ملخصات أوراق العمل
الجلسة الأولى:
التحولات السياسية في إسرائيل، وتأثيرها في سياساتها تجاه
العرب والفلسطينيين
الورقة الأولى
التحولات السياسية في إسرائيل... (1)
د. مهند مصطفى- مدير مركز مدى الكرمل، حيفا
تشهد إسرائيل في العقد الأخير إعادة إنتاج تيار اليمين نحو ما تسميه
الأدبيات السياسية اليمين الجديد. وهو حالة تُعدّ تحولًا داخل منظومة
اليمين التقليدي في إسرائيل. لم يُحدث اليمين الجديد قطيعة كاملة عن
التقليدي، فهو يتفق معه بتوجهات حافظ عليها، وتبنّى توجهات جديدة لم تكن
حاضرة في الخطاب التقليدي.
يستند البحث إلى فرضية أن اليمين الجديد في إسرائيل يدمج بين تصورات قومية
بعيدة عن تصورات ليبرالية تبناها اليمين التقليدي في الشأن المدني-السياسي،
وبين توجهات دينية ترى في الدين جزءًا لا يتجزأ من منظومة فكره. علاوة على
ذلك، نتج اليمين الجديد في إسرائيل عن تحولات سوسيو-ديمغرافية في المجتمع
التقت مع تحولات فكرية في اليمين القومي والديني في أعقاب حرب 1967، مدعومة
بتحولات في البيئة الإقليمية والدولية -ومنها العولمة وثقافة السوق-.
يبدو أن اليمين الجديد يحاول ترجمة سيطرته على السياسة في إسرائيل، إلى
حالة من الهيمنة على المشهد العام في المجتمع الإسرائيلي من خلال سلسلة
طويلة من السياسات والإجراءات والقوانين تجسد سيطرته وتترجمها نحو هيمنة في
إسرائيل. وهو ما يجعل اليمين يؤسس لمرحلة الهيمنة في النظام السياسي
الإسرائيلي.
تنقسم الورقة إلى مجموعة من المباحث، يعرض الأول مفهوم الهيمنة في النظام
السياسي، ثم يستعرض الثاني أهم المميزات الاجتماعية والسياسية التي مر بها
اليمين من خلال دراسة حالة الحزب الحاكم (الليكود). ويستعرض آخرها أهم
الخلاصات حول هذه التحولات والتي يمكن تلخيصها بعدد من النقاط، وأبرزها:
·
يتشكل المشهد السياسي والحزبيّ الاسرائيليّ كنظام حزبي مهيمن يتميز بمركزية
المعسكرات الانتخابية على حساب الأحزاب الكبيرة، ولكنها تنذر بتشكيل مرحلة
الحزب المهيمن، وذلك رهان بتطورات عديدة في المرحلة القادمة ولكنها لا
تزال بعيدة المنال على المدى القريب.
·
تتمثل مرحلة النظام الحزبيّ المهيّمن في عدة تطورات على السياسة
الاسرائيلية، أهمها: صعوبة سيولة الأصوات بين المعسكرات وبقاؤها داخل
المعسكرات نفسها، وإعلان أحزاب المعسكر عن تأييدها المسبق لمرشح المعسكر
السياسيّ لرئاسة الحكومة حتى قبل إعلان النتيجة النهائية للانتخابات.
·
يغيب التنافس الحقيقي على تشكيل الحكومة بين الأحزاب، فمنذ انتخابات عام
2013 ينفرد الليكود بتشكيل الحكومة دون منافس، وقبله كان حزب "كاديما" الذي
أسسه شارون وهو أيضًا حزب يميني رغم ادعائه بأنه حزب وسط.
·
يُعدّ الليكود الحزب الوحيد الذي له حضور في كل الطبقات الاجتماعية في
المجتمع اليهودي، على عكس معسكر اليسار الذي ينحصر حضوره في الطبقة الوسطى
المدنية العليا فقط، رغم طروحاته الاجتماعية التي تنسجم مع مصالح الطبقات
الوسطى والدنيا.
أعلى الصفحة
الورقة الثانية
التحولات السياسية في إسرائيل...
