فرص التعايش بين المشروع الغربي والمشروع السياسي الإسلامي في المنطقة العربية

د. أنس التكريتي/ العراق

ترى الورقة أن المقصود بالإسلام السياسي هو مشروع الحركات الإسلامية المنتمية والنابتة عن فكر الإخوان المسلمين، وأن المراد بمصطلح الغرب هو المشروع الثقافي أو السياسي وليس الجغرافي، وهو مكوّن من الحكومة والسلطات التشريعية ومنظمات المجتمع المدني بالإضافة للشعوب، وتبيّن صعوبة تحديد المشروع الغربي مع إمكانية رسم خطوط عامة وعريضة له كاستغلال ثروات المنطقة، وحماية أمن إسرائيل والأنظم القمعية.

وتعرض الورقة مراقبة الغرب لثورات الربيع العربي، ومظاهر توّتر العلاقة بين المشروعين وأهمية رسم خارطة طريق للعلاقة بينهما، كما تظهر تأثير حركات الإسلام السياسي على ثورات الربيع العربي وتوّجهه الفكري نحو القيم الديمقراطية التي تحتوي الجميع ولا تقصي أحداً.

ثم تنتقل الورقة إلى عرض لأبرز محاولات الغرب في الحصول على دور في الأحداث المتسارعة والتغيير الجذري الحاصل للمنطقة، والسعي لإدارتها بعد تقدّم الإسلاميين في الانتخابات على نظرائهم في دول الربيع العربي، والفتور الواضح في قبول وصول الإسلاميين للحكم، والتشكيك في توّجهات الحكومات الإسلامية والسعي لتصيّد أخطاء الإسلاميين وزلاتهم، كما تشير إلى انشغال الحركات الإسلامية بالتحديات الداخلية عن العناية بالعلاقة مع الغرب، وتكرّس النظرة السلبية لدى الإسلاميين تجاه الغرب، نتيجة الطروحات السلبية للغرب تجاههم، وظهر هذا التوّجه من خلال المؤتمرات والتصريحات التي كان يطلقها المسؤولون حول أحداث المنطقة وإدارة الإسلاميين لها.

كما تظهر الورقة أن أماكن ودوائر التأثير في القرار بدأت تتمركز محلياً بعد أحداث الربيع العربي، وأن العلاقة بين الغرب والإسلام السياسي متأزمة، وأن الحركة الإسلامية لم تستقر على قرار استراتيجي وتوّجه ثابت إزاء مفاهيم تتعلق بالديمقراطية والحريات وحقوق المرأة وغيرها، الأمر الذي استثمره الغرب لتجيير المسار لصالح مواقفه، وأن الغرب يعاني من أزمة تشخيص الذات بعد نشوء الأزمة الاقتصادية عام 2008. وتخلص الورقة إلى أن أي تصالح بين الغرب والإسلام السياسي يعتمد على المصالح المشتركة، ومدى التفاعل بين المؤسسسات المختلفة وإزالتها العقبات بين المشروعين ومد جسور الثقة بين الطرفين، وإقامة شبكات من المؤسسات عربية الهوى في مواقع مؤثرة في العالم الغربي لتمثيل الخطاب الإسلامي والتأثير على دوائر القرار فيها، وتطوير خطاب جديد فيها، وفتح علاقات جديدة لتحقيق المصالح المشتركة، والتفاعل مع التحالفات الجديدة من منظر براغماتي بدلاً من الأيدلوجي، وتكريس إنتاج الدراسات والبحوث التي ترتقي إلى المعايير الأكاديمية وتعبّر عن واقع المجتمعات العربية والإسلامية للغرب.