في بحوثه وإصداراته العلمية أو في الندوات والمؤتمرات التي يخطط لعقدها، إضافة إلى اقتراح استحداث برامج جديدة في المركز مكملة لبرامجه الحالية بما يضمن استمرار العطاء المتميز والدائم.

وفي السياق نفسه وعلى صعيد التعاون مع المؤسسات البحثية العربية، فقد طرح المركز مشروعاً يهدف إلى تكثيف التعاون بين المؤسسات ومراكز الدراسات العربية ليكون بديلاً عن التعاون مع المؤسسات الأجنبية، حيث تعاون المركز مع أكثر من 25 جهة عربية لإقامة المؤتمرات والندوات العلمية المتخصصة.

إن مسيرة مركز دراسات الشرق الأوسط تمثل نموذجا للجهد العربي المبدع، والمتطلع إلى الانفتاح الحضاري من منطلق إيماننا أن البحث العلمي يسهم في فهمنا للعالم من حولنا بغرض المعرفة وتحسين الأوضاع، كما يساعد في تحديد الوسائل اللازمة لتطوير الأوضاع المحيطة بنا اجتماعياً وعلمياً.                                                           عودة للصفحة   أعلى الصفحة


برنامج الحفل

الحفل السنوي
 بمناسبة مرور سبعة عشر عاما على تأسيس المركز

الفقرة

الوقت

استقبال الضيوف

5.30

قص شريط المعرض

5.45

كلمات الاحتفال

6.00

 

المدير العام لمركز دراسات الشرق الأوسط

أ.جواد الحمد

الأمين العام لمنتدى الفكر العربي

أ.د. حسن نافعة

رئيس الجمعية الأردنية للبحث العلمي

أ.د. أنور البطيخي

رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية

د. محمد القطاطشة 

رئيس جامعة الإسراء

أ.د. ناجي أبو رميلة

رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين

أ.احمد الجدع

رئيس مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية

د.أحمد الخلايلة

كلمة الزملاء : عميد كلية الآداب السابق في الجامعة الأردنية

أ.د. حسن عبد القادر

سحب جوائز وهدايا تكريمية

7.15

قالب كيك الحفل

7.25

عشاء على شرف الضيوف

7.30

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


عن الحفل

الحفل السنوي
 بمناسبة مرور سبعة عشر عاما على تأسيس المركز

لقد كانت صالات جبري للاحتفالات على موعد مع عدد من المثقفين والباحثين والخبراء والأكاديميين ورجال الإعلام  وقادة الفكر وممثلين من المجتمع المحلي والسلك الدبلوماسي يوم الاثنين الموافق 31/3/2008 وذلك للمشاركة في الاحتفال الذي يقيمه المركز بمناسبة مرور سبعة عشر عاما من التأسيس والعطاء والتفاعل الايجابي والريادة والتميز .

تم استقبال الضيوف في المدخل الرئيسي حيث تم تقديم هدية متواضعة لكل ضيف شملت أقلاما مطبوع عليها اسم المركز ونشرة تعريفية بالمركز واحد إصدارات المركز من الكتب وكذلك رقما ليتم السحب عليه لاحقا وكذلك برنامج الحفل وبطاقة طبعت بهذه المناسبة .

بدأت فعاليات الحفل بقص شريط معرض الكتاب والصور والذي عبر عن تلك المشاريع والبرامج التي أنتجها المركز مع كوكبة من النخب في الأردن والأقطار المختلفة من العالم .

شمل المعرض صورا لتغطية معظم فعاليات المركز خلال سنوات عمره كما شمل إصدارات ومؤلفات وما نتج عن المؤتمرات وورش العمل والندوات المختلفة .

رحب السيد المدير العام الأستاذ جواد الحمد بكلمة ألقاها في هذه المناسبة بالحضور الكرام وهنأهم بالمناسبة وتمنى المزيد من العطاء والتواصل  كما ألقى كلمة كل من :

الأمين العام لمنتدى الفكر العربي الأستاذ الدكتور حسن نافعة

رئيس الجمعية الأردنية للبحث العلمي الأستاذ الدكتور أنور البطيخي

رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور محمد القطاطشة

رئيس جامعة الإسراء الأستاذ الدكتور ناجي أبو ارميلة

رئيس اتحاد الناشرين الأستاذ احمد الجدع

رئيس مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية الدكتور احمد الخلايلة

كلمة الزملاء المخضرمين الأستاذ الدكتور حسن عبد القادر عميد كلية الآداب في الجامعة الأردنية / سابقا

تلى ذلك سحب جوائز تكريمية للفائزين بالأرقام ، ثم قطع قالب الكيك الذي تم إعداده بهذه المناسبة وقد شارك في قطعه عدد من زملاء المركز وأصدقائه .

دعا المدير العام الحضور إلى تناول العشاء بهذه المناسبة شاكرا للجميع الحضور والمشاركة متمنيا المزيد من العطاء والمشاركات المستقبلية .

في الختام كان في وداع الضيوف والحضور كلا من المدير العام يرافقه عدد من الطاقم الإداري العامل في المركز .

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


التقرير الاعلامي

الحفل السنوي
 بمناسبة مرور سبعة عشر عاما على تأسيس المركز

شهدت قاعة جبري للاحتفالات مساء الاثنين الموافق 31/3/2008 الحفل السنوي السابع عشر لمركز دراسات الشرق الأوسط، وقد قام مدير المركز الأستاذ جواد الحمد وكادر المركز الإداري والفني باستقبال الضيوف وقص شريط معرض الكتب ومعرض بانوراما المركز في صور معبرة عن مسيرة المركز خلال السبعة عشر عاماً من الجهد والعطاء. ثم استهل الحمد الحفل بكلمة رحب فيها بالزملاء والأصدقاء وقادة الفكر والخبراء والسياسيين والباحثين ورجال الإعلام والمجتمع والسلك الدبلوماسي، ثم تابع حديثه عن المركز وسيره بخطى ثابتة واسعة نحو مستقبل جديد آخذا بالاعتبار التطورات العلمية والفكرية والسياسية والاستراتيجية في الوطن العربي والعالم، وأنه يتوثب اليوم لقفزة نوعية واسعة في تقديم خدماته وتواصله مع العالم عبر تكنولوجيا الاتصال والمعلومات المتاحة، كما قدم الحمد الشكر للمؤسسات العربية والأردنية التي تشارك المركز في هذه المناسبة على جميع المستويات السياسية والثقافية والعلمية والإعلامية.

بعد ذلك تفضل عدد من كبار الضيوف بتقديم كلماتهم التي عبّروا بها عن سعادتهم وإعجابهم بالمركز على كل المستويات، ومقدّمين له كل الدعم المعنوي والفكري في سبيل تحقيق طموحاته وآماله، ومنهم الأمين العام لمنتدى الفكر العربي/ أ.د. حسن نافعة، ورئيس الجمعية الأردنية للبحث العلمي/أ.د. أنور البطيخي،ورئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية / د. محمد القطاطشة، ورئيس جامعة الإسراء/ أ.د. ناجي أبو ارميلة، ورئيس اتحاد الناشرين الأردنيين/ أ.احمد الجدع، ورئيس مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية / د.أحمد الخلايلة، وعميد كلية الآداب السابق في الجامعة الأردنية/ أ.د. حسن عبد القادر.

ثم قام معالي الأستاذ فهد أبو العثم بسحب جوائز وهدايا تكريمية للحضور تلاها قطع كعكة الحفل مع عدد من الضيوف.

وفي نهاية الحفل قام الأستاذ الحمد بدعوة الحضور إلى العشاء.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


الكلمات

الأستاذ جواد الحمد

مدير مركز دراسات الشرق الأوسط

الأستاذ الدكتور أنـور البطيـخي

رئيس الجمعية الأردنية للبحث العلمي

الأسـتـاذ أحـمـد الـجـدع

رئيـس اتحـاد الناشريـن الأردنييـن


كلمة مدير مركز دراسات الشرق الأوسط
الأستاذ جواد الحمد

أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والعطوفة

السادة والسيدات

الزملاء الكرام

الحفل الكريم،

بشعور من الفخار والاعتزاز بما تم تحقيقه من إنجازات أردنية وعربية في هذا المركز، مركز دراسات الشرق الأوسط، نحتفل اليوم بالذكرى السابعة عشرة لتأسيس المركز الذي خط طريقه بفكركم وإنتاجكم ودعمكم ومشاركتكم الفاعلة.

 وبين يدي هذه الثلة من الزملاء والأصدقاء وقادة الفكر والخبراء والسياسيين والباحثين ورجال الإعلام والمجتمع والسلك الدبلوماسي، أحب أن أؤكد أن مركزكم يسير بخطى ثابتة واسعة نحو مستقبل جديد، آخذا بالاعتبار التطورات العلمية والفكرية والسياسية والاستراتيجية في الوطن العربي والعالم، ومستفيدا من التطور الذي شهده الأردن والعالم في البنية التحتية المثيرة للاهتمام في مجال المعلومات والاتصالات، وأنه يتوثب اليوم لقفزة نوعية واسعة في تقديم خدماته وتواصله معكم ومع العالم عبر تكنولوجيا الاتصال والمعلومات المتاحة، خصوصا ما يتعلق بالنشر والبيع والخدمة الإلكترونية، كما يتوسع في مجال متابعة التحولات الاستراتيجية التي تشكل مستقبل المنطقة وترسم ملامح بنيتها السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وعلى الأخص فيما يتعلق بالإصلاح والديمقراطية وتغير موازين القوى الاجتماعية والسياسية فيها، وما يسببه ذلك من صراعات فئوية من جهة وتطور سياسي استراتيجي من جهة ثانية، وكذلك فيما يتعلق بتداعياته على قضايا الأمة الكبرى في فلسطين والعراق ولبنان والسودان والصومال وغيرها، وعلاقتها الخارجية مع الغرب والشرق وأفريقيا وآسيا.

