كلمات الافتتاح
كلمةالافتتاح
الأولى
الأستاذ عبد الهادي المجالي/ رئيس مجلس النواب
الأسبق
أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة... السيدات والسادة...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
اسمحوا لي أن أقدم شكري لمركز دراسات الشرق الأوسط ممثلاً بسعادة الأخ جواد
الحمد وفريقه الذي أعد لهذه الندوة المهمة في هذه المرحلة الخطيرة من مسيرة
الأمة العربية والإسلامية بعامه والأردن بخاصة والتي جاءت تحت عنوان: (تطور
الفكر السياسي لدى تيار الإسلامي السياسي في العالم العربي) الحركة
الإسلامية في الأردن نموذجاً خلال الفترة 2007 – 2017.
السيدات والسادة،
حينما تُذكر الحركة الإسلامية، فإنها تتجه مباشرة لجماعة الإخوان المسلمين
التي أسسها الشيخ حسن البنا في مصر قبل تسعة عقود في 22 مارس 1928، بعد تلك
الظروف المعقدة التي بدأت تعيشها المنطقة العربية والإسلامية أعقاب الحرب
العالمية الثانية وتمزيق المنطقة باتفاقية سايكس بيكو وإنهاء دولة الخلافة
العثمانية عام 1924.
لقد بدأت هذه الجماعة كحركة اصلاحية شاملة ودعوة إسلامية (سُنية)، ولم يقف
نشاطها وتنظيمها في مصر، بل امتد إلى جميع الدول العربية والإسلامية وغيرها
لتشمل أكثر من سبعين دولة حسب دراسات عربية وغربية، والتي تبلغ أعدادها
بالملايين في أنحاء العالم، ولعل أهم مراحل تطورها كان كالتالي:
-
المرحلة التأسيسية التي بدأها الشيخ حسن البنا من عام 1928 حتى عام 1933،
حيث انتشرت الجماعة في القرى والأرياف والمدن في أنحاء مصر وهي تدعو
للإصلاح وتجمع بين الأنشطة الدينية والأعمال الخيرية والدعوة التي لا تخلو
من الملامح السياسية وهي تحمل شعار (الإسلام هو الحل).
-
المرحلة الأولى
بعد التأسيس هي تلك التي أطلقتها الجماعة عام 1935 بعد المؤتمر الثالث
لنشأتها معلنة قرارها بالدعوة خارج مصر في بلاد الشام والأردن وفلسطين
وأفريقيا وغيرها..
-
في هذه المرحلة تم تشكيل (الجهاز الخاص) أو من يطلق عليه البعض (التنظيم
السري) لحماية تنظيم الجماعة وجمع المعلومات التي تساعد الجماعة على تحقيق
أهدافها.
-
ثم جاءت المرحلة الثانية:
وهي التي تبلورت مع نهاية الحرب العالمية الثانية حيث تفاعل نشاط التنظيم
الدولي المنتشر في عشرات الدول والمجتمعات العربية والإسلامية وغيرها،
وانبثق عن ذلك تشكيل قسم خاص بالاتصال بالعالم خارج مصر وشُكل لهذا القسم
ثلاث لجان/ وهي: لجنة الشرق الأدنى وهي مسؤولة عن جماعة الإخوان في جميع
البلاد العربية والإسلامية بما فيها القارة الإفريقية، ولجنة الشرق الأقصى
وتضم دول وسط وشرق آسيا وأخيراً لجنة المسلمين في أوروبا... وغيرها من
الدول الغربية.
