أعلى الصفحة
الكلمة الختامية
عقد مركز دراسات الشرق الأوسط على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء 21-22/11/2023 ندوة متخصصة بعنوان
"المكانة والدور الدولي للعالم العربي، الواقع والمستقبل"،
شارك فيها خبراء وأكاديميون وسياسيون من 7 بلدان عربية، وتخلّلها تقديم 15 ورقة بحثية، تناولت في ظلّ أجواء من النقاش البنّاء والتفكير المفتوح والتي امتدّت على مدى ست جلسات علمية، بعد أن تداول الباحثون نظريات بناء المكانة والدور الدولي كإطار نظري، وفي ظل دراسة الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والفكري العربي والعلاقات العربية- العربية، وكذلك دراسة التحوّلات التي طرأت دولياً وإقليمياً وفي البيئة العربية، وبعد دراسة معمقة للفرص والتحديات التي تواجه العالم العربي، والإمكانات والقدرات التي يملكها، والخصوصية الحضارية العميقة للعالم العربي وارتباطها بالمشروع الحضاري العربي الإسلامي، كما قدمت في الندوة تصوّرات أولية للرؤية الحضارية الشاملة اللازمة لتعزيز مكانة ودور العالم العربي الدولي للفترة القادمة 2024- 2050.
استناداً لهذه البحوث والمناقشات، فقد توصلت الندوة إلى عدد من التوصيات أهمها:
1- أبرزت الحاجة الماسة لإحداث تحوّلات مهمة على المستويين القُطري والقومي العربي في البنى السياسية والاقتصادية لتحقيق القوة الجيوسياسية القادرة على دعم المكانة الدولية.
2- أوصت الندوة بتفعيل العمل العربي المشترك، والتحوّل من الانكفاء على المصلحة القُطرية لكل دولة عربية نحو وضع المصالح القُطرية ضمن المصالح العربية المشتركة لاستيعاب الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والحضارية الإنسانية، مع ما يتطلبه ذلك من برامج وآليات تجسّد هذه الأفكار على أرض الواقع، ولتشكل هذه الحالة قوة لكل دولة كما هي لمجموع الدول العربية، خاصة وأن العالم العربي يتمتع بقوة سكانية تناهز 450 مليون نسمة، وأكثر من مليون ونصف جندي منتظم، واقتصادات متكاملة من الطاقة والعمالة والأراضي الزراعية والثروات الخام للصناعات المتنوعة، ما يؤهل العالم العربي لتشكيل حالة متقدمة من السوق المشتركة والتكامل السياسي والاقتصادي.
3- أوصى المشاركون بتبني رؤية عربية جديدة ومتطورة في التعامل مع هذه التحوّلات الإقليمية والدولية الجارية بعمق واستثمار، ليكون للعالم العربي دور في التأثير على مخرجات هذه التحوّلات بما يخدم المصالح العليا العربية، خاصة وأن العالم العربي يُعد مصدر الطاقة الأهم للقوى الصناعية الكبرى في العالم، كما أنه من الأسواق الرئيسية لمنتجات هذه الصناعات، كما أنه يتحكم بممرات التجارة الدولية بحراً وجوّاً، بما فيها مشاريع التجارة الجديدة المقترحة، وهو بحضارته قادر على استيعاب الحضارات والثقافات الأخرى في العالم، ويتمتع ببيئة اجتماعية وثقافية وفكرية غنية ومشتركة، تستند إلى منظور وتجربة حضارية عربية إسلامية ثرية، مع ما يناسبها من متطلبات الدور الفاعل في التحوّلات الإقليمية.
4- أوصى المشاركون ببلورة رؤية نهضوية عربية إنسانية حضارية تتواصل مع دول وشعوب الإقليم لما هو مشترك وإنساني، مع احترام الخصوصيات والسيادة وعدم التدخّل والمساواة في الحقوق وحق تقرير المصير، والتعامل مع كل من تركيا وإيران كحليفين رئيسيين في بناء نظام أمن إقليمي مشترك خاصة وأنهما شركاء مع العرب في منظومة التعاون الإسلامي، وبما ينهي تدخلات الدولتين في العالم العربي، ويحولهما إلى مصدر قوة بدلاً من الاستنزاف الجاري اليوم معهما، وتوفير الجهود لصالح التنمية والأمن المشترك.
