ملخصات أوراق
العمل
الجلسة الأولى
أزمة إسرائيل في حصار غزة والدور التركي
الورقة الأولى
فشل الأهداف السياسية والأمنية للحصار على قطاع غزة
عاطف الجولاني
طرحت إسرائيل جملة مبررات لحصارها الذي فرضته على نحو مليون
وسبعمائة ألف فلسطيني في قطاع غزة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، من
بينها تحرير الجندي الأسير جلعاد شاليط، ومعاقبة حماس على أسره
ورفض إطلاق سراحه طيلة الأعوام الماضية.
كما بررت إسرائيل حصارها بالرغبة بمنع وصول أسلحة ومعدات
عسكرية إلى حركات المقاومة، والحيلولة دون دخول مواد أولية إلى
القطاع يمكن استخدامها في تصنيع الصواريخ والوسائل القتالية
الأخرى.
ولم تخف إسرائيل سعيها من خلال الحصار لكسر إرادة المقاومة
وحرمانها من امتلاك عناصر القوة وتسهيل القضاء عليها، وكذلك
إضعاف حماس وتقويض حكمها في القطاع وإعادة السيطرة إلى حلفائها
السياسيين في عملية التسوية، وكانت رغبتها واضحة بمعاقبة
الفلسطينيين على تصويتهم لصالح حماس في الانتخابات التشريعية
عام 2006، وتحريضهم على الثورة ضد حكمها في القطاع للتخلص من
حالة الحصار والجوع التي يعانونها.
فيما بررت الرباعية الدولية تأييدها للحصار، بالرغبة في دفع
حماس للتجاوب مع شروطها الثلاث المتعلقة بالاعتراف بإسرائيل،
والالتزام بالاتفاقات السابقة والتوقف عن ممارسة "العنف".
أما عربيا فكانت رغبة بعض الأطراف المعنية جامحة بدفع حماس
للتراجع عن السيطرة على قطاع غزة، وإعادة الأمور إلى ما كانت
عليه قبل عملية الحسم العسكري.
وأظهرت تلك الأطراف رغبة بالتخلص مما تراه عبئا، وربما خطرا،
لوجود حالة إسلامية تسيطر على زمام السلطة على حدودها، خشية أن
يكون لذلك انعكاساته على أوضاعها الداخلية، لا سيما أن لديها
حركات إسلامية قوية يمكن أن تستفيد من الحالة الجديدة الناشئة،
وكانت الخشية واضحة لدى تلك الدول من أن تنجح حماس بتقديم
تجربة سياسية ناجحة وناضجة في الحكم، مغايرة لما هو قائم في
الساحة العربية، حيث الإدارة السيئة، والفساد، والتعسف،
والتبعية والارتهان للخارج، وغياب الحكم الرشيد، ما دفع تلك
الأطراف للعمل على عدم إتاحة الفرصة للإدارة الجديدة للقطاع
بالعمل في أجواء مريحة قد تمكّنها من تقديم أداء ناجح من شأنه
أن يتسبب لها بالحرج، وأن يزيد من مساحة التأييد للحركات التي
تتبنى ذات البرنامج الإسلامي.
وقد أكدت تجربة السنوات الثلاثة من الحصار المحكم والشامل
للقطاع، فشله في تحقيق أهدافه السياسية والأمنية الرئيسة، فمع
أنه حرم حركة حماس من تقديم تجربة ناضجة ومريحة في الحكم
والإدارة، وتسبب بمعاناة هائلة للسكان المحاصرين، غير أنه فشل
في تقويض سيطرة حماس على القطاع وفي دفع الناس المحاصرين
للانفضاض من حولها، كما فشل الحصار في دفع حماس لإطلاق سراح
شاليط أو الخضوع لشروط الرباعية الدولية، وأكدت المقاومة أن
سنوات الحصار لم تنجح في حرمانها من امتلاك وسائل القوة وخوض
مواجهة بطولية مع جيش الاحتلال في العام 2009.
