كلمة الأستاذ محمد اليدومي

أحمد الله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد المبعوث رحمة للعالمين.

الحاضرون جميعاً.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

اسمحوا لي _ أولاً_ أن أتقدم بالشكر والثناء للأردن ملكاً وحكومة وشعباً على اختضانهم هذا المؤتمر الذي ينعقد في ظل متغيرات دستورية تصب في صالح العملية الديمقراطية في هذه البلاد. كما أُثمن عالياً دعوة مركز دراسات الشرق الأوسط، وفي مقدمتهم الأخ الأستاذ/ جواد الحمد. مدير المركز ورئيس المؤتمر..

الحاضرون جميعاً..

لقد عانت اليمن في مرحلة ما قبل ثورة الحادي عشر من فبراير عام 2011، من الحكم الشمولي المستبد، وهيمنة حزب واحد تفرد بالسلطة، ومثَّلَ غطاءً زائفاً لحكم عصبوي بغيض.

ولقد سعت تلك السلطة بكل إمكاناتها للعب بورقة التناقضات والتابينات السياسية في أوساط العارضة بمختلف توجهاتها، وعملت على وضع العقبات في طريقها للحيلولة دون التقائها وتنسيق مواقفها، للإبقاء عليها منقسمة ممزقة الأوصال، وحاولت جرها مراراً وتكراراً إلى مربع الصراع إن أمكن، لتظل مستأثرة بالسلطة والثروة.

لقد عانى شعبنا كثيراً من ذلك النوع من الحكم الذي اعتمد كثيراً في بقائه على اتباعه سياسة "فرّق تسد" بين القوى السياسية بمختلف أسمائها ومسمياتها واستطاع في فترة زمنية ليست بالقصيرة أن يجعل أحزاب المعارضة في حالة افتراق وتنافس حالت دون وصولها إلى تفاهمات وقواسم مشتركة لتأسيس عقد تحالفي يقود إلى آلية عمل مشترك لمواجهة تغوّل السلطة الحاكمة آنذاك.

وفي ظل تلك الظروف وتلك السياسات، سرعان ما قام المجتمع المدني اليمني للإصلاح بمد جسور التواصل والتفاهم مختلف تيارات واتجاهات العمل السياسي في الساحة اليمنية، ومحيت من أذهان الجميع ما كان يسود من الشكوك فيما بينها، وتجاوزت بوعيها_ بعد عون الله عز وجل_ كل السلبيات التي كانت تشوب العلاقة بينها. هذا وقد تكللت جهود التواصل فيما بينها وبين إخواننا في الأحزاب الأخرى بأن أعلنا_ بفضل الله كرمه_ عن تكتل "اللقاء المشترك" في 27/8/1996م، والذي ضم كلاً من الحزب الاشتراكي والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري واتحاد القوى الشعبية وحزب الحق وحزب البعث العربي الاشتراكي وحزب التجمع الوحدوي والتجمع اليمني للإصلاح.. هذا التكتل الذي كان له الدور الأبرز في إنضاج وتهيئة الظروف للثورة الشبابية الشعبية السلمية في بلادنا، والتي انطلقت في عموم ساحات وميادين الحرية والتغيير في طول البلاد وعرضها.

وبقدر ما حققت تجربة اللقاء المشترك على مدى السبعةََ عشر سنة الماضية من نجاحات توجت بدعم وتعزيز ثورة الحادي عشر من فبراير، فإن أمامها على الصعيد المستقبلي تحدياتٍ كثيرةٍ تُمثّل امتحاناً صعباً وعسيراً لها، خاصة في عملية بناء الدولة الوطنية، وتحقيق التحول الديمقراطي، ومحاربة الفقر والبطالة، وإنجاز عملية تنموية شاملة ومستدامة.

إننا في التجمع اليمني للإصلاح ندرك تماماً أننا ومعنا إخوتنا في "اللقاء المشترك" وعبر تطوير آليات وصيغ "اللقاء المشترك" وتوسيع قاعدة التحالف لتشمل شراكة سياسية ومجتمعية أوسع يمكن لنا أن نبني دولة النظام والقانون، ونُرسي مداميك النهج الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة.. إننا في التجمع اليمني للإصلاح وبعد بحث ودرس في صفوفنا، ومن خلال معرفتنا بواقعنا اليمني على قناعة تامة أنه ليس بمقدور أي طرف سياسي أن يتحمل أعباء بناء الوطن بمفرده، الأمر الذي يقتضي من الجميع رص الصفوف من أجل بناء يمن أفضل.

إن أمامنا مهاماتٍ ثقيلةً وإرثاً وركاماً تنوء بحمله الجبال الراسيات.. فثورتنا لم تكن ثورة جياع، ولكنها الكرامة وأشواق الحرية.. فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. ولأن الأمر كذلك فلا بد من تكامل الحرية والكرامة والتنمية؛ باعتبار ذلك من المقاصد القرآنية في البحث عن الأمن الغذائي والأمن الحياتي.. قال تعإلى: (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).

الحاضرون جميعاً..

اليمن اليوم يحث الخطى في نهاية مؤتمر الحوار الوطني الذي يشترك فيه اليمنيون جميعاً والذين يهدفون منه الحفاظ على وحدة أرضهم، والإلتزام بدستور ينظم حياتهم، ورغبة صادقة في أن يمثلوا الإيمان والحكمة واقعاً وليس مجرد أمنيات..

اسمحوا لي في الأخير، أن أذكر إخواني في الحركات الإسلامية ونحن منهم وإليهم أن ألفت نظر الجميع أن المسؤولية الملقاة على عواتقنا مسؤوليةً استثنائيةً كبرى وأن علينا أن نقدم النموذج ونضرب المثل في إدارة الاختلاف مع شركاء الوطن، لا أقول طبقاً لما تقتضيه موازين القوى وإنما وفقاً لما تُمليه أخلاق الإسلام من الصبر والعفو والصفح وما تفرضه سياسة بناء الأوطان وتماسك بنيان المجتمع.

واسمحوا لي من على هذا المنبر أن أبعث بآيات الشكر والتقدير لكل من أسهم_ ويُساهم_ في استقرار اليمن أرضاً وإنساناً، وفي مقدمة الجميع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودول الاتحاد الأوروبي، والأمانة العامة للأمم المتحدة وممثلها الاستاذ القدير جمال بن عمر..

لكم أيها الحضور كل التقدير والاحترام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.