فرص المشروع السياسي الإسلامي في السياق الإقليمي التركي والإيراني

د. خالد أبو الحسن/ مصر

وجدت تركيا في الربيع العربي الفرصة الذهبية لأن تلعب دوراً أكبر يتمثل في بناء قاعدة عريضة من الحلفاء من خلال مناصرة الشعوب العربية؛ بيد أن موقفها يتسم بالحذر؛ حتى لا تتكبد خسائر استراتيجية واقتصادية إذا ما فشلت سياساتها في الانتفاع من تلك الأحداث؛ لذا فقد اختلف موقفها من دولة عربية لأخرى، ولكنها لم تقف أبداً معارضة الثورات العربية. ويأتي ذلك في ضوء نمو توجه "العثمانية الجديدة" في السياسة الخارجية والمحلية التركية.

أما إيران فتحاول أن تفرض نفوذها الممزوج بمشروع الهلال الشيعي على دول الربيع العربي التي تعتنق شعوبها المذهب السني، وهو ما يعني الصدام الشامل المحتمل بين الطرفين، خصوصا وأن مشروع الهلال الشيعي يتنافي مع حل القضايا العربية الإسلامية. وحيث أن تركيا تمثل المذهب الأكثر انتشاراً في المنطقة العربية؛ لذا فهي الأكثر نجاحاً في إيجاد فرص قوية لنجاح المشروع الإسلامي، إلا أن الأحداث الأخيرة في مصر صعبت مهمتها في خلق مناخ جيد للمشروع السياسي الإسلامي.

وليس من اليسير أن تتفق كل من تركيا وإيران على رعاية مصالح المشروع الإسلامي، وذلك بسبب الاختلاف المذهبي الكبير الذي يفتح المجال للصدام المباشر، علما بأن هذا الاختلاف يفتح مجالاً من استغلال الموقف أمام الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز نفوذها في المنطقة؛ ويفتح المجال أيضاً أمام إسرائيل للحصول على مكاسب استراتيجية أكبر في المنطقة.

ويرى الباحث أن المسألة السورية باتت هي سر نجاح أو فشل المشروع السياسي الإسلامي؛ فنجاح الثورة السورية يعني هيمنة النفوذ التركي وقلق الكيان الإسرائيلي وتراجع الهيمنة الإيرانية وتلاشي سطوتها في العراق؛ وهو طمأنة للطرف الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية؛ وهو كذلك ما سيؤدي إلى توتر صيني روسي تجاه قضية نفوذهما في الشرق الأوسط؛ وفي نفس الوقت فإن الأمر ليس مرضياً للولايات المتحدة الأمريكية لأنه سوف يمثل تهديداً للأمن الإسرائيلي.