الحركات الإسلامية والخيار الحضاري والتنموي

د. محمود عاكف/ مصر

انطلاقاً من إشكالات التنمية في الغرب ونقد الكثير من المفكرين الاقتصاديين العرب لبعض مفاهيم ونظريات التنمية الغربية وتحذيرهم من التعاطي معها دون النظر في خلفياتها الفلسفية والأيديولوجية، تتناول الورقة تجارب التنمية في العالم العربي والإسلامي بعد قراءة في الواقع التنموي المحيط بهذه التجارب، ووضع اليد على التخلف الحضاري لهذه البيئة.

وتطرح الورقة بناءً على ما تقدم رؤيةً حضارية للتعامل مع مشكلة التخلف تستند إلى فلسفة إسلامية خالصة تعود في تأصيلها إلى مصادر التشريع الإسلامي وتقدم مشروع نهضة للأمة تتلخص عناصره في الإنسان والتنمية ولأمة والشركاء في الأرض وتفصل الحديث في تلك العناصر وتبين العلاقة بين كل منها، حيث تعتبر الإنسان غاية ووسيلة النهضة، وتزعمم أن الحركات الإسلامية قد نجحت في بناء الفرد والأسرة المسلمة إلا أنها بحاجة إلى بناء ثالث مستويات الإنسان (المجتمع).

وتلخص الورقة مفهوم التنمية بعمارة الأرض واستعمارها والذي تعتبره إلى جانب الإنسان الممثل الحقيقي للنهضة، أما الأمة فإن تكامل مستوياتها الثلاث (الوطن والقومية والعقيدة) والانتقال بتحقيق الوحدة الشاملة بين تلك المستويات على أسس من التجانس والثقة يعد من أهم تلك العناصر بحسب الورقة، والتي تتحدث عن العنصر الرابع أو كما أطلقت عليه الشركاء في الأرض باعتبارهم أخوة في الإنسانية وإن لم ينتموا للأمة الإسلامية.

ثم تنتقل الورقة إلى التفصيل في الشق الاقتصادي لنموذج العمران في رؤية مشروع النهضة والذي تتصور الورقة إبداعه وتميزه عن النماذج الغربية قائم على فكرة تشغيل الإنسان كل الإنسان وتوظيف الموارد كل الموارد، حيث تؤكد الورقة تكامل عناصر مشروع النهضة سالفة الذكر لضمان تحقيق ذلك التصور. وتضع الورقة أخيراً ضوابط وأمثلةً لمعايير ومؤشرات قياس التنمية والعمران، فمن الضوابط نجد ضرورة ضبط المعيار أو المؤشر بقيم الإسلام وتقديم معالجة الأزمات الحالية على فتح أبواب جديدة للتنمية وتحقيق التوازن الزماني والمكاني للمعايير والمؤشرات وضبط العلاقة بين الكم والكيف وضبط العلاقة بين الوسائل والغايات.

أما من الأمثلة المطروحة تحقيق الحاجات الأساسية للناس على تنوع تلك الحاجات من مجتمع لآخر، وقدرة النظام السياسي والاقتصادي على تحقيق حد الكفاية قبل الانتقال إلى حد الترف، إضافةً إلى اقتراح معيار لقياس العلاقة بين الحاجات والموارد وقدرة المجتمع تطويع الحاجات لموارده والعكس، واقتراح معيار لقياس قدرة المجتمعات منع المظاهر السلبية من أمراض اجتماعية وغيرها، إضافة إلى اقتراح مؤشرات أخرى مختلفة تصب في نفس المجال.