|
القرن الأفريقي وشرق أفريقيا الواقع والمستقبل 22/11/2009
الحلقة المحور الأول: التحديات والإشكالات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجه القرن الأفريقي وشرق أفريقيا. المحور الثاني: النظام السياسي العربي في القرن الأفريقي. آفاق الاستقرار والدور العربي المطلوب في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا .منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا تنتظر اهتماما عربيا للحيلولة دون انسلاخها عن المنطقة العربية أجمع المشاركون في حلقة نقاش عقدها مركز دراسات الشرق الأوسط في مقره في عمان يوم الأحد 22/11/2009م بعنوان "القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، الواقع والمستقبل"، على أن منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا تعاني من تدخل وأطماع أجنبية غربية وشرقية وإسرائيلية تسعى إلى السيطرة عليها سياسيا واستراتيجيا وأمنيا واقتصاديا.وقد أكّد الأستاذ جواد الحمد/ مدير عام مركز دراسات الشرق الأوسط- مدير الحلقة في البداية أن هذه الحلقة تأتي محاولة لتركيز النظر على هذه المنطقة بأقاليمها ودولها المتعددة، وأن الوضع القائم فيها يؤثر بشكل مباشر على المنطقة العربية برمتها، ولكنه لا يظهر جلياً إلا بعد زمن، إذ إن هذه المنطقة تشكل الساحة الخلفية لدول عربية رئيسة في المنطقة، وعلى رأسها مصر والسودان في أفريقيا والسعودية واليمن في الخليج العربي. وتناول الدكتور عبد السلام بغدادي/ رئيس قسم الدراسات الأفريقية في جامعة بغداد المحور الأول بعنوان " التحديات والإشكالات الأمنية السياسية والاقتصادية التي تواجه القرن الأفريقي وشرق أفريقيا" حيث بدأ بتحديد نطاق المنطقة وأنها تضم دولاً متعددة (الصومال وأريتريا، وجيبوتي، وإثيوبيا، السودان، كينيا، وأوغندا)، وقد يضاف إليها اليمن وجنوب السودان وعُمان، وأشار إلى التعدد الهائل في التكوين الإثني والعرقي لمجتمعات هذه الدول وتركيبتها السكانية، وأن هذه المنطقة خضعت في التاريخ المعاصر للمستعمرين الأوروبيين الذين أبقوا فيها إرثاً استعمارياً يفرقها ويُعمل فيها الهدم والتفريق بعد أن استغلت في عقود القرن العشرين، لكي يحفظ المستعمر وجوده فيها طمعاً في السيطرة على ثرواتها الهائلة من النفظ والغاز والذهب والفضة واليورانيوم، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي للممرات المائية وربطها بين البحر الأحمر والمحيط الهندي. وقال بغدادي: إن أبرزالتحديات التي واجهت هذه المنطقة تتمثل بالتحديات الاقتصادية من حيث التخلف الاقتصادي على مستوى الأنظمة والأفراد، وغياب التصنيع أو ضعفه، وتردّي مستوى التعليم وقلة عدد الجامعات، بالإضافة إلى ضعف البنى التحتية، وقلة الصادرات، مما يدفع هذه الدول إلى القروض والمساعدات الدولية واللجوء إلى الأجنبي والاعتماد على دعمه. وتتمثل التحديات السياسية بغياب التنمية السياسية؛ حيث تظهر أزمة شرعية الأنظمة، وعدم اندماجها مع مجتمعاتها أو السماح لتلك المجتمعات بالمشاركة السياسية، بالإضافة إلى غياب حضور الدولة أو النظام- عند معظم دول القرن والمنطقة- في المجتمع ومؤسساته، وإلى زيادة حضور القبيلة وقوانينها داخل تلك الدول، وكذلك انفراد معظم حكومات تلك الدول- باستثناء كينيا- بالسلطة منذ وقت طويل، وفي مقابل ذلك يظهر التحدي السياسي الخارجي المتمثل بتدخل الدول المؤثرة في الحياة السياسية على كافة المحاور سواء على صعيد دعم الأنظمة أو دعم حركات التمرد المعارضة. ويظهر التحدي الأمني جلياً بوجود المعارضة المسلحة وظهور الحركات الانفصالية المتمردة، كما يظهر ذلك في الصومال والسودان واليمن، ومنها ظهور القرصنة المدعومة غربياً في السواحل الصومالية، بالإضافة إلى دخول 17 دولة للتدخل المباشر تحت غطاء الأمم المتحدة. ومن هنا يرى بغدادي أن السيناريوهات القائمة هي: استمرار الوضع على ما هو عليه، أو تفاقم الوضع إلى حال أسوأ، أو الاتجاه نحو التحسن، ولكل سيناريو محدّداته وآفاقه ومتطلبات نجاحه أو فشله. وفي نهاية هذا المحور نبه كل من الدكتور نظام بركات/ أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك والدكتور إبراهيم حراحشة/ أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم التطبيقية إلى دور الصين في منطقة شرق أفريقيا وسعيها إلى إيجاد سوق اقتصادية لها هناك، بالإضافة إلى السيطرة على أهم ثروة في المنطقة وهي النفط، وفي المقابل نوّه الدكتور صبري سميرة/ مدير وحدة الدراسات الإسرائيلية في مركز دراسات الشرق الأوسط إلى خطورة التدخل الإسرائيلي سياسياً وأمنياً في المنطقة وأنه بحاجة إلى دراسة مركّزة لتحديد مداه وخطورته. وتناول الأستاذ إدريس عبد الله/ مدير مؤسسة