وحسب النظام عندهم فإن الجميع من أعضاء تنظيم الجماعة في كل دول العالم
ملتزمون بتعليمات وتوجيهات مكتب الإرشاد العام في مصر والذي يتكون من ثلاثة
عشر عضواً، ثمانية منهم من مصر وخمسة من خارجها من التنظيم الدولي، وهو
التزام بالأهداف والسياسات العامة وموقف الجماعة من القضايا المختلفة، ثم
يترك لكل بلد أن يتصرف المراقب العام فيها بالتفاصيل الأنسب، وخلال هذه
المرحلة وقعت العديد من أحداث العنف في مصر واتهم بها جماعة الإخوان
المسلمين، كان من أخطرها اغتيال رئيس الوزراء أحمد ماهر عام 1945، وتولى
النقراشي باشا بعده رئاسة الوزراء حيث أصدر عام 1948 على أثر اغتيال وزير
المالية أمين عثمان عام 1946 ثم المستشار أحمد بيك الخازندار عام 1948،
وقام رئيس الوزراء النقراشي باشا بحل جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها
جماعة محظورة لخطورتهم وغير قانونية، ثم تبعتها اغتيالات واسعة في صفوف
تنظيم الإخوان طالت الآلاف منهم وفصلهم من وظائفهم... وبعد مرور حوالي
ثلاثة أسابيع على هذا القرار وقع اغتيال رئيس الوزراء النقراشي باشا، وقد
اتهم وقتها التنظيم الخاص للجماعة بهذه الاغتيالات...
علماً بأن الشيخ حسن البنا قد أعلن نفيه وبراءة الإخوان من ذلك، لكن ردود
الفعل تجاه تلك الاغتيالات قد أدت إلى اغتيال الشيخ حسن البنا مؤسس الجماعة
في 12 فبراير 1949، واعتبرت محكمة الثورة بعد ذلك أن الملك كان هو المسؤول
عن اغتياله.
-
ثم جاءت المرحلة الثالثة، حيث برزت في مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952 وبدأت
هذه المرحلة بعلاقة هدنة مع جماعة الإخوان المسلمين من قبل الثورة ولكن
سرعان ما تصاعد الخلاف بإعلان النظام الاشتراكي نظاماً للدولة أعلنته قيادة
الثورة ثم حادثة المنشية التي تمت فيها محاولة اغتيال لجمال عبد الناصر عام
1954 وأتهم فيها الإخوان تم على أثرها إعدام بعض قادة الجماعة واعتقال
كثيرين آخرين كان على رأسهم السيد قطب الذي حكم 15 خمسة عشر عاماً بالسجن
ثم أفرج عنه عام 1961، قام بعد الإفراج عنه بعمل تنظيم شبابي خاص بالإضافة
إلى مجموعة مؤلفاته ذات المنحى السياسي الجديد في مواجهة النظام السياسي
القائم ونظرياته في التغيير مما شكل منعطفاً جديداً في سياسة التنظيم
القائم على التحريض في المواجهة، مما أدى إلى اعتقاله مدة أخرى واتهامه
بالعمل على تقويض نظام الحكم بالقوة ثم حكم بالإعدام على أثرها عام 1966،
بالإضافة إلى اعتقالات واسعة في صفوف الجماعة على كل المستويات.
-
المرحلة الرابعة: بدأت بعد وفاة جمال عبد الناصر أي في عهد الرئيس السادات
1970، الذي فتح صفحة تفاهم جديدة مع حركة الإخوان المسلمين وإنهاء مرحلة
الصراع بينهم وبين الدولة فأخرجهم من السجون على دفعات وسمح لهم بالانخراط
التدريجي في الحياة والمجتمع والوظائف وأعاد ممتلكاتهم المصادرة وفتح باب
عودة الفارين خارج البلاد إلى مصر وأعاد فتح مقرات الجماعة من جديد والسماح
بطباعة العديد من أدبيات وكتب الجماعة، وأعطى للجماعة فرصة العمل الحزبي
المعلن والنقابات ونشأ حزب الوسط من الجماعة وتأسيس حزب الديمقراطية
والعدالة كذلك..
إلى أن قامت مجموعة من (الجماعة الإسلامية) وهي جماعة متطرفة منشقة أصلها
من جماعة الإخوان المسلمين لم تكن ترضى سياسة الإخوان المسلمين مع نظام
السادات، قامت باغتيال السادات سنة 1981 يوم الاستعراض العسكري... وهنا
دخلت الجماعة مرحلة جديدة معقدة.
-
إنها المرحلة الخامسة
في عهد الرئيس مبارك الذي أعاد قرار الحظر على الجماعة- منذ أوائل
الثمانينات حتى ثورة 25 يناير 2011م التي أسقطت نظام مبارك.