وثمة شواهد واعترافات بإخفاق سياسة الحصار والتجويع والإفقار،
في تأديب حماس وسكان القطاع، وتتولد قناعة لدى أوساط مختلفة
بأن الحصار الجائر والبعيد عن القيم الإنسانية، تحول إلى أزمة
أخلاقية لكل الأطراف التي تورطت بفرضه أو وفرت له الغطاء
والمبرر.
لقد تحول الحصار إلى عبء على من يقترفون جريمته، وارتد عليهم
عكسيا، فباتوا هم المحاصرين سياسيا وأخلاقيا.
***************************
الورقة الثانية
تنامي الموقف العربي والإسلامي والدولي ضد الحصار على غزة
علي صالح أبو سكر
لم تشهد البشرية حصارا دوليا شرسا كالحصار الذي فرض على غزة
بإمكاناتها الجغرافية والاقتصادية المحدودة وبمشاركة صهيونية
ودولية وعربية.
إلا أن هذا الحصار كان الأداة الأكثر فاعلية في بعث الضمير
الإنساني عبر العالم فتحرك لأجل كسر الحصار أحرار من كل
الجنسيات والأديان والقوميات واللغات وبات الحصار يحاصر من فرض
الحصار.
عربيا تباينت المواقف الرسمية المؤيدة والمساهمة والمتواطئة مع
فرض الحصار وتشديده مع المواقف الشعبية الرافضة للحصار، لكن
هذا الرفض لم يرتق إلى حالة من الفعل تمثل الحد الأدنى لكسر
الحصار، فكانت التحركات المحدودة في أغلبها رد فعل على أحداث
وقعت في ذات السياق، سواء الحرب التي شنها الكيان الصهيوني على
غزة أو مجزرة أسطول الحرية، أو كان التحرك كهزات ارتدادية
لحراك شعبي شهدته العواصم الغربية.
أما الساحة الإسلامية فباستثناء الموقف التركي والإيراني
الشعبي والرسمي الرافض للحصار لم يرشح أي موقف متميز لأي قطر
إسلامي شعبيا أو رسميا بأي مبادرة لكسر الحصار.
ولقد امتاز الموقف الرسمي الإيراني منذ البداية بالانحياز تجاه
رفض الحصار والسعي لكسره ولكن بسبب العزلة السياسية التي
تعيشها إيران فقد كان صدى أدائها السياسي محدودا، لكنها أثرت
بتدخلها بتليين بعض المواقف العربية.
أما الموقف التركي فقد كان أكثر فاعلية في رفض الحصار والعمل
على كسره رسميا وشعبيا سياسيا ومعنويا، ولقد أفادت تركيا من
علاقاتها الدولية المتوازنة في فتح ملف الحصار دوليا وعدم طيه
في أدراج النسيان.
أما الموقف الغربي الرسمي فقد كان تابعا لموقف الكيان الصهيوني
وحليفتها الولايات المتحدة؛ فالتزم الاتحاد الأوروبي بمقاطعة
حكومة حماس الشرعية المنتخبة، وضرب حصارا سياسيا واقتصاديا على
قطاع غزة، وباستثناء موقف سويسرا والنرويج الذي سعى ليكون أكثر
اتزانا فإن الموقف الأوروبي بمجمله موقف سلبي، لكنه تطور مع
الأحداث الأخيرة، وخاصة مع الحرب على غزة ومجزرة أسطول الحرية،
سواء كان بليونة الموقف من تقرير غولدستون، أو في المطالبة
بالتحقيق في مجزرة أسطول الحرية، أو بما صدر عن وزراء خارجية
الاتحاد الأوروبي بضرورة إنهاء الحصار على غزة مع تباين في
مواقف بعض الدول.
أما الموقف الشعبي الغربي فقد كان الأكثر فاعلية ومباشرة في
كسر الحصار من خلال تأسيس منظمات متخصصة أو تسيير قوافل شريان
الحياة أو سفن كسر الحصار، وآخرها أسطول الحرية بالاشتراك مع
تركيا.