وعلى صعيد آخر فقد تم إعداد مستلزمات إطلاق مركز مستقل للدراسات الإسرائيلية، لخدمة المجتمع والأمة العربية في منهج تعاملهما مع إسرائيل سلما وحربا، والذي يتوقع أن يشكل خدمة نوعية كبيرة لصانع القرار العربي على المستويين الرسمي والشعبي، ويساعد في بلورة سياسات العمل العربي واستراتيجياته فيما يخص الصراع العربي-الإسرائيلي.

إن المركز لا يزال يرنو ليكون عقلا عربيا مفكرا               (THINK TANK)، ومصدرا للمعلومات الدقيقة عن واقع الشرق الأوسط بتعريفنا الخاص له، ورائدا في توجهات الإصلاح والحرية والديمقراطية على صعيد الفكر والمعلومات والدراسات، وخبيرا في مجال الصراع العربي-الإسرائيلي والشؤون الإسرائيلية الداخلية، وحركة الإسلام السياسي وعلاقاتها الدولية، إضافة إلى قدرته على فهم السياسات الدولية تجاه الشرق الأوسط وتحليلها.

إن هذه التطلعات تمثل طموحا كبيرا يتطلب جهودا جبارة، لا أخالني أبالغ إن قلت: إنكم- وبجهودكم التي خبرناها على مدى السنوات السبع عشرة من عمر المركز إلى جانب إخوانكم العرب الذين عرفناهم على مدى السنين- يمكن أن تتوقعوا نجاحكم في الوصول إلى هذا الطموح.

صحيح أن كثيرين يرونه أحلاما، ولكني- وبهذه الثلة وأمثالها في الوطن العربي- أراه فرصة تاريخية سانحة، تواجهها تحديات يمكن التعامل معها ممن يعمل لمشروع أمته وخدمتها.

وأذكر بهذه المناسبة أن كثيراً من برامجنا ومؤتمراتنا ودراساتنا وإصداراتنا وخدماتنا التي نجح المركز فيها إنما كان قد أصابها مثلُ ما يصيب هذا الطموح عندما كانت مجرد أفكار أولية.

الحفل الكريم ،،،

نرحب بكم في احتفال مركزكم الأردني العربي بذكرى تأسيسه وبإنجازاته التي شاهدتم جزءا مصورا منها في معرض الصور، وشاهدتم وتصفحتم أغلب ما صدر منها على شكل مطبوعات، وربما كان التجوال في موقع المركز الإلكتروني الحالي والقادم يظهر عديدا من الإنجازات الأخرى التي تشكل مفخرة للأردن وللفكر العربي في هذه الحقبة الحرجة من تاريخ الأمة.

لقد نجح مشروع المركز في الإسهام بتطوير البحث العلمي والفكر المنهجي والمعلومات الدقيقة في منطقتنا، إلى جانب قُرَنائه من المراكز الأخرى، وهو يتطلع إلى توسيع دائرة خدماته المجتمعية، خصوصا ما يتعلق باستمرار الرعاية والقيادة لمسابقة البحوث السنوية لطلبة الجامعات الأردنية التي أكملت عامها العاشر، برغم الصعوبات، والتي سيكرم الفائزون بجوائزها لهذا العام في التاسع من نيسان في جامعة العلوم والتكنولوجيا كجزء من نجاحات مركزكم، إلى جانب جهود الجامعات الأردنية المتميزة ومؤسسات المجتمع المدني الداعمة لها.

الحفل الكريم،،

الشكر لكم وللمؤسسات العربية والأردنية التي تشاركنا إحياء هذه المناسبة الثقافية والفكرية، والشكر للإعلام وفرسانه الذين ما فتئوا يسهمون في تغطية أنشطتنا وإنجازاتنا ويقدمونها للجمهور العربي بأحسن صورة ممكنة كجزء من إسهامه في نشر الثقافة ودعم المشهد الثقافي الحداثي الذي يطبع أنشطة المركز وإصداراته، وكم نفخر معكم بآلاف الشباب الذين عملوا في المركز أو تعاملوا معه أو شاركوا في مسابقته إلى جانب الآلاف الين شاركوا في أنشطته من الخبراء والسياسيين، وإلى جانب المئات الذين كتبوا فيه أو حرروا مطبوعاته، وإلى جانب المفكرين والسياسيين الذين ما بخلوا عليه بالنصائح والنقد البناء نحو التطور والتطوير.

إنني أبارك لكم الذكرى، وأتطلع إلى المستقبل الواعد القادم لمركزنا كعقل مفكر موثوق ومتماسك في رؤيته وتحليلاته واستقرائه للمستقبل، وإسهامه في إعداد الجيل وبناء الثقافة العربية الأصيلة والفكر العربي النير المستنير، وكل ذلك بكم ومنكم وبدعكم، وبجهودكم إلى جانب مئات من إخوتنا في الوطن العربي، ويكفينا فخرا أن مركزنا هذا يشكل مشهدا ثقافيا متميزا وأنه جزء من مشروع الأمة العربية النهضوي بمفهومه الواسع.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


الأستاذ الدكتور أنـور البطيـخي
رئيس الجمعية الأردنية للبحث العلمي

البحث العلمي و دوره في التنمية

1- مفهوم البحث العلمي:

يتكونُ مصطلحُ (البحثِ العلمي) من كلمتين هما (البحثُ) و (العلميُ). أما البحثُ لغويا فهو مصدرُ الفعلِ الماضي (بحثَ) ومعناهاكتشفَ، سألَ، تتبعَ، تحرى، و تقصى، وبهذا يكونُ معنى البحثِ هو طلبَ حقيقةٍ من الحقائقِ أو أمرٍ من الأمورِ وتقصيه، حيث يتطلبُ التنقيبَ والتفكيرَ والتأملَ وصولا إلى شيءٍ يريدُ الباحثُ الوصولَ إليه". أما (العلميُ) فهي كلمةٌ منسوبةٌ إلى العلمِ. والعلمُ يعني المعرفةَ المنسقةَ التي تنشأُ من الملاحظةِ والدراسةِ والتجريبِ، وذلك بهدفِ التعرفِ إلى طبيعةِ وأصولِ الظواهرِ التي تخضعُ للملاحظةِ والدراسةِ.

البحثُ العلميُ هو "عمليةٌ فكريةٌ منظمةٌ يقومُ بها شخصٌ يسمى (الباحثَ) من أجلِ تقصي الحقائقِ في شأنِ مسألةٍ أو مشكلةٍ معينةٍ تسمى (موضوعَ البحثِ) باتباعِ طريقةٍ علميةٍ منظمةٍ تسمى (منهجَ البحثِ) بغيةَ الوصولِ إلى حلولٍ ملائمةٍ للعلاجِ أو إلى نتائجَ صالحةٍ للتعميمِ على المشكلاتِ المماثلةِ تسمى (نتائجَ البحث)".

وتتناولُ تعريفاتُ البحثِ العلميِ المختلفةُ هذا البحثَ من زوايا مختلفةٍ، ولكنها في مجملِها تعرضُ البحثَ العلميَّ بوصفِه "وسيلةً للاستعلامِ و الاستقصاءِ المنظمِ الدقيقِ الذي يقومُ به الباحثُ بغرضِ اكتشافِ علاقاتٍ جديدةٍ أو معلوماتٍ معينةٍ، بالإضافةِ لعمليةِ التطويرِ أو التصحيحِ أو تحقيقِ المعلوماتِ الموجودةِ من خلالِ اتباعِ الفحصِ و الاستعلامِ الدقيقِ من خلالِ خطواتِ المنهجِ العلميِ و اختيارِ الطريقةِ المثلى المناسبةِ و الأدواتِ اللازمةِ للبحثِ وكذلك الطرقِ السليمةِ لعمليةِ جمعِ البيانات".

3- أنواعُ البحثِ العلميِ:

تقسمُ البحوثُ حسبَ طبيعتِها و الدوافعِ وراءَها إلى نوعين:

أ‌-      البحوثُ النظريةُ أو الأساسيةُ (Theoretical Research):

البحثُ النظريُ هو ذلك النوعُ الذي يقومُ به الباحثُ من أجلِ اكتسابِ  معارفَ جديدةٍ عن الأسسِ التي تقومُ عليها الظواهرُ و الوقائعُ المشاهدةُ دونِ توخي أي تطبيقٍ خاصٍ أو معينٍ. فالباحثُ يقومُ بهذهِ البحوثِ من أجلِ إشباعِ حاجتِه للمعرفةِ، أو من أجلِ توضيحِ غموضٍ يحيطُ بظاهرةٍ ما ، دونَ النظرِ إلى تطبيقِ نتائجِه في المجالِ العلميِ أو الإفادةِ منها في الوقتِ الحاضرِ أو المستقبلِ القريب.

ب‌-   البحوث التطبيقية (Applied Research):

البحثُ التطبيقيُ هو ذلكَ النوعُ الذي يقومُ به الباحثُ بهدفِ إيجادِ حلٍّ لمشكلةٍ قائمةٍ أو التوصلِ إلى علاجٍ لموقفٍ معينٍ، و يعتمدُ هذا النوعُ من البحثِ على التجاربِ والدراساتِ الميدانيةِ للتأكدِ من إمكانيةِ تطبيقِ نتائجِهِ في الواقعِ. و تغطي البحوثُ التطبيقيةُ تخصصاتٍ عديدةً مثلَ التعليمِ، والإدارةِ، والاقتصادِ، والتربيةِ، والاجتماعِ، والزراعةِ، والصناعةِ، والطبِ ... إلخ.

و تجدرُ الإشارةُ إلى صعوبةِ الفصلِ بين هذين النوعينِ من البحوثِ أحيانا، وذلكَ لوجودِ علاقةٍ تكامليةٍ بينهما.

