فرص حركات الإسلام السياسي وآفاق المستقبل في ضوء واقع الثورات والحراكات الإصلاحية العربية- النموذج الأردني
أ. زكي بني ارشيد/ الأردن
تظهر الورقة نظرة الحركة الإسلامية في الأردن إلى ما شهده العالم العربي من تغيرات استراتيجية متعددة خلال العقد الماضي بعد كمون سياسي طويل عايشته المنطقة، وقد أفضت هذه الحالة وفقاً للورقة إلى تطور نوعي في مسار الصراع العربي الإسرائيلي من حيث أداء التيار الإسلام السياسي المقاوم وتصعيد أشكال المواجهة للعدو الصهيوني، وإفشال مشروع سيطرته على المنطقة، كما انتبهت الحركة بنفس القدر إلى محطة التحولات الكبرى خلال السنوات الثلاث الماضية أو ما اصطلح على تسميتها بالربيع العربي.
كما ترى الورقة أن السياسة الأمريكية سعت لمقاربة التحول الديمقراطي والمشاركة الشعبية لتأمين مصالحها وتفريغ حالة الغضب- الذي يمكن أن يشكل تهديداً استراتيجيا لمصالح أميركا في المنطقة – في عملية التحول الديمقراطي وصناديق الاقتراع الانتخابية، لكن تحقيق جماعة الإخوان المسلمين في مصر فوزاً مفاجئاً بانتخابات 2005، وفوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية عام 2006، فرض انعطاف للسياسة الأمريكية في المنطقة نحو التخلي عن تبني نشر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ثم أدى قيام حركات احتجاجية ساخطة تحوّلت إلى ثورات أطاحت ببعض الأنظمة الحاكمة وبدأت بالتأسيس لمرحلة التحول الديمقراطي، وحققت حركات الإسلام السياسي في هذه المرحلة تقدماً ملحوظاً وضعت الأطراف المتضررة من النتائج في موقف قلق ومحرج سعت بموجبه الإدارة الأمريكية إلى محاولة احتواء واستيعاب الحركات الإسلامية وتطويعها لتنسجم أو تتوافق مع مصالحها الحيوية في المنطقة.
وتبرز الورقة بعض التحديات التي تواجه الحركة الإسلامية في الأردن كعدم توافر الخبرة الكافية لإدارة الدولة، وعدم القدرة على مواجهة الأزمة الاقتصادية ومعالجة الاختلال في بنية الاقتصاد، وعدم القدرة على بناء منظومة الأمن الوطني والقومي، وتأمين الاستقرار السياسي والأمن المجتمعي، كما تعتبر الحركة الإسلامية أن محور النزاع الحقيقي بين القوى المتصارعة هو اجهاض حالة الوعي التي وصلت لها شعوب المنطقة، وتؤمن الحركة الإسلامية بضرورة إدارة المرحلة الانتقالية بالمشاركة الحقيقية الفاعلة، وتنطلق في تقديرها للموقف من خصوصية الجغرافيا السياسية للأردن، كما تعتبر أن العقبة الأساسية في مسار الإصلاح السياسي هو التزام السياسة الرسمية ببنود اتفاقية وادي عربة مع الدولة العبرية.
وتحدد الورقة الفرص المتمثلة في استشراء حالة الفساد وعجز الأجهزة الرسمية من الحد منها، وفشل إدارة الملف الاقتصادي في وقف التدهور والعجز التجاري، الأمر الذي أدى إلى رفع الأسعار والضرائب على المواطنين وزيادة حالة المعاناة والتذمر التي تشكل مزيدا من التوتر والاحتقان غير مضمون العواقب والنتائج، واعتماد المؤسسة الرسمية على عوامل خارجية وغير ذاتية في تمرير المرحلة، وتغير الاهتمام الأميركي وتوجهه إلى عناوين أخرى وخاصة بعد أن وصلت أميركا إلى حد الكفاية من إنتاج النفط، واحتمال حصول متغير نوعي من شأنه أن ينهي حالة استفراد النفوذ الأميركي بالقيادة والتأسيس لمعادلة جديدة يكون فيها النفوذ الأميركي شريكا وليس متفرداً.
واستناداً إلى ما تقدم واستقراءً لحالات التحول التاريخية ترى الورقة أن الحركة ترى أن الوضع الاستثنائي الذي تمر به المنطقة عموما هو سحابة الصيف المنقشعة وإحدى جولات الثورة المضادة التي تتفاعل مع ردات الفعل وغير قادرة على تحقيق الاستقرار والسيطرة على الأوضاع في المدى المتوسط والبعيد، وان استكمال التحول الديمقراطي هو النتيجة الطبيعة لمرحلة التدافع مهما طال الزمن او تعثر المسار، وعليه فان المستقبل القادم الذي ترسمه الحركة في أدبياتها سيكتمل وفقاً لصالح الإرادات الشعبية وإحداث التغيير والإصلاح المنشود.