وإن هذا التنامي في المواقف العربية والإسلامية والدولية ضد
الحصار كفيل، إذا ما استمر ولو لقليل من الوقت، بإنهاء الحصار
المفروض على غزة.
***************************
الورقة الثالثة
الدور التركي في كسر الحصار شعبيا ورسميا
محمد زاهد جول
باتت تركيا لاعبًا رئيسا في منطقة الشرق الأوسط بشكل جلي مع
وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002، وذلك وفق
التوجهات الإستراتيجية الجديدة التي بلورت نظرية تقوم على
استثمار الجوار القريب، وتفعيل العمق الاستراتيجي من خلال
تنشيط وتفعيل مجمل العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع
العالمين العربي والإسلامي، دون الإخلال بالعلاقات الطيبة مع
الجوار الأوربي، ولعل المواقف الأخيرة للسياسة الخارجية
التركية المتعلقة بقضايا المنطقة، وفي مقدمتها القضية
الفلسطينية كشفت عن صورة تركيا الحديثة الجديدة، التي تسعى من
خلالها إلى صناعة نموذج يستثمر التاريخ العثماني الإسلامي،
والتراث الأتاتوركي العلماني، وفق نموذج يعمل على الجمع بين
هويات تتوافر على جملة من عناصر القوة التاريخية والثقافية
والأخلاقية.
وفي هذا السياق تبدو مسألة الهجوم الإسرائيلي الصهيوني
الإرهابي الوحشي على سفن مساعدات إنسانية مجازفة حقيرة.
لم تأت تحركات تركيا وليدة اللحظة، ولا انفعالا عاطفيا بالحدث
بل جاءت في تسلسل منطقي يعبر عن سياسة جديدة لتركيا تجاه
إسرائيل والمنطقة، وقد سبقتها جملة من المواقف لعل أشهرها
الموقف الشهير في منتدى دافوس، وأدى الهجوم على غزة إلى اهتزاز
علاقة تركيا بإسرائيل بقوة، وتماهى موقف حكومة العدالة
والتنمية مع الموقف الشعبي الذي طالب في كثير من الأحيان بقطع
العلاقة مع إسرائيل، حيث خرجت مظاهرات مليونية حاشدة تنديدًا
بالهجوم الوحشي على قطاع غزة، وبهذا يتحدد الموقف التركي من
اعتداء إسرائيل على قطاع غزة وحصارها الذي تفرضه عليه إسرائيل
منذ عام 2006 على أنه اعتداء وحصار ظالم لا يستند إلى مشروعية
قانونية أو أخلاقية.
أما بالنسبة لأسطول الحرية فإنه لم يكن مسيرا من قبل الحكومة
التركية، ولم يتمتع بدعم استثنائي منها، وكان في مجمله من عمل
مؤسسات مجتمع مدني وأهلي خيري تركي وعالمي، يشكل الناشطون
الأتراك حجر الأساس في تسييره للوصول إلى قطاع غزة لكسر
الحصار، لكن الاعتداء عليه جاء في المياه الدولية، ولعل ما
أثار الموقف التركي بشكل إضافي كون معظم الضحايا الذين سقطوا
في هذا الاعتداء الغاشم من الناشطين الأتراك، ولذلك تماهى
الموقف الشعبي التركي مع الموقف الرسمي في التعامل مع الهجوم.
إن الموقف التركي الحازم في التعامل مع هذه القضية تبلور من
خلال جملة من المواقف الحادة والصارمة في التعامل مع الحدث
سواء من خلال التحرك في مجلس الأمن لاستصدار موقف دولي صارم ضد
إسرائيل من خلال وزير الخارجية أحمد داود أوغلو.
والتوقعات حول دور تركيا وتحديد مواقفها تجاه القضية
الفلسطينية وحصار غزة تبقى رهن الوقائع والتطورات والتحولات
التي تحدث في المنطقة، إضافة إلى سياسات ومواقف القوى الدولية
والإقليمية فضلاً عن إسرائيل ودول المنطقة، خاصة أن تركيا لا
ترغب في الوقت الراهن بقطع العلاقات جذريا مع إسرائيل مع عدم
وجود بدائل منطقية، فلا زالت دول المنطقة العربية ترتهن في
مجمل سلوكياتها تجاه القضية الفلسطينية عموما وكسر الحصار عن
غزة خصوصًا لمنظومة من المصالح المحددة لها.