خصائصُ البحثِ العلمي:

يتصفُ البحثُ العلميُ ببعضِ الخصائصِ المترابطةِ التي يجبُ توافرُها حتى تتحققَ الأهدافُ المرجوةُ منه، ويمكنُ بيانُ هذه الخصائصِ على النحوِ التالي:

أ- الموضوعيةُ:

مصطلحُ الموضوعيةِ يعني أن تكونَ خطواتُ البحثِ العلميِ جميعُها قد تمتْ بشكلٍ غيرِ شخصيٍ أو متحيزٍ، فلا يكونُ متأثرًا بمشاعرِ الباحثينَ وآرائِهم الشخصيةِ وصولا إلى نتائجَ لا تحريفَ فيها ولا تشويه. بعيدا عن التشددِ والتزمتِ بل يجبُ الاتصافُ بالسلوكِ العلميِ باستمرارٍ، بصرفِ النظرِ عن النتائجِ التي تمَّ التوصلُ إليها.

ب- الدقةُ وقابليةُ الاختبارِ:

ينبغي للبحثِ العلميِّ أن يَتوخّى الدقّةَ، بعيدًا عن التهاونِ، من خلالِ جمعِ أكبرِ قدرٍ من البياناتِ، وإخضاعُها لخطواتِ البحثِ العلميّ، من دونِ تساهلٍ، أو تفريطٍ، واختبارُها من خلالِ المنهجيةِ العلميّةِ، ولا يغيبُ عنّا هنا أن هناكَ ظواهرَ يصعبُ إخضاعُها للبحثِ أو الاختبارِ، نظرًا لصعوبةِ ذلكَ كما في حالاتٍ سريةِ المعلومات.

ج- إمكانيةُ تكرارِ النتائجِ:

وتعني إمكانَ الحصولِ على النتائجِ نفسِها تقريبًا باتباعِ المنهجيةِ العلميةِ نفسِها وخطواتِ البحثِ مرةً أخرى، وتحتَ الشروطِ و الظروفِ الموضوعيةِ و الشكليةِ المتشابهة، مما يستدعي من الباحثِ أنْ يكونَ ذا اطلاعٍ على البحوثِ السابقةِ والإفادةِ منها.

د- التبسيطُ والاختصارُ:

على قمّةِ عملياتِ الابتكارِ وتجديدِ العلمِ يقفُ التبسيطُ المنطقيُ في المعالجةِ، والذي يبدأُ من الأهمِ فالمهمِ، فالأقلَ أهميةً، وهو ينطلقُ من أن البحثَ العلميَ في جانبٍ منه يسعى إلى تقديمِ المعرفةِ والحلولِ للبشريةِ ومشكلاتِها، وليسَ التصعيبُ محبّذًا في هذه الحال. فإذا كانَ التبسيطُ مطلوبا، فإنّ تلكَ المعرفةَ والحلولَ ينبغي ألا يُسرفَ الباحثُ في وضعِهما في قالبٍ أكبرَ من الحجمِ المناسبِ للمتلقّين.

هـ- أنْ يتناولَ البحثُ العلميُ تحقيقَ غايةٍ أو هدفٍ، بشكلٍ واضحٍ و دقيقٍ، مما يساعدُ في الإنجازِ والحصولِ على النتائجِ والبياناتِ الملائمة.

و- التعميمُ و التنبؤ:

قد لا تقتصرُ نتائجُ البحثِ العلميِ على مجالاتِ الاستفادةِ منها بشكل آني، بل تمتدُّ إلى التنبؤِ بالعديدِ من الظواهرِ والحالاتِ قبلَ وقوعِها. كما يستفادُ من البحوثِ التي تجري على حالاتٍ معينةٍ، لتعميمِ نتائجِها على الحالاتِ المشابهة.

- البحثُ العلميُ متطلبٌ للتنميةِ و التقدمِ في المجتمعاتِ و الحضاراتِ المختلفة:

ارتبطَ ظهورُ الحقِ في التنميةِ بظهورِ مفهومِ التنميةِ وتطورِه في سنواتِ الستينياتِ والسبعينياتِ، ولعبَ الفقهُ القانونيُ دورا هاما في بلورةِ هذا الحقِ الذي ظهرَ جليّا في إعلانِ الجمعيةِ العامةِ للأممِ المتحدةِ الخاصِ بالحقِ في التنميةِ في شباط 1986 وفي العهدِ الدولي الخاصِ بالحقوقِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ والذي اعتمدتْه الجمعيةُ العامةُ للأممِ المتحدةِ في 16/12/1966، وفي إعلانِ الألفيةِ الذي أصدرتْه منظمةُ الأممِ المتحدة.

ويجدُ متتبعُ تاريخِ التقدمِ البشريِ أنَّ الدولَ المتقدمةَ قفزتْ قفزةً أشبهَ بالطفرةِ في مجالِ العلومِ الأساسيةِ فأحدثتْ أثراً تكنولوجياً في المجالاتِ الإنسانيةِ والاجتماعيةِ والعلميةِ حيثُ حسنتْ مستوى معيشةِ البشريةِ وقدمتْ وسائلَ للسعادةِ والرفاهيةِ وعالجتْ جوانبَ المعاناةِ من خلالِ ما قدمتْه من تكنولوجيا الاتصالاتِ والمعلوماتِ والزراعةِ والغذاءِ والدواءِ وغيرِها، وذلكَ كلُّه بسببِ إنتاجيةِ منظومةِ البحثِ العلميِ في مختلفِ المجالات.

 فالولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ أخذتْ على عاتقِها ومنذُ نشأتِها مسؤوليةَ تطويرِ العلومِ والتكنولوجيا من حيثُ انتهى إليهِما العالمُ الذي سبقَها في الوجودِ ولا سيما ما قدمتْه أوروبا والحضارةُ الإسلاميةُ وغيرُهما. وعلى مستوى السياساتِ أيضا فقد نصَّ الدستورُ الأمريكيُ بشكلٍ واضحٍ على تطويرِ العلومِ والتكنولوجيا وقد أنشأتْ لهذا الغرضِ مكتباً خاصاً يرتبطُ مباشرةً برئيسِ الولاياتِ المتحدةِ. وأنشئَ في بريطانيا مكتبٌ يعنى بالعلومِ والتكنولوجيا وحددتْ له أهدافٌ ومهماتٌ، وأنشئَ مكتبٌ آخرُ مماثلٌ له في اليابانِ بغيةَ إحرازِ التقدمِ العلميِ وفقَ متطلباتِ العصرِ.

وفي دولِ العالمِ الثالثِ هناكَ تجاربُ ناجحةٌ أيضا مثلَ دولِ جنوبِ شرقِ آسيا (تايوان، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، وأندونيسيا، وماليزيا، والصين، وهونج كونج) إذ استطاعتْ هذه الدولُ اللاقطةُ للإبداعاتِ الإفادةَ من التقدمِ العلميِ الذي أحرزتْه الولاياتُ المتحدة. فماليزيا على سبيلِ المثالِ حققتْ طفرةً تكنولوجيةً واضحةً، يمكنُ تلمسُ نتائجِها في تحولِها إلى دولةٍ منتجةٍ للتكنولوجيا، خلالَ عَقدينِ من الزمنِ فقط، وهو ما يتمثلُ في إنتاجِ وتصديرِ نموذجينِ للسياراتِ (بيرنون، وبيردوا)، كما يتمثلُ ذلكَ في دخولِ ماليزيا الفضاءَ الخارجيَّ في إطارِ مشروعِ برنامجِ "القمرِ الصناعيِ الصغير" الذي أُطلقَ بالفعلِ (Measat Ι) و (Measat ΙΙ) عام 1955 بالتعاونِ مع الهند. وقد تطلبَ التطورُ الماليزيُ اتباعَ سياسةِ الاعتمادِ على العلمِ والتكنولوجيا، والاهتمامِ بالبحثِ والتطويرِ وإعطاءِ الأولويةِ لسياسةِ "البحثِ العلميِ من أجلِ التطويرِ" من خلالِ تخصيصِ جزءٍ متزايدٍ من الناتجِ القوميِّ لتلكَ السياسةِ، كذلكَ تطلبَ الأمرُ الاهتمامَ بالتعليمِ من أجلِ توفيرِ العمالةِ الماهرةِ القادرةِ على استيعابِ وتطويرِ التكنولوجيا. وقد أدركَ مهاتير محمد منذُ أنْ أصبحَ رئيساً لوزراءِ ماليزيا أنَّ الاهتمامَ بالبعدِ الثقافيِ بما يحملُه من قيمٍ سائدةٍ في المجتمعِ يؤثرُ في التعاملِ مع التكنولوجيا، فحيثُ تسودُ قيمُ التواكلِ والسلبيةِ والاعتماديةِ والاهتمامِ بالمظاهرِ، وإهمالِ الدعوةِ للعلمِ والمعرفةِ، يصبحْ الحديثُ عن العلمِ أمرا عبثياً. وفي افتتاحِهِ لمؤتمرِ الإسلامِ والتكنولوجيا الذي عُقدَ في كوالالمبور 1987 قال مهاتير محمد: "إنني مقتنعٌ بأنه لكي يكونَ المسلمونَ شريكاً فاعلاً في المجتمعِ الدوليِ المعاصرِ ولكيْ يقدِّموا خدمةً إلى الجنسِ البشريِ؛ فإنهُ ينبغي أنْ يصمِّموا على الحصولِ على المعرفةِ والتكنولوجيا الحديثةِ".

وبشكلٍ عامٍّ يمكنُ القولُ: إنّ التقدمَ الذي وصلتْ إليهِ الدولُ لم يأتِ من فراغٍ، وإن ما يميزُ الدولَ المتقدمةَ من غيرِها من الدولِ الناميةِ أنها أدركتْ- وفي مراحلَ مبكرةٍ - أهميةَ البحثِ العلميِ، وأهميةَ توظيفِ ما ينتجُ منه من معرفةٍ منظمةٍ في إنتاجِ التكنولوجيا، التي كانَ لها الأثرُ الكبيرُ في تحقيقِ تنميةِ المجتمعات.