(2)
د. نظام بركات- أستاذ العلوم السياسية، جامعة اليرموك
شهدت الساحة السياسية في إسرائيل مجموعة من التحولات الرئيسية
ومن أبرزها، 1) زيادة تفكك وتشرذم الحركات والأحزاب السياسية
وظهور حالة من سيطرة الأحزاب الصغيرة والمتوسطة على تشكيل
الحكومات الإسرائيلية غير المتجانسة، وقد أدّى هذا التشرذم إلى
فشل رئيس حزب الأغلبية – نتنياهو - في انتخابات نيسان/ أبريل
2019 في تشكيل الحكومة. 2) غياب الدور الفعال للقيادات
الكارزمية والتاريخية والتحول نحو القيادات الشخصية الباحثة عن
المنافع والشهرة وانتشار ظاهرة الفساد السياسي بين الزعماء
الإسرائيليين، وظهور حالات متعددة من تنقل القيادات بين
الأحزاب رغم اختلافاتها الأيديولوجية. 3) صعود التيار الديني
القومي في إسرائيل وازدياد تأثيره على السياسة الإسرائيلية. 4)
وانحسار دور المؤسسة العسكرية لصالح القوى اليمنية والدينية في
النظام السياسي والتي فرضت سيطرتها على النظام السياسي
والسياسات الإسرائيلية وتوجيه دور المؤسسة العسكرية لتنفيذ هذه
السياسات التوسعية في ظل التقارب الأمريكي الإسرائيلي في عهد
نتنياهو في إسرائيل والرئيس الأمريكي ترامب في الولايات
المتحدة الأمريكية. 5) تراجع الثقة بالسلطة ومؤسساتها الرسمية
سواء على صعيد السلطة التنفيذية أو التشريعية.
وقد أدت هذه التحولات إلى تغيرات في ميزان القوى بين القوى الدينية القومية
على حساب الاتجاه العمالي واليساري في دخول مرحلة جديدة من حياة النظام
الإسرائيلي بخصوص علاقة الدين بالدولة والتحول من النظام العلماني
الديمقراطي نحو نظام أكثر عنصرية وأكثر انسجاماً مع التوجهات الدينية على
حساب الحقوق المدنية والديمقراطية. كما سيطرت الأفكار والأيديولوجيات
اليمينية والدينية داخل النظام والنخب الإسرائيلية. وصدرت مجموعة من
القوانين العنصرية والتي تتعارض مع فكرة الدولة الديمقراطية وحقوق الإنسان
بلغ عددها 35 قانونًا في فترة الكنيست الأخيرة خلال 4 سنوات.
وكان لهذه التحولات سواءً على المستوى المؤسسي والنظامي وكذلك على مستوى
دور الأحزاب والتغيرات على المستوى الأيديولوجي والفكري، كان لها آثارها
تجاه الفلسطينيين والعرب، ويمكن رصد أهمها فيما يلي: 1) تغيرات جذرية في
وسائل الصراع بين العرب وإسرائيل وتراجع إمكانية نشوب حروب واسعة في
المنطقة والاتجاه لتحويل الصراع العربي- الإسرائيلي إلى نزاع فلسطيني-
إسرائيلي. 2) أدت السياسات العنصرية الإسرائيلية إلى تعميق سياسة التمييز
ضد الشعب الفلسطيني ومصادرة حقوقه وتهويد الأراضي المحتلة وشرعنة الاستيطان
الذي شرع في ابتلاع أراضي المناطق المحتلة سنة 67 وزيادة عدد المستوطنين
فيها والذي وصل إلى حوالي 750 ألف مستوطن، وتخصيص 42% من أراضي الضفة
الغربية للمشاريع الاستيطانية المستقبلية. 3) تهميش دور الأقلية العربية في
إسرائيل والذين يشكلون حوالي 20% من سكان إسرائيل وتصاعد التهديدات
الإسرائيلية بسلب حقوقهم المدنية. 4) تعاظم الهجمة الصهيونية على القدس
وازدياد الانتهاكات الإسرائيلية خصوصًا من قبل الجماعات اليهودية المتطرفة
على الأماكن المقدسة. 5) انطلاقاً من مبدأ يهودية الدولة عملت إسرائيل على
إلغاء حق العودة للاجئين، ومحاولة تصفية دور وكالة الغوب (الأونروا)
استنادًا إلى الدعم الأمريكي في ظل سياسة ترامب المؤيدة لأطماع الحكومة
الإسرائيلية اليمينية.
أعلى الصفحة
الجلسة الثانية:
التحولات الأمنية في إسرائيل، وتأثيرها في سياساتها تجاه العرب
والفلسطينيين
الورقة الأولى
التحولات الأمنية في إسرائيل... (1)
د. جوني منصور- أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في الكلية الأكاديمية بيت بيرل
شهد العقد الزمني الخاضع للبحث مجموعة من الأحداث والتطورات
دفعت بها الحكومة الإسرائيلية التي تولاها بنيامين نتنياهو، أو
تعاملت مع أحداث وقعت في العقد ذاته. وتتميز تجربة نتنياهو في
هذه الفترة الزمنية بكونها متعددة الاتجاهات الأمنية
والاقتصادية والسياسية داخليا -في إسرائيل- وإقليميا ودوليًّا.