ومع أننا لا نستطيع الإجابة بشكل مؤكد على الأسئلة الأساسية في
الوقت الراهن إلا أننا على يقين تام بأن ثمة تغيرا جوهريا في
دور تركيا تجاه منطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية رسميا
وشعبيا.
***************************
الجلسة الثانية
ورطة إسرائيل مع تركيا وتداعياتها
الورقة الأولى
الأبعاد القانونية للهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية
محمد خليل الموسى
أقدم الكيان الصهيوني في هجومه على أسطول الحرية على خرق لا
لبس فيه ولا يقبل مطلقاً أي تعليل بمقتضى أحكام القانون الدولي
النافذ، وتركز هذه الورقة على تحليل طبيعة الهجوم من زاوية
القانون الدولي، والانتهاكات التي انطوى عليها، بالإضافة إلى
سبل مساءلة المسؤولين عنها.
يتسم الهجوم أو الاعتداء الصهيوني على الأسطول بأنه خرق مركب
لأحكام القانون الدولي، فهو من جهة ينطوي على اعتداء على دولة
أخرى، ويتضمن أيضا خرقاً لأحكام قانون البحار ولأحكام قانون
حقوق الإنسان الدولي، علاوة على كونه يخالف أحكام القانون
الأساسي الدولي وأحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
والسفن التي جرى الاعتداء عليها كانت ترفع العلم التركي، أي
إنها تخضع للولاية التركية، الأمر الذي يعني من الناحيتين
العملية والقانونية أن الكيان الصهيوني قد ارتكب خرقا للولاية
التركية على السفن، وللقوانين التركية النافذة فوق هذه السفن،
فما ارتكبته القوات الصهيونية من جرائم واعتداءات يشكل
انتهاكات للقانون التركي النافذ فوق هذه السفن بمقتضى قاعدة
"قانون دولة العلم".
يضاف إلى ذلك أن الضحايا يحملون الجنسية التركية، أي إنهم
يخضعون بحسب جنسيتهم إلى الاختصاص الشخصي لتركيا وهم أجانب
بالنسبة للكيان الصهيوني، ولم يراع الكيان الصهيوني- ألبتة-
بحقهم الحد الأدنى من معاملة الأجانب المستقر في القانون
الدولي.
وتنص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 على أن
البحر العام أو المياه الدولية لا تخضع لسيادة أي دولة، وأنه
لا يجوز لأحد ادعاء السيادة على أي جزء منها، وتنص على وجوب
قيام الدول باستخدام هذه المياه سلميا، وواضح تماما أن الهجوم
الصهيوني يخالف هذين المبدأين، فقد مارس الكيان الصهيوني أنشطة
وصلاحيات فعلية لا تتفق مع فكرة عدم خضوع المياه الدولية
لسيادة أي دولة، علاوة على أن بعض المسؤولين الإسرائيليين قد
ادعوا فعلا أن الكيان الصهيوني لن يسمح بخرق سيادته، وهو ادعاء
يتعارض كليا مع الطبيعة القانونية للبحر العام أو للمياه
الدولية.
أما فيما يتعلق بوصف السلوك الصهيوني بالقرصنة، فلا جَرَم أنه
من الناحية الفعلية يعد ضربا من ضروب القرصنة، ولكن يتعذر وفقا
لأحكام المادتين (101) و (102) من اتفاقية قانون البحار العام
1982 القول بأن السلوك الصهيوني تجاه السفن التركية يشكل قرصنة
بالمعنى المقصود من وراء هاتين المادتين لأنهما تتناولان
القرصنة التي يقترفها أشخاص عاديون ولا تعالجان قرصنة الدول.