أما الدروسُ المستفادةُ من تجاربِ الدولِ المتقدمةِ في مجالِ العلمِ والتكنولوجيا فهي:

1 -مركزيةُ العلمِ والتكنولوجيا لتحقيقِ التنمية.

2-الالتزامُ القوميُّ بعمليةِ التكنولوجيا.

3- صياغةُ سياسةٍ محددةٍ لأولوياتِ البحثِ العلميِ من أجلِ توفيرِ التكنولوجيا الملائمةِ (القابلةِ للتسويقِ) بدلاً بالتكنولوجيا المتقدمةِ.

4- التحولُ التدريجيُ من مرحلةِ نقلِ التكنولوجيا واستيرادِها إلى ابتكارِ التكنولوجيا وإنتاجِها.

5- رسمُ سياسةٍ علميةٍ تعليميةٍ فعّالةٍ تعتني بالبحثِ العلمي .

6 -الاهتمامُ بتوجيهِ منظومةِ القيمِ الثقافيةِ وتوجيهِها نحوَ البحثِ والتطوير.

7-توفيرُ البنيةِ التحتيةِ للبحثِ العلمي.

وحتى يكونَ البحثُ العلميُ في خدمةِ التنميةِ فإنه يحتاجُ إلى التوفيقِ بين جانبيه النظريِ الأساسيِ، والتطبيقيِ العملي، وهو ما لا يتحققُ إلا بالتنسيقِ المحكمِ بين الجامعاتِ والمدارسِ المتخصصةِ ومراكزِ البحثِ والمختبرات.

وإذا كانَ البحثُ العلميُّ يفضي في النهايةِ إلى التنميةِ، فإنه بذلكَ ينزلُ من برجِه العاجِ المتمثلِ في مؤسساتٍ غالباً ما تكونُ –بقصدِ أو بدونِه- معزولةً عن المجتمعِ الواسعِ العريضِ، ليرتبطَ بهذا المجتمعِ الذي قد لا يعلمُ بجهودِ الباحثينَ ولا يدركُ مدى ما يبذلونَهُ، ولكنَّه يلمسُ نتائجَ أعمالِهم منعكسةً على واقعِ الحياةِ في تطورِه ورقيِّه.

6- حقائقُ و أرقامٌ عالميةٌ و محليةٌ تتعلقُ بالبحثِ العلميِ و التنميةِ:

و لجعلِ هذا البحثِ أكثرَ واقعيةً كان لا بدَّ من إبرازِ بعضِ الحقائقِ و الأرقامِ المؤلمةِ التي تبينُ واقعَ البحثِ العلميِ و مستوى التنميةِ في الدولِ العربيةِ بالمقارنةِ بالدولِ العالمية. و من هذه المؤشراتِ نوردُ ما يأتي:

أ- ينفقُ العالمُ العربيُ على البحوثِ والتطويرِ (0.2) في المائةِ من إجماليِ ناتجِهِ المحليِ، أي ما يعادلُ سبعَ المتوسطِ العالميِ (1,4) في المائة.

ب- نسبةُ البلدانِ العربيةِ من النشرِ لا تتعدى (0.7) في المائةِ أي أقلَّ من سدسِ نسبةِ العربِ إلى إجماليِ عددِ السكانِ عالميا.

ج- معدلُ الإنفاقِ الحكوميِ سنويا على كلِ طالبٍ جامعيٍ (2400) دولارٍ في مقابل (14200) دولارٍ في دولةٍ مثل إسبانيا.

د- إنتاجُ العربِ من الكتبِ لم يتجاوزْ (1.1) في المائةِ من الإنتاجِ العالميِ على الرغمِ من أن العربَ يشكلونَ نحوَ (4,5) في المائةِ من سكانِ العالم.

هـ- معدلُ الإنفاقِ العربيِ على البحوثِ والتطويرِ لكلِ نسمةٍ (4) دولاراتٍ مقابلَ (953) دولارا في الولاياتِ المتحدةِ و (50) دولار في الصين.

و- عددُ براءاتِ الاختراعِ العربيةِ المسجلةِ في الولاياتِ المتحدةِ خلالَ العَقدِ (1990-2000) لا تتجاوزُ (300) في مقابلِ كوريا الجنوبية (6328) وإسرائيل (7652).

ز- عدد الأبحاثِ المنشورةِ لكل نسمةٍ يتكررُ وجودُها في مراجعِ الأبحاثِ الأخرى التي تحيلُ إليها. Index  Citation وهو مؤشرٌ للدلالةِ على نوعيةِ الأبحاثِ (0.2) لمصر (0.07) للسعودية و(0.53) للكويت ،و (0.01) للجزائر في مقابل (43) للولايات المتحدة و(80) لسويسرا و(38) لإسرائيل و( 0.03) للصين.

ونوردُ بعضَ الحقائقِ و الأرقامِ الأخرى فيما يتعلقُ بالفجوةِ الشاسعةِ للبحثِ العلميِ و التنميةِ بين العربِ وإسرائيل:

ب- يبلغُ عددُ الكتبِ المترجمةِ إلى العبريةِ (100) كتابٍ لكلِ مليونِ إسرائيليٍ في حينَ يبلغُ عددُها بالنسبةِ للعالمِ العربيِ (3) كتبٍ تقريبا لكلِ مليونِ عربي.

ج- فيما يخصُّ النشرَ العلميَ يبلغُ 7ر11 بحثا منشورا لكلِ عشرةِ آلافٍ في إسرائيل ، بينما يبلغُ هذا المعدلُ ثلثَ بحثٍ لكلِ عشرةِ آلافٍ في العالمِ العربي.

د- عددُ مالكي الكمبيوترِ في إسرائيل (47) لكلِ مائة فردٍ، في حينَ يبلغُ هذا العددُ (4) لكلِ مائةٍ في العالمِ العربيِ. في العامِ (2000) وربما تحسنتْ المؤشراتُ العربيةُ قليلا إلا أنَّ الفارقَ يظلُّ شاسعا.

ه- تحتلُ إسرائيلُ المركزَ (12) من حيثُ الجاهزيةُ الشبكيةُ ، في حينَ تحتلُ أعلى الدولِ العربيةِ وهي تونس المركزَ (34) تتلوها المغربُ في المركزِ رقم (52)، فالأردن في المركز (57) فمصرُ في المركز (65) في الفترة الزمنية 2002-2003 .

وقدْ يرى البعضُ أنه لولا المساعداتُ الهائلةُ من الغربِ لما تقدمتْ إسرائيل، وهذه المقولةُ تحملُ جانبا من الحقيقةِ وليس الحقيقةَ كلَّها ، فالحقائقُ المجردةُ تقتضي ضرورةَ الإقرارِ بأن إسرائيلَ نجحتْ في استثمارِ ما قدمَ إليها من مساعداتٍ في إستراتيجيةٍ متكاملةٍ للتنميةِ العلميةِ والتكنولوجيةِ ترجمتْ في سلسلةٍ من الخططِ العلميةِ والإجراءاتِ التنفيذيةِ.. " ولكنْ ما زالَ بحوزتِنا كثيرٌ من المواردِ –وبخاصةٍ العنصرَ البشري- الذي نستطيعُ أن ننافسَ به، خاصةً أن العلمَ يمرُّ حاليا بنقلةٍ نوعيةٍ يمكنُنا أن نلحقَ بموجتِها في بدايتِها ، ويبقى ذلك رهنَ حسنِ استغلالِنا الفرصَ، ودونَ تكتلٍ عربيٍ يتسمُ بصدقِ النوايا وقوةِ الإرادة.

7- أثرُ البحثِ العلميِ في أشكالِ التنميةِ المختلفة:

 تعرفُ هيئةُ الأممِ المتحدةِ التنميةَ على أنها ( العملياتُ التي يمكنُ بها توحيدُ جهودِ المواطنينَ والحكومةِ لتحسينِ الأحوالِ الاقتصاديةِ و الاجتماعيةِ في المجتمعاتِ المحليةِ ومساعدتِها على الاندماجِ في حياةِ الأمةِ والمساهمةِ في تقدمِها بأقصى قدرٍ مستطاع ).

التنميةُ عمليةُ تغييرٍ إداريةٍ هادفةٍ وشاملةٍ لكلِ جوانبِ الحياةِ المختلفةِ على سبيلِ المثالِ (الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية، الفكرية، الثقافية،...الخ) في مجتمعٍ معينٍ من أجلِ نقلِ ذلك المجتمعِ إلى وضعٍ اقتصاديٍ، اجتماعيٍ، سياسيٍ، فكريٍ، و ثقافيٍ أفضلَ.

و نذكرُ هنا على سبيلِ المثالِ لا على سبيلِ الحصرِ بعضا من أشكالِ التنميةِ المختلفةِ و دورِ البحثِ العلميِ فيها:                                    

أ- التنميةُ الاقتصادية:

تعني التنميةُ الاقتصاديةُ تلك العمليةَ التغيريةَ الإداريةَ الهادفةَ، والشاملةَ لكلِ جوانبِ الحياةِ الاقتصاديةِ في مجتمعٍ معينٍ من أجلِ نقلِ ذلكَ المجتمعِ إلى وضعٍ اقتصاديٍ أفضلَ، مما ينعكسُ على مستوى حياةِ الفرد. بتأمينِ حاجاتِه من السلعِ والخدماتِ، ولتحقيقِ هذا الهدفِ هنالكَ حاجةٌ إلى إحداثِ تطويرٍ جوهريٍ في عمليةِ البحثِ العلمي، لأن أساسَ التنميةِ و أساسَ تقدمِها و تطورِها هو تقدمُ البحثِ العلميِ وتطورِه.

