(تجربة حركات الاسلام السياسي في المقاومة (فلسطين نموذجاً
أ.أسامة حمدان/ فلسطين
تعرض الورقة تاريخ الحركة الإسلامية في فلسطين، ودور رجالات الحركة الإسلامية في إطلاق مشروع مقاوم ضد الاحتلال، وتبين أسس المقاومة في فكر الحركة الإسلامية، بأبعادها العقائدية الإيمانية، والفكرية موضحة أن ساحة المقاومة الفلسطينية تتسع لكل القوى الفلسطينية باختلاف مرجعياتها الفكرية، وأن المقاومة لا تقتصر على فعل فئة أو فصيل وحسب، بل هي فعل شعب كامل يسعى للتخلص من الاحتلال ونيل الحرية، وإلى أهمية الارتكاز إلى الأمة كعمق استراتيجي للشعب الفلسطيني وقضيته، كما توضح الورقة تجربة الحركة الإسلامية في مواجهة الاحتلال.
وبخصوص أهداف المقاومة فتوضح الورقة ان الهدف الاستراتيجي للمقاومة هو تحرير أرض فلسطين، وأن المقاومة طرحت فكرة مرحلية التحرير عوضاً عن الحل المرحلي، بحيث تحفظ فكرة التحرير المرحلي الهدف الرئيسي وهو التحرير الكامل، وفي ذات الوقت تتعامل مع الواقع الدولي والبيئة الإقليمية، ومع تداعيات عملية التسوية. وترتكز فكرة التحرير المرحلي إلى ثلاث ركائز: استمرار المقاومة حتى تحرير كامل الأرض الفلسطينية، وأن ما يتحقق من إنجاز لا يأتي من عملية استجداء ، بل بضغط على العدو بفعل المقاومة يحقق الإنجاز، وأن معيار الموافقة على أي خطوة مقدار انسجامها مع الهدف الاستراتيجي.
وبالرغم من رفضها لعلمية التسوية، واتفاق أوسلو الذي نتج عنها، فقد سعت حركة حماس للتعامل بواقعية في العلاقة مع السلطة الجديدة، وخطت بذلك خطوات واضحة ضمن سياسات محددة تمثلت في رفض تخوين من وقّع اتفاق أوسلو، ورفض الاشتباك مع السلطة، والتعامل بإيجابية وانفتاح معها، وأنه في ظل وجود السلطة كأمر واقع فلا بد من بذل كل جهد لتصبح أحد أدوات النضال ضد الاحتلال، وأن عمل المقاومة العسكري ضد الاحتلال، وسيظل موجهاً ضده، ويجب أن لا ينحرف إلى معركة داخلية.
إلا أن محاولة تنظيم العلاقة بين الحركة والسلطة لم تنجح بالصورة التي كانت حماس ترجوها وتسعى إليها تكاملاً بين السلطة والمقاومة على قاعدة إدارة الصراع ضد الاحتلال. كما تعرض الورقة تجربة حركة حماس في الجمع بين السلطة والمقاومة: موضحة أن حماس لم تسع لإنشاء معادلة الجمع بين السلطة والمقاومة، بل إن الواقع هو الذي فرض عليها أن تقتحم معادلة السلطة لتحمي المقاومة، وأنها انطلقت في هذه التجربة من قراءة للواقع أساسها فشل اتفاقية أوسلو، وإمكانية تحويل واقع السلطة، من واقع أراده الاحتلال لخدمته (كاحتلال نظيف) إلى جزء من منظومة مقاومة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال. إضافة إلى وقائع إنجازات المقاومة في لبنان وغزة ووجود فرصة لبناء توافق وطني عقب حوارات القاهرة في العام 2005 ، وتراجع ضغط البيئة السياسية باتجاه التسوية.
وقد سعت الحركة بعد الفوز بالانتخابات لتشكيل معادلة السلطة والمقاومة، وبشراكة وطنية عامة، ودعت لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ولكن هذه الحكومة لم تر النور بسبب الضغوط الأمريكية والدولية، والتصاق فريق التسوية بمعادلة التسوية. كما سعت الحركة لترتيب بيئة داخلية متماسكة على المستوى الشعبي تتطور إلى مجتمع مقاوم، والعمل ميدانياً لتحقيق نقلة نوعية في أداء المقاومة من حيث الجهوزية وقوة الأداء، وقدمت خطابا سياسيا يركز على ضبط الامن الداخلي وإنهاء مظاهر الجريمة والفلتان الأمني، ومواجهة العملاء والسعى لبناء مجتمع مقاوم من خلال مشروع لتنمية المجتمع على صعيد التعليم والاقتصاد، واصلاح مؤسسات الحكومة، واستمرار العمل المقاوم؛ حيث تم أسر "شاليط" بعد أسابيع من تشكيل الحكومة العاشرة في عملية بطولية، وعقب ذلك تواصلت إنجازات المقاومة، ومنها الصمود في وجه العدوان في معركة (بقعة الزيت) او ما اسماه العدو الرصاص المصبوب، وإنجاز صفقة (وفاء الأحرار) لتبادل الأسرى، والتي خرج بموجبها 1027 أسيراً، وفاعلية المقاومة وقدرتها على الرد السريع والمتماسك في معركة حجارة السجيل عام 2012، وإصابتها أهداف لم تكن في دائرة الاستهداف قبل ذلك، في القدس وتل أبيب.
كما عرضت الورقة علاقات المقاومة الإقيمية والدولية، ورأت أن التحدي الجديد يتمثل في التحولات في البيئة العربية، التي يعاد فيها تشكيل المنطقة، ويفرض هذا الواقع الجديد على المقاومة تحديات مهمة، لا بد من الإجابة عليها، وستشكل إجابات حركة حماس عليها، وكيفية تعاملها معها، انعكاساً هاماً على مسار المقاومة، ليس من حيث الوجود، وإنما من حيث المدى الزمني لتحقيق الإنجاز.