|
تركيا وإسرائيل بعد الاعتداء على أسطول الحرية 5 /6/2010
المحور الأول:
التداعيات السياسية للاعتداء الإسرائيلي
المحور الثاني: الأبعاد القانونية للاعتداء وإمكانيات الملاحقة القضائية لإسرائيل المحور الثالث: انعكاسات الاعتداء على العلاقات التركية- الإسرائيلية الاعتداء على أسطول الحرية يربك إسرائيل، ويمنح تركيا مزيدا من الحضور الإقليمي، وطريقا مفتوحا للعرب لتحقيق مصالحهم عقد مركز دراسات الشرق الأوسط يوم السبت 5/6/2010 في مقره في عمان حلقة نقاشية بعنوان "تركيا وإسرائيل بعد الاعتداء على أسطول الحرية" بمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين والإعلاميين والسياسيين، وأدارها الدكتور بيان العمري. جاءت فكرة الحلقة إثر التصعيد الإسرائيلي المتغطرس بالاعتداء على أسطول الحرية، وعلى متنه مساعدات إنسانية في محاولة لكسر الحصار المفروض على القطاع، وكان الأسطول يُقِلُّ عدداً من الناشطين في حقوق الإنسان، وسياسيين وبرلمانيين ومفكرين، من أكثر من أربعين دولة من دول العالم أجمع، حظيت بينها تركيا بحضور إعلامي وسياسي على مستوى رفيع، وقد أسفر الاعتداء الإسرائيلي عن سقوط عشرات القتلى والجرحى على متن الأسطول، أغلبهم من الأتراك، وعدد آخر من الإصابات بين المشاركين على متنه، ما أدى إلى توتر في العلاقات التركية-الإسرائيلية، وارتفاع نبرة التصعيد الإعلامي من جانب الحكومة التركية التي عبّرت عن غضب الشارع التركي وحالة الاحتقان السائدة لديه، وما تلا ذلك من خطوات غير مسبوقة بين الطرفين، والمأزق السياسي والقانوني الذي باتت إسرائيل تعيشه نتيجة لهذا التغطرس والتعنت الذي أبدته تجاه الأسطول، إضافة إلى الانطباع العدواني الذي ارتسم في مخيلة الرأي العام والمجتمع الدولي عن السلوك الإسرائيلي. وحاولت الحلقة استشراف آفاق هذا التأزم في العلاقات بين تركيا وإسرائيل في كافة المجالات، السياسية والاقتصادية والعسكرية، وما يُمكن أن تُلحقه هذه الحالة الموتورة بين الطرفين من امتداد للأزمة، وتناولت الأبعاد القانونية لهذا الاعتداء الإسرائيلي، ومدى استفادة الجانب التركي منه، والتأثيرات التي يُمكن أن تتشكل لدى المجتمع الدولي نتيجة الهمجية الإسرائيلية، وما ينتج عنها من تشكلات سياسية للمحاور، وقوى تزيد من شعبية المقاومة وتناهض المشاريع الأمريكية-الإسرائيلية، وعن طبيعة الموقف العربي في استغلاله وتوظيفه لهذه الحادثة في الصراع العربي-الإسرائيلي. وافتتح العمري الحلقة باستعراض لما حصل في الآونة الأخيرة من بوادر حقيقية لأزمة تركية- إسرائيلية، ابتدأت في تسلسل زمني إثر العدوان الإسرائيلي على غزة، وما سبق ذلك من حصار غير إنساني للقطاع، وتُوجت في الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية. تناول المحور الأول في الحلقة "التداعيات السياسية للاعتداء الإسرائيلي"، على الأطراف الدولية والإقليمية المتعددة، إذ أشار الدكتور أحمد البرصان إلى تداعيات الحدث على المستوى الدولي، وعلى الرباعية الدولية، وما يُرافق ذلك من إعادة النظر في حصار غزة ووضعه على الأجندة الدولية، والمظاهرات التي سادت بعض عواصم العالم، خصوصاً الأوروبية منها، ومستشهدا بتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي قال: "إن حصار غزة يجب ألا يستمر"، وتداعيات الموقف على تركيا صاحبة الدور الأكبر في تفعيل الأبعاد القانونية والسياسية، لوضع إسرائيل في مأزق حرج نتيجة تصرفاتها العدوانية، خاصة بعد الدعوة