-
إذن المرحلة السادسة
هي مرحلة ما عرف بالربيع العربي الذي بدأ في تونس فمصر فليبيا... وهكذا وما
آلت إليه الانتخابات المصرية النيابية والرئاسية واعتلاء حركة الإخوان سدة
الرئاسة في مصر في 18 حزيران 2012، بعد أكثر من ثمانية عقود من الصراع
الحركي والدعوى والفكر السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
-
وأخيراً كانت المرحلة السابعة/
في 30 يونيو 2013 وأمام أسباب وعوامل متداخلة معقدة خرجت الحشود يوم 30
يونيو 2013 تنادي بإسقاط الرئيس مرسي تم على أثرها تحرك الجيش بقرار من
المجلس الأعلى للقوات المسلحة وإيداع الرئيس محمد مرسي السجن وفض اعتصام
الجماعة في ميدان رابعة بالقوة وإيداع الآلاف السجن والسيطرة على الحكم،
وإجراء استفتاءات وانتخابات أوصلت الرئيس السيسي إلى الحكم... وصدرت قرارات
تعتبر جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية.
ولعلنا بذلك نلمح أن الحركة الإسلامية في مصر حاولت منذ سنوات مضت أن تخطو
تجاه الشفافية والمساءلة والتعددية والديمقراطية بنسبة أو بأخرى حين شاركوا
في الانتخابات المحلية والبرلمانية كمستقلين عام 1984 وفازوا بنسبة 20% من
مقاعد المجلس التشريعي عام 2005م، كذلك مشاركتهم عام 2011م وما آلت إليه
النتائج من وصولهم للرئاسة..
تلك المراحل السبعة في ميدان مسيرة جماعة الإخوان المسلمين في مصر مركز
ولادتها وتطورها حركياً ودعوياً وسياسياً وأحداثاً.. تعطينا أقرب صورة عن
مسيرة هذه الجماعة على مستوى وجودها في كل مناطق العالم.
والآن مع الحركة الإسلامية هنا في المملكة الأردنية الهاشمية كالآتي:-
-
بدأت جماعة الإخوان المسلمين عملها الرسمي منذ تأسيسها عام 1945 على يد
السيد عبد اللطيف أبوقورة الذي كان عضواً في الهيئة التأسيسية للجماعة في
مصر مع حسن البنا، وكان مقرها الأول في قرية عين كارم من أعمال فلسطين قبل
النكبة.
-
وفي عام 1953م تم اختيار الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة مراقباً عاماً
للجماعة في الأردن وعملاً بالنظام الأساسي للجماعة امتزجت الجماعة في
فلسطين بجماعة الأردن لتصبحا جماعة واحدة بهيئة عامة مشتركة تدعو للإصلاح
بمباركة وتسهيل من جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبد الله الأول طيب
الله ثراه وفي مواجهةٍ وتصدي لأي تدخل خارجي أكان يسارياً أو قومياً يستهدف
الأردن وكانت مسيرة من التفاهم بما يحفظ البلاد والعباد.
-
ولما كانت الجماعة أحياناً تتجاوز ما يحفظ المصلحة العامة كان المراقب
العام وبعض أعضاء التنظيم يتعرض للمساءلة أو التوقيف أو السجن، كما حدث عام
1955 وعام 1956 وعام 1960 في الوقت الذي يُعتقل ويعذب ويُعدم بعض قيادات أو
أفراد الجماعة في بلاد عربية أخرى.
-
وفي عام 1963 نجح نائبان من الإخوان في الانتخابات البرلمانية وسمحت
الحكومة للجماعة بتأسيس جمعية المركز الإسلامي الخيرية وفتحوا لها فروعاً
في أنحاء المملكة ومن مشاريعهم المعروفة المستشفى الإسلامي في عمان وفرع في
العقبة بالإضافة إلى المدارس والنوادي والندوات والمحاضرات والمؤتمرات
والمجلات والنشرات وغيرها من المشاريع الكثيرة.
-
وخلال السنوات الثلاثة قبل عام 1967 اتسع النشاط الحزبي السري اليساري
والقومي مقابل المّد الإسلامي.
-
إلا أن النشاط الإسلامي تصاعد عام 1967 وأعطيت الجماعة فرصاً عديدة منها
المشاركة مع العمل الفدائي وبخاصة – فتح – ضد الاحتلال.
