أعلى الصفحة
التقرير الصحفي
خلال ندوة لمركز دراسات الشرق الأوسط
منتدون أردنيون وفلسطينيون يبحثون المواجهات الفلسطينية- الإسرائيلية 2022 واتجاهاتها المستقبلية، وانعكاساتها على الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية
أكد المتحدثون في الندوة التي أقامها مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان، اليوم السبت 10/12/2022،
تحت عنوان "تطورات المواجهات الفلسطينية– الإسرائيلية واتجاهاتها المستقبلية"
أن حالة المقاومة التي تشهدها الضفة الغربية قادرة على إنتاج مرحلة جديدة من المقاومة،
تسهم في تعزيز مكاسب القضية الفلسطينية بعد مواجهات أيار/ مايو 2021.
واعتبر المتحدثون في الندوة التي شارك فيها خبراء وأكاديميون من الأردن وفلسطين حضورياً وعبر تطبيق
"ZOOM"، أن تضخيم ظاهرة كتائب المقاومة أو تقزيمها، وتحميلها أكثر مما تحتمل دون وضعها في سياقها الطبي
عي، يلحق الضرر بها بدلاً من فهمها وإسنادها.
وبينوا ضرورة إعادة ترتيب الأولويات الفلسطينية والحفاظ على هذه الحالة من المقاومة وإدامتها واستثمارها ضمن برامج سياسية واضحة تسهم في إدارة الصراع مع المشروع الصهيوني لصالح القضية الفلسطينية.
وأوضح المشاركون أن تطوير هذه الحالة من المقاومة يحتاج إلى عوامل ذاتية ومحلة وإقليمية ومنظومة عمل متكاملة، وأن مثل هذه المواجهات تأتي في سياق طبيعي بين الشعب الفلسطيني والاحتلال منذ عقود، الأمر الذي يفرض التفكير بآليات لتطويرها ضمن استراتيجية فلسطينية على قاعدة مواجهة المشروع الصهيوني، وتحويل الانتصارات التكتيكية إلى مكاسب استراتيجية.
وبحث المتحدثون في الجلسة الأولى للندوة التي أدارها الوزير الأسبق الدكتور صالح الخصاونة تحت عنوان "بيئة المواجهات الفلسطينية- الإسرائيلية 2022 وتطوراتها" الواقع الذي تشهده الساحات الفلسطينية، حيث أشار أستاذ العلوم السياسية عمر رحال إلى تصاعد وتيرة الأحداث في الضفة الغربية المحتلة مؤخراً، بفعل السياسات الإسرائيلية المتمثلة بالاقتحامات اليومية وحصار المدن والقرى، ومصادرة الأراضي وبناء مستوطنات جديدة أو إنشاء شوارع التفافية، بالإضافة إلى الاعتداءات اليومية للمستوطنين على الفلسطينيين، والاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، والاعتقالات والحبس المنزلي ضد أهل القدس، وسياسات أسرلة وتهويد المدينة.
وبيّن رحال في ورقته التي تناولت تحوّل توّجهات المجتمع الفلسطيني في الضفة إزاء المواجهة مع الاحتلال أن أهم العوامل التي زادت من وتيرة المقاومة في الضفة الغربية، هي عدم حماية السلطة الفلسطينية للمواطنين من الانتهاكات الإسرائيلية وتفرّدها بإدارة الضفة الغربية وانتهاجها سياسة المفاوضات كخيار وحيد، إلى جانب حيوية الشعب الفلسطيني واستعداده للتضحية، وعجز الاحتلال عن احتوائه.
وأوضح أن النضال الفلسطيني يعلو ويخبو، وأننا نشهد شكلاً جديداً للكفاح المسلح عابراً للفصائلية ويستند إلى رؤى شبابية محلية، لكن تبقى احتمالية تمددها واستمراريتها مرهونة بالحاضنة الشعبية لها، وقدرتها على الاستمرار وتطوير إمكاناتها وقدراتها، والسياسة الإسرائيلية تجاه المجموعات المسلحة، وكيفية تعامل السلطة الفلسطينية مع هذه المجموعات.
بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس رائد نعيرات أن المواجهات الفلسطينية- الإسرائيلية الأخيرة في شمال الضفة الغربية، تميزت بوجود حاضنة شعبية، وبشكلها العسكري منذ اللحظة الأولى لها، عبر استهداف جنود الاحتلال المتواجدين على الحواجز العسكرية وفي مركباتهم داخل مناطق الضفة الغربية، وبتجاوز حالة الصدام العلني مع السلطة الفلسطينية، وبتقديم خطاب سياسي مقاوم وبسيط.
وأوضح نعيرات في ورقته التي تناولت "توّجهات المجتمع الفلسطيني نحو المواجهات الأخيرة"، أن المجموعات قدّمت سلوكاً نضاليّاً يلامس طبيعة الشباب الفلسطيني، ويمتد إلى آباء الشهداء وأمهاتهم، نتيجة لفشل مشروع السلطة الفلسطينية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وامتداداً للمواجهة الفلسطينية التي وقعت صيف عام 2021.
وبيّن أن المواجهات أظهرت قدرات الشعب الفلسطيني في الحفاظ على استمرار المقاومة، وأعادت للثقافة المقاوِمة حضورها، وأثبتت حجم الالتفاف الشعبي وانخراط أهالي المقاومين بالمقاومة، في مقابل مجموعة من التحديات كإشكالية المواءمة بين استمرار المقاومة والحفاظ على العلاقة مع السلطة، والسياسة الإسرائيلية في الضفة، وتحدي القدرة على الانتشار والاستمرار، وبساطة تعامل المقاومين مع الأحداث.