ففي تقريرِ مشروعِ الولاياتِ المتحدةِ والشرقِ الأوسطِ الذي ذكرَ بعضَ المقارناتِ ما بينَ بعضِ الدولِ العربيةِ و بعضِ الدولِ المتقدمةِ فعلى سبيلِ المثالِ كان معدلُ دخلِ الفردِ في مصرَ في الخمسينياتِ مماثلا لدخلِ الفردِ في كوريا الجنوبيةِ، بينما يصلُ اليومَ إلى أقل من 20% من الدخلِ الكوريِ الجنوبيِ. كذلك كان للمملكةِ العربيةِ السعوديةِ ناتجٌ إجماليٌ يفوقُ ما كانَ لتايوانَ، لكنه اليومَ يبلغُ نحوَ 50% من الناتجِ التايواني. كما كان الناتجانِ المحليانِ الإجماليانِ في المغربِ وماليزيا متساويين، أما اليومَ فإنه في المغربِ ثلثُ ما هو في ماليزيا.

فالدولُ العربيةُ ما زالتْ تعاني من تشوهاتٍ بنيويةٍ تتجلى في اعتمادِها بالدرجةِ الأولى على سلعةٍ واحدةٍ أو عددٍ ضئيلٍ من السلعِ من الموادِ الخامِ والمنتجاتِ الزراعيةِ الأوليةِ، فضلا عن ضعفِ قاعدتِها الإنتاجيةِ وتخلفِها.

و من مظاهرِ الإخفاقِ في مسيرةِ التنميةِ العربيةِ ما حدثَ من فجوةٍ غذائيةٍ للدولِ العربيةِ التي تقدرُ بنحوِ 20 مليارَ دولارٍ. حيثُ بلغتْ في الدولِ الخليجيةِ وحدَها نحوَ 13 مليارَ دولارٍ. كما زادَ الأمرُ سوءا ببلوغِ نسبةِ الأميةِ في البلدانِ العربيةِ نحوَ 25% من السكانِ، أي ما يعادلُ 70 مليونَ أميٍّ. كما أن الدولَ العربيةَ لم تنفقْ على قطاعِ التعليمِ في مختلفِ مراحلِهِ أكثرَ من 7% من الموازنةِ العامةِ في أحسنِ الحالاتِ، وتتدنى هذه النسبةُ إلى أقلَ من 5% في البلدانِ العربيةِ الفقيرةِ. كما أن معدلَ الإنفاقِ على البحثِ العلميِ في الدولِ العربيةِ لعام 1998 لم يتجاوزْ نسبةَ 4.0% من حجمِ الإنفاقِ العالميِ على مشاريعِ البحوثِ والتطويرِ. كما أن 7,6 مليونَ طفلٍ عربيٍ غيرُ مسجلينَ في المدارسَ بسببَ عدمَ توافرِ الأماكنِ، وبسببِ الظروفِ الصعبةِ لعائلاتِهم، وحاجتِها لعملِهم.

ومن جوانبِ الإخفاقِ الأخرى في الدولِ العربيةِ ما يقدرُ من أعدادِ المهاجرينَ من أصحابِ الكفاءاتِ والاختصاصاتِ الهامةِ وحملةِ الشهاداتِ العليا الذينَ يعملونَ خارجَ البلادِ العربيةِ.

وفيما يتعلقُ بمستوى المعيشةِ في الدولِ العربيةِ فإن نحوَ 73 مليونَ عربيٍ يعيشونَ تحتَ خطِ الفقرِ، كما يعاني 10 ملايين نسمة من سوءِ التغذيةِ.  فما يقاربُ 73مليونَ عربيٍ مايزالونَ محرومينَ من خدماتِ مياهِ الشربِ النقيةِ، ونحو 106 ملايين عربيٍ غيرَ مستفيدينَ من خدماتِ الصرفِ الصحيِ، وذلكَ حسبَ تقديراتِ التقريرِ الاقتصاديِ العربيِ الموحدِ لعامِ 2001. كما أن نصفَ سكانِ المدنِ العربيةِ لا يجدونَ السكنَ المناسبِ مقارنةً بنحوِ 2% في الدولِ المتقدمةِ.

بلغت الإيراداتُ النفطيةُ عامَ 2000 ما يزيدُ على 59% من الإيراداتِ الماليةِ في الموازناتِ العربيةِ، مما يؤكدُ الطابعَ الريعيَ للاقتصادِ العربيِ، و ذلك باعتمادِها في الدرجةِ الأولى على سلعةٍ واحدةٍ من الموادِ الخامِ ، فضلا عن ضعفِ قاعدتِها الإنتاجيةِ وتخلفِها النابعِ من عدمِ اعتمادِ الاقتصادِ العربيِ على أيِ خلفيةٍ علميةٍ مستندةٍ إلى البحثِ العلميِ و الدراساتِ العلميةِ الاقتصادية.

 و مما يؤكدُ على عدمِ استنادِ الدولِ العربيةِ في سياساتِها و نظمِها على أسسِ البحثِ العلميِ أنّ مقدارَ الديونِ الخارجيةِ للدولِ العربيةِ عامَ 2000 التي تقدرُ بما يزيدُ على 81,4 مليارَ دولارٍ، وبلغتْ خدمةُ هذا الدينِ عامَ 2000 نحوَ 8.13 مليارَ دولارٍ، في حينَ قدرتْ المؤسسةُ العربيةُ لضمانِ الاستثمارِ أن الثرواتِ الشخصيةَ للأثرياءِ العربِ تتجاوزُ 800 مليار دولارٍ يملكُها نحوُ 200 ألفِ شخصٍ، وهي استثماراتٌ خاصةٌ خارجَ الدولِ العربيةِ، وموظفةٌ على شكلِ إيداعاتٍ وتوظيفاتٍ مصرفيةٍ واستشاراتٍ ماليةٍ، وتستعملُ في تمويلِ المشاريعِ الاستثماريةِ والإعماريةِ الكبرى وتنميةِ أسواقِ المالِ الأجنبيةِ. وفي حالاتٍ ليست قليلةً تتعرضُ هذه الاستثماراتُ لخسائرَ فادحةٍ.

قدرَ حجمُ الاستثمارِ في الدولِ العربيةِ عامَ 1999 حسبَ أرقامِ صندوقِ النقدِ العربيِ بنحوِ 134 مليارَ دولارٍ، أي بنسبةِ 21% من الناتجِ المحليِ الإجماليِ للدولِ العربيةِ. وهذهِ النسبةُ المنخفضةُ لا تمكنُ من تحقيقِ معدلاتِ النموِ المرغوبةِ. تمثلُ مساهمةُ الدولِ العربيةِ في التجارةِ العالميةِ نسبةً ضئيلةً للغايةِ. فالصادراتُ العربيةُ في عام 1999 شكلتْ 9.2% من صادراتِ العالمِ، وأقلَّ من 1% في حالِ استبعادِ صادراتِ الوقودِ المعدنيِ التي تشكلُ 68% من الصادراتِ العربيةِ، وهذه النسبةُ تعادلُ حجمَ صادراتِ بلد مثل فنلندا. أما الوارداتُ العربيةُ فتمثلُ 6.2 من الوارداتِ العالميةِ (تقرير صندوق النقد العربي). وتكشفُ هذه الأرقامُ على نحوٍ لا لبسَ فيه الضعفَ المزمنَ للاقتصاداتِ العربيةِ.

فمظاهرُ الإخفاقِ في المسيرةِ التنمويةِ العربيةِ لا تعزى إلى ندرةِ المواردِ البشريةِ والطبيعيةِ العربيةِ، فالوطنُ العربيُ يزخرُ بالطاقاتِ الاقتصاديةِ التي قدْ يندرُ توافرُها في إقليمٍ آخرَ. فمساحةُ الوطنِ العربيِ نحوَ 5,1 مليونَ هكتارٍ، أي ما يعادلُ 10% من أراضي العالمِ، وعددُ سكانِ الوطنِ العربيِ نحوَ 279 مليونَ نسمةٍ، أي ما يعادلُ 5.4% من سكانِ العالمِ، و يقدرُ المخزونُ النفطيُ في المنطقةِ العربيةِ بنحوِ 62% من الاحتياطيِ النفطيِ العالميِ، ويبلغُ حجمُ الإنتاجِ من النفطِ العربِِي نحوَ 27% من مجملِ الإنتاجِ العالميِ من النفطِ، كما تمتلكُ المنطقةُ العربيةُ نحوَ 22% من الاحتياطيِ العالميِ من الغازِ الطبيعيِ، وتنتجُ نحوَ 13% من الإنتاجِ العالميِ للغازِ الطبيعيِ، و يقدرُ مجملُ الناتجِ المحليِ الإجماليِ للدولِ العربيةِ عام 2000 بالأسعارِ الجاريةِ بنحوِ 709 ملياراتِ دولارٍ، كما بلغَ الاحتياطيُ الخارجيُ للدولِ العربيةِ عام 2000 نحو 7.1 مليارَ دولارٍ.

و بعدَ هذهِ الحقائقِ المرةِ و المؤلمةِ عن الوطنِ العربيِ بمقارنتهِ مع الدولِ الغربيةِ و المتقدمةِ فلا بدَّ من أنْ نشيرَ إلى أنَّ عجلةَ التنميةِ الاقتصاديةِ في الدولِ العربيةِ يتوقفُ تقدمُها على تقدمِ مسيرةِ البحثِ العلميِ، وقدْ استطاعتْ الدولُ الصناعيةُ وبشكلٍ خاصٍ الولاياتِ المتحدةَ الأمريكيةَ ، التي تنفقُ 43,5 % من الإنفاقِ العالميِ على البحثِ العلميِ ، أن تتقدمَ خطواتٍ واسعةً باتجاهِ التطورِ والتقدمِ ، بفضلِ اعتمادِها على نتائجِ البحثِ العلميِ ، كما أن أسسَ الحضارةِ العربيةِ الإسلاميةِ ودعائمَها ، اعتمدتْ اعتمادا كبيرا على إنتاجِ العلمِ والمعرفةِ ، بدلا من النمطِ الاستهلاكيِ ، الذي توصفُ به حالتُنا اليومَ .

