|
سوريا 13
أيلول / سبتمبر 2006
عقدت ورشة علمية متخصصة لبحث هذا الموضوع بشكل معمق استنادا إلى السيناريوهات والتوصيات التي توصل إليها مؤتمر "العرب وإسرائيل عام 2015.... السيناريوهات المحتمله" الذي عقده مركز دراسات الشرق الأوسط نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 في عمّان، للإجابة عن تساؤل: "كيف يمكن أن تحول هذه الرؤية الاستراتيجية إلى مشاريع عمل وخطط وسياسات على الصعيدين العربي والفلسطيني"؟ وذلك يوم الأربعاء 13/9/2006 في مكتبة الأسد بدمشق، وقد تم تنفيذ هذه الورشة بالتعاون مع المركز العربي للدراسات الاستراتيجية ومركز دراسات الشرق الأوسط، كما شارك في تقديم أوراق العمل فيها تسعة خبراء سوريين وعرباً، وحضر فعالياتها ومناقشاتها المختلفة أكثر من ستين من الخبراء والسياسيين والبرلمانيين والأكاديميين.
كلمة الافتتاح أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة، الزملاء والزميلات الكرام، السادة والسيدات المشاركون يسعدني في هذا الصباح أن أرحب بكم في هذه الورشة العلمية الاستراتيجية، والتي تشرف مركز دراسات الشرق الأوسط بتنفيذها مع المركز العربي للدراسات الاستراتيجية في دمشق برئاسة الرئيس علي ناصر محمد، ومديره الأستاذ الدكتور عصام الزعيم، آملا أن تمثل إضافة نوعية للفكر العربي الاستراتيجي في الصراع العربي-الإسرائيلي ، خصوصا بحضور هذه النخبة من القطر العربي السوري بخبراتها وتميزها . الزملاء والزميلات ، على اثر التداعيات والانعكاسات التي خلفها العدوان الصهيوني المتواصل على الأمة العربية منذ العام 1947 ، وإصرار العالم على الإقرار بحق الاحتلال الإسرائيلي في اغتصاب فلسطين, وفي ظل التمرد الإسرائيلي والغطرسة في التعامل مع الجانب العربي, وفي ظل عجزه عن مواكبة التغيرات في الجانب الفلسطيني والعربي، ولجوئه إلى الاحتماء بما يسمى بالحرب على الإرهاب لكسب الدعم الأمريكي في ظل هذه المعطيات والظروف حاول نخبة مميزة ومتنوعة من المفكرين والسياسيين والخبراء الاستراتيجيين العرب رسم ملامح ومكونات السيناريوهات المحتملة للصراع العربي-الإسرائيلي حتى عام 2015، وذلك بهدف خدمة صناعة القرار والتخطيط الاستراتيجي العربي في مواجهة المشروع الصهيوني ومكوناته المختلفة ، خصوصا ما يتعلق بالصراع مع إسرائيل قاعدة المشروع الأساسية، وقد تمكنت هذه النخبة بجهد متواصل خلال أيام المؤتمر الثلاث ومستندة إلى جهود علمية وبحثية استمرت أربع سنوات ، من التوصل إلى رؤية استراتيجية للمستقبل وقدمت تصورها لسيناريوهات الصراع المتوقعة، والتي رأى المؤتمرون أنها تمثل إطارا نظريا لأي استراتيجية عربية أو فلسطينية مستقبلية، وان تصبح هذه السيناريوهات بتفاصيلها المختلفة إطارا فكريا وسياسيا وإعلاميا لصناع القرار العرب على المستويين الرسمي والشعبي فيما يتعلق بالصراع . واليوم واستكمالا لمسيرة بدأت في القاهرة وعبرت بيروت لتحط في دمشق العرب اليوم، وستعبر منها إلى بقية الأقطار العربية تباعا خلال الأشهر الستة القادمة، وهي تسعى لاقتراح واشتقاق السياسات والبرامج اللازمة لخدمة المشروع العربي في مواجهة المشروع الصهيوني ، وذلك وفق إدراك عميق لهذه السيناريوهات، وبالطبع ليس من موضوع هذه الورشة تناول جوانب الصراع الماضية والحاضرة وآفاقها المستقبلية، تلك التي تم بحثها في المؤتمر الموسع في عمان في نوفمبر الماضي، ولكن التركيز ينصب في هذه الورشة على السياسات والبرامج المقترحة لتتحول إلى خطط عمل واقعية للأمة العربية على مختلف الصعد. الإخوة والأخوات، لقد شهدت الأشهر التسعة الماضية نقلات دراماتيكية في عمليات التحول السياسي والاستراتيجي في المنطقة، والتي شكل العامل الفلسطيني فيها المحور الأساس، حيث تراكمت نجاحات برامج المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان لتصب في تقوية القدرة العربية على المواجهة والمنازلة مع المشروع الصهيوني، ولترفع من قدرتها على التعامل مع التحديات التي تخلقها السياسات الأميركية المناهضة للحرية والاستقلال لهذه الأمة ومصالحها، كما كشفت هذه المتغيرات