التركية لعقد جلسة في مجلس الأمن واجتماع لحلف النيتو وما تخلل ذلك من حديث تركي صريح، ألقى باللائمة كلها على الجانب الإسرائيلي. أما عن التداعيات على المستوى العربي، فقد أشار البرصان إلى ضعف الاستثمار العربي الرسمي للموقف، مقارنة بالجانب التركي الذي أضفى شرعية للمقاومة، وحاول أن يضع إسرائيل في موقف حرج أمام المجتمع الدولي، ورغم مطالبات فعاليات شعبية وبرلمانية عربية بالانسحاب من مبادرة السلام العربية أو قطع العلاقات مع إسرائيل أو استثمار الحدث لتحقيق مكاسب طالما سعى العرب إليها منذ عقود، إلا أن التزام الأنظمة العربية بما ذهبت إليه القمة العربية الأخيرة من دعم المبادرة العربية للسلام وتفعيلها، أو التزام بعض الأنظمة العربية باتفاقيات سلام مع إسرائيل، أضعف الموقف العربي العام في استثمار الاعتداء الإسرائيلي لصالحهم، مما يؤكد على الفجوة الكبيرة بين الشعوب العربية المتفاعلة والحية وبين أنظمتها الحاكمة. أما فيما يتعلق بتداعيات الموقف على الكيان الصهيوني، فقد أكد البرصان على تأزم السياسة الإسرائيلية في مواجهة المقاومة، وما ألحقه ذلك من سلوكيات إسرائيلية غير مقبولة لدى المجتمع الدولي، بل ولدى الداخل الإسرائيلي الذي بات يُعبر عن رأيه بعض الصحفيين بضرورة خطة عمل مشتركة مع مصر وتركيا والسلطة الفلسطينية لإنهاء الحصار المفروض على غزة، بل ويُطالبون القادة الإسرائيليين بالاستقالة نتيجة فشلهم في إدارة الصراع، وتأليب الرأي العام ضدهم. وفي المحور الثاني من الحلقة "الأبعاد القانونية للاعتداء وإمكانّات الملاحقة القضائية لإسرائيل" بيّن الدكتور محمد الموسى أن الاعتداء الإسرائيلي اعتداء مركب على القانون الدولي وعلى حقوق الإنسان، فإسرائيل انتهكت سيادة المياه الدولية، وانتهكت السيادة التركية باعتدائها؛ وقتلها مواطنين أتراكا (على سفينةٍ تحمل العلم التركي)، كما أن الهجوم الإسرائيلي يشكل اعتداءً تعسفيا بحق الناشطين والحقوقيين، وفيه خرق واضح لحرية الرأي والتعبير المكفولة دولياً، وفيه انتهاك لحق الحياة. وأكد الموسى على ضرورة استثمار الموقف القانوني، برفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل، واستغلال البعد القانوني والقضائي في ملاحقتها لما يُعدّ خرقاً واضحاً لكافة القوانين الدولية والأعراف المُتبعة في ذلك. وقدم الموسى آليات استثمار الموقف من خلال التحرك الدبلوماسيّ، وتفعيل حقوق أهالي الضحايا للمطالبة بالتعويض الجزائي لهم، ومتابعة كافة الأطراف المعنية بالقضية لدى الأمم المتحدة، كمجلس حقوق الإنسان والجمعية العمومية، ومُشدّدا على اتباع استراتيجية واضحة المعالم في إدانة إسرائيل وملاحقتها قضائياً لكسب الموقف بكافة تفصيلاته وأبعاده السياسية والقضائية. أما المحور الثالث الذي حمل عنوان: "انعكاسات الاعتداء على العلاقات التركية-الإسرائيلية"، فقد قدم فيه الدكتور أحمد سعيد نوفل استشرافا لانعكاسات الحدث على العلاقة بين الطرفين، وقدم مجموعة من النتائج المتوقعة، على رأسها أنّ تركيا باتت طرفاً في الصراع العربي-الإسرائيلي، ليُضاف بذلك البُعد الإسلامي بقوة للصراع، مما يخدم القضية الفلسطينية ويجعلها عصيّةً على التصفية، وليحدث توازنا مع الموقف الإيراني، حيث إن تركيا أكثر قبولاً لدى شعوب المنطقة العربية لتجاوزها المصالح والأجندات الخاصة التي اتُهمت بها إيران، كما أنّ في قطع العلاقات التركية-الإسرائيلية ضربة لإسرائيل لعدم قدرتها على احتواء الموقف التركي