وإن كانت هذه الورقة تعالج التحولات الأمنية في إسرائيل
وتأثيرها عربيًا وفلسطينيًا، إلا أنها لا يمكنها إغفال جوانب
أخرى ذات صلة مباشرة أو غير مباشرة بها. وتأتي هذه الفترة في
أعقاب نتائج حرب لبنان الثانية عام 2006 بوجه خاص، والتي أحدثت
شرخًا على المستويين السياسي والعسكري في المحافل السياسية
وصناع القرار في إسرائيل. فالمعادلات العسكرية تبدلت بصورة
جذرية جراء ما تعرض له الجيش الإسرائيلي من هزات خلال الحرب
المذكورة.
تناولت الورقة ثمانية محاور مركزية اعتبرها الباحث ركائز لفهم التحولات
وتأثيراتها. ففي المحور الأول تناول مفهوم الأمن القومي والعقيدة العسكرية
في إسرائيل والتحولات التي طرأت عليها. وبيّن الباحث أن تحولات إقليمية
ودولية وداخلية في إسرائيل ساهمت في إحداث تحولات على هذا الجانب، وأساسها
تحول إسرائيل من حالة هجوم ومباغتة إلى حالة حماية الجبهة الداخلية والدفاع
عنها. في حين تطرق المحور الثاني إلى وضع الأمن في داخل إسرائيل والتحولات
التي شهدتها خلال هذا العقد، وخصوصًا في بنية الجيش الاسرائيلي وتعاطيه مع
الأزمات الإقليمية والدولية. أما المحور الثالث فيعرض للتحولات الإقليمية
ودور إسرائيل فيها وتفاعلها معها سياسيًا وعسكريًا على الصعيدين الإقليمي
والدولي، من منطلق كون هذه التغيرات -في معظمها- قد تؤثر على مبناها
السياسي والعسكري. وجاء المحور الرابع عن علاقات إسرائيل مع دول من خارج
المنطقة، وأثر ذلك على سلوكها وتوجهها السياسي والعسكري.
وكان المحور الخامس حول الملف النووي الإيراني الذي اعتبرته حكومة نتنياهو
الأشد خطورة على وجودها ومستقبلها. وعمد الباحث إلى تفنيد المزاعم
الإسرائيلية بأن إيران هي العدو الأول والأكبر ليس لإسرائيل فقط بل للدول
العربية وغيرها في المنطقة. وبيّن عواقب تحويل إيران لتكون عدوًا للعرب
بدلًا من إسرائيل. وتناول المحور السادس القضية الفلسطينية ومحاولات
الحكومة الإسرائيلية لتصغير محوريتها وتحويلها إلى قضية هامشية، محاولة
إقناع عدد من الدول العربية، وخصوصًا دول خليجية، بأن طول المدة الزمنية لم
يُسعف القضية الفلسطينية وأن إسرائيل حالة طبيعية في المنطقة. وجاء المحور
السابع ليسلط الضوء حول إمكانيات فتح جبهة قتالية في شمالي فلسطين مع حزب
الله في ضوء الحديث إسرائيليًا عن قدرات جديدة اكتسبها حزب الله من خلال
قتاله في سوريا، والأزمة التي يمكن أن تعاني منها إسرائيل في حال صوّب حزب
الله سلاحه باتجاه اسرائيل. وخاتمة المحاور كان الثامن حيث تطرق الباحث إلى
حرب من نوع جديدة تمرست فيها إسرائيل وتعتقد أنها الحرب القادمة، وهي حرب
السايبر التي قد تسهم في إحداث حالات من البلبلة حال استخدامها، خصوصًا أن
ميليشيات وحكومات عربية متواضعة من حيث القدرات والثروات، لديها مخزون من
التكنولوجيا.
يبدو أن التحولات داخل إسرائيل على الصعيدين الأمني والسياسي، وخارجها في
الدول القريبة أو البعيدة عنها تركت أثرًا على نهجها السياسي. وهذا ما سعى
الباحث أن يبينه؛ حيث إنه مع استعمال كل وسائل القتال والتزود بأحدث أنواع
السلاح ستبقي الكلمة للشارع أكثر من المؤسسات الرسمية، ومع أن تحولات
إقليمية تجعل إسرائيل أكثر قبولًا، ولكن يبقى لكلمة الشارع تأثير ودور بارز
على هذا الصعيد.
أعلى الصفحة
الورقة الثانية
التحولات الأمنية في إسرائيل...
