فرص حركات الإسلام السياسي وآفاق المستقبل في ضوء واقع الثورات والحراكات الإصلاحية العربية- النموذج الليبي
د. ونيس المبروك/ ليبيا
أكدت الورقة على أن الحركة الإسلامية في ليبيا تلقت نصيباً كبيراً من القمع والتضييق، بسبب القبضة الأمنية المحكمة التي كان يستعملها النظام ضد الإسلاميين، مما أفرز شريحة واسعة تعودت على التخفي وتمرست على الانصياع التنظيمي، وانتهجت نهجا دعويا غلّب الإختيار والتكوين على العمل العام والإنتشار، والمغالبة والتعبئة على المشاركة والمقاربة، والماضوية على التجديد، والإنكفاء على الإنفتاح .
كما ذهبت الورقة إلى أن المجتمع الليبي المتدين والمحافظ، والذي يمتاز بخصوصية قل نظيرها في العالم الإسلامي، وهي غياب الطوائف والفرق والديانات والمذاهب الدينية داخل المجتمع ، تتوفر فيه بيئة حاضنة ومتقبلة للقيم والمبادئ الإسلامية العليا، شريطة أن يحسن الإسلاميون التعامل معها، والترفق في عرضها، وتقديم مشاريع محددة، تلبي حاجات الناس، وتلامس همومهم .
وتشير الورقة إلى تحدي التأثير السلبي لسنوات الحكم الطويلة في ظل نظام القذافي على الوعي السياسي لدى المواطن الليبي، وكذلك حملة التجهيل والعزلة التي مر بها الناس ، مما يكرس سلبية الأداء السياسي واضطراب التعامل مع قواعده ، كما يجعل المواطن مفتقدا للحصانة وفريسة سهلة أمام حملات الإعلام وترى الورقة أنه مازال لدى الحركة الإسلامية كثيرا مما تقدمه، ولكن عليها أن تعلم أنها ستجد نفسها مرغمة على تخفيف حمولة خطابها القيمي والأيدلوجي، لحساب خطابها الجماهيري السياسي، وتتوقع أن تقودها الممارسة السياسية والمواجهة مع الدولة العميقة إلى تبني وتقديم معايير الكفاءة والوطنية على معايير الولاء الفكري والإيدلوجي، وإلى اتسام سياساتهم مع المخالفين بنوع من البراجماتية ولغة التدرج، والموازنات مع الشريك الجديد في قيادة الوطن.
وترى الورقة أن تسارع الثورات يتحاج من الإسلاميين أن يطوروا قدراتهم ومهاراتهم وأساليب تربيتهم حتى يواكبوا تلك المتغيرات، أو يقاربوا نسقها وإيقاعها المتسارع.