فيما تناول مدير مركز مدى الكرمل في فلسطين الـ48 الدكتور مهند مصطفى نمو مستوى التنظيم السياسي لفلسطينيي الـ48 ضمن التيارات الفكرية المتنوعة، والتفاعل الشعبي مع الاحتجاج السياسي كما في انتفاضتي القدس عام 2021، والأقصى عام 2000.
واستعرض مصطفى في ورقته بعنوان " الفلسطينيون داخل الخط الأخضر، ودروس من الهبّات الشعبية وخلفياتها"، تطور أدوات الاحتجاج السياسي وفاعليتها، بدءاً بالعمل الشعبي ومروراً بتطور الأداء البرلماني ووصولاً إلى تحقيق إنجازات في المجال القضائي فردياً وجماعياً، وتعزز حضور طبقة وسطى نمت من خلالها القدرات المهنية والوظيفية والأكاديمية للمجتمع الفلسطيني.
وخلص إلى أن هبّة عام 2021 أكدت انتماء الفلسطينيين داخل الخط الأخضر للقضية الفلسطينية، وأن قضية القدس ببعديها السياسي والديني شكلت الرابط الذي جمع الفلسطينيين الذي يعانون من نفس السياسات الاستعمارية في الداخل المحتل والقدس والضفة الغربية، ودعا إلى ضرورة إعادة التفكير بأهمية تنظيم المجتمع الفلسطيني وترميم خطابه السياسي.
من جهتهم، ناقش المتحدثون خلال الجلسة الثانية التي أدارها اللواء المتقاعد محمود ارديسات تحت عنوان "تقييم تطورات المواجهات فلسطينياً وإسرائيلياً"، الواقع الميداني لهذه التطورات وكيفية تأطير حالات المقاومة الحالية وإعادة تنظيمها.
واستعرض أستاذ الدراسات الأمنية والاستراتيجية بكلية العودة في غزة هشام مغاري دوافع نمو المواجهات الفلسطينية- الإسرائيلية خلال العامين الأخيرين، كسياسة الاحتلال في القدس المتمثلة في إبعاد المقدسيين عن أماكن سكنهم وعن المسجد الأقصى، والأنشطة الاستيطانية في الضفة المحتلة والقدس، وتدنيس المقدسات الدينية والاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى، وسياسة هدم المنازل، والاعتقالات، وشنّ الحرب على قطاع غزة.
وتناول مغاري في ورقته التي جاءت تحت عنوان "واقع المواجهات الميدانية الفلسطينية– الإسرائيلية (2021-2022)، دراسة في الدوافع والأساليب والنتائج"، أساليب المواجهة، كالمواجهات الجماهيرية المتمثلة بالمسيرات والاعتصامات وفعاليات الإرباك الليلي، والأعمال الفردية كعمليات الطعن والدهس والقنص والكمائن باستخدام الأسلحة النارية، وبالعمل العسكري كالتصدي للعدوان المسلح.
ولفت الانتباه إلى أن هذه المواجهات، أظهرت تقدماً في القدرات العسكرية الإسرائيلية في سلاحي الجو والمدفعية، ولكنها أنهكت وحدات المشاة الإسرائيلية واستنزفتها، وعكست تراجع الاستراتيجات العسكرية الإسرائيلية كالحرب الخاطفة ونقل المعركة إلى أرض العدو، وأظهرت ثبات المقاومة الفلسطينية وتنامي أعمالها لتشمل جميع مناطق فلسطين التاريخية.
في حين تناول المختص بالشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد، التوّجهات والسيناريوهات المستقبلية للمواجهات الفلسطينية- الإسرائيلية من وجهة نظر إسرائيلية، ورأى أن سيناريو استمرار حالة المواجهة في سياقها الحالي هو الأرجح، نظراً لتنامي الوجود الاستيطاني وتراجع دور السلطة الفلسطينية وحالة التشابك الحياتي بين المستوطنين والفلسطينيين في الضفة، وأهمية الضفة الأمنية للاحتلال ما يدفعه نحو معالجة التحديات.
لكنه أشار في المقابل إلى واقع إسرائيل الداخلي؛ حيث تعيش حالة من الانقسام بين ثلاثة مستويات: الحريديم، المتدينين والمستوطنين، والعلمانيين والليبراليين، مع تحميل كل قسم منهم للآخر مسؤولية الأعباء السياسية والأمنية والاقتصادية.
بدوره، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس الدكتور إبراهيم أبو جابر إلى أن ما تعيشه الضفة الغربية اليوم، هو نتيجة لاتفاق أوسلو وإسقاطاته على واقع الفلسطينيين، وأن أشكال المقاومة المتنوعة للشعب الفلسطيني تأتي استمراراً لمسيرة الشعب الفلسطينية في مواجهة الاحتلال البريطاني والصهيوني منذ أكثر من مئة عام.
وأشار أبو جابر إلى إمكانية استمرار المواجهات وتطورها إلى ما يشبه الانتفاضة الثالثة في ظل اقتراب اكتمال تشكيل حكومة يمينية متطرفة، الأمر الذي يتطلب تعزيز الحاضنة الشعبية للمواجهات في الضفة، وتطوير المؤسسات السياسية والاجتماعية الفلسطينية في فلسطين الـ48، ورأى أن تراجع دور السلطة ممكن في ظل التوّجه اليميني الصهيوني نحو ضمّ أجزاء من الضفة الغربية، وفي ظل سعي الاحتلال المستمر في تشتيت الشعب الفلسطيني وتمزيقه داخلياً.
|