وعلى أي حال، فإن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار العام
لعام 1982 لا تتضمن سائر قواعد قانون البحار، كما أنها لا تقنن
القواعد القانونية العرفية جميعها، الأمر الذي قد يسمح بتوصيف
السلوك الصهيوني تجاه هذه السفن بالقرصنة في ضوء القواعد
العرفية غير المقننة، وهي مسألة تحتاج إلى بحث عميق.
ومما لا شك فيه كذلك أن الاعتداء الصهيوني على الأسطول ينطوي
على انتهاك لعدد من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها في
قانون حقوق الإنسان الدولي، فالاعتداء تسبب بفقدان عدد من
المشاركين في الأسطول لحياتهم دون سبب قانوني مشروع، مما يشكل
مخالفة لنص المادة (6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية الذي يلتزم به الكيان الصهيوني، إضافة إلى كونه
مخالفاً للمادة (7) من العهد ذاته الذي يحظر تعذيب أي شخص أو
معاملته معاملة لا إنسانية أو قاسية أو مهينة.
كما أن الاعتداء الصهيوني يتضمن خرقاً للحق في الحرية الشخصية
وعدم جواز حرمان الأفراد من حريتهم تعسفاً أو لسبب غير قانوني
المنصوص عليه في المادة (9) من العهد ذاته، علاوة على أن
الكيان الصهيوني لم يحترم التزاماته الناشئة عن المادة (10) من
هذا العهد المتعلقة بالمعاملة الإنسانية للمحرومين من حريتهم.
وإضافة إلى ذلك فإن الهجوم الصهيوني على أسطول الحرية يندرج
ضمن الأفعال التي تخالف
الالتزامات الناشئة عن المادة (19) من العهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسية التي تتعلق بالحق في حرية الرأي
والتعبير.
ومن جانب آخر يندرج الهجوم الصهيوني على الأسطول في سياق فرض
ظروف معيشية قاسية وغير إنسانية على سكان قطاع غزة المحتل من
قبل إسرائيل، وهو بذلك يشكل إخلالا من جانب الطرف المحتل
لالتزاماته الناشئة عن قانون جنيف الرابع بشأن حماية السكان
المدنيين تحت الاحتلال؛ فالتجويع وفرض ظروف معيشية غير إنسانية
يشكلان خرقاً واضحاً لأحكام هذا القانون، ويمكن القول بأن
الهجوم على أسطول الحرية يعد حلقة من حلقات هذا التجويع الذي
يفرضه الكيان الصهيوني على قطاع غزة منذ مدة.
أما عن إمكانات المساءلة القانونية، فمما لا شك فيه أن الهجوم
الصهيوني على الأسطول يشكل أفعالاً جرمية بمقتضى القانون
التركي، وهو القانون النافذ فوق السفينة التي جرى الاعتداء
عليها، ولذلك فمن الضروري قانوناً أن تسرع السلطات التركية
المختصة بإجراءات التحقيق والملاحقة، وأن تحيل إلى القضاء
التركي سائر الأشخاص الذين يشتبه بارتكابهم هذه الجرائم مهما
كان دورهم الجرمي، كما أنه يمكن التحرك داخل أروقة الأمم
المتحدة، وبالتحديد لدى الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان،
عبر تشكيل لجنة تحقيق وتقص للحقائق.
أما فيما يخص الشق المدني من المسؤولية، فإن تركيا تستطيع أن
تحرك دعوى المسؤولية الدولية تجاه إسرائيل، ويمكن للضحايا
والمتضررين الشروع في إقامة الدعاوى المدنية أمام المحاكم
الإسرائيلية لمطالبة حكومة الكيان الصهيوني بالتعويض عما لحق
بهم من أضرار، كما أنهم اللجوء إلى المحاكم الفيدرالية
الأمريكية وإقامة دعاوى على المتورطين لمطالبتهم بالتعويض على
أساس قانون الخطأ الأجنبي المعمول به في الولايات المتحدة منذ
ما يزيد على القرنين.