أسمرا للدراسات والأبحاث العلمية في المحور الثاني (النظام السياسي العربي في القرن الأفريقي) الدور العربي في المنطقة، حيث أشار إلى أن العرب دعموا هذه المنطقة- وعلى رأسها أرتيريا- دعماً كاملاً قبل خروج أثيوبيا منها، ولكنهم في المقابل لم يكملوا ما بدأوه؛ حيث تخلّوا عنها، مما جعل أرتيريا الآن تتجه نحو الغرب بعيداً عن عمقها العربي الإسلامي. وأشار عبد الله إلى أن أرتيريا وأثيوبيا والصومال تشكل محور القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، مما يعني دعوة العرب إلى الانتباه إلى تقديم حلول لمشاكل الصومال وأرتريا عبر دور فاعل في الجامعة العربية، إذ إن التدخل الأجنبي فيها يزداد، وركز عبد الله على التنافس القائم حالياً بين إيران وإسرائيل على النفوذ في أرتيريا في القرن الأفريقي، بالإضافة إلى أن استقرار السودان يعتمد على دور العرب في الصومال وأرتيريا للحد من نفوذ أثيوبيا وحكومة أرتيريا المؤثرتين سلباً على الواقع العربي في المنطقة وفي جنوب السودان. وعدّد عبد الله بعض التحولات التي شهدتها منطقة القرن الأفريقي وخاصة في أرتيريا على مستوى التغريب والمضي في خط الدول الغربية، وإبعاد الدولة والمجتمع عن وجهتها العربية الإسلامية، وعلى رأس ذلك منع التدريس باللغة العربية في عدة مفاصل تعليمية، وأن إسرائيل تقدم منحاً دراسية لطلبة أرتيريين، ومن هنا دعا عبد الله العرب لتقديم الدعم لتلك المنطقة بالاستفادة من البعد التاريخي والثقافي والديني والجغرافي عن طريق دعم رموز وطنية عربية وإسلامية ترتبط بالمنطقة العربية وشعوبها، في ظل أهمية المنطقة ورغبة الأجنبي بالسيطرة عليها وإبعاد أي علاقة عربية معها، ونبه عبد الله كذلك إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب يشعرون بصعوبة السيطرة على المنطقة وهزيمة الثورات فيها إلا من خلال الاختراق الداخلي عبر زعماء وسياسيين يتبعونهم، ويظهر هذا جليا بدعم الجبهة الشعبية في أرتريا، بالإضافة إلى دعم المسيحيين الذين يسعون إلى إبعاد المنطقة عن وجهتها العربية والإسلامية هناك. وفي المحور الثالث "آفاق الاستقرار والدور العربي المطلوب في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا" قدم الدكتور أحمد الأصبحي/ عضو مجلس الشورى في اليمن ووزير الخارجية الأسبق ورقة ركز فيها على وجود محاولات عربية كثيرة في حفظ الاستقرار في المنطقة، لكن هذه المحاولات لم تجد نفعا بسبب عدم رغبة بعض الأطراف المحلية والإقليمية بتحقيق الاستقرار للمنطقة، ولذا فإن الدور العربي في المنطقة بحاجة إلى أدوار إقليمية ودولية جادة، حيث إن التدخلات الأجنبية المباشرة سياسيا وميدانيا وعسكريا ووجود أطراف داخلية تستجيب لها أصبحت عقبة كبيرة أمام أي محاولة لحل النزاعات وحفظ الاستقرار. ومن هنا يقدم الأصبحي مقترحات للعب دور عربي وإسلامي فاعل في المنطقة، وعلى رأسها الصومال التي تشكل المحور الأهم في منطقة القرن الأفريقي، وذلك بعقد مصالحة بين زعماء المعارضة الإسلامية في حركة الشباب المجاهدين والحزب الإسلامي من جهة وبين حكومة شيخ شريف من جهة ثانية، والعمل على تشكيل لجنة من علماء الأمة للإشراف على هذه المصالحة، بالإضافة إلى إعادة بناء الجيش الوطني، والاتفاق على دستور دائم يبنى على أسس التوفيق بين ولايات الصومال الثلاث (جنوب غرب الصومال وبونت لاند وأرض الصومال)، ونشر التعليم الجامعي والوطني، وتقديم الدعم للحكومة في إعادة بناء نفسها، والقضاء على مشكلة القرصنة. وفي الختام دعا الحمد/ مدير الحلقة، إلى ضرورة اتخاذ عدة تدابير تساعد على تقديم الدعم العربي لمنطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، وعلى رأسها دراسة التجربة العربية في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي في السعي إلى تقديم الدعم والمساندة لكل الأطراف العربية، والتنبه إلى خطورة اهتمام الغرب بالمفاصل العربية التي يتركز فيها مسيحيون يرغبون بالاقتراب من الغرب بعيدا عن العرب، والدعوة إلى امتلاك القوة الذاتية التي تساعد العرب والمنطقة على العمل وقطف الثمار لصالحهم، وإيلاء الاهتمام بأبعاد الصراع العربي- الإسرائيلي حيث تتسع دوائر تأثيره وصولا إلى القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، ومن هنا فإن على العرب أن يدركوا البوصلة التي يتجهون إليها، واستغرب الحمد في نهاية الحلقة لجوء بعض الشيوعيين والاشتراكيين العرب إلى الليبرالية الأمريكية والغربية بعد سقوط الشيوعية، بعيدا عن أيدلوجيتهم وانتمائهم لأمتهم العربية، كما كان حال الزعيم الأرتيري أسياسي أفورقي، وختمت الحلقة بهذه الخلاصة التي وافق عليها المشاركون.
صور من الحلقة |
|
||||||||||||||||||||||||||||
|
---|