عن الهشاشة التي يتصف بها النظام الأمني الاستراتيجي الإسرائيلي من جهة، وعن الضحالة الفكرية والسياسية والاستراتيجية التي تستند إليها المواقف والسياسات الاميركية تجاه منطقتنا من جهة ثانية، كما كشفت هذه المتغيرات ولحظات المواجهة التاريخية بين المقاومة والجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان وقطاع غزة عن عجز النظام الدولي في منع إسرائيل من ارتكاب الجرائم ، وأكدت أن هذا النظام يتعايش مع هذا التمرد الإسرائيلي المتواصل على الشرعية الدولية ومواثيقها، بل وتشجعه الدولة الكبرى التي تقود هذا النظام، فيما لا يسمح هذا النظام لأي دولة أو مجموعة أو شعب بممارسة حقوقه التي أقرتها الشرعية الدولية إلا بالشكل واللحظة والمضمون الذي يحقق المصالح الاميركية ولا يضر بمصالح إسرائيل. ولذلك فان عنصر التغيير الأساسي للمعادلة الدولية القائمة في الشرق الأوسط إنما هو المتغيرات الداخلية فيه، خاصة ما يتعلق بامتلاك القوة واتخاذ المواقف السياسية والاستراتيجية انطلاقا من مصالح الأمة العليا، وهو ما يفرض على المفكرين والخبراء العرب من أمثالكم السعي الحثيث لاشتقاق المعادلات ومعاملات الارتباط والتوازن بين مكونات القوة اللازمة لحسم الصراع مع المشروع الصهيوني، والتي أمكن وصف مستقبلها مفصلا في إطار أربع سيناريوهات مستقبلية للأعوام العشرة القادمة . السادة والسيدات ،، إن استثمار المتغيرات من حيث المجال الحيوي الذي تنشئه أو البيئة الاستراتيجية التي تتشكل حولها ، بل والتداعيات التي تؤثر على مختلف الأطراف، يعد إجراء مثاليا لرسم السيناريو المرغوب، والتأثير على مكونات ومحددات وعوامل السيناريوهات المحتملة، لتصب في تحقيق أهداف المشروع العربي ضد المشروع الصهيوني وباتجاه حسم الصراع، سواء حتى إزالة الخطر الصهيوني أو تحجيمه إلى الحد الأدنى القابل للاحتواء والهضم استراتيجيا. لا يخفى على حضراتكم أن نظريات المستقبل تستند إلى مراكمة القوة الذاتية، وتسجيل النقاط في المعارك مع الطرف الآخر، وإحداث تحولات مهمة في البيئة الإقليمية والدولية، وهو ما تؤكده نجاح المقاومة الفلسطينية باستلام القيادة الفلسطينية، ونجاح المقاومة اللبنانية والفلسطينية معا وفي ستة أسابيع تحقيق انتصار عسكري وامني على قوات الاحتلال، وبالتالي وضعها في مرمى الاستهداف الممكن لحركات المقاومة أو الدول التي ترغب في المواجهة، حيث أنها استطاعت أن تضعف الأثر الاستراتيجي للتفوق الجوي الإسرائيلي، فيما جعلت من السلاح الصاروخي سواء المصنوع في غزة محليا، أو المتطور نسبيا في جنوب لبنان، آلة فاعلة ومكافئة لهذا التفوق الجوي من حيث عدم القدرة على صده وإسقاطه، وان كانت القدرات التدميرية لا تزال غير متكافئة، غير أن الآثار الاجتماعية والاقتصادية والأمنية للقوة التدميرية لكل منهما قد تتساوى في نهاية المعارك كما لاحظنا فيما يتعلق بالمواجهة على الجبهة الشمالية مع المقاومة اللبنانية . السيدات والسادة المشاركون،،، كان الهدف من استعراض هذه الملاحظات المنهجية والإشارات الاستراتيجية هو فتح الباب أمام هذه الورشة للبحث عن سبل استثمار المتغيرات والتحولات التي أصابت طبيعة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي من جهة، وتوجهات السياسة العربية تجاه التسوية من جهة أخرى، وذلك لتكون منطلقا نحو سياسات وبرامج عربية وفلسطينية يمكنها التأثير على متغيرات مختلف السيناريوهات لتصب في البرنامج والمشروع العربي على حساب المشروع الصهيوني، آخذا بعين الاعتبار الاستدراكات المهمة ومحددات وشروط نجاح هذه السياسات والبرامج في تحقيق هذا الهدف. ختاما،،، الطموح كبير والثقة عالية في نجاح ورشتكم هذه، والشكر الموصول للمركز العربي للدراسات الاستراتيجية على التعاون معنا لعقد هذه الورشة، كجزء من الجهد العربي المشترك ، والشكر للزملاء الذين سيقدمون أوراق العمل والمداخلات الرئيسية ولكل الحضور. لندفع مشروعنا خطوة إلى الأمام من ارض سوريا الصامدة وخبرائها ومفكريها الملتزمين . أ .هـ |
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
---|