و في النهايةِ فإنَ مقياسَ تقدمِ الأممِ والشعوبِ ، هو بمقدارِ ما لديها من تقدمِ في مسيرةِ البحثِ العلميِ، وبشكلٍ خاصٍ البحثَ التجريبيَ ،بالإضافةِ إلى ذلكَ بالمقدارِ الذي يتمُّ فيه توظيفُ نتائجِ البحثِ في مجالاتِ التنميةِ ، والاعتمادِ عليها في صناعةِ القرارِ، لدى الذينَ تناطُ بهمْ السياساتُ ووضعُ الاستراتيجياتِ الوطنيةِ، ومنْ هنا فإن الجميعَ مطالبٌ بأنْ تكونَ منهجيةُ البحثِ العلميِ في متناولِ كلِ إنسانٍ ، حتى يصلَ إلى صوابيةٍ في اتخاذِ قراراتِه ، وإلى كلِ مؤسسةٍ حتى تتمكنَ من أن تتقدمَ إلى الأمامِ ، وإلى كل دولةٍ حتى تحققَ الغاياتِ والأهدافَ الوطنيةَ في التنميةِ البشريةِ والماديةِ ، واستثمارَ ما لدى الإنسانِ والبيئةِ من إمكاناتٍ وطاقاتٍ لخدمةِ المجتمعِ ، والتقدمِ به نحوَ الغدِ المأمولِ، الذي يجعلُه في مستوى غيرِه من الأممِ والشعوبِ ، بعيدا عن التخلفِ الذي هو آفةُ المجتمعاتِ والشعوب ِ، وطريقُها إلى الانحدارِ والزوالِ .

إن البحثَ العلميَ مهما كانتْ الوقائعُ ضروريةً له، فإنهُ ينشدُ شيئا غيرَ موجودٍ، إذ أن هذه الوقائعَ تثيرُ لنا اقتراحاتٍ تتخطى ما هوَ كائنٌ في الوقتِ الحاضرِ.

ب- التنميةُ السياسيةُ:

إن مفهومَ التـنميةِ السياسيةِ هو مفهومٌ حديثٌ و هو يعني تنشئةَ اليافعينَ والشبابِ وتهيئتَهم سياسياً للمشاركةِ الفاعلةِ في الحياةِ العامةِ، وتمكينَهم ليصبحوا مواطنينَ مدركينَ لمسؤولياتِهم وحقوقِهم وواجباتِهم، ملتزمينِ بالقيمِ الأساسيةِ والديمقراطيةِ والمبادئِ الســــياسيةِ للمجتمعِ والدولةِ، مالكينَ للمعارفِ والمهاراتِ الأساسيةِ اللازمةِ للمشاركةِ الفاعلةِ في الحياةِ السياسيةِ.

ومن أجلِ المزاوجةِ بين النظريةِ والتطبيقِ، في التنميةِ السياسيةِ في أيِ مجتمعٍ، فلا بدَّ من توافرِ مقوماتٍ وشروطٍ رئيسةٍ، أهمُها:

إطلاقُ الحرياتِ بينَ جميعِ فئاتِ المجتمعِ الواحدِ، بعيدا عن الخوفِ والإرهابِ الفكري، ووجودُ تعدديةٍ سياسيةٍ وفكريةٍ ضمنَ إطار الثوابتِ، وتحقيقُ المساواةِ في الحقوقِ والواجباتِ بينَ جميعِ المواطنينَ، وقيامُ أحزابٍ سياسيةٍ قويةٍ، لديها القدرةُ على العملِ في بيئةٍ ملائمةٍ بعيدةٍ عن التحزبِ الأعمى واحتكارِ الوطنيةِ، وتفعيلُ دورِ مؤسساتِ المجتمعِ المدنيِ والمرأةِ والشبابِ في الحياةِ السياسيةِ، وسنُّ تشريعاتٍ وقوانينَ تحمي حقوقَ الأفرادِ. و بهذا فإنهُ، و من أجل إنجاح التنمية السياسية، ينبغي للجميعِ العملُ بإخلاصٍ لخلقِ الظروفِ الملائمةِ، وهذهِ ليستْ مسؤوليةَ الحكومةِ فقط، بل هي مسؤوليةُ الجميعِ.

ج- التنميةُ الصناعيةُ و التقنية:

يقصدُ بالتنميةِ الصناعيةِ "التطورُ أو التغيرُ الجذريُ الذي يطرأُ في قطاعِ الصناعةِ في بلدٍ معينٍ من أجلِ نقلِه و تحسينِه إلى وضعٍ صناعيٍّ أفضلَ".

و إنه لمن المعروفِ ارتباطُ البحثِ العلميِ ارتباطا مباشرا بأثرِه الفعالِ في الإنتاجِ و بما يدفعُ به كلَّ يومٍ من منتجاتٍ جديدةٍ، بالإضافةِ إلى وسائلِ نقلٍ و مواصلاتٍ و اتصالاتٍ حديثةٍ أكثرَ بعدا ومرونةً و اتساعا و قدرةً و سرعةً لمزيدٍ من تعظيمِ المنافعِ، و هذا ينعكسُ على التبادلِ التجاريِ لتحقيقِ مزيدٍ من الإشباعِ للإنسانِ، و تلبيةِ حاجاتِه، و يتأثر هذا كلّه بنتاجِ البحوثِ العلميةِ، وفقَ أحدثِ المعاييرِ والمواصفاتِ و المقاييسِ للجودةِ و الكفاءة.

ويلاحَظُ تخلفُ معدلاتِ تنميةِ الصناعاتِ العربيةِ عن نظيراتها في الدولِ المتقدمةِ، وتقلبُ إيراداتِها وأسواقِها واستثماراتِها، وتشوهُ العلاقاتِ الهيكليةِ لبعضِ عناصرِها وقطاعاتِها ومؤسساتِها وارتباطاتِها الدوليةِ. ومما هو معروفٌ لدى المهتمينَ كافةً أن جانباً من العواملِ المسببةِ لهذهِ الظواهرِ ينبعُ من ضعفِ السياساتِ العربيةِ في القطاعِ الصناعيِ و ضعفِ طرقِ و أساليبِ البحثِ العلميِ المتبعةِ علاوةً على قلةِ دعمِ الأبحاثِ العلميةِ و الباحثينَ في الوطنِ العربيِ إذا ما قورنَ بدولِ العالمِ المتقدمةِ.

د- التنميةُ الزراعية:

اتفقَ الكثيرُ من الباحثينَ و العلماءِ على أن هناكَ الكثيرَ من المصطلحاتِ التي يصعبُ الفصلُ بينَها، فمصطلحا التنميةِ الاقتصاديةِ و التنميةِ الاقتصاديةِ الزراعيةِ أو التنميةِ الزراعيةِ متداخلانِ معا، فالتطورُ و التغييرُ في الزراعةِ و الاقتصادِ الزراعيِ إلى الأفضلِ يدعمُ التطورَ و التغييرَ الاقتصاديَ على الرغمِ من أنه نتاجٌ لعمليةِ التطورِ الاقتصاديِ.

تهدفُ التنميةُ الزراعيةُ إلى زيادةٍ في إجمالي الإنتاجِ الزراعيِ، ورفعِ مستوى دخلِ الفردِ في القطاعِ الزراعيِ، وزيادةِ إنتاجِ المواردِ الزراعيةِ، والتشغيلِ الكاملِ للعملِ الزراعيِ و القضاءِ على ظاهرةِ البطالةِ، وتطويرِ الثروةِ النباتيةِ و الحيوانيةِ و زيادةِ إنتاجِها و النهوضِ بأساليبِ تسويقِها، والكثيرِ من الأمورِ الأخرى التي يقومُ على رفعِ سويتِها وما يقدمُه البحثُ العلميُ من نتاجٍ في التقاناتِ الزراعيةِ و الدراساتِ و البحوثِ العلميةِ.

ه- التنميةُ البشرية:

التنميةُ البشريةُ "عمليةٌ اقتصاديةٌ واجتماعيةٌ وثقافيةٌ وسياسيةٌ شاملةٌ تستهدفُ التحسينَ المستمرَّ لرفاهيةِ السكانِ بأسرِهم والأفرادِ جميعِهم على أساسِ مشاركتِهم النشطةِ والحرةِ والهادفةِ، في التنميةِ وفى التوزيعِ العادلِ للفوائدِ الناجمةِ منها".

ووفقَ هذا التعريفِ فإن الإنسانَ هو الموضوعُ الأساسيُ في التنميةِ البشريةِ, لذلكَ فقدْ كثرتْ الدراساتُ والمؤتمراتُ التي حاولتْ تحديدَ مفهومِ التنميةِ البشريةِ ودراسةِ أبعادِها ومكوناتِها وأنواعِها وغاياتِها، كإشباعِ الحاجاتِ المختلفةِ، ورفعِ مستوى المعيشةِ، ورفعِ مستوى التعليمِ، وتحسينِ نوعيةِ حياةِ الإنسانِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ .....إلخ.

وبالمختصرِ فإن مفهومَ التنميةِ البشريةِ يستندُ إلى الإنسانِ وتكونُ غايتُه الإنسانَ، فهدفُ التنميةِ البشريةِ هو تنميةُ الإنسانِ في مجتمعٍ ما من كلِ النواحي: السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ والعلميةِ والفكريةِ.

و يتفقُ الكثيرُ من الباحثينَ و العلماءِ على دورِ البحثِ العلميِ في تقدمِ ورقيِ الإنسانِ سياسيا، واقتصاديا، و اجتماعيا، و ثقافيا، و علميا، و فكريا.

