الأردن: مركز دراسات الشرق الأوسط ينظم ندوة تبحث في
الثورات العربية والقضية الفلسطينية
باحثون وأكاديميون: الثورات العربية ستؤسس لنظام عربي جديد
متماسك يقلب معادلة الصراع العربي- الإسرائيلي
لصالح القضية الفلسطينية
نظم مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان السبت 11/02/2012 ندوة
علمية بعنوان: "أثر
الثورات العربية وتفاعلها الإقليمي والدولي على القضية
الفلسطينية ومستقبلها"،
شارك فيها نخبة من الباحثين والأكاديميين الأردنيين.
وقدم كل من أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الدكتور
أحمد سعيد نوفل والباحث الاستراتيجي اللواء المتقاعد
موسى الحديد ورقة في موضوع الندوة، في حين ترأس الندوة
معالي الدكتور محمد خير مامسر عضو مجلس الأعيان السابق.
وقال الباحثان أثناء
حديثهما عن تأثير الثورات العربية على الصعيد الإقليمي: إن
إسرائيل تدرك أن الربيع العربي سيؤسس لنظام عربي جديد متماسك
وقوي، وسيقلب معادلة القوة الإسرائيلية، ويعزلها عن شركائها
الاستراتيجيين.
واعتبر نوفل أن
نجاح الثورات الشعبية سيؤدي إلى تغيير كبير في النظام الرسمي
العربي ووصول قوى إسلامية وقومية
وطنية
تسعى إلى تحقيق الوحدة العربية، خاصة بين الأنظمة الديمقراطية.
ورأى نوفل أنه
بات من المؤكد
أن أي تغييرات ستحدث- بسبب الربيع العربي- ستكون لمصلحة الشعب
الفلسطيني،
إذ أن
الثورات
العربية ساهمت في تحريك مسار المصالحة الفلسطينية الداخلية
المتوقفة منذ سنوات،
وبات من المؤكد أن تتوصل المنظمات الفلسطينية إلى مرجعية وطنية
واحدة والتوافق على برنامج وطني في إطار مؤسسات منظمة التحرير،
بحسب قوله.
ومع أن المشاركين
أشاروا
إلى أن الحركات الإسلامية والوطنية التي أوصلتها صناديق
الاقتراع إلى سدة الحكم عبر انتخابات نزيهة أجريت في عدد من
الدول العربية ستتعامل مع القضية الفلسطينة على مرحلتين،
الأولى في المرحلة الانتقالية والثانية بعد الاستقرار، حيث
ستنصرف تلك القوى بادئ الأمر إلى بناء نظام سياسي ديمقراطي
يراعي مصالح الشعوب العربية على المستوى الداخلي القُطري في
المرحلة الحالية (كأولوية دون إهمال القضية الفلسطينية)، إلا
أن القضية الفلسطينية ستنال جل اهتمام تلك الحركات بعد ترتيب
البيت الداخلي وتأمين سبل العيش الكريم لمواطنيها الذين
أوصلوها
إلى
سدة الحكم.
وساق نوفل
"اعتراف"
صحيفة
(كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية، بأن الفلسطينيين أكثر
الرابحين من الربيع العربي، وأن أكبر الخاسرين هي إسرائيل،
تليها الولايات المتحدة.
وقال نوفل نقلا عن الصحيفة ذاتها: إن الولايات المتحدة
هي الخاسر الثاني من الربيع العربي، حيث أصبح من الصعب على
واشنطن- أكثر من أي وقت مضى- فرض رؤيتها على الدول العربية، في
الوقت الذي ستتمكن فيه الشعوب العربية من انتخاب قادتها، خاصة
أن القدرة الأمريكية للسيطرة على الأحداث تتقلص.
وبرغم صعوبة الحكم على المواقف المستقبلية للأنظمة العربية
التي جاءت بعد الربيع العربي تجاه القضية الفلسطينية بشكل
قاطع، إلا
أنه
من المؤكد أن مواقف الأنظمة الجديدة ستكون أفضل من مواقف
الأنظمة التي سقطت، لأنها باتت تصغي لمواقف الجماهير العربية
المؤيدة لنضال الشعب الفلسطيني والمعادية لإسرائيل، ولأن
بنيتها ستتكون من قوى إسلامية وقومية مناهضة للمشروع الصهيوني.
وأشار نوفل إلى أن ثمة دراسات إسرائيلية تؤكد وجود حالة
من القلق والهلع
تسيطر على كبار المسؤولين الإسرائيليين جراء تطورات المشهد
السياسي المرتبط بالقاهرة، وهو القلق الذي يتزايد في ظل قوة
الإخوان المسلمين المتزايدة في الشارع المصري.
