تجارب حركات الإسلام السياسي البرلمانية
(الأردن نموذجاً)

د. محمد أبو رمان/ الأردن

تعتمد الورقة في موضوعها منهجية علمية في البحث في قضية شائكة باعتبارها أن الأردن يسير باتجاه "ديمقراطية مقيدة"، ففي خضم الثورات العربية اكتفت المعارضة في الأردن وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين بسقف الإصلاح في حراكها، والذي تعتبره الورقة لم يزل ضمن "قواعد اللعبة التقليدية" التي مارسها طرفا المعادلة السياسية طوال العقدين المنصرمين.

وتطرح الورقة أسئلة وفرضيات في بحثها من قبيل التساؤل في أثر السياسات شبه السلطوية في خيارات الجماعة، وما هي قواعد علاقة الإخوان-النظام وعن تأثير المشاركة السياسية في الجماعة فكراً وممارسةً، وما هو تأثير الربيع العربية في قواعد تلك اللعبة الأردنية الداخلية.

لدى الحديث في الإطار النظري للبحث، تعود الورقة إلى دراسات وأبحاث علمية ونظريات، أبرزها مقاربة براون، والتي تبحث في مجملها في ثنائية الإسلاميين والسياسة وجدليات تلك الثنائية وأهمها مدى جدية الإسلاميين الالتزام بالديمقراطية والذي تعتبره الورقة معتمداً على فرضية وجود أنظمة ديمقراطية في العالم العربي، فتقوم بقلب تساؤلات تلك الأبحاث التقليدية لتسأل عن تأثير الأنظمة العربية على أيديولوجيات الحركات الاسلامية وممارساتها السياسية بالرجوع إلى حقب وأحداث والقراءة في انعكاساتها ونتائجها.

وتطرح الورقة أربعة نماذج لعلاقة النظام بالجماعة بالرجوع إلى مناهج التغيير السياسي تمثل تدرجاً في مدى الانخراط من عدمه في العملية السياسية، حيث تعتبر الورقة المشاركة في العملية السياسية والانتخابات مكسباً للحراكات الإسلامية يخدم ميادين عمل تلك الحركات المختلفة.

وبعيداً عن التنظير، وفي قراءة للمشهد الأردني بناءً على ما تقدم، تعود الورقة في عرض مفصل لأهم محطات ونقاط التحول في تاريخ العلاقة بين الإخوان والنظام والتي أفضت في أبرز محطاتها إلى تأسيس حزب جبهة العمل الإسلامي التابع للجماعة إيذاناً ببدء جولات من المشاركة والمقاطعة للانتخابات حتى أزمة 2006 بين النظام والجماعة والتي لم تحل من استمرار الإخوان في تلك اللعبة بالرغم من فقدانهم جناحهم الاجتماعي.

ثم تنتقل الورقة للحديث بشيء من التفصيل عن الجماعة نفسها وأثر تلك التجربة وذلك الوضع على فكر الجماعة وتنظيمها الأمر الذي تلخصه الورقة في أربعة محاور رئيسية، محور جدلية الأيديولوجيا والبراغماتية وجدلية الموقف من الديمقراطية والتعددية السياسية وتداول السلطة وجدلية العلاقة بين الجماعة والحزب إضافةً إلى حدود الدور السياسي للجماعة وتكيفها مع السياسات شبه السلطوية.

وتختم الورقة بحديث في آفاق المستقبل في ظلال الثورات العربية وإن لم تمتد آثارها إلى الأردن بذلك القدر المغير للأنظمة إلا أنها لم تكن بمعزل عن تأثراتها والتي حصلت المعارضة من خلالها على مكاسب محدودة ورفع الشارع سقف مطالبه، كما وأدت إلى رفع سقف المطالب إلى حدود غير مسبوقة لدى قيادات في الجماعة تصل إلى حد المطالبة بالملكية الدستورية، الأمر الذي ينذر باتساع الفجوة بين النظام والجماعة من جهة وبين أقطاب الجماعة نفسها من جهة أخرى، وإحراجها على مفترق طريقي الإصرار على ممارسة الضغوط واستغلال أزمة النظام السياسية والاقتصادية أو الرجوع إلى قواعد اللعبة التقليدية، الأمر الذي يشعر النظام بأن الجماعة قد خسرت أوراقها وأنها لا تمتلك رؤية واضحةً موحدة وأنه قد خرج منتصراً من الجولة الأخيرة ونجى من آثار الربيع العربي.