-
وفي عام 1984 حصلت الحركة الإسلامية على مقعدين أخريين في الانتخابات
التكميلية في مجلس النواب فصار لها أربعة نواب هذا بالإضافة إلى نجاح
العديد من أعضائها في النقابات وكذلك البلديات.
-
مع أن بعض أعضائها قد تعرضوا للمساءلة أو الاعتقال على ضوء تجاوزات تضر
أحياناً بمصلحة الوطن سعياً وراء طموح الوصول إلى الحكم بشكل أو بآخر.
-
وأقبل عام 1989 ليمتد حتى 1998 حيث كانت مرحلة مشهودة في الوطن فسحت فيها
الدولة حرية العمل الحزبي ورفع الحظر حتى عن الأحزاب اليسارية والقومية
والوطنية والإسلامية.
-
لقد دعا جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال، إلى الميثاق
الوطني الذي فتح الباب لكل التيارات السياسية للعمل الحزبي ما دامت تحت سقف
الدستور والقوانين، بعيداً عن أي ارتباط أو تبعية أو دعم مادي أو امتداد
تنظيمي من خارج الوطن.
-
لقد كانت فرصة تاريخية للحركة الإسلامية أن تعمل وتدخل هذه المرحلة بكل قوة
ووضوح لأنها فرصة لمرحلة لم تكن تحلم بها على هذا النحو.
-
واسمحوا لي ومن خلال ما شغلته من مواقع المسؤولية في السلطتين التشريعية
والتنفيذية، فإنني لم أجد الحركة الإسلامية قد استفادت من هذه المرحلة
استفادة استراتيجية بتحول استراتيجي لمصلحتها ومصلحة الوطن في آن واحد.
-
لذا فإنني أخذ على الحركة الإسلامية أنها في الوقت الذي شكلت فيه حزب (جبهة
العمل الإسلامي) المشروع في عمله السياسي إلا أنها أبقت على جماعة الإخوان
المسلمين التي كان ينبغي أن تذوب في هذا الحزب المشروع وتمارس عملها
السياسي بكل علنية ووضوح وعطاء وطني ملتزم لكنها أبقت على تنظيم الإخوان
المسلمين وجعلته أداة للسيطرة والهيمنة والاستيلاء على جبهة العمل الإسلامي
وتوجيهها كما يريدون.
-
وكما ذكرت بحكم ما شغلته من مواقع قيادية سابقة ومنها رئيساً لمجلس النواب
لعدة دورات انتخابية وكذلك مؤسساً ورئيساً لحزبيين وطنيين، أقول لقد عانينا
بكل صدق بسبب سلوك الحركة الإسلامية والجماعة بهذا الأسلوب الذي أضطر أصحاب
القرار أن يمنعوا تجاوزاتهم وتطويق تصرفاتهم تلك التي انعكست علينا نحن
الأحزاب الوطنية.
-
وصار من حق الدولة أن تشك بسبب العديد من المواقف والتصرفات بأن جماعة
الإخوان لا تزال على علاقة مستمرة مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان
المسلمين وذلك بسبب تجاوزات ومواقف تدل على ذلك وسياسات من الجماعة تتعارض
مع سياسات الدولة والوطن بما لا يهيئ لأجواء أمن واستقرار كاف لمصلحة الوطن
في ظل ظروف عربية قاتمة معقدة.
-
ولهذا دعوت الحركة الإسلامية في المملكة للجلوس على طاولة حوار بيننا،
لنبحث ما هي ملاحظاتهم على الدولة وما هي ملاحظات الدولة عليهم، وحتى
يلتزموا ويلتزم الجميع ويرجعوا إلى الميثاق الوطني ولكن للأسف لم يستجيبوا
لندائي ولم يجلسوا للحوار...
-
وأود أن أؤكد هنا بأن الإخوان خاضوا الانتخابات عدة مرات ونجحوا ولم تقف
الدولة في وجههم أو تعرقل مشاركاتهم وهم يعلمون ذلك.
-
إنني أعتقد بأمانة وأنا أقدم نصيحتي للحركة الإسلامية في الأردن بأنها لم
تتقدم إلى الأمام كما يجب، لأنها لم تقدم برامج سياسية واقتصادية وتعليمية
وزراعية وصناعية وتربوية تشمل الواقع وإصلاحه وعلاجه بحلول واقعية.