وختاما نلاحظ أن الكيان الصهيوني يعاني منذ مدة من موقف قانوني
وأخلاقي محرج، وقد تزايد موقفه القانوني تعقيداً وصعوبة عقب
الهجوم الصهيوني على الأسطول، علاوة على أن كثيراً من دفوعاته
ومقولاته القانونية قد فقدت بريقها ومعناها، والفرصة مواتية
بالفعل لمحاصرته قانونياً من خلال استراتيجية قانونية متكاملة
الأبعاد وشاملة.
***************************
الورقة الثانية
التداعيات السلبية على إسرائيل وعلى العلاقات
التركية-الإسرائيلية
جـواد الحمـد
تركز هذه الورقة على قراءة التداعيات السلبية على إسرائيل،
وتتناول تأثيرها على العلاقات التركية- الإسرائيلية على المدى
القصير والمتوسط.
ولا بد بداية من التأكيد على أن هذا التحول الذي جرى في
المنطقة قد وقفت خلفه قوة دفع كبيرة من قبل القيادة التركية
ومؤسساتها السياسية والعسكرية التي قدرت موقفها مبكرا، كما
قدرت موقف الآخر، واتجهت نحو التصعيد بخطوات محسوبة، مصحوبة
بمطالبات محددة، وتصرفت بناء على ذلك، الأمر الذي لم تمارسه في
الزمن المعاصر إلا الولايات المتحدة مع الدول العربية
والإسلامية أساسا، ما جعل تركيا تتصدر موقف القوة الإقليمية
العظمى، وتمثل ثقلا سياسيا لا تستطيع إسرائيل تجاوزه.
ومن هنا يمكن القول إن التحول السياسي الذي تشهده المنطقة إنما
تدعمه قوة مستقلة لا تقف تستجدي الآخرين اقتصاديا أو عسكريا أو
سياسيا أو ثقافيا، بل هي التي تمن على الآخرين بعلاقاتها معهم،
وعلى الأخص الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة أنها عضو في حلف
النيتو.
ترى هذه الورقة أن التداعيات السلبية على إسرائيل جراء هذا
التحول تتمثل بزيادة تشوه صورة إسرائيل في العقلية الغربية،
وتراجع قدرة الغرب في الدفاع عن سلوكها العدواني، والتسبب
بالحرج للإدارة الأمريكية التي ترعى مفاوضات سياسية معقدة
وصعبة، وتزايد انتقاد الحكومة الإسرائيلية واتهامها بعدم
القدرة على قيادة الدولة والمرحلة، وتراجع مكانة إسرائيل كدولة
يمكن الاعتماد عليها في الشرق الأوسط بوصفها غير قادرة على حفظ
تحالفاتها الإقليمية مع أكبر دولة إسلامية في المنطقة.
أما تداعيات المتغير على العلاقات التركية- الإسرائيلية فتظهر
في انكشاف اللعب الإسرائيلي في المنطقة لدى القيادة العسكرية
التركية، ما جعلها تخفف من مساندتها المطلقة للاتفاق العسكري
المبرم بين الجانبين، وتراجع قدرة إسرائيل على بناء علاقات
متوازنة مع تركيا، وانشكاف إسرائيل شعبيا في تركيا حتى لدى
التيارات القومية التركية، وفشل إسرائيل في احتواء الأزمة
مبكرا، وتزايد الشعور التركي بأن إسرائيل ليست حليفا صادقا،
وإنما تريد تركيا غطاء لسياساتها في المنطقة، وإضعاف قدرة
اللوبي اليهودي في تركيا على الدفاع عن إسرائيل وتقديمها للرأي
العام التركي، وتزايد الانفتاح التركي على مواقف حركة حماس
وسياساتها والدفاع عنها رسميا وشعبيا على حساب العلاقة مع
إسرائيل، وتقديم مبررات جديدة للقيادة التركية لزيادة هذا
الانفتاح، والقبول المبدئي لدى القيادة التركية بإجراء مراجعة
جادة للعلاقة مع تركيا في ظل فشل إسرائيل في تلبية المطالب
التركية لإبقاء هذه العلاقة.