(2)
اللواء (م.) محمود إرديسات-
خبير استراتيجي
تبنت إسرائيل ومنذ قيامها عام 1948 المقولة الشهيرة لديفيد بن غوريون -أول
رئيس وزراء إسرائيلي- "إن حدود إسرائيل تكون حيث يقف جنودها"، وعليه فإن
القوة العسكرية هي النواة الصلبة لنظرية الأمن الإسرائيلي حيث لا تُعنى هذه
النظرية فقط بتطوير إستراتيجية عسكرية قادرة على حماية الشعب اليهودي
"الإسرائيلي" وحدود الدولة الآنية، ولكن بالاضافة الى ذلك بناء قوةٍ قادرة
على التوسع عندما تحين الفرصة أو عندما يتم تهيئة الفرصة سياسيًا، على طريق
تحقيق الهدف الصهيوني في بناء دولة إسرائيل "التوراتية".
وفي ضوء ذلك تبين الورقة أن نظرية الأمن الإسرائيلي تعتمد على عدد من
العوامل المتداخلة، في مقدمتها القوة العسكرية، واستمرارية الهجرة اليهودية
إلى فلسطين، وتوسيع عمليات الاستيطان في أيّ أراضٍ تحتلها إسرائيل، والسعي
لامتلاك التكنولوجيا وخاصة العسكرية لتبقى متفوقة على أعدائها والدول
الإقليمية، الاستمرار بعلاقات إستراتيجية مع الدولة العظمى في العالم،
والاعتماد على نظام استخبارات يستخدم آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا.
في مجال التحولات الأمنية في إسرائيل توضح الورقة بأنه لا يمكن التعامل مع
هذه التحولات بتاريخ محدّد مثل عام 2009 حيث إن هذه التحولات تأتى نتيجة
لتفاعل العديد من العوامل العسكرية والسياسية والأمنية المركبة وتأخذ مداها
حتى تصبح أمرًا واقعًا، ولذلك تذهب إلى أن ما جرى في عام 2009 من تحولات
أمنية إسرائيلية له جذوره على الأقل في حرب لبنان عام 2006، كما أن زيادة
نفوذ حركة حماس في الضفة الغربية بالإضافة إلى غزة ووصولها إلى لسلطة
لاحقًا قد ساهم في تعزيز مخاوف إسرائيل على أمنها الداخلي، وذلك في ضوء أن
الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية مصممة في الأساس لمواجهة الجيوش
النظامية والتهديد الخارجي، وأدى الربيع العربي مع بداية عام 2011 إلى
الكثير من الاضطراب والارتباك والتوجس لدى صانع القرار الإسرائيلي تحسباً
من نجاح ثورات الشعوب العربية في التقدم نحو الديمقراطية والحرية، كما كان
الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة والدول الكبرى من جهة وإيران من جهة
ثانية محطة لتحولات أمنية جديدة.
وللتأسيس لرؤية للتعامل مع التحولات الأمنية الإسرائيلية شعبيًا ورسميًا،
تدعو الورقة إلى تبنى عدد من الأدوات، ومن أبرزها على المستوى الفلسطيني
الرسمي إنجاز المصالحة الفلسطينية، مواجعة دور السلطة الفلسطينية في
التنسيق الأمني مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، واستعادة دور منظمة التحرير
الفلسطينية وتفعيلها لتكون رافعة النضال الفلسطيني رسميًا وشعبيًا، وإجراء
الإنتخابات المستحقة منذ فترة لرفد قيادة السلطة ومؤسساتها بكوادر جديدة،
وإيجاد وسيلة لفك ارتباط واعتماد الاقتصاد الفلسطيني على دولة الاحتلال.
وعلى المستوى الشعبي الفلسطيني تدعو الورقة إلى التثبت في الأرض الفلسطينية
مهما كانت الضغوطات والإغراءات الإسرائيلية، ورفع كلفة الاحتلال على الكيان
الصهيوني وذلك من خلال المسيرات الشعبية الحاشدة والإضرابات والاحتجاجات
الدائمة، وبناء وتعزيز المؤسسات الشعبية لتكون بدورها حاضنة للنضال
الفلسطيني الشعبي في مواجهة الاحتلال.
أمّا على المستوى الرسمي والشعبي العربي فتدعو الورقة إلى تأمين مناعة
إقليمية واستقرار سياسي وتكامل اقتصادي بين أجزاء الوطن العربي وتعزيز
آليات وقواعد العمل المشترك بما فيها القدرة الدفاعية لوقف الاختراقات
الخارجية للجسم العربي وتمتين العلاقات بين وحدات "النظام العربي" وبما
يتطلبه ذلك من توجه للحوار والتفاوض وحل الخلافات وانهاء الصراعات الدائرة
بين الدول العربية.
أعلى الصفحة |