-
لا بل كم قاطعوا الانتخابات ولم يشاركوا ومهما كانت الأسباب فإن ذلك لا
يعفيهم من المسؤولية لأنها مصلحة شعب ووطن ودولة وأمن واستقرار، ولأن عدم
المشاركة يستحيل أن نجد لها مبرراً كافياً، وأنها لا تنتج حلاً بل تضيف
ضعفاً وعجزاً.
-
وقد اقتصر عطاؤهم وفكرهم على قضايا عامة كالوحدة الإسلامية والشؤون الدولية
والإصلاح المادي العام بعيداً عن الإصلاحات الوطنية على الأرض..
-
من هنا ولهذا لم يحققوا شيئاً ملموساً لصالح الوطن والمواطن لذلك انحرف
بعضهم إلى العنف والتطرف أو العمل العسكري العشوائي غير المدروس وبلا
جاهزية ولا خبرات ولا عمق ولا تنسيق، فكان هذا ضياع ما لم يكن في ظل جهود
وطنية مبرمجة وممنهجة وتجهيزات في مستوى المسؤولية وحسابات دقيقة وإلا
أصبحت هذه الحركات لوناً من ألوان العنف والتطرف، وقد توسم بالإرهاب
أحياناً.
-
لذلك ما أحوجنا لدولة مدنية تعددية يسودها العدل بالدستور والقانون.
-
إن المتتبع لتطور التيار السياسي الإسلامي في المملكة يقف مستغرباً أمام
هذا الاضطراب والفوضى والعجز الواضح في رؤيا هذا التيار وإضراره بنفسه
وانقساماته التي نشهدها على نفسه مما يزيده إشكالاً وضعفاً وإقحام الوطن
شيئاً فشيئاً في إحراج بعد إحراج وخطر بعد خطر... فاعتبروا مما يجري حولنا.
-
إنني من هذا المنبر السياسي المسؤول والحريص والناصح والمقدر للظروف
المذهلة والأحداث الجسام المهولة من حولنا أرفع ندائي من جديد للأخوة في
الحركة الإسلامية وأنا أدق ناقوس الخطر قبل فوات الأوان أن هلموا لنجلس على
طاولة حوار مصلحة الوطن وإصلاح الوطن، وأمن الوطن والمواطن وحمايته وحماية
الأرض والعرض والدم والروح والدين.
ففي كل يوم يمر فيه الوطن بخير فإننا نحمد الله ألف مرة، لكننا لا ندري
ماذا يخبئ لنا الغد، ونسأل دائماً لصالح من وقوع أية فتنة لا سمح الله....
فهل نحن في مستوى هذه المسؤولية وهي الأقدس في أيامنا هذه من كل ما نتصور
هلموا لنكون يداً واحدة كالجسد الواحد في هذا الوطن الحبيب العزيز علينا
جميعاً.
حمى الله الأردن، قيادة هاشمية حكيمة رشيدة، وجيشاً مرابطاً، وأمناً
ساهراً، وشعباً مخلصاً....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أعلى الصفحة
كلمةالافتتاح الثانية
أ. محمد الزيود / أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى
آله وصحبه أجمعين.
السادة أصحاب المعالي والعطوفةِ والسعادَةِ المحترمين/الأخوات والأخوة
الأفاضل
أحييكم أطيبَ تحيةْ وأرحبُ بحضرِاتكم أجملَ ترحيبْ في هذا اللقاء الخير
وهذه الندوة المتخصصة التي يقيّمها مركزُ دراسات الشرق الأوسط؛ فله كلُ
الشكر والتقدير.
أيها الذواتُ المقدرونَ
لقد دأبت الحركةُ الإسلاميةُ الراشدةُ في هذا البلدِ الطيبِ على تحقيقِ
واقعيةِ الإسلامِ في مختلفِ جوانبِ الحياةِ وأكدت ممارستُها السياسيةُ التي
تستندُ إلى ثوابتِ الأمةِ من أجل المساهمةِ في نهضتِها واستئنافِ دورِها
الحضاري ولقد أرستْ منذُ سنواتِ التأسيسِ قواعدَ العملِ المثمرِ الجادِ من
أجل نهضةِ الأردنِّ والعملِ على ازدهارِه واستقرِاره وعملتْ على تجميعِ
الطاقاتِ الخيرّة وساهمتْ في توجيهها نحوَ الإصلاحِ والبناءِ.