و – التنميةُ الاجتماعية:

تعرفُ التنميةُ الاجتماعيةُ على أنها: "عمليةُ توافقٍ اجتماعيٍ ومنهم من يعرفُها بأنها تنميةُ طاقاتِ الفردِ إلى أقصى حدٍّ مستطاعٍ، أو بأنها إشباعُ الحاجاتِ الاجتماعيةِ للإنسانِ، أو الوصولُ بالفردِ لمستوى معينٍ من المعيشةِ أو عمليةُ تغييرٍ موجهةٌ يتحققُ عن طريقِها إشباعُ احتياجاتِ الفردِ". فالتنميةُ الاجتماعيةُ هي تطويرُ التفاعلاتِ المجتمعيةِ بين أطرافِ المجتمعِ, ونقولُ: أطراف، لأن المجتمعَ هو مجموعةٌ من الأفرادِ يتفاعلونَ معا بطرقٍ مختلفةٍ, عن طريقِ المؤسساتِ والعملِ الجماعيِ الهادفِ إلى رفعةِ الأمةِ و تقدمِها, ولن يتمَّ ذلكَ دونَ انسجامٍ وتعاونٍ بين هذهِ الأطرافِ جميعِها, هذا التعاونُ لن يتمَّ ولن يثمرَ ما لم تترسخْ في المجتمعِ قيمٌ سلوكيةٌ نهضويةٌ هامةٌ وأساسيةٌ, قائمةٌ على أساسِ التعاونِ بين أفرادِ المجتمعِ جميعاً, وتضعُ نصبَ أعينِها أن هذا المجتمعَ يتسعُ للجميعِ على اختلافِ اتجاهاتِهم وقيمِهم وأعراقِهم وأجناسِهم. وما كانَ أيُّ مجتمعٍ من المجتمعاتِ ليصلَ إلى هذا المستوى من التنميةِ الاجتماعيةِ إلا بطرقِ البحثِ العلميِ الحديثةِ في الدراساتِ الاجتماعية. و من هنا برزَ دورُ البحثِ العلميِ في تنميةِ المجتمعاتِ و تطويرِها.

ز- التنميةُ الثقافية:

 التنميةُ الثقافيةُ هي " جهدٌ واعٍ مخططٌ له من أجلِ إحداثِ تغيرٍ ثقافيٍ مما يعني – على سبيلِ المثالِ- تغيرا في الفكرِ وأساليبِ السلوكِ ، وقدرةِ التمييزِ بينَ العناصرِ الثقافيةِ التقليديةِ والعناصرِ الجديدةِ المستحدثةِ ، واستبعادِ العناصرِ التي يثبتُ عجزُها عن التناغمِ مع الجديدِ والمستحدثِ الذي لا يمكنُ التنكرُ له أو تجاهلُه ".

ففي إحصائياتٍ عديدةٍ تتعلقُ بمعدلِ نشرِ الكتبِ في العالمِ العربيِّ ذكرَ في تقريرِ منظمةِ الأممِ المتحدةِ للعلومِ والثقافةِ والتربيةِ (اليونسكو) أن عددَ الكتبِ المنشورةِ لا يتجاوزُ 30 كتابا لكلِ مليونِ عربيٍ و بلغَ عددُ الكتبِ المنشورةِ في الولاياتِ المتحدةِ 212 كتابا لكلِ مليونِ أمريكيٍ بينما كانت الكتب المنشورة لكل مليون أوروبي 584 كتابا.

كما أن نسبةَ توزيعِ الصحفِ في الدولِ العربيةِ 1.52 بالمئةِ بينما تتجاوزُ نسبةُ توزيعِ الصحفِ في أوروبا 24 بالمئة.

فالفجوةُ بينَ العربِ و الغربِ ليستْ اقتصاديةً فقط بل ثقافيةً أساسا، و هذا كله ما كانَ ليكونَ إلا بابتعادِ العربِ عن البحثِ العلميِ و إهمالِهم له على نقيضِ ما يقومُ به الغربُ من دعمٍ و تعزيزٍ للبحثِ العلميِ و دعمِ الباحثينَ و ذلكَ لأن أساسَ التقدمِ والتنميةِ و الازدهارِ هو البحثُ العلميُ بما يقدمُه من ثمارٍ للمجتمع.

كما أن بعضَ الدراساتِ الأخرى تشيرُ إلى حجمِ الفرقِ الثقافيِ، إذ نجدُ أن الدولَ الصناعيةَ تنفقُ 1.80 % من مجملِ الإنفاقِ العالميِ على البحثِ والتطويرِ ، ونجدُ أن إنفاقَ الدولِ العربيةِ على البحثِ العلميِ لا يتجاوزُ 0.2 % من مجملِ الإنفاقِ العالميّ ، بالإضافةِ إلى ذلكَ نجدُ أن نسبةَ البحوثِ العربيةِ مجتمعةً لا تساوي 2% مما تنتجُه الجامعاتُ (الإسرائيليةُ) ، وينفقُ الأردنُ على البحثِ والتطويرِ 0.4 % من ناتجِه المحليِ الإجماليِ مقارنةً مع ما تنفقُه (إسرائيل) 4.4 %، والسويد 3.8 % ، والصين والهند 1% ، لذا نرى من الضروريِ أن يقودَ عمليةَ التغييرِ و التنميةِ الثقافيةِ في مجتمعاتِنا حركةٌ مسبقةٌ لإحياءِ روحِ البحثِ والتقصي .

8- خاتمة: البحثُ العلميُ والأمنُ القومي :

إن غيابَ سياسةٍ قويةٍ للعلمِ في العالمِ العربيِ أدى إلى غيابِ الدورِ الحاسمِ للعلمِ والتكنولوجيا في تحقيقِ الأمنِ القومي. كما أنّ الاعتمادَ الكليَ على استيرادِ التكنولوجيا من الخارجِ والالتزامِ بالشروطِ التي تفرضُها مراكزُ التصديرِ وهي غالباً من الغربِ، حيثُ تفرضُ شروطا ماليةً وتقنيةً وسياسيةً في بعضِ الأحيانِ تؤدي إلى الإجحافِ الشديدِ بحقوقِ دولِ العالمِ الثالثِ وتؤدي أيضاً إلى زيادةٍ متصاعدةٍ لفاتورةِ نقلِ التكنولوجيا وبالتالي إضعافِ قوى البحثِ العلميِ والقوى التكنولوجيةِ الوطنيةِ الحيةِ وعدمِ دعمِها وتشجيعِها والانصرافِ عن تطبيقِ نتائجِ البحوثِ الوطنيةِ والعالميةِ وإهدارِ الاختراعاتِ الوطنيةِ المسجلةِ والتي ثبتتْ فائدتُها، وعدمِ تمويلِ تصنيعِها وبالتالي تحطيمِ مؤسساتِ البحثِ العلميِ الوطنيةِ والحيلولةِ دونَ ابتداعِ تكنولوجيا وطنيةٍ أو تكييفِ تكنولوجيا مستوردةٍ، ومثالُ ذلك ما يجري في قطاعاتٍ أساسيةٍ تمسُّ جماهيرَ الشعبِ وأبرزُها قطاعُ الأدويةِ مما أدى إلى فتحِ الاستيرادِ على مصراعيه.   

من هنا يصبحُ تحديدُ مجالاتِ التطويرِ ذاتِ الأولويةِ أمرًا محسوماً فالتطويرُ يجبُ أن يشملَ المقوماتِ المساعدةَ في تفعيلِ دورِ البحثِ العلميِ وتوظيفِه وتدعيمِ قدرتِه في مواجهةِ التحدياتِ والمهدداتِ وعليهِ فإننا نخلصُ للتوصياتِ التالية :

1- تطويرُ الفلسفةِ العامةِ والتوجهاتِ الاستراتيجيةِ لمنظماتِ التعليمِ، بما يواكبُ حركةَ التطويرِ والتحديثِ العالميةَ وتطلعاتِنا واحتياجاتِنا.

2- تطويرُ التشريعاتِ المنظمةِ للتعليمِ العالي بحيثُ تقتصرُ على المبادئِ وتعكسُ فلسفةَ التطويرِ الشاملِ للتعليمِ العالي وتوجهاتِه والأطرَ العامةَ لمؤسساتِه وقواعدَ الاحتكامِ الأساسية.

3- ويمكنُ للمؤسساتِ الأكاديميةِ ( الجامعات والمعاهد ومراكز البحوث) أن تقومَ بدورِ حلقةِ الوصلِ بينَ اقتصادِ المعرفةِ والقطاعِ الخاصِ بمعنى العرضِ من المؤسساتِ العلميةِ إلى القطاعِ الخاصِ من خلالِ إقامةِ الحضاناتِ (incubators) لرعايةِ المبادراتِ والأفكارِ وتحويلِها إلى مشاريعَ بحثيةٍ إيضاحيةٍ (Pilot projects) لإثباتِ صحةِ الأساسِ العلميِ، ثم إقامةِ نماذجَ أوليةٍ (Prototypes) لإثباتِ جدواها فنيا واقتصاديا وذلك تهيئةً لعرضِها على القطاعِ الخاصِ.

4- الاستمرارُ في حملاتِ التوعيةِ المكثفةِ للقياداتِ العلميةِ والتكنولوجيةِ بالتطوراتِ المرتقبةِ في مسيرةِ تطورِ العلمِ نحوَ النقلةِ المعلوماتيةِ ، ومراجعةِ خططِ التنميةِ العمليةِ والتكنولوجيا في ضوئِها، وتعديلِ المناهجِ الدراسيةِ وفقا لها.

5- الارتقاءُ بالإعلامِ العلميِ من أجلِ توعيةِ العامةِ علميا وتكنولوجيا، وكذلكَ تثقيفُ المتعلمينَ خاصةً فيما يتعلقُ بتاريخِ تطورِ العلمِ والفلسفةِ.