وفي السياق ذاته أكد نوفل المخاوف الإسرائيلية من وصول
الحركات الإسلامية إلى السلطة، فقد صدر عن القيادي في جماعة
الإخوان المسلمين في مصر الدكتور رشاد البيومي تصريح بأن
القضية الفلسطينية ستكون على سلم أولويات جماعته في المرحلة
القادمة، وأن الجماعة ستعمل بشكل حثيث على دعم قطاع غزة
المحاصر منذ أكثر من أربع سنوات، وفتح معبر رفح بشكل دائم أمام
حركة المسافرين.
ويشير إلى أن ثمة مؤشرات على المواقف العربية بعد الربيع
العربي، منها
الحماس الخافت في مدى تطبيق اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة،
والتراجع عن التطبيع مع إسرائيل سياسياً واقتصادياً وأمنياً
وثقافياً، والتعامل مع ملف المصالحة الفلسطينية بمنهجية جديدة،
يسمح بتفهّم أكبر لوجهة نظر تيارات المقاومة،
خصوصاً
حركة حماس.
كما أن الثورات العربية أضعفت جزءا من التأثير الإسرائيلي
والأمريكي في صناعة القرار العربي، ما يعني تقديم
الأولويات
الوطنية والقومية والإسلامية على اعتبارات الضغوط الخارجية
التي تتعارض معها، وفتحت الباب أيضا أمام المشروع النهضوي
العربي الإسلامي الذي قد يُحدث تحولات سياسية واقتصادية
واجتماعية كبيرة، وربما عسكرية بتغير موازين القوى في المنطقة،
الأمر الذي سينعكس سلبا على
مستقبل
المشروع الصهيوني وكيانه الإسرائيلي في المنطقة.
من جهته ذهب
الباحث
الاستراتيجي الأستاذ موسى الحديد
إلى ما ذهب إليه نوفل من أن الثورات العربية
جعلت إسرائيل على الصعيد الإقليمي تدرك تماماً أن "الربيع
العربي" سيؤسس لنظام عربي جديد متماسك وقوي، وسيقلب معادلة
القوة الإسرائيلية، ويعزلها عن شريكها الاستراتيجي، لذلك تسعى
إسرائيل لوضع حد لتسارع الربيع العربي من خلال تشويه مساره
الاستراتيجي، والمساعدة في الانقلاب على الثورات العربية.
ورأى الحديد أن التغيرات في العالم العربي ستصب في
مصلحة القضية الفلسطينية؛ لأنها "موجودة في وجدان كافة
الحراكات السياسية وضميرها".
وعلى صعيد المجتمع الفلسطيني رأى
الحديد
أنه
مجتمع
قادر على اتباع منهجية "الربيع العربي" لتحقيق المصالحة
الوطنية، ووضع برنامج وطني يحظى بإجماع فلسطيني عام، وإعادة
ترتيب البيت الداخلي اعتماداً على عمق استراتيجي عربي.
وعلى المستوى الدولي أكد الباحث الحديد أن القوى
الدولية الفاعلة ترى في "الربيع العربي" خطراً على مشاريعها في
المنطقة، لذلك فهي تسعى إلى تقديم المزيد من دعمها للأنظمة
القائمة، وتستخدم كل إمكاناتها لتعطيل هذا الربيع برفع تكلفته،
أو اختراقه حال نجاحه.
وفي حديثه عن الرأي العام المصاحب للربيع العربي رأى الحديد
أن هذا الرأي يخدم القضية الفلسطينية على كافة المستويات،
فمثلا على مستوى الرأي العام في الأردن عُرِّفت إسرائيل بأنها
التهديد الرئيس والعدو الأول للشعب الأردني وأمته، وأن
المقاومة الفلسطينية بكافة أشكالها مشروعة، وطالب الأردنيون
بوقف عملية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، مما جعل العمل على
توثيق الشراكة الأردنية- الفلسطينية أمرا ملحّا لبناء أردن قوي
سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ودفاعيا، في مواجهة المخططات
الإسرائيلية.
وأكد الحديد أن الربيع العربي أعاد للقضية الفلسطينة
بعدها القومي والعربي على المستوى الإقليمي، مشيرا إلى أن
الشعوب العربية ترى في إسرائيل تهديدا رئيسا للأمن الإقليمي
وبعده على الأمن الدولي، ما شكل دافعا لنشر ثقافة المقاومة
وتبنيها، وإعادة النظر في كافة الاتفاقيات الثنائية مع
إسرائيل.