السيداتُ والسادة
لم تكن الثوراتُ العربية تعبيراً عن ضرورة أن تغيَّر الأنظمةُ السياسيةُ
نهجها في التعاطي مع واقعِها فحسب، بل كانت تستهدفُ كلَّ شيء، بما في ذلك
بُنى المعارضةِ السياسيةِ، فالثورةُ هي لحظةُ الحقيقةِ بفشل كل المساعي
السياسيةِ الرسمية والمعارضةِ في إصلاحِ الواقع.
إن على الجميع أن يدركَ استحقاق اللحظةِ التاريخيةِ الغارقةِ في العمل على
إجراء مراجعاتٍ عميقةٍ في أفكارهِ ورؤاه، أدواته وأساليبه، نهجه ومنهجه،
أهدافه وغاياته، وأن يُجريَ تتبّعاً لمسيرة عمله، وفحصاً حقيقياً لماضيه
... أين أصابَ وأين أخطأ.
ليست الحركةُ الإسلاميةُ بوصِفها حركةْ إصلاحيةْ بمنأىً عن هذه التغيَّرات،
ولذا كان لزاماً عليها أن تُحدِثَ بعضَ التغيير في مسيرِتها لأن التفاعلُ
مع الواقع مكاناً وزماناً، مسارٌ إجباري تحتمه ضرورات الاستمرارية، فلا
بقاء لمن لا يتغّير.
إن تطورَ الفكرِ السياسيِّ للحركةِ الإسلاميةِ لم يكن طارئاً أو مجرَد
استجابةٍ لضغوطٍ، بل هو عمليةٌ تفاعليةُ إيجابيةٌ كانت الحركة على إثرها
معنيةٌ بإجراء المراجعاتِ والتكيّفِ مع الواقعِ لا رضوخاً له، بل استدراكاً
على الخطأ حيثما وُجدَ واقتراباً من الصواب حيثما كان.
من هنا تفاعلت الحركة الإسلامية مع واقعها طيلةَ عهودِ مضتْ فتأقلمت مع
واقِعها في ظلِ الأحكامٍ العرفيةِ، ثم سرعانَ ما انخرطتْ في العمل السياسي
بعدَ أجواءِ الانفتاح والتحولِ الديمقراطي، وعارضتْ السياساتِ الرسميةِ من
منطلقٍ وطني وحافظتْ على رؤيتها الإصلاحية، فقد طرحت رؤيتها الإصلاحية في
عام 2005، وقد كانت الحركةُ دائماً متيقّظة، للتمييز بين الثوابت والأصول
من جهة وهذه التي لا يمسها التغيير وبين التكتيكات والأساليب والأدوات من
جهة أخرى، وهي محلُ نظرٍ دائمٍ.
ولا شك أن هذهِ التغييرات إنما تُعبّرُ عن روحِ الشرعِ في محاولةِ
الاستدراكِ على الأخطاء، والابتعادِ عن المزالق، والاقتراب من الصواب كما
أنّ هذهِ التغييرات إنما هي استنطاقُ لعواملِ المرونةِ والشموّليةِ التي
يتسمُ بها شرعُنا الحنيف- الذي تستلهم الحركةُ الإسلاميُة منه منطقِاتِها
وثوابِتها وأهدافِها وغاياتها. ولذلك لا يمكنُ النظرَ إلى عملية التغيير
إلا على أنها عمليةٌ متجدّدةٌ ودائمةٌ.
أردنياً.. أدت تلك التغيراتُ إلى تحولاتٍ في سلوكِ الحركةِ الإسلاميةِ فهي
وإن كانت تؤمنُ على الدوامِ بالشراكةِ مع الآخر إلا أنها أخذتْ خطواتٍ
فعلّيةِ في التشارك معه، ولذلك فلا غرابة أن نرى أنها ساهمت في صناعةِ
تحالفاتٍ سياسيةٍ مع الأحزابِ السياسيةِ الأخرى أو النقاباتُ المهنيّة دون
النظر إلى الأيدلوجية التي ينهجُها الآخر، كما سعتْ لبناءٍ تنسيقي مع أحزاب
المعارضة وساهمت كذلك في بناء الجبهة الوطنية للإصلاح، والتجمع الوطني
للإصلاح أو خاضتها على أسسِ التحالفِ الوطني للإصلاح وضمتَّ طيفاً واسعاً
من الشركاء بينهم الشركسي والمسيحي وغير ذلك.