الذي كان صاحب علاقة استراتيجية وبعد إقليمي لإسرائيل، ما يُثبت فشل الأخيرة في إبقاء تحالفاتها ولو بعد زمن طويل، وأن العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل ستتأثر بشكل سلبي، بعد أن كانت الأرقام تتحدث عن حجم تجاري متبادل بينهما وصل إلى ملياري دولار عام 2009، كما ستتأثر المشاريع العسكرية القائمة من صفقات لأسلحة أو بنى تحتية أو ما شابه ذلك. ونبه نوفل إلى خطورة أن تعمل إسرائيل على زعزعة الأمن الداخلي التركي من خلال جهاز الموساد، سواء كان ذلك من خلال الاغتيالات أو إثارة البلابل عند أطراف معارضة داخل تركيا. وفي تعقيب للأستاذ موسى الحديد أكد أن الحدث شكل تراكما وفرصا للأنظمة العربية، ولكنها لم تستغله بشكل يخدم مصالحها ومصالح شعوبها، وحذر من إشكالية تحول الموضوع إلى مجرد اعتداء على قافلة، ونسيان أساس الصراع والاحتلال والحصار. وحول الموقف التركي من الحدث أشار الحديد إلى ضرورة الانتباه للمصالح التركية وتعارضها أو تقاطعها مع المصالح العربية في المنطقة، مما يعني أن هذا الأمر يحتاج إلى إنضاج بقرارات عربية، وأن النظام العربي معني باستثمار الحدث، وهنا تساءل الحديد عن مدى إرادة الأنظمة العربية وتأييدها للتحرك التركي وهل أن من مصلحة النظام العربي إنهاء الحصار؟ من جانبه أكد المهندس علي أبو السكر أننا أمام حدث مهم وليس عابرا أو بسيطا، وهو يشكل انعطافا في تاريخ إسرائيل؛ حيث إن الاعتداء كان على متضامنين من 40 دولة من دول العالم أجمع، وهم مدنيون عزل ونشطاء في مجال حقوق الإنسان، وقد وقع فيه قتل وجرح وترويع وإرهاب من جانب إسرائيل تجاههم، والاعتداء في الجانب القانوني جريمة خارج المياه الإقليمية لإسرائيل، ولا تبرير له، وفيه انتهاك لسيادة دول، فالجريمة مركبة ضد الإنسانية ومخالفة لقانون المحكمة الدولية، ويمثل قرصنة دولية، وإرهاب دولة، ولذا لا بد من محاسبة المسؤولين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير حربه ورئيس هيئة الأركان في هذا الكيان المعتدي، من خلال القانون الدولي، ومن خلال القانون الوطني في دول عربية شارك منها متضامنون. وأوضح أبو السكر التداعيات الإيجابية لهذا الحدث؛ حيث أشار إلى زيادة انغماس الموقف التركي في القضية الفلسطينية دون اعتبار ذلك موقفاً عابراً، خاصة أنه موقف رسمي وشعبي في آن واحد، وزيادة الوزن الإقليمي لتركيا، وإحداث شرخ كبير في الحصار، وإضفاء مزيد من الشرعية على حكومة حماس وشرعيتها وإعادة الاعتراف بها، وتعرية الكيان الصهيوني، وظهور الانسجام بين المواقف الرسمية والشعبية إلى حد كبير في كثير من دول العالم. وأكدت الحلقة في ختامها أنّ دخول تركيا في الصراع يُضفي بُعداً إسلامياً يُعزّز الأدوار العربية والإقليمية في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية، وأنّ على العرب استغلال الموقف لتأليب الرأي العام ضد الممارسات والسلوكات التي يمارسها الكيان الصهيوني، في محاولة جادة لسحب البساط من تحته، وتشويه صورته أمام المجتمع الدولي، وشدّد المشاركون في الحلقة على ضرورة دعم الموقف التركي بكل قوة ووضوح، وتشجيعه على اتخاذ التدابير السياسية والقانونية في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية، واستثمار الموقف لكسر حصار غزة وإنهائه، والترحيب بأي دور إقليمي في المنطقة يخدم القضية الفلسطينية ببعديها الإسلامي والعربي. (حسب الترتيب الهجائي)
صور من الحلقة |
|
||||||||||||||||||
|
---|