6- التوسعُ في المكتباتِ والانضمامِ إلى المكتباتِ العربيةِ والرقميةِ العالميةِ ، وتزويدُ المكتباتِ بطاقمٍ من المحررينَ العلميينَ في مجالاتِ التخصصِ المختلفةِ ليقوموا بالمسحِ الدوريِ لمصادرِ المعلوماتِ، وتقديمُ العلماءِ والمفكّرين مستخلصاتٍ وعروضا بما يستجدُ في مجالِ تخصصِهم . وتنميةُ مهاراتِ الباحثينَ في استخلاصِ المعرفةِ من مصادرِ المعلوماتِ المتناثرةِ عبرَ شبكةِ الإنترنت، وكيفيةِ الإفادةِ من نظمِ المكتبةِ الرقميةِ لتنظيمِ رفوفِهم الإلكترونيةِ وأرشفةِ وثائقِهم ومساعدتِهم في نشرِ نتاجِهم الفكريِ إلكترونيا . والاهتمامُ بدورِ اللغةِ العربيةِ في تنميةِ العقلِ العربِيِ ودفعِ البحوثِ في العلومِ الإنسانيةِ.

7- دعمُ مؤسساتِ البحثِ العلميِ مادياً ومعنوياً ودعمُ مؤسساتِ نشرِ ثقافةِ البحثِ العلمي.

8- تخفيفُ أعباءِ مدرسي الجامعاتِ وتفريغُهم للبحثِ العلمي. وتشجيعُ عملِ الفرقِ البحثيةِ وتشجيعُ إجازاتِ البحثِ العلميِ في الخارجِ عن طريقِ الاتفاقياتِ وزيادةِ المخصصاتِ. وتشجيعُ حضورِ المؤتمراتِ وورشِ العملِ العالميةِ والمحلية.

9- تشجيعُ البحوثِ المشتركةِ بينَ المؤسساتِ (قطاع عام، قطاع خاص، جامعات، دور البحوث)

10- العملُ على ضمانِ استمراريةِ الباحثِ في موقعِه، وإيجادِ حوافزَ أكبرَ للباحثينَ لتخفيفِ الهجرة.

11- تخفيفُ بيروقراطيةِ شراءِ الأجهزةِ والمعداتِ اللازمةِ للبحوث.

12- دعوةُ باحثينَ من الخارجِ للمشاركةِ بالأبحاث.

13- إعدادُ مراجعَ وعقدُ ندواتٍ مشتركةٍ بينَ القطاعِ العامِ والقطاعِ الخاصِ لتشجيعِ إجراءِ البحوثِ المشتركة.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


كـلـمـة الأسـتـاذ أحـمـد الـجـدع
رئيـس اتحـاد الناشريـن الأردنييـن

بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ جواد الحمد،الأخوة الكرام،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وأبدأ بالتهنئة لمركز دراسات الشرق الأوسط على مسيرته الناجحة طوال سبعة عشر عاماً ، ثم لمديره الأخ الكريم جواد الحمد على حسن قيامه على هذا المركز وعلى نجاحاته المتنامية عاماً بعد عام .وبعد،،،

مركز دراسات الشرق الأوسط عضو في اتحاد الناشرين الأردنيين ، فهو إذن يتشرف بالتعامل مع الكلمة والكتاب ، وهو أيضاً يتشرف بالمعاناة التي يكابدها كل ناشر في الوطن العربي الكبير .

أيها الإخوة

إن التعامل مع الكلمة والكتاب شرف أي شرف ، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى شرف الأنبياء الثلاثة محمداً وعيسى وموسى بالكتب وشرف أتباعهم بنسبتهم إلى الكتاب ، فهم أهل الكتاب ، وزاد رسولنا شرفاً بأن جعل كتابه مهيمناً على ما سبقه من الكتب .

وعلينا أن نتذكر أيضاً أن أول كلمة خوطب بها رسولنا الكريم اقرأ ، فالقراءة هي البوابة الواسعة التي فتحها رب العالمين لينطلق منها وبها هذا الدين الحنيف .

وعلينا أن لا ننسى أيضاً أن كل مخلوق خلق على وجه هذه الأرض سوف يؤتى في الآخرة بكتاب ، فمن كان كتابه بيمينه فهو السعيد ، ويالها من سعادة أدعو الله أن يكرمنا بها جميعاً ، ومن كان كتابه بشماله فهو الشقي ، وياله من شقاء أسأله تعالى أن لا نكون من أهل الشقاء .

أيها الكرام

إن تقدم الأمم ورقيها ، وإن تأخر الأمم وانحطاطها يقاس بمدى إقبالها على الكتاب أو إدبارها عنه ، ولقد وصف الله اليهود عندما أعطاهم الكتاب فانصرفوا عنه بأنهم كالحمار يحمل أسفارا ، وبالقياس فإن النصارى الذين آتاهم الله الإنجيل إذا انصرفوا عنه فإنهم مثل اليهود وأقول أيضاً غير هياب ولا وجل أن المسلمين إذا جعلوا كتابهم وراء ظهورهم .. وقد فعلوا وا أسفاه فقد دخلوا جحر الضب وساحوا فيه وأصبحوا في المثل مثل اليهود والنصارى .

عندما دخل المغول بغداد قبل ألف وثلاثمائة عام كان أول ما عملوا أن أحرقوا الكتب حتى قال قائل المؤرخين بأن ماء دجلة توشح بالسواد .. سواد الحبر وسواد الحرائق .. وأنا أرى غير ذلك .. أرى أن المغول قد انتهبوا الكتب ، وما أحرقوا إلا ما وجدوا أنهم لا يحتاجون إليه .

وعندما تغلب الصليبيون على بلاد الإسلام انتهبوا أول ما انتهبوا مكتبات العالم الإسلامي ، ونحن نرى اليوم مكتبات الغرب الأوروبي زاخرة بثرواتنا الفكرية مزدحمة بأثمن المخطوطات ، لقد جردونا من هذه الثروة العظيمة وهيمنوا عليها .. وسخروا منا عندما أخذوا يصرفون لنا شهادات الدكتوراة باللغة العربية ثم زادوا فأخذوا يصرفون لنا شهادات الدكتوراة بالدين الإسلامي .. هم يمنحوننا الشهادة باللغة العربية والدين الإسلامي.. يا للعار !

واليوم وقد سمعتم إن كان لكم آذان تسمع أن أول ما فعله الأمريكان عندما دخلوا بغداد هو نهب مكتباتها وقتل علمائها .. وأنهم لم يكتفوا بذلك بل عمدوا إلى حرق شارع المتنبي الزاخر بالمكتبات التجارية .. هم يريدوننا دون كتب دون علم دون علماء .. حتى يركبوا مطمئنين !

لا أريد أن أطيل عليكم فالجعبة زاخرة ولكني أقول : إن أمتنا اليوم مصنفة لدى الهيئات الثقافية العالمية في ذيل الأمم في سلم القراءة !

يقول أحد تقارير اليونسكو إن ما تستهلكه دار نشر واحدة في باريس من الورق أكثر مما يستهلكه العالم العربي من محيطه إلى خليجه .

قال لي مدرس جامعي وهو يأخذني بالأحضان بعد غياب سنوات : أبشر يا أبا حسان إنني لم أقرأ كتاباً منذ ثلاث سنوات .

بأي شيء يبشرني هذا الذي سلمناه أفلاذنا وإلى إي هاوية  يقودهم .

الأمثلة كثيرة ، ولكن إذا كان الطالب في مدارسنا يركل كتابه برجله عندما ينهي امتحاناته فأي حلف بين هذا الطالب وبين الكتاب ! وإلى أين تسير أمتنا التي سيقودها جيل يفعل ذلك !

أيها الناشرون : أنتم على ثغرة من ثغرات هذه الأمة ، فأحسنوا حماية هذه الثغرة وابذلوا في سبيل ذلك أوقاتكم وأموالكم ، ذلك لأن رسولنا الكريم قال لكعب بن مالك الصحابي الشاعر عندما سمعه يقول :

زعـمت سخـينة أن ستـغـلبُ ربـها               فـلـيغـلـبـن مـغـالـب الـغــلاب

إن الله ليشكرك على قولك هذا

إن الله يا أيها الإخوة ليشكر على بيت شعر ، فكيف على قصيدة ، فكيف على ديوان ، وكيف على كتاب ، وكيف على كتب.

هلموا أيها الإخوة إلى القراءة ، فالذي يقرأ هو الحيّ ، أما سواه فهو ميت وإن كان يمشي على الأرض !

بارك الله لمركز دراسات الشرق الأوسط ولمديره جهادهم .. والسلام عليكم .

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


بانوراما

الحفل السنوي
 بمناسبة مرور سبعة عشر عاما على تأسيس المركز

عودة للصفحة   أعلى الصفحة

جائزة البحث العلمي

 

المؤسسة الأردنيـة

للبحوث والمعلومات

 

مجلـة دراســات

شـرق أوسطيــة

 

الندوات والمؤتمرات

حلقــات نقاشيـة

المحاضرات

الحفل السنوي للمركز

من إصداراتنا

 

مستقبل وسيناريوهات الصراع العربي- الإسرائيلي

معركـــة غزة ... تحول استراتيجي في المواجهة مع إسرائيل

احتمالات اندلاع الحرب في منطقة الشرق الأوسط 2010/2011

دراسة في الفكر السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس

العلاقات التركية- الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية

 


حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بين النظرية والتطبيق

إسرائيل ومستقبلها حتى عام2015م
تداعيات حصار غزة وفتح معبر رفح

اتجاهات التحول في توازن القوى السياسية والاجتماعية في الديمقراطية الأردنيةة


نحو توافق فلسطيني لتحريم الاقتتال الداخلي

 

 

 

 

 

 

 

Designed by Computer & Internet Department in MESC.Latest update   August 27, 2011 10:40:33