ثم خاضت انتخابات البلدياتِ واللامركزيةِ وفقَ ذاتِ الأسسِ من التنوّعِ
والشراكةِ وما زلنا نعتبرُ أنّ مزيداً من هذا التطورِ هو المطلوب، كما أننا
نعتمدُ التغذية الراجعةْ من الجميع لتقيمِ المسيرةِ وتطويرِ الأداءِ، بما
يحققُ مصلحةَ الوطنِ والأمةِ على حدٍ سواء.
ولقد شاركت الحركةُ في الميثاق الوطني مع قُوى سياسيةٍ متعددةٍ في الأردن
بعد عودةِ الديمقراطيةْ للبلاد، وسيبقى هاجسُ الحركةِ الإسلاميةِ تغليب
المصلحة الوطنية ووضعِ المصالحِ العليا للدولةِ الأردنية ومصالح الشعب
الأردني فوق كل الاعتباراتِ الضيّقة، كما أن الحركة الإسلامية تحملُ نظرةً
سياسيةً واقعيةً ولا تجنحُ للتطرفِ بل ترفضهُ وتلفظه ولا تنزلقُ في
مواقِفها ولا تندمُ على تجاربِ القفز في الهواء. ولقد اتجهت الحركةُ إِبانَ
ظروفِ الربيع العربي إلى شعارِ إصلاح النظام إيماناً منها بأنه الشعارُ
الأنسبُ لخدمة الوطن والمواطن، وقد بقيت الحركةُ على مواقفها تجاه الوطن
والأمة وبقيت قادرة على مواجهةِ أدواتِ الإقصاءِ والتهميشِ والتذويبِ
الممُنهج.
وتعتبرُ الحركةُ الإسلاميةُ حركةً شوريةً حقيقية في ذاتها فهي تُعبّرُ عن
تداولٍ حقيقيٍ للسلطة من خلال التجديد والتغير في المواقعِ القياديةِ ويكفي
أن تقولَ أن حزَبَ جبهة العمل الإسلاميِ قد تقلّد منصبَ الأمينِ العام فيه
منذ التأسيس سبعُ شخصياتٍ في الوقتِ الذي نرى فيهِ أنَّ بعضَ الأحزابِ
السياسيةِ لا تُعرفُ إلا من خلالِ شخوصها نظراً لطولِ بقاءِهم منذُ
تأسيسها.
الأخواتُ والأخوةُ الفضلاءُ- ورغَم تأكيدِ الحركةْ على مرجعيتها الإسلامية
لكنَّ عمَلَها السياسيّ اليوم يخضعُ لاجتهاداتٍ بشريةٍ تحتملُ الصوابَ
والخطأ، إلا إنها تخضعُ كذلكَ للمراجعةِ والتقديمِ والتحديثِ وإجراء
التعديلات على القوانينِ الناظمةِ لعملِها السياسيّ، حيث أنَ الفكرَ
الإخواني يتقبلُ المرونة ويتكيّف مع الواقعِ وبما لا يتعارضُ مع الثوابتِ
والأصولْ.
أخيراً:- الشكرُ الموصولُ لسعادةِ الأخ الدكتور جواد الحمد المدير العام
لمركز دراساتِ الشرق الأوسطِ- إذ يعقدُ هذهِ الندوة التي تناقشُ الفكر
السياسيّ لدى تيارِ الإسلام السياسي في العالم العربي (الحركةُ الإسلاميةُ
في الأردنِ نموذجاً، حيث يضيفُ هذا المركزٌ العريق للبناء لبَناتٍ أُخرى،
ويساعدُ على تشييدِ هذا الصرحِ الذي نرجو أن يكون في طاعةِ الله تعالى وبما
يُعلي شأنَ الوطن والأمة.
والله ولي التوفيق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعلى الصفحة
|