وإذن، فإن إسرائيل في ورطة ومأزق حقيقي، وهي في حالة تشوه
لصورتها العامة، وفي ترنح لعلاقاتها مع تركيا، وبالتالي فهي
تحصد تراجعا سياسيا استراتيجيا بسبب عملية تكتيكية خاسرة ضد
مدنيين، وهو ما يؤشر على تزايد تخبط القيادة الإسرائيلية وعدم
قدرتها على قراءة المتغيرات في المنطقة والعالم، ما يشير إلى
تراجع أهميتها الاستراتيجية بالنسبة لمختلف الأطراف ذات
العلاقة بما فيها الدول العربية التي وقعت معها اتفاقات سلام،
وتركيا والاتحاد الأوروبي الذي لا يستطيع تبرير سياستها في
حصار غزة ولا الهجوم على السفينة، ناهيك عن تسببها بإحراج
الموقف الأمريكي في المنطقة وعدم مساعدته على تعديل طبيعة
علاقاته في المنطقة.
***************************
الورقة الثالثة
تركيا تضع إسرائيل أمام الاختبار دوليا
سمير صالحة
في أواخر شهر أيار مايو المنصرم نفذت إسرائيل عدوانا بحريا في
المياه الدولية للمتوسط استهدف
أسطول الحرية الذي كان يحمل مساعدات إلى سكان غزة المحاصرين في
محاولة للفت أنظار المجتمع الدولي نحو هذه المعانات وكسر
الحصار المفروض على المدينة منذ سنوات.
العدوان الإسرائيلي استهدف بالدرجة الأولى سفينة مرمرة التركية
حيث قتل وجرح العشرات وأدى الى تدهور كبير في العلاقات بين
البلدين المتدهورة أصلا في السنوات الأخيرة.
حكومة العدالة والتنمية وصفت العدوان الإسرائيلي بالقرصنة
وإرهاب الدولة أما إسرائيل فقالت أن عمليتها كانت مشروعة
ومتطابقة مع القوانين والمبادئ الدولية، وأنها لن تتردد في
تكرار ما فعلته إذا ما اقتضت مصلحة إسرائيل ذلك.
الولايات المتحدة الأميركية التي ترى في الطرفين حليفين
استراتيجيين أساسيين لها في المنطقة تميل يوما بعد الآخر إلى
جانب إسرائيل وتصر على إعطائها المزيد من الفرص لإنقاذ نفسها
وسمعتها مما عرضها لتراجع شعبيتها مرة أخرى لدى الرأي العام
العربي والإسلامي بالدرجة الأولى، ومما يعني بالتالي فقدان
الثقة يوما بعد الآخر بإدارة باراك أوباما التي أطلقت قبل
عامين جملة من الوعود ورفعت بعض الشعارات التي حملت الأمل
بسياسات أميركية إقليمية جديدة.
سخرية القدر هي أن تتوسط واشنطن اليوم بين أنقرة وتل أبيب،
بعدما كانت أنقرة تتوسط بين تل أبيب والعديد من العواصم والقوى
الشرق أوسطية.
إسرائيل قد تنجح في سياسة عرقلة القرارات الدولية وتجنب
الإدانات والعقوبات ورفض القرارات الصادرة حتى الآن ضدها أو
ترجمتها بما يحمي مصالحها وحساباتها هي، لكنها لن تنجح هذه
المرة في استمالة الرأي العام العالمي إلى جانبها وإقناعه
بصوابية ما تفعل.
-
ما هو "الاختبار الدولي" وما الذي يمثله؟
-
هل وضعت تركيا فعلا إسرائيل أمام الاختبار الدولي؟ وهل مهمتها
هي أن تفعل ذلك؟
-
هل هي المرة الأولى التي تتعرض فيها إسرائيل لهذا النوع من
الاختبارات؟
-
كيف تعامل المختبِرون مع المختبَرين حتى الآن؟
-
كيف رد المختبَرون على المختبِرين حتى الآن؟
-
ما هي البدائل والخيارات
المتاحة والواجب صنعها للخروج من هذه الأزمة؟