5- أوصى المشاركون بإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية كقضية مركزية للعرب باعتبارها عنصر الإجماع بين الشعوب والأنظمة الرسمية، وأن إسرائيل تُعتبر مصدر التهديد الرئيسي لأمن واستقرار المنطقة، وما يتطلبه ذلك من تعديلات تشريعية وقانونية وسياسية وعسكرية، خصوصاً بعد معركة "طوفان الأقصى"، بوصفها رافعة وديناميكية لاستراتيجية ناجحة نحو مكانة ودور دولي.
6- يوصي المشاركون بالبناء على نتائج معركة "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر في التعامل مع الصراع العربي- الإسرائيلي، واتخاذ استراتيجية جديدة لدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة على أرضه، وتحقيق عودة اللاجئين وممارسة حقه بتقرير المصير.
7- أوصى المشاركون بإعادة الاعتبار للسياسة العربية الفاعلة تجاه القارة الأفريقية عبر الدول العربية والإسلامية الأفريقية، وبناء شراكة استراتيجية اقتصادية وسياسية وأمنية تخدم المصالح العليا للعالم العربي، ومواجهة التغلغل الإسرائيلي والصهيوني المعادي للعرب في أفريقيا، وتعزيز الروابط معها على أساس المصالح المشتركة والرؤية الحضارية العربية الشاملة.
8- أكد المشاركون أن لدى العالم العربي الإمكانيات والقدرات الاستراتيجية التي تؤهله لمكانة ودور دولي فاعلَيْن، وأوصوا باستجماع القدرات والإمكانات التي تملكها الأمة العربية، وذلك في إطار الخصوصية الحضارية للعالم العربي، والدائرة الحضارية الإسلامية، والتي باستجماعهما يمكن التأسيس لنهضة عربية شاملة وقادرة على استعادة المكانة والدور الدوليين.
9- بلورة دبلوماسية سياسية واقتصادية وشعبية وثقافية برؤية واستراتيجية عربية موّحدة للتعامل مع العالم الدولي والإقليمي بما يخدم تعزيز المكانة والدور الدوليين.
10- أوصى المشاركون ببلورة رؤية واضحة تعطي للفعل الحضاري سياقات منهجية، وبمأسسة مفهوم الأمن القومي العربي عبر تفعيل معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي وإنهاء الصراعات البينية العربية، ودعم بناء مشروع نهضوي عربي موحد.
11- نشر الوعي والتعبئة الشاملة للجيل الصاعد بالثقة بالنفس وبالروح العربية المشتركة بجوامعها الحضارية والرسالية كأمة رسالة وحضارة للبشرية، وأن المشروع الصهيوني عقبة رئيسية لا بد من هزيمته لتحقيق هذه النهضة.
12- أوصى المشاركون بالاستفادة من مخرجات هذه الندوة لصياغة رؤية حضارية شاملة عالمية لتحقيق المكانة والدور الدولي خلال الفترة 2024-2050، وتراعي احترام الخصوصيات الثقافية للآخر، وأن تتشكل فرق العمل والندوات لمناقشة مسوّدة الرؤية الأولية التي توصلت إليها هذه الندوة، والتي سيتم بلورتها ونشرها خلال الشهرين القادمين.
ولذا فإن مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان، سيحرص بقوة على التعامل مع التوصية الأخيرة، في محاولة لصياغة رؤية عربية حضارية شاملة لتحقيق المكانة والدور الدولي للعالم العربي على المديين المتوسط والبعيد.
وفي نهاية هذه الكلمة، أتقدم بالشكر الجزيل إلى السادة الباحثين ورؤساء الجلسات والمتحدثين في جلسة الافتتاح والمشاركين، وأخص بالشكر الباحثين المشاركين القادمين من دول عربية شقيقة إلى بلدهم الأردن، متمنياً لهم عودةً ميمونة.
-->
ولا يفوتني أن أشكر الزملاء مراجعي الأوراق العلمية للندوة، وكافة الزملاء العاملين في المركز لمجهودهم في إنجاحها.
والسلام عليكم ورحمة الله،،
عمان